RAMADAN

Sunday, March 19, 2017

من كتاب البصائر والذخائر لأبو حيان التوحيدي الجزء الأول

قال الحسن البصري: اللهم لا تجعلني ممن إذا مرض ندم، وإذا استغنى فتن، وإذا افتقر حزن .
أنشد ابن السكيت:  
يا راقد الليل مسروراً بأوله ... إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
أفنى القرون التي كانت مسلطة ... مر الجديدين إقبالاً وإدبارا
يا من يكابد دنيا لا مقام بها ... يمسي ويصبح في دنياه سيارا
كم قد أبادت صروف الدهر من ملك ... قد كان في الأرض نفاعاً وضراراً
وأنشد:
إذا كنت تبغي شيمة غير شيمة ... جبلت عليها لم تطعك الضرائب
وكم من عديم العقل جد بجده ... ومن عاقل أعيت عليه المكاسب
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي ذر: من أغبط الناس؟ قال: رجل بين أطباق الثرى، قد أمن العقاب، وهو يتوقع الثواب، فقال عمر: لو كان أعد هذا الكلام منذ حول ما زاد على هذا.
قال رجل للإسكندر: إن عسكر دارا كثير، فقال الإسكندر: إن الغنم وإن كثرت تذل لذئب واحد.
قيل لأرسطاطاليس: ما بال الحسدة يحزنون أبداً؟ قال: لأنهم لا يحزنون لما ينزل بهم من الشر فقط، بل لما ينال الناس أيضاً من الخير.
قال أعرابي: اللهم إنك كفلت لنا الرزق وأمرتنا بالعبادة، فاكفنا ما شغلتنا به عما خلقتنا له، فإن ما عندنا يفنى، وما عندك يبقى.
قال سفيان: يا ابن آدم، إن جوارحك سلاح الله عليك، بأيها شاء قتلك.


من كتاب البصائر والذخائر لأبو حيان التوحيدي

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الجزء الأول
اللهم إني أسألك جداً مقروناً بالتوفيق، وعلماً بريئاً من الجهل، وعملاً عرياً من الرباء، وقولاً موشحاً بالصواب، وحالاً دائرة مع الحق؛ نعم، وفطنة عقل مضروبة في سلامة صدر، وراحة جسم راجعة إلى روح بال، وسكون نفس موصولاً بثبات يقين، وصحة حجة بعيدة من مرض شبهة، حتى تكون غايتي في هذه الدار مقصودة بالأمثل فالأمثل، وعاقبتي عندك محمودة بالأفضل فالأفضل، مع حياة طيبة أنت الواعد بها ووعدك الحق، ونعيم دائم أنت المبلغ إليه.
اللهم فلا تخيب رجاء من هو منوط بك، ولا تصفر كفاً هي ممدودة إليك، ولا تذل نفساً هي عزيزة بمعرفتك، ولا تسلب عقلاً هو مستضيء بنور هدايتك، ولا تعم عيناً فتحتها بنعمتك، ولا تحبس لساناً عودته الثناء عليك، وكما أنت  أولى بالتفضل فكن أحرى بالإحسان: الناصية بيدك، والوجه عان لك، والخير متوقع منك، والمصير على كل حال إليك، ألبسني في هذه الحياة البائدة ثوب العصمة، وحلني في تلك الدار الباقية بزينة الأمن، وأفطم نفسي عن طلب العاجلة الزائلة، وأجرني على العادة الفاضلة، ولا نجعلني ممن سها عن باطن ما لك عليه، بظاهر ما لك عنده، فالشقي من لم تأخذ بيده، ولم تؤمنه من غده، والسعيد من آويته إلى كنف نعمتك، ونقلته حميداً إلى منازل رحمتك، غير مناقش له في الحساب، ولا سائق له إلى العذاب، فإنك على ذلك قدير.

اللهم فأسمع، وإذا سمعت فأجب، وإذا أجبت فبلغ، وإذا بلغت فأدم، فإنه لا يشقى من كنت له، ولا يسعد من كنت عليه، وصل على نبيك المبعوث من لدنك إلى خلقك، محمد وآله الطاهرين، ولا تنزع من قلوبنا حلاوة ذكره، ولا تضلنا بعد إذ هديتنا، وقرب علينا طريق الاقتداء بأمره، والاهتداء بهديه، فإنك تصرف من تشاء إلى ما تشاء؛ لا راد لقضائك، ولا معقب لحكمك، ولا محيط بكنهك، ولا مطلع على سرك، ولا واصف لقدرك، ولا آمن لمكرك؛ أنت الإله المحمود، وأنت نعم المولى ونعم النصير.
قد تلطفت إلى قلبك بحثي إياك على حظك في فنون من القول، وضروب من الوصايا، وأرجو أن يكون صوابي عندك فيها متقبلاً، وخطأي فيها عندك متأولا، لا لأني لذلك أهل، ولكن لأنك حقيق به، وله خليق، ومهما شككت فيما يرد عليك مني في هذا الكتاب، فلا تشك أني قد نثرت لك فيه اللؤلؤ والمرجان، والعقيق والعقيان، وهكذا يكون عمل من طب لمن حب.
ثبت الله نعمه لديك، وخفف مؤونة شكرها عليك، وتابع لك المزيد، في كل يوم جديد، وحرسك من نفسك، وعصمك من بني جنسك، وعرفك الخير، وحبب إليك الإحسان، ووفقك للرشاد، وختم أمرك بالطهارة بعد بلوغ الأماني ودرك المطالب، بمنه وقدرته.

Friday, March 17, 2017

جزء بسيط عن الزوجات من وصية الخطاب بْن المعلى المخزومي ابنه

من وصية الخطاب بْن المعلى المخزومي ابنه

يا بني إن زوجة الرجل سكنه ولا عيش له مع خلافها فإذا هممت بنكاح امرأة فسل عَن أهلها فإن العروق الطيبة تنبت الثمار الحلوة
واعلم أن النساء أشد اختلافا من أصابع الكف فتوق منهن كل ذات بذا مجبولة على الأذى فمنهن المعجبة بنفسها المزرية ببعلها إن أكرمها رأته لفضلها عَلَيْهِ لا تشكر على جميل ولا ترضى منه بقليل لسانها عَلَيْهِ سيف صقيل قد كشفت القحة ستر الحياء عَن وجهها فلا تستحي من إعوارها ولا تستحي من جارها كلبة هرارة مهارشة عقارة فوجه زوجها مكلوم وعرضه مشتوم ولا ترعى عَلَيْهِ لدين ولا الدنيا ولا تحفظه لصحبة ولا لكثرة بنين حجابه مهتوك وستره منشور وخيره مدفون يصبح كئيبا ويمسي عاتبا شرابه مر وطعامه غيظ وولده ضياع وبيته مستهلك وثوبه وسخ ورأسه شعث إن ضحك فواهن وإن تكلم فمتكاره نهاره ليل وليله ويل تلدغه مثل الحية العقارة وتلسعه مثل العقرب الجرارة .
ومنهن شفشليق شعشع سلفع ذات سم منقع وإبراق واختلاق تهب مع الرياح وتطير مع كل ذي جناح إن قَالَ لا قالت نعم وإن قَالَ نعم قالت لا مولدة لمخازيه محتقرة لما في يديه تضرب له الأمثال وتقصر به دون الرجال وتنقله من حال الى حال حتى قلا بيته ومل ولده وغث عيشه وهانت عَلَيْهِ نفسه وحتى أنكره إخوانه ورحمه جيرانه .
ومنهن الورهاء الحمقاء ذات الدل في غير موضعها الماضغة للسانها الآخذة في غير شأنها قد قنعت بحبه ورضيت بكسبه تأكل كالحمار الراتع تنتشر الشمس ولما يسمع لها صوت ولم يكنس لها بيت طعامها بائت وإناؤها وضر وعجينها حامض وماؤها فاتر ومتاعها مزروع وماعونها ممنوع وخادمها مضروب وجارها محروب .
ومنهن العطوف الودود المباركة الولود المأمونة على غيبها المحبوبة في جيرانها المحمودة في سرها وإعلانها الكريمة التبعل الكثيرة التفضل الخافضة صوتا النظيفة بيتا خادمها مسمن وابنها مزين وخيرها دائم وزوجها ناعم موموقه مألوفة وبالعفاف والخيرات موصوفة .
جعلك اللَّه يا بني ممن يقتدي بالهدى ويأتم بالتقى ويجتنب السخط ويحب الرضى
والله خليفتي عليك والمتولي لأمرك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى اللَّه على مُحَمَّد نبي الهدى وعلى آله وسلم تسليما كثيرا .