RAMADAN

Wednesday, March 7, 2018

لبيد بن ربيعة لله نافلة الأجل الأفضل


لِلَّهِ نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفضَلِ

وَلَهُ العُلى وَأَثيثُ كُلِّ مُؤَثَّلِ

لا يَستَطيعُ الناسُ مَحوَ كِتابِهِ

أَنّى وَلَيسَ قَضائُهُ بِمُبَدَّلِ

سَوّى فَأَغلَقَ دونَ غُرَّةِ عَرشِهِ

سَبعاً طِباقاً فَوقَ فَرعِ المَنقَلِ

وَالأَرضَ تَحتَهُمُ مِهاداً راسِياً

ثَبَتَت خَوالِقُها بِصُمِّ الجَندَلِ

وَالماءُ وَالنيرانُ مِن آياتِهِ

فيهِنَّ مَوعِظَةٌ لِمَن لَم يَجهَلِ

بَل كُلُّ سَعيِكَ باطِلٌ إِلّا التُقى

فَإِذا اِنقَضى شَيءٌ كَأَن لَم يُفعَلِ

لَوكانَ شَيءٌ خالِداً لَتَواءَلَت

عَصماءُ مُؤلِفَةٌ ضَواحِيَ مَأسَلِ

بِظُلوفِها وَرَقُ البَشامِ وَدونَها

صَعبٌ تَزِلُّ سَراتُهُ بِالأَجدَلِ

أَو ذو زَوائِدَ لا يُطافُ بِأَرضِهِ

يَغشى المُهَجهَجَ كَالذَنوبِ المُرسَلِ

في نابِهِ عِوَجٌ يُجاوِزُ شِدقَهُ

وَيُخالِفُ الأَعلى وَراءَ الأَسفَلِ

فَأَصابَهُ رَيبُ الزَمانِ فَأَصبَحَت

أَنيابُهُ مِثلَ الزِجاجِ النُصَّلِ

وَلَقَد رَأى صُبحٌ سَوادَ خَليلِهِ

مِن بَينِ قائِمِ سَيفِهِ وَالمِحمَلِ

صَبَّحنَ صُبحاً حينَ حُقَّ حِذارُهُ

فَأَصابَ صُبحاً قائِفٌ لَم يَغفَلِ

فَاِلتَفَّ صَفقُهُما وَصُبحٌ تَحتَهُ

بَينَ التُرابِ وَبَينَ حِنوِ الكَلكَلِ

وَلَقَد جَرى لُبَدٌ فَأَدرَكَ جَريَهُ

رَيبُ الزَمانِ وَكانَ غَيرَ مُثَقَّلِ

لَمّا رَأى لُبَدُ النُسورِ تَطايَرَت

رَفَعَ القَوادِمَ كَالفَقيرِ الأَعزَلِ

مِن تَحتِهِ لُقمانُ يَرجو نَهضَهُ

وَلَقَد رَأى لُقمانُ أَن لا يَأتَلي

غَلَبَ اللَيالي خَلفَ آلِ مُحَرِّقٍ

وَكَما فَعَلنَ بِتُبَّعٍ وَبِهِرقَلِ

وَغَلَبنَ أَبرَهَةَ الَّذي أَلفَينَهُ

قَد كانَ خَلَّدَ فَوقَ غُرفَةِ مَوكِلِ

وَالحارِثُ الحَرّابُ خَلّى عاقِلاً

داراً أَقامَ بِها وَلَم يَتَنَقَّلِ

تَجري خَزائِنُهُ عَلى مَن نابَهُ

مَجرى الفُراتِ عَلى فِراضِ الجَدوَلِ

حَتّى تَحَمَّلَ أَهلُهُ وَقَطينُهُ

وَأَقامَ سَيِّدُهُم وَلَم يَتَحَمَّلِ

وَالشاعِرونَ الناطِقونَ أَراهُمُ

سَلَكوا سَبيلَ مُرَقِّشٍ وَمُهَلهِلِ


الراعي النميري بان الأحبة بالعهد الذي عهدوا


بانَ الأَحِبَّةُ بِالعَهدِ الَّذي عَهِدوا

فَلا تَمالُكَ عَن أَرضٍ لَها عَمَدوا

وَرادَ طَرفُكَ في صَحراءَ ضاحِيَةٍ

فيها لِعَينَيكَ وَالأَظعانِ مُطَّرِدُ

وَاِستَقبَلَت سَربَهُم هَيفٌ يَمانِيَةٌ

هاجَت نِزاعاً وَحادٍ خَلفَهُم غَرِدُ

حَتّى إِذا حالَتِ الأَرحاءُ دونَهُمُ

أَرحاءَ أَرمُلَ حارَ الطَرفُ أَو بَعَدوا

حَثّوا الجِمالَ وَقالوا إِنَّ مَشرَبَكُم

وادي المِياهِ وَأَحساءٌ بِهِ بُرُدُ

وَفي الخِيامِ إِذا أَلقَت مَراسِيَها

حورُ العُيونِ لِإِخوانِ الصِبى صُيُدُ

كَأَنَّ بَيضَ نَعامٍ في مَلاحِفِها

إِذا اِجتَلاهُنَّ قَيظٌ لَيلُهُ وَمِدُ

لَها خُصورٌ وَأَعجازٌ يَنوءُ بِها

رَملُ الغِناءِ وَأَعلى مَتنِها رُؤُدُ

مِن كُلِّ واضِحَةِ الذِفرى مُنَعَّمَةٍ

غَرّاءَ لَم يَغذُها بُؤسٌ وَلا وَبَدُ

يَثني مَساوِفُها غُرضوفَ أَرنَبَةً

شَمّاءَ مِن رَخصَةٍ في جيدِها أَوَدُ

لَها لِثاثٌ وَأَنيابٌ مُفَلَّجَةٌ

كَالأُقحُوانِ عَلى أَطرافِهِ البَرَدُ

يَجري بِها المِسكُ وَالكافورُ آوِنَةً

وَالزَعفَرانُ عَلى لَبّاتِها جَسِدُ

كَأَنَّ رَيطَةَ جَبّارٍ إِذا طُوِيَت

بَهوُ الشَراسيفِ مِنها حينَ تَنخَضِدُ

نِعمَ الضَجيعُ بُعَيدَ النَومِ يُلجِئُها

إِلى حَشاكَ سَقيطُ اللَيلِ وَالثَأَدُ

كَأَنَّ نَشوَتَها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ

بَعدَ العِشاءِ وَقَد مالَت بِها الوُسُدُ

صَهباءُ صافِيَةٌ أَغلى التِجارُ بِها

مِن خَمرِ عانَةَ يَطفو فَوقَها الزَبَدُ

لَولا المَخاوِفُ وَالأَوصابُ قَد قَطَعَت

عُرضَ الفَلاةِ بِنا المَهرِيَّةُ الوُخُدُ

في كُلِّ غَبراءَ مَخشِيٍّ مَتالِفُها

جَدّاءَ لَيسَ بِها عِدٌّ وَلا ثَمَدُ

تُمسي الرِياحُ بِها حَسرى وَيَتبَعُها

سُرادِقٌ لَيسَ في أَطرافِهِ عَمَدُ

بَصباصَةُ الخِمسِ في زَوراءَ مَهلَكَةٍ

يَهدي الأَدِلّاءَ فيها كَوكَبٌ وَحَدُ

كَلَّفتُ مَجهولَها نوقاً يَمانِيَةً

إِذا الحُداةُ عَلى أَكسائِها حَفَدوا

حُسبَ الجَماجِمِ أَشباهاً مُذَكَّرَةً

كَأَنَّها دُمُكٌ شيزِيَّةٌ جُدُدُ

قامَ السُقاةَ فَناطوها إِلى خُشُبٍ

عَلى كُبابٍ وَحَومٍ خامِسٌ يَرِدُ

ذَوُو جَآجِئَ مُبتَلٌّ مَآزِرُهُم

بَينَ المَرافِقِ في أَيديهِمُ حَرَدُ

أَو رَعلَةٌ مِن قَطا فَيحانَ حَلَّأَها

عَن ماءِ يَثبَرَةَ الشُبّاكُ وَالرَصَدُ

تَنجو بِهِنَّ مِنَ الكُدرِيِّ جانِيَةٌ

بِالرَوضِ رَوضِ عَماياتٍ لَها وَلَدُ

لَمّا تَخَلَّسَ أَنفاساً قَرائِنُها

مِن غَمرِ سَلمى دَعاها تَوأَمٌ قَرِدُ

تَهوي لَهُ بِشُعَيبٍ غَيرِ مُعصَمَةٍ

مُنغَلَّةٍ دونَها الأَحشاءُ وَالكَبِدُ

دونَ السَماءِ وَفَوقَ الأَرضِ مَسلَكُها

تيهٌ نَفانِفُ لا بَحرٌ وَلا بَلَدُ

تَطاوَلَ اللَيلُ مِن هَمٍّ تَضَيَّفَني

دونَ الأَصارِمِ لَم يَعشُر بِهِ أَحَدُ

إِلّا نَجِيَّةَ آرابٍ تُقَلِّبُني

كَما تَقَلَّبَ في قُرموصِهِ الصَرِدُ

مِن أَمرِ ذي بَدَواتٍ لا تَزالُ لَهُ

بَزلاءُ يَعيا بِها الجَثّامَةُ اللُبَدُ

وَعَينِ مُضطَمِرِ الكَشحَينِ أَرَّقَهُ

هَمٌّ غَريبٌ وَناوي حاجَةٌ أَفِدُ

وَناقَةٍ مِن عِتاقِ النوقِ ناجِيَةٍ

حَرفٍ تَباعَدَ مِنها الزَورُ وَالعَضَدُ

ثَبجاءَ دَفواءَ مَبنيٍّ مَرافِقُها

عَلى حَصيرَينِ في دَفَّيهِما جُدَدُ

مَقّاءَ مَفتوقَةِ الإِبطَينِ ماهِرَةٍ

بِالسَومِ ناطَ يَدَيها حارِكٌ سَنَدُ

يَنجو بِها عُنُقٌ صَعلٌ وَتُلحِقُها

رِجلٍ أَصَكَّ خِدَبٍّ فَوقَهُ لَبِدُ

تُضحي إِذا العيسُ أَدرَكنا نَكائِثَها

خَرقاءَ يَعتادُها الطوفانُ وَالزُؤُدُ

كَأَنَّها حُرَّةُ الخَدَّينِ طاوِيَةٌ

بِعالِجٍ دونَها الخَلّاتُ وَالعُقَدُ

تَرمي الفِجاجَ بِكَحلاوَينِ لَم تَجِدا

ريحَ الدُخانِ وَلَم يَأخُذهُما رَمَدُ

باتَت بِشَرقِيِّ يَمؤودٍ مُباشَرَةً

دِعصاً أَرَذَّ عَلَيهِ فُرَّقٌ عُنُدُ

في ظِلِّ مُرتَجِزٍ تَجلو بَوارِقُهُ

لِلناظِرَينِ رِواقاً تَحتَهُ نَضَدُ

طَورَينِ طَوراً يَشُقُّ الأَرضَ وابِلُهُ

بَعدَ العَزازَ وَطَوراً ديمَةٌ رَغَدُ

حَتّى غَدَت في بَياضِ الصُبحِ طَيِّبَةً

ريحَ المَباءَةَ تَخدي وَالثَرى عَمِدُ

لَمّا رَأَت ما أُلاقي مِن مُجَمجَمَةٍ

هِيَ النَجِيُّ إِذا ما صُحبَتي هَجَدوا

قامَت خُلَيدَةُ تَنهاني فَقُلتُ لَها

إِنَّ المَنايا لِميقاتٍ لَهُ عَدَدُ

وَقُلتُ ما لِاِمرِئٍ مِثلي بِأَرضِكُمُ

دونَ الإِمامِ وَخَيرِ الناسِ مُتَّأَدِ

إِنّي وَإِيّاكِ وَالشَكوى الَّتي قَصَرَت

خَطوي وَنَأيُكِ وَالوَجدُ الَّذي أَجِدُ

كَالماءِ وَالظالِعُ الصَديانُ يَطلُبُهُ

هُوَ الشِفاءُ لَهُ وَالرِيُّ لَو يَرِدُ

إِنَّ الخِلافَةَ مِن رَبّي حَباكَ بِها

لَم يُصفِها لَكَ إِلّا الواحِدُ الصَمَدُ

أَلقابِضُ الباسِطُ الهادي لِطاعَتِهِ

في فِتنَةِ الناسِ إِذ أَهواؤُهُم قِدَدُ

أَمراً رَضيتَ لَهُ ثُمَّ اِعتَمَدتَ لَهُ

وَاِعلَم بِأَنَّ أَمينَ اللَهِ مُعتَمَدُ

وَاللَهُ أَخرَجَ مِن عَمياءَ مُظلِمَةٍ

بِحَزمِ أَمرِكَ وَالآفاقُ تَجتَلِدُ

فَأَصبَحَ اليَومَ في دارٍ مُبارَكَةٍ

عِندَ المَليكِ شِهاباً ضَوءُهُ يَقِدُ

وَنَحنُ كَالنَجمِ يَهوي مِن مَطالِعِهِ

وَغوطَةُ الشامِ مِن أَعناقِنا صَدَدُ

نَرجو سِجالاً مِنَ المَعروفِ تَنفَحُها

لِسائِليكَ فَلا مَنٌّ وَلا حَسَدُ

ضافي العَطِيَّةِ راجيهِ وَسائِلُهُ

سَيّانِ أَفلَحَ مَن يُعطي وَمَن يَعِدُ

أَنتَ الحَيا وَغِياثٌ نَستَغيثُ بِهِ

لَو نَستَطيعُ فَداكَ المالُ وَالوَلَدُ

أَزرى بِأَموالِنا قَومٌ أَمَرتَهُمُ

بِالعَدلِ فينا فَما أَبقوا وَما قَصَدوا

نُعطي الزَكاةَ فَما يَرضى خَطيبُهُمُ

حَتّى نُضاعِفَ أَضعافاً لَها غُدَدُ

أَمّا الفَقيرُ الَّذي كانَت حُلوبَتُهُ

وَفقَ العِيالِ فَلَم يُترَك لَهُ سَبَدُ

وَاِختَلَّ ذو المالِ وَالمُثرونَ قَد بَقِيَت

عَلى التَلاتِلِ مِن أَموالِهِم عُقَدُ

فَإِن رَفَعتَ بِهِم رَأساً نَعَشتَهُمُ

وَإِن لَقوا مِثلَها في قابِلٍ فَسَدوا