RAMADAN

Thursday, January 28, 2016

قصيدة للشاعر إسماعيل ابن المقرّي


إلى كم تمادٍ في غرور وغفلةِ

وكم هكذا نوم إلى غير يقظةِ
لقد ضاع عمر ساعة منهتشترى 
بملء السما والأرض أية ضيعةِ
أتنفق هذا في هوى هذه التي 
أبى الله أن تسوىجناح بعوضة
أترضى من العيش الرغيد تعيشه 
مع الملأ الأعلى ~ بعيش البهيمة
فيادرة بين المزابل ألقيت 
وجوهرة بيعت بأبخس قيمة
أفانٍ بباقٍ تشتريه سفاهة 
وسخطابرضوان ونارًا بجنّة
أأنت صديق أم عدوّ لنفسه 
فإنّك ترميها بكلّ مصيبة
ولوفعل الأعدا بنفسك بعض ما 
فعلت ‘لمسّتهم لها بعض رحمة
لقد بعتها هونا عليك رخيصة
وكانت بهذا منك غير حقيقة
فويلك استفقْ لا تفضحنْها بمشهدٍ 
من الخلق إن كنت ابنأمّ كريمة
فبين يديها موقف وصحيفة 
يُعدّ عليها كلّ مثقال ذرّة
كلفت بها دنياكثيرا غرورها 
تُقابلنا في نصحها بالخديعة
إذا أقبلت ولّتْ‘ وإن هي أحسنت
أساءت‘ وإن صافت أتت بالكدورة
ولو نلت منها مال قارون لم تنل 
سوى لقمة في فيكمنها وخرقة
فدعها وأهليها بقسم وخذ كذا
بنفسك عنها فهي كل الغنيمة
ولاتغتبط منها بفرحة ساعة 
تعود بأحزان عليك طويلة
فعيشك فيها ألف عام وينقضي
كعيشك فيها بعض يوم وليلة
عليك بما تجزى عليه من التقى 
فإنك في لهو عظيموغفلة
تصلّي بلا قلب صلاة بمثلها 
يصير الفتى مستوجبا للعقوبة
فويلك تدريمَن تناجيه معرضا
وبين يدي مَن تنحني غير مُخبتِ
تخاطبه " إياك نعبد" مقبلا
على غيره فيها لغير ضرورة
ولو ردّ من ناجاك للغير طرفه 
تميزت من غيظ عليهوغيرة
أما تستحي من مالك الملك أن يرى 
صدودك عنه ياقليل المروءة
صلاة أقيمتيعلم الله أنّها 
بفعلك هذا طاعة كالخطيئة
ذنوبك في الطّاعات وهْي كثيرة 
إذاعدّدت تكفيك عن كلّ زلّة
سبيلك أن تستغفر الله بعدها
وأن تتلافى الذنب منهابتوبة
فيا عاملا للنار جسمك لين 
فجربه تمرينا بحرّ الظّهيرة
وجرّبه في لسعالزّنابير تجتري 
على نهش حيّات هناك عظيمة
فإن كنت لا تقوى فويلك ما الذي 
دعاك إلى إسخاط رب البرية
تبارزه بالمنكرات عشية 
وتصبح في أثواب نسكوعفّة
فأنت عليه منك أجرى على الورى
بما فيك من جهل وخبث طويّة
تقول – معالعصيان – ربي غافر
صدقت ‘ ولكن غافر بالمشيئة
وربك رزاق كما هو غافر
فلمْلم تصدق فيهما بالسوية
فإنك ترجوا العفو من غير توبة
ولست ترجّي الرزق إلاّبحيلة
على أنّه بالرزق كفّل نفسه 
ولم يتكفّل للأنام بِجَنّة
فلم ترضى إلاّالسّعي فيما كُفيته 
وإهمال ما كلّفته من وظيفة
تسيء به ظنّا وتحسن تارة 

علىحسب ما يقضي الهوى في القضية

اللهم أصلح وقوفنا بين يديك

قال الشيخ أبو العباس السبتي ـ دفين مراكش ـ رحمه الله :ـ
وكم من مصل ما له من صلاته .. سوى رؤية المحراب والخفض والرفعِ
يرى شخصه فوق الحصيرة قائما .. وهمته في السوق في الأخذ والدفع
وقال الشيخ شرف الدين، اسماعيل بن المقري اليمني، رحمة الله عليه :ـ
تصلي بلا قلب، صلاة بمثلها .. يكون الفتى مستوجبا للعقوبةِ
فويحك تدري من تناجيه معرضا وبين يدي من تنحني غير مخبِتِ
تخاطبه « إياك نعبد » مقبلا .. على غيره، فيها، لغير ضرورةِ
ولو رد من ناجاك للغير طرفهُ .. تميّزت من غيض عليه وغيرةِ
أما تستحي من مالك الملك أن يرى .. صدودك عنه يا قليل المروءة
صلاة أقيمت يعلم الله أنها .. بفعلك فيها طاعة كالخطيئةِ
وأقبح منها أن تُذل بفعلها .. كمن قلد المذلول فعل صنيعةِ
وأن يعتريك العُجب أيضا بكونها .. على ما حوته من رياء وسمعةِ
ذنوبك في الطاعات وهي كثيرة .. إذا عددت تغنيك عن كل زلةِ
....
إلى كم تمادى في الغرور وغفلة .. وكم هكذا يوم، متى يوم يقظةِ
لقد ضاع عمر، ساعة منه تُـشترى .. بملىء السّما والأرض أيّة ضيعةِ
أتنفق هذا في هوى هذه التي .. يأبي الله أن تسوى جناح بعوضةِ
أيا ذُرة بين المزابل ألقيت .. وجوهرةً بيعت بأبخس قيمةِ
أباق بفان تشتريه سفاهة ؟ .. وسخطا برضوان، ونارا بجنةِ ؟
ء أنت صديق أم عدو لنفسه .. فإنك ترميها بكل مصيبةِ
ولو فعل الأعدا بنفسك بعض ما فعلت لمسّهم لها بعض رحمةِ
لقد بعتها حزني عليك رخيصةً .. وكانت بهذا منك غير حقيقةِ

Wednesday, January 27, 2016

النظائر التي كان يقرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم

يا سائلا عن النظائر التي ** روى ابن مسعود لها فانصت

فسورتا الرحمن والنجم معا ** واقتربت وحاقة فلتجمعا

والطور ثم الذاريات حقق ** والذاريات مع نون في نسق

وسال ثم النازعات في نفس ** وسورة المطففين مع عبس

مدثر مزمل تنتظم ** وهل أتى تصحبها لا أقسم

وعم ثم المرسلات ألفا ** وسورة الدخان كورت وفا

ذكرها عنه أبو داود مع ** إسحاق وفق مصحف له جمع

Friday, January 22, 2016

الله المستعان نجمع ولا نحفظ . فأعن يا ربي

 أنشد قول ابن يَسِير

أما لو أعِي كلَّ ما أسمَع || وأحفَظُ من ذاكَ ما أجمعُ

ولم أستَفِدْ غَيْرَ ما قد جمعــتُ لَقِيلَ هو العالِم المِصقَع

ولكنَّ نفسي إلى كلّ نو || عٍ من العلم تسمعُه تنزِعُ

فلا أنا أحفظُ ما قد جمعــتُ ولا أنا مِن جَمعه أشبعُ

وأحصَر بالعِيِّ في مجلسي || وعِلميَ في الكُتْبِ مستودَعُ

فمن يكُ في علمِه هكذا || يكنْ دهرَهُ القهقَرَى يرجِعُ

إذا لم تكنْ حافظاً واعياً || فجمعُك للكتبِ لا ينفع


وقال المحقق عبد السلام هارون رحمه الله 
"... والشعر نسَبه الجاحظ في المحاسن ص8 إلى الأصمعي، ولكنه هنا يؤكد – بتعقيبه للشعر – أنه لابن يسير."

يعني قول الجاحظ بعد إتيانِه بِهذه الأبيات 
"وقال أبو إسحاق: كلَّفَ ابنُ يسيرٍ الكتبَ ما ليس عليها، إن الكتبَ لا تحيي الموتَى، ولا تحوِّل الأحمقَ عاقلاً، ولا البليد ذكِيّاً، ولكنَّ الطبيعةَ إذا كان فيها أدنى قَبُول، فالكتبُ تشحَذُ وتَفتِق، وتُرهِف وتَشفي، ومن أرادَ أن يعلمَ كلَّ شيء، فينبغي لأهلهِ أن يداووه فإنّ ذلك إنما تصوَّرَ له بشيءٍ اعتراه، فَمنْ كان ذكيّاً حافظاً فليقصِد إلى شيئين، وإلى ثلاثة أشياء، ولا ينزِع عن الدرس والمطارَحَة، ولا يدعْ أن يَمُرَّ على سَمعه وعلى بصره وعلى ذهنه ما قدَر عليه من سائر الأصناف، فيكون عالماً بخواصّ، ويكون غيرَ غُفْلٍ من سائرِ ما يجري فيه الناسُ ويخوضون فيه، ومن كان مع الدرس لا يحفظ شيئاً، إلاَّ نسيَ ما هو أكثرُ منه، فهو من الحفظ من أفواه الرجال أبعد."

وأبو إسحاق المذكور هو النظام نفسُه إن شاء الله. وثَمّ قوله 
وأحصَر بالعِيِّ في مجلسي
وفي ما نَقَلَ أخونا 
وأحضُرُ بالصمت في مجلسي

والحَصَرَ أبلغ وألصَقُ بالمعنى المراد، فكأن أحضر بالضاد تصحيف  
يا ربي جُدْ  على عبدك فإنه يحب العلم ويسألك سبحانك ثبات العلم والإدراك وتنفعنا بما علمتنا وتعلمنا ما ينفعنا وأن تمن  بفضلك بإصلاح الذاكرة

Monday, January 11, 2016

قصيدة ل السموأل

إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُفَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَهافَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنافَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَناشَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ
وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُناعَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ
لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُمَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ
رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِإِلى النَجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طَويلُ
هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُيَعِزُّ عَلى مَن رامَهُ وَيَطولُ
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةًإِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَناوَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ
وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِوَلا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ
تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُناوَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُباتِ تَسيلُ
صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّناإِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ
عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنالِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ:
فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِناكَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ
وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُموَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌقَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ
وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍوَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ
وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عَدُوِّنالَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ وَحُجولُ
وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍبِها مِن قِراعِ الدارِعينَ فُلولُ
مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُهافَتُغمَدَ حَتّى يُستَباحَ قَبيلُ
سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُفَلَيسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ
فَإِنَّ بَني الرَيّانِ قَطبٌ لِقَومِهِمتَدورُ رَحاهُم حَولَهُم وَتَجولُ

Thursday, January 7, 2016

أَمِـنَ المَنـونِ وَريبِهـا تَتَوَجَّـعُ ل أبي ذؤيب الهذلي

أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً
مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً
إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً
بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها
سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ
بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر
أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ
وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
وَليَأتِيَنَّ عَلَيكَ يَومٌ مَرَّةً
يُبكى عَلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ
أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها
فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى
باتوا بِعَيشٍ ناعِمٍ فَتَصَدَّعوا
فَلَئِن بِهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ
إِنّي بِأَهلِ مَوَدَّتي لَمُفَجَّعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
في رَأسِ شاهِقَةٍ أَعَزُّ مُمَنَّعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ
صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ
عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ
أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ
مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ
بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ
واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ
فَلَبِثنَ حيناً يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ
فَيَجِدُّ حيناً في العِلاجِ وَيَشمَعُ
حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ
وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ
ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ
شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ
فَاِفتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ
بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ
فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ يُنابِعٍ
وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ
وَكَأَنَّهُنَّ رَبابَةٌ وَكَأَنَّهُ
يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ
وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الض
ضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ
فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ
حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ
فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسّاً دونَهُ
شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ
وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ
في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ
فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَاِمتَرَسَت بِهِ
سَطعاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ
فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ
سَهماً فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ
فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغاً
عَجِلاً فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ
فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيّاً مِطحَراً
بِالكَشحِ فَاِشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ
فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ
بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ
يَعثُرنَ في حَدِّ الظُباتِ كَأَنَّما
كُسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ
شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ
فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ
وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ
قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ
يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ
مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ
فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ
أَولى سَوابِقَها قَريباً توزَعُ
فَاِهتاجَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ
غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ
يَنهَشنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي
عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ
فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما
بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ
فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا
عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ
فَصَرَعنَهُ تَحتَ الغُبارِ وَجَنبُهُ
مُتَتَرِّبٌ وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
حَتّى إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً
مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ
فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ
بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ
فَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ
سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ
فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ
بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ
وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ
حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ
مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ
تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها
حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ
قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها
بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ
مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِيٍ
كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ
تَأبى بِدُرَّتِها إِذا ما اِستُكرِهَت
إِلّا الحَميمَ فَإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ
بَينَنا تَعَنُّقِهِ الكُماةَ وَرَوغِهِ
يَوماً أُتيحَ لَهُ جَرىءٌ سَلفَعُ
يَعدو بِهِ نَهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ
صَدَعٌ سَليمٌ رَجعُهُ لا يَظلَعُ
فَتَنادَيا وَتَواقَفَت خَيلاهُما
وَكِلاهُما بَطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ
مُتَحامِيَينِ المَجدَ كُلٌّ واثِقٌ
بِبَلائِهِ وَاليَومُ يَومٌ أَشنَعُ
وَعَلَيهِما مَسرودَتانِ قَضاهُما
داودٌ أَو صَنَعُ السَوابِغِ تُبَّعُ
وَكِلاهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ
فيها سِنانٌ كَالمَنارَةِ أَصلَعُ
وَكِلاهُما مُتَوَشِّحٌ ذا رَونَقٍ
عَضباً إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ
فَتَخالَسا نَفسَيهِما بِنَوافِذٍ
كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرقَعُ
وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ
وَجَنى العَلاءَ لَو أَنَّ شَيئاً يَنفَعُ