RAMADAN

Sunday, November 17, 2019

ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ الأعشى

وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ؟
ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ،
تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ
غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها،
مرّ السّحابة ِ، لا ريثٌ ولا عجلُ
كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا
كمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ
تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاساً إذا انصَرَفَتْ
ولا تراها لسرّ الجارِ تختتلُ
ليستْ كمنْ يكره الجيرانُ طلعتها،
إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ
يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا،
وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ
إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعة ً فَتَرَتْ،
إذا تَأتّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ
مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَة ٌ
جهلاً بأمّ خليدٍ حبلَ من تصلُ؟
صدّتْ هريرة ُ عنّا ما تكلّمنا،
لِلّذّة ِ المَرْءِ لا جَافٍ وَلا تَفِلُ
أأنْ رأتْ رجلاً أعشى أضر بهِ
كأنّ أخمصها بالشّوكِ منتعلُ
هركولة ٌ، فنقٌ، درمٌ مرافقها،
والزنبقُ الوردُ من أردانها شمل
إذا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أصْوِرَة ً،
خَضرَاءُ جادَ عَلَيها مُسْبِلٌ هَطِلُ
ما رَوْضَة ٌ مِنْ رِياضِ الحَزْنِ مُعشبة ٌ
مُؤزَّرٌ بِعَمِيمِ النّبْتِ مُكْتَهِلُ
يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌ
ولا بأحسنَ منها إذْ دنا الأصلُ
يَوْماً بِأطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَة ٍ،
غَيرِي، وَعُلّقَ أُخرَى غيرَها الرّجلُ
علّقتها عرضاً، وعلقتْ رجلاً
مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهذي بها وَهلُ
وَعُلّقَتْهُ فَتَاة ٌ مَا يُحَاوِلُهَا،
فاجتَمَعَ الحُبّ حُبّاً كُلّهُ تَبِلُ
وَعُلّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني،
نَاءٍ وَدَانٍ، وَمَحْبُولٌ وَمُحْتَبِلُ
فَكُلّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بصَاحِبِهِ،
وَيْلي عَلَيكَ، وَوَيلي منكَ يا رَجُلُ
قالتْ هريرة ُ لمّا جئتُ زائرها:
كأنّمَا البَرْقُ في حَافَاتِهِ الشُّعَلُ
يا مَنْ يَرَى عارِضا قَد بِتُّ أرْقُبُهُ،
منطَّقٌ بسجالِ الماءِ متّصل
لهُ ردافٌ، وجوزٌ مفأمٌ عملٌ،
وَلا اللّذاذَة ُ مِنْ كأسٍ وَلا الكَسَلُ
لمْ يلهني اللّهوُعنهُ حينَ أرقبهُ،
شِيموا، وكيفَ يَشيمُ الشّارِبُ الثّملُ
فقلتُ للشَّربِ في درني وقد ثملوا:
وَبِالخَبِيّة ِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ
بَرْقاً يُضِيءُ عَلى أجزَاعِ مَسْقطِهِ،
فالعَسْجَدِيّة ُ فالأبْلاءُ فَالرِّجَلُ
قالُوا نِمَارٌ، فبَطنُ الخالِ جَادَهُما،
حتى تدافعَ منهُ الرّبوُ، فالجبلُ
فَالسّفْحُ يَجرِي فخِنزِيرٌ فَبُرْقَتُهُ،
رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينة ِ السّهِلُ
حتى تحمّلَ منهُ الماءَ تكلفة ً،
زوراً تجانفَ عنها القودُ والرَّسلُ
يَسقي دِياراً لَها قَدْ أصْبَحَتْ عُزَباً،
للجِنّ بِاللّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلُ
وبلدة ٍ مثلِ ظهرِ التُّرسِ موحشة ٍ،
إلاّ الذينَ لهمْ فيما أتوا مهلُ
لا يَتَمَنّى لهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا،
في مِرْفَقَيها إذا استَعرَضْتَها فَتَل
جاوزتها بطليحٍ جسرة ٍ سرحٍ،
إنّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ
إمّا تَرَيْنَا حُفَاة ً لا نِعَالَ لَنَا،
وقدْ يحاذرُ مني ثمّ ما يئلُ
فقدْ أخالسُ ربَّ البيتِ غفلتهُ،
وقدْ يصاحبني ذوالشَّرة ِ الغزلُ
وَقَدْ أقُودُ الصّبَى يَوْماً فيَتْبَعُني،
شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُني
أنْ لَيسَ يَدفعُ عن ذي الحيلة ِ الحِيَلُ
في فِتيَة ٍ كَسُيُوفِ الهِندِ قد عَلِمُوا
وقهوة ً مزّة ً راووقها خضلُُ
نازعتهمْ قضبَ الرّيحانِ متكئاً،
إلاّ بِهَاتِ! وَإنْ عَلّوا وَإنْ نَهِلُوا
لا يستفيقونَ منها، وهيَ راهنة ٌ،
مُقَلِّصٌ أسفَلَ السّرْبالِ مُعتَمِلُ
يسعى بها ذو زجاجاتٍ لهُ نطفٌ،
إِذا تُرَجِّعُ فيهِ القَينَةُ الفُضُلُ
وَمُستَجيبٍ تَخالُ الصَنجَ يَسمَعُهُ
وَفي التّجارِبِ طُولُ اللّهوِ وَالغَزَلُ
منْ كلّ ذلكَ يومٌ قدْ لهوتُ به،
والرّافلاتُ على أعجازها العجلُ
والسّاحباتُ ذيولَ الخزّ آونة ً،
أبَا ثُبَيْتٍ! أمَا تَنفَكُّ تأتَكِلُ؟
أبْلِغْ يَزِيدَ بَني شَيْبانَ مَألُكَة ً،
وَلَسْتَ ضَائِرَهَا مَا أطّتِ الإبِلُ
ألَسْتَ مُنْتَهِياً عَنْ نَحْتِ أثلَتِنَا،
عِندَ اللّقاءِ، فتُرْدي ثمّ تَعتَزِلُ
تُغْرِي بِنَا رَهْطَ مَسعُودٍ وَإخْوَتِهِ
وَشُبّتِ الحَرْبُ بالطُّوَّافِ وَاحتَمَلوا
لأعرفنّكَ إنْ جدّ النّفيرُ بنا،
فلمْ يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ
كناطحٍ صخرة يوماً ليفلقها،
والتمسَ النّصر منكم عوضُ تحتملُ
لأعرفنّكَ إنْ جدّتْ عداوتنا،
عنْدَ اللّقاءِ، فتُرْدِيِهِمْ وَتَعْتَزِلُ
تلزمُ أرماحَ ذي الجدّينِ سورتنا
تعوذُ منْ شرّها يوماً وتبتهلُ
لا تقعدنّ، وقدْ أكلتها حطباً،
وَالجاشِرِيّة ِ مَنْ يَسْعَى وَيَنتَضِلُ
قد كانَ في أهلِ كَهفٍ إنْ هُمُ قعدوا،
أنْ سَوْفَ يأتيكَ من أنبائِنا شَكَلُ
سائلْ بني أسدٍ عنّا، فقد علموا
وَاسْألْ رَبيعَة َ عَنّا كَيْفَ نَفْتَعِلُ
وَاسْألْ قُشَيراً وَعَبْدَ الله كُلَّهُمُ،
عِندَ اللقاءِ، وَهمْ جارُوا وَهم جهلوا
إنّا نُقَاتِلُهُمْ ثُمّتَ نَقْتُلُهُمْ
إنّا لأمْثَالِكُمْ، يا قوْمَنا، قُتُلُ
كلاّ زعمتمْ بأنا لا نقاتلكمْ،
يَدْفَعُ بالرّاحِ عَنْهُ نِسوَة ٌ عُجُلُ
حتى يَظَلّ عَمِيدُ القَوْمِ مُتّكِئاً،
أو ذابلٌ منْ رماحِ الخطّ معتدلُ
أصَابَهُ هِنْدُوَانيٌّ، فَأقْصَدَهُ،
وقدْ يشيطُ على أرماحنا البطلُ
قَدْ نَطْعنُ العَيرَ في مَكنونِ فائِلِهِ،
كالطّعنِ يذهبُ فيهِ الزّيتُ والفتلُ
هَلْ تَنْتَهون؟ وَلا يَنهَى ذوِي شَططٍ
لهُ وسيقَ إليهِ الباقرِ الغيلُ
إني لَعَمْرُ الذي خَطّتْ مَنَاسِمُها
لنقتلنْ مثلهُ منكمْ فنمتثلُ
لئنْ قتلتمْ عميداً لمْ يكنْ صدداً،
لمْ تُلْفِنَا مِنْ دِمَاءِ القَوْمِ نَنْتَفِلُ
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبّ مَعرَكَة ٍ
جنبيْ "فطينة َ" لا ميلٌ ولا عزلُ
نحنُ الفوارسُ يومَ الحنو ضاحية ً
أوْ تنزلونَ، فإنّا معشرٌ نزلُ
قالوا الرُّكوبَ! فَقُلنا تلْكَ عادَتُنا،