RAMADAN

Sunday, October 1, 2017

نعد المشرفية والعوالي من روائع المتنبي

وتَقْتُلُنا المَنُونُ بِلا قِتالِ
نُعِدّ المَشرَفيّةَ والعَوالي
وما يُنْجينَ مِنْ خبَبِ اللّيالي
ونَرْتَبِطُ السّوابِقَ مُقرَباتٍ
ولكِنْ لا سَبيلَ إلى الوِصالِ
ومَنْ لم يَعشَقِ الدّنيا قَديماً
نَصيبُكَ في مَنامِكَ من خيَالِ
نَصيبُكَ في حَياتِكَ من حَبيبٍ
فُؤادي في غِشاءٍ مِنْ نِبالِ
رَماني الدّهرُ بالأرزاءِ حتى
تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ
فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ
لأنّي ما انْتَفَعتُ بأنْ أُبالي
وهانَ فَما أُبالي بالرّزايا
لأوّلِ مَيْتَةٍ في ذا الجَلالِ
وهَذا أوّلُ النّاعينَ طُرّاً
ولم يَخْطُرْ لمَخلُوقٍ بِبالِ
كأنّ المَوْتَ لم يَفْجَعْ بنَفْسٍ
على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ
صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ
وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً
جَديداً ذِكْرُناهُ وهْوَ بَالِ
فإنّ لهُ ببَطْنِ الأرْضِ شَخْصاً
تَمَنّتْهُ البَوَاقي والخَوَالي
أطابَ النّفسَ أنّكِ مُتِّ مَوْتاً
تُسَرّ النّفسُ فيهِ بالزّوالِ
وزُلْتِ ولم تَرَيْ يَوْماً كَريهاً
ومُلْكُ عَليٍّ ابنِكِ في كمَالِ
رِواقُ العِزّ فَوْقَكِ مُسْبَطِرٌّ
نَظيرُ نَوَالِ كَفّكِ في النّوالِ
سَقَى مَثْواكِ غادٍ في الغَوادي
كأيدي الخَيلِ أبصَرتِ المَخالي
لِساحبهِ على الأجداثِ حَفْشٌ
وما عَهدي بمَجدٍ عَنكِ خالِ
أُسائِلُ عَنكِ بعدَكِ كلّ مَجدٍ
ويَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السّؤالِ
يَمُرّ بقَبرِكِ العافي فيَبكي
لَوَ انّكِ تَقدِرينَ على فَعَالِ
وما أهداكِ لِلْجَدْوَى عَلَيْهِ
وإنْ جانَبْتُ أرْضَكِ غيرُ سالِ
بعَيشِكِ هلْ سَلَوْتِ فإنّ قَلبي
بَعُدْتِ عنِ النُّعامى والشَّمالِ
نَزَلْتِ على الكَراهَةِ في مَكانٍ
وتُمْنَعُ منكِ أنْداءُ الطِّلالِ
تُحَجّبُ عنكِ رائحَةُ الخُزامَى
بَعيدُ الدّارِ مُنْبَتُّ الحِبالِ
بدارٍ كلّ ساكِنِها غَريبٌ
كَتُومُ السّرّ صادِقَةُ المَقالِ
حَصانٌ مثلُ ماءِ المُزْنِ فيهِ
وواحِدُها نِطاسِيُّ المَعَالي
يُعَلّلُها نِطاسِيُّ الشّكايَا
سَقاهُ أسِنّةَ الأسَلِ الطِّوالِ
إذا وَصَفُوا لهُ داءً بثَغْرٍ
تُعَدّ لها القُبورُ منَ الحِجالِ
ولَيسَتْ كالإناثِ ولا اللّواتي
يكونُ وَداعُها نَفضَ النّعالِ
ولا مَنْ في جَنازَتِها تِجارٌ
كأنّ المَرْوَ من زِفِّ الرّئَالِ
مَشَى الأمَراءُ حَوْلَيها حُفاةً
يَضَعْنَ النِّقْسَ أمكِنَةَ الغَوالي
وأبْرَزَتِ الخُدورُ مُخَبّآتٍ
فدَمْعُ الحُزْنِ في دَمعِ الدّلالِ
أتَتْهُنّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ
لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ
ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا
ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ
قُبَيلَ الفَقْدِ مَفْقُودَ المِثالِ
وأفجَعُ مَنْ فَقَدْنا مَن وَجَدْنا
أواخِرُنا على هامِ الأوالي
يُدَفِّنُ بَعْضُنا بَعضاً وتَمْشِي
كَحيلٌ بالجَنادِلِ والرّمالِ
وكَمْ عَيْنٍ مُقَبّلَةِ النّواحي
وبالٍ كانَ يَفكُرُ في الهُزالِ
ومُغْضٍ كانَ لا يُغْضِي لخَطبٍ
وكيفَ بمِثْلِ صَبرِكَ للجِبالِ
أسَيْفَ الدّوْلَةِ اسْتَنجِدْ بصَبرٍ
وخوْضَ الموْتِ في الحرْبِ السِّجالِ
وأنتَ تُعَلّمُ النّاسَ التّعَزّي
وحالُكَ واحدٌ في كلّ حالِ
وحالاتُ الزّمانِ عَلَيكَ شتى
على عَلَلِ الغَرائبِ والدِّخالِ
فلا غِيضَتْ بحارُكَ يا جَمُوماً
كأنّكَ مُسْتَقيمٌ في مُحالِ
رأيتُكَ في الّذينَ أرَى مُلُوكاً
فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ