RAMADAN

Tuesday, April 23, 2024

من كتاب باهر البرهان فى معانى مشكلات القرآن المؤلف: محمود بن أبي الحسن (علي) بن الحسين النيسابورىّ الغزنوي، أبو القاسم، الشهير بـ (بيان الحق)

 


 

فأسلمت وجهي لمن أسلمت … له الأرض تحمل صخرا ثقالا 

 وأسلمت نفسي لمن أسلمت … له المزن تحمل ماء زلالا

 استغفر الله ذنبا لست محصيه … رب العباد إليه الوجه والعمل

 

ولله في كل تحريكة … وتسكينة أبدا شاهد

وفي كل شيء له آية … تدل على أنه واحد

 

وخير الأمر ما استقبلت منه … وليس بأن تتبعه اتباعاً

 

كذلك وما رأيت الناس إلا … إلى [ما] جر [غاويهم] سراعاً

 

 الليل يا واقد [ليل] قر

والريح يا واقد ريح صر

أوقد [ير] نارك من يمر

إن جلبت ضيفا فأنت حر

 

لا تنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم

 

وأقم لمن صافيت وجها واحدا … وخليقة إن الكريم قؤوم

 

 

خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها … فلسنا من الأحياء فيها ولا الموتى

إذا جاء [نا] [السَّجَانُ] يوماً لحاجةٍ … [عجبنا] وقلنا جاء هذا من الدنيا

 

ولولا دخولها على الماضي بمعنى التوبيخ وعلى المستقبل بمعنى التحريض

 

سأل أعرابي محرمٌ عمر في خلافته، قال: قتلتُ غزالاً؟ فأقبل عمر على

عبد الرحمن بن [عوفٍ]: أيُّ شىءٍ فيها؟ فقال: جفرة وهي الصغيرة من الضأن، كالعناق من المعزى. فانتقل الأعرابي وهو يقول: لم يعلم أمير المؤمنين ما فيها حتى سأل، فدعا [هُ] عمر وعلاه بالدرة: تقتل الصيد وأنت حرمٌ وتغمط [الفتيا] يالكع، ألم تسمع اللهَ يقول؟: (يحكم به ذوا عدلٍ منكم)

 

قال الجاحظ: "من لطيف صنع الله أن فطر المعلمين على وزن عقول الصبيان وإلا لم يكن إلى

تأليف الأمر بينهما سبيلٌ".

وسمع عبد الملك بن مروان كلاماً مختلطاً فقال: "كلامُ مجنونٍ أو مناغيةُ صبيٍّ"

 

أُحَامِقُهُ حتى يقال سجيةً … ولو كان ذا عقلٍ لكنُتُ أُعَاقِلُهْ

 

صَدِّق مقالته واحذر عداوته … والبِسْ عليه بشكٍّ مثل ما لَبِسَا

  

لِدُوا للموت وابنو للخراب … فكلكم يصير إلى التراب

الأيا موت لم أر منك بداً … أبيت فما تحيف ولا تحابي

كأنك قد هجمت على مشيبي … كما هجم المشيب على شبابي

 

وما زُرتُكم عمداً ولكنَّ ذا الهوى … إلى حيث يهوى القلب تهوي به الرِّجل

 

وأكثر هذا الناس إمَّا مُكَذِّبٌ … يقول بما يهوى وإمَّا مُصَدِّق

يقولون أقوالاً ولا يثبتونها … وإن قيل هاتوا حَقِّقُوا لم يحقِّقُوا

 

وما من يد إلَاّ يد الله فوقها … وما ظالمٌ إلَاّ سيبلى بظالم

 


Sunday, April 14, 2024

من كتاب الزخائر والعبقريات 4 تأليف عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري


نهيُهم عن المدح قبل الاختبار

قالوا: لا تَهْرِف قبل أن تَعْرِف أي لا تمدح قبلَ التجربة، وأصل الهَرْفِ: الهذيان قال الأزهري: الهَرْفُ: شبه الهذيان من الإعجابِ بالشَّيء يقال: هو يَهْرَف بفلانٍ نهارَه كُلَّه هَرْفاً وقالوا: لا تَحْمَدَنَّ أمةً عام شرائِها، ولا حُرّةً قبل بِنائِها قبل الدخولِ بها. . . وقال رجلٌ لعمرَ رضي الله عنه: إنّ فلاناً رجلُ صِدْقٍ، فقال: هل سافرْتَ معه، أو ائْتَمَنْته؟ قال: لا، فقال: إذن لا تمدحْه، فلا علمَ لك به، لعلّك رأيتَه يَرْفَعُ رأسَه ويخفضُه في المسجد!

وقالوا: خمسةُ أشياءَ ضائعةٌ: سراجٌ يوقد في شمسٍ، ومطرٌ جَوْدٌ في سَبْخةٍ، وحَسناءُ تزفُّ إلى عِنّينٍ، وطعامٌ استُجيد وقُدِّم إلى سكران، ومعروفٌ صُنِعَ إلى من لا شُكْرَ له

قال الراغب في فصل عنوانه مُداواةُ الغمِّ وإزالةُ الخوف مع شيءٍ من التصرف: خليقٌ بالإنسانِ أن يعلمَ أنّ الدنيا جمَّةُ المصائِبِ رَنْقةُ المشارِبِ تُثمر للبَرِيّةِ أضعافَ البليّة، فيها مع كل لقمةٍ غُصّة، ومع كل جُرْعةٍ شَرْقةٌ، فهي عَدوَّةٌ ومَحْبوبةٌ كما قال أبو نواس:

إذا امْتَحَنَ الدُّنْيَا لَبِيبٌ تَكَشّفَتْ … لَهُ عن عَدُوٍّ في ثِيَابِ صَديقٍ

وكما رُوي عن الحسن البصري أنه قال: ما مثلُنا مع الدُّنيا إلا كما قال كثيّر:

أَسيِئي بِنَا أوْ أحْسِنِي لا مُلومَةٌ … لَدَيْنا وَلا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ

فما أحدٌ فيها إلا وهو في كلِّ حالاته غرضٌ لسِهامِها:

تُناضِلُهُ الآفاتُ مِنْ كلِّ جانبٍ … فتُخْطِئُهُ يوماً ويوماً تُصِيبُهُ

وقال بعضُ الحكماء: أسبابُ الحزن فقدُ محبوبٍ أو فوتُ مطلوبٍ، ولا يسلم مِنْهما إنسانٌ، لأن الثّباتَ والدّوامَ معدومان في عالم الكون والفساد فمن أحبَّ أن يعيشَ هو وأهلُه وأحبابُه سالمين فهو غيرُ عاقلٍ، لأنّه يريدُ أن يملكَ ما لا يُملكُ، ويُوجِدَ له ما لا يُوجَدُ، فحقيقٌ بالمرءِ أن لا يُخلي قلبَه من الاعتبارِ بما يرى، من ارْتجاعٍ لودائِعِها من أربابِها، وحلولٍ لنوائبِها بأصْحابها.

ثمَّ من حقّه أن يقلّل من اقتناءِ ما يورثُه الحزنَ، فقد قيل لحكيم: لم لا تغتمُّ؟ فقال: لأنّي لم أقتنِ ما يغمُّني فقدُه، أخذه الشاعرُ فقال:

فمَنْ سَرَّهُ أن لا يَرى ما يسوؤُه … فلا يَتَّخِذْ شَيْئاً يَخاف له فَقْدا

وقيل لحكيم: هل للإنسان أن يعيشَ آمِناًً؟ قال: نعم، إذا احترسَ من الخطيئةِ، وقَنِعَ بحلاله، ولم يحزن لما هو واقعٌ به لا محالة. واعلم أنّ الجزع على ما فات لا يَلُمُّ ما تشعَّث ولا يُبْرمُ ما انْتكَث؛ فأمّا غمُّه على المُستقبل فلا يخلو من ثلاثةِ أوْجهٍ: إمّا في شيءٍ ممتنعٍ كونُه، أو واجبٍ كونُه، أو ممكنٍ، فإن كان على ما هو ممتنعٌ كونُه فليس ذلك من شأنِ العقلاء، وكذلك إذا كان من قبيلِ الواجبِ كونُه، كالموتِ الذي هو حَتْمٌ في رقابِ العباد، وإن كان ممكناً كونُه فإن كان من الممكن الذي لا سبيلَ إلى دفعِه كإمكانِ الموتِ قبل الهرمِ فالحزنُ له جهل، واستجلابُ غَمٍّ، وإن كان من الممكن الذي يصحُّ دفعُه فالوجهُ أن يحتالَ إلى دفعِه بفعلٍ غير مشوبٍ بحزن، فإن دَفَعَه وإلا تلقّاه بصبر، وليتحقّق قولُه عزّ وجلّ: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ}، فمَنْ علم أن ما جرى في حكمِه وسبقَ في علمِه لا سبيلَ إلى أن لا يكونَ، هانت عليه النُّوَبُ، واعلم أن الذي يَغرُّ الناسَ هو حسنُ ظنِّهم باغترار الآفات، واغترارُهم حالةً بعد حالة بصفاء الأوقات، ولو تأمّلوها لتحقّقوا أنّها كما قال علي رضي الله تعالى عنه: ما قال الناسُ لقومٍ طوبى لكم إلا وقد خبّأ الدهرُ لهم يومَ

سوءٍ:

إنَّ الليالِيَ لَمْ تُحسِنْ إلى أحدٍ … إلا أساَءتْ إليهِ بَعْدَ إحسانِ

انتهى كلامُ الراغبِ، ومن أبدعِ ما قيل في الصَّبْرِ والجَزَعِ قولُ ابنِ الرّومي:

أرَى الصبرَ مَحْموداً وعنه مذاهِبٌ … فكيفَ إذا ما لَمْ يَكُنْ عَنْه مَذْهَبُ

هُناك يَحِقُّ الصَّبْرُ والصبرُ وَاجبٌ … وما كان منه كالضَّرورةِ أوْجَبُ

فشَدَّ امْرُؤٌ بالصَّبرِ كَفَّاً فإنّه … له عِصْمةٌ أسبابُها لا تَقَضَّبُ

هُوَ المَهْرَبُ المُنْجِي لِمَنْ أَحْدقَتْ بهِ … مَكارِهُ دهْرٍ ليسَ مِنْهُنَّ مَهْرَبُ

أعُدُّ خِلالاً فيه ليسَ لِعاقِلٍ … من الناسِ - إنْ أُنصِفْنَ - عَنْهُنَّ مَرْغَبُ

لَبُوسُ جَمالٍ، جُنَّةٌ مِنْ شَماتَةٍ … شِفاءُ أسًى يُثْنَى به ويُثَوّبُ

وتعرض رجل لهشام بن عبد الملك وادّعى أنه أخوه، فسأله: من أين ذلك؟ قال: من آدم! فأمر بأن يُعطى درهماً، فقال: لا يعطي مثلك درهماً، فقال هشام: لو قسمت ما في بيت المال على القرابة التي ادّعيتها لم ينلك إلا دون ذلك

وقد عدوا الشجاعة لوناً من الجود فقال مسلم بن الوليد:

يجُودُ بالنَّفسِ إذْ ضَنَّ البخيلُ بها … والجودُ بالنَّفْسِ أقْصَى غايةِ الجودِ

وقال ابن عباس: ثلاثة لا أكافئهم: رجل بدأني بالسلام، ورجل وسّع لي في المجلس، ورجل اغْبرّت قدماه في المشي إليّ إرادةَ التسليم عليّ؟ فأما الرابع فلا يكافئه عني إلا الله عز وجل، قيل: ومن هو؟ قال: رجلٌ نزل به أمرٌ فبات ليلتَه يفكِّر بمن يُنْزِلُه، ثم رآني أهلاً لحاجته فأنزلها بي

وقال الحسن والحسين رضوان الله عليهما لعبد الله بن جعفر: إنك قد أسرفت في بذل المال! قال: بأبي أنتما، إن الله عوّدني أن يفضِّل عليَّ، وعوّدته أن أفضِّلَ على عباده، فأخاف أن أقطع العادة، فيقطع عنِّي. . .

ومرّ يزيدُ بن المُهلّب بأعرابيّةٍ، في خروجه من سجن عمرَ بنِ عبد العزيز، يريد البصرة، فقَرَتْه عنزاً فقَبِلها، وقال لابنه معاوية: ما معك من النفقة؟ فقال: ثمانمائة دينار، قال فادفعها إليها، فقال له ابنه: إنك تريد الرجالَ، ولا يكون الرجالُ إلا بالمال، وهذه يرضيها اليسير، وهي بعدُ لا تعرفك، فقال له: إن كانت ترضى باليسير فأنا لا أرضى إلا بالكثير، وإن كانت لا تعرفني، فأنا أعرف نفسي، ادْفَعْها إليها

ومن هنا حثوا على الجود والمروءة والتسخي حتى في حالة العسر والضيق فمن ذلك ما قرأناه منسوباً لبُزُرْ جِمِهْرَ أو ليحيى بن خالد البرمكي أو لامرأة من العرب توصي به ابنها، وهو: إذا أقبلت عليك الدُّنيا فأنفق، فإنَّها لا تفنى، وإذا أدبرت عنك فأنفق فإنَّها لا تبقى. أخذه بعض الشعراء فقال:

وأنْفِقْ إذا أنفقتَ إنْ كنْتَ مُوسِراً … وأَنفِقْ على ما خيَّلَت حينَ تُعْسِرُ

فلا الجودُ يُفْني المالَ والجَدُّ مقْبلٌ … ولا البخلُ يُبقي المالَ والجَدُّ مُدْبرُ

وقال الآخر في معناه:

لا تَبْخَلنَّ بدُنْيا وهي مُقْبِلةٌ … فليس يَنْقُصُها التَّبْذيرُ والسَّرَفُ

فإنْ توَلَّتْ فأحْرَى أنْ تَجُودَ بها … والشُّكْرُ منها إذا مَا أَدْبرَتْ خلَفُ

ولاتنس أن مرادهم بالإنفاق والجود هنا: الإنفاق في سبيل الله والبِرّ لا في سبيل الشيطان والإثم، والجود على ذوي الحقوق ومن هم في حاجة إليك حتّى مع إدبار الدنيا عنك

 

 

وقال حماد عجرد في ذلك من أبيات:

بُثَّ النَّوَالَ ولا تمنَعكَ قِلَّتُهُ … فكلُّ ما سَدَّ فقْراً فَهْوَ مَحْمودُ

يقول فيها:

إنَّ الكَريمَ ليُخْفِي عَنْكَ عُسْرَتَهُ … حَتَّى تراهُ غَنيِّاً وهوَ مَجْهُودُ

إذا تكرَّمْتَ أَنْ تُعْطي القليلَ ولمْ … تَقْدِرْ على سَعةٍ لمْ يَظْهرِ الجُودُ

ولِلْبَخيلِ على أمْوالِه عِلَلٌ … زُرْقُ العُيونِ علَيْها أَوْجُهٌ سُودُ

أَوْرِقْ بخَيْرٍ تُرَجَّى لِلنَّوالِ فَما … تُرْجى الثِّمارُ إذا لم يُورِقِِ العودُ

إن الله جوادٌ لا يبخل، وصدوقٌ لا يكذب، ووفيٌ لا يغدر، وحكيمٌ لا يعجل، وعدلٌ لا يظلم. وقد أمرنا بالجود، ونهانا عن البخل، وأمرنا بالصدق، ونهانا عن الكذب، وأمرنا بالحلم، ونهانا عن العجلة، وأمرنا بالعدل، ونهانا عن الظلم، وأمرنا بالوفاء، ونهانا عن الغدر