RAMADAN

Tuesday, June 24, 2025

قصة هدبة بن الخشرم سمعتها من درس للشيخ سعيد الكملي رقم 333 المعاد بتاريخ 2025/2/2




قصة هدبة بن الخشرم



هدبة بن الخشرم أصله من قبيلة عذرة، القبيلة المشهورة بالحب توافق آنّه حج و كان هدبة صاحب زيادة بن زيد العذرىّ، وهما مقبلان من الشأم فى نفر من قومهما، فكانوا يتعاقبون السّوق بالإبل، فنزل زيادة يسوق بأصحابه، فرجز فقال:

عوجى علينا واربعى يا فاطما ... ما دون أن يرى البعير قائما
ألا ترين الدّمع منى ساجما ... حذار دار منك أن تلائما

وكانت فاطمة هذه آخت هدبة، فاستشاط غضبا أنّه شبّب بها و خاصة آن فاطمة كانت معهم تسمع قول زيادة، فنزل هدبة فساق بالقوم، ورجز بأخت زيادة، وكان يقال لها أمّ القاسم، فقال:

متى تظنّ القلص الرّواسما ... يبلغن أمّ قاسم وقاسما 
خودا كأنّ البوص والمآكما ... منها نقا مخالط صرائما
لا يشفى الفؤاد الهائما ... تمساحك اللّبّات والمعاصما
ولا اللّمام دون أن تلازما ... ولا الّلزام دون أن تفاقما
وتعلق القوائم القوائما

فتشاتما، فلمّا وصلا إلى ديارهما جمع زيادة رهطا من أهل بيته، فضرب هدبة على ساعده، وشجّ أباه خشرما. 
فلم يزل هدبة يطلب غرّة من زيادة، حتى أصابها، فقتله، وتنحّى مخافة السلطان، وعلى المدينة يومئذ سعيد بن العاص، فأرسل إلى عمّ هدبة وأهله فحبسهم فى المدينة، فلما بلغ ذلك هدبة أقبل حتى أمكن من نفسه، و خلّص عمّه وأهله من السجن.
‏كره سعيد بن العاص ‏أن يحكم بينهم لعدم قبولهم الدية و مطالباتهم بالقصاص فدفع بهدبة إلى خليفة المسلمين في ذلك الوقت وهو معاوية بن أبي سفيان ‏فكلم هدبة بما نسب إليه من تهمة فقال في ذلك شعرا من ضمنه

‏رمينا فرامينا فصادف رمينا … ‏منايا سهام في كتاب و قدر

‏فقال له معاوية أراك قد اعترفت بذلك، لكنه كره ان يقتل هدبة و ظن به لأنه كان رجلا عظيما ‏فقال لهم معاوية هل تقبلون بالدية فقالوا لا نقبل فقال هل له من ولد فقالو نعم المسور ولكنه صغير فأمر معاوية بهدبة إلى السجن حتى يبلغ المسور ثم يقتل أو يعفو ويقال أنه سجن ثلاث سنوات و قيل سبع، و في فترة سجنه زاره بعض اصدقائه فقال:

أَلا عَلِّلاني قَبلَ نَوحِ النَوائِحِ … وَقبلَ اطِّلاعِ النَفسِ بَينَ الجَوانِحِ
وَقَبلَ غَدٍ يا لَهفَ نَفسي عَلى غَدٍ … إِذا راحَ أَصحابي وَلَستُ بِرائِحِ
إِذا راحَ أَصحابي بِفَيضِ دُموعِهِم … وغُودِرتُ في لَحدٍ عَليَّ صَفائِحي
يَقولونَ هَل أَصلَحتُمُ لأَخيكُمُ … وَما الرَمسُ في الأَرضِ القِواءِ بِصالِحِ
يَقولونَ لا تَبعُد وَهُم يَدفِنونَني … وَليسَ مَكانُ البُعدِ إِلا ضَرائِحي

و قال ايضاً عندما زاره صديقه أبو نمير و قد كان مكتئبا حزينا عليه:

طَرِبتَ وأَنتَ أَحياناً طَروبُ … وَكيفَ وَقَد تعَلّاكَ المَشيبُ
يُجِدّ النأَيُ ذِكرَكِ في فؤَادي … إِذا ذَهِلَت عَنِ النأي القُلوبُ
يؤَرِّقُني اكتِئابُ أَبي نُمَيرٍ … فَقَلبي مِن كآبَتِهِ كَئيبُ
فَقُلتُ لَهُ هَداكَ اللَهُ مَهلاً … وَخَيرُ القَولِ ذو اللُّبِّ المُصيبُ
عَسى الكَربُ الَّذي أَمسَيتُ فيهِ … يَكونُ وَراءَهُ فَرَجٌ قَريبُ
فَيأَمنَ خائِفٌ ويُفَكَّ عانٍ … وَيأَتي أَهلَهُ النائي الغَريبُ
أَلا لَيتَ الرياحَ مُسَخَّراتٌ … بِحاجَتِنا تُباكِرُ أَو تَؤوبُ
فَتُخبِرنا الشَمالُ إِذا أَتَتنا … وَتُخبِر أَهلَنا عَنّا الجَنُوبُ
فإِنّا قَد حَلَلنا دارَ بَلوى … فَتُخطِئُنا المَنايا أَو تُصِيبُ
فإِن يَكُ صَدرُ هَذا اليَومِ وَلّى … فإِنَّ غَداً لِناظِرِهِ قَريبُ
وَقَد عَلِمَت سُليَمى أَنَّ عودي … عَلى الحَدَثانِ ذو أَيدٍ صَليبُ
وأَنَّ خَليقَتي كَرَمٌ وأَنّي … إِذا أَبدَت نَواجِذَها الحروبُ
أُعينُ عَلى مَكارِمها وَأَغشى … مَكارِهَها إِذا كَعَّ الهَيوبُ
وأَنّي في العَظائِمِ ذو غَناءٍ … وأُدعى لِلفعالِ فأَستَجيبُ
وأَنّي لا يَخافُ الغَدرَ جاري … وَلا يَخشى غوائِلي الغَريبُ
وَكَم مِن صاحِبٍ قَد بانَ عنّي … رُميتُ بِفَقدِهِ وَهوَ الحَبيبُ
فَلَم أُبدِ الَّذي تَحنوا ضُلوعي … عَليهِ وإِنَّني لأَنا الكَئيبُ
مَخافَةَ أَن يَراني مُستَكيناً … عَدوٌ أَو يُساءَ بِهِ قَريبُ
وَيَشمَتَ كاشِحٌ وَيَظُنَّ أَنّي … جَزوعٌ عِندَ نائِبَةٍ تَنوبُ
فَبَعدَكَ سَدَّتِ الأَعداءُ طُرقاً … إِليَّ وَرابَني دَهرٌ يَريبُ
وأَنكَرتَ الزَمانَ وَكُلَّ أَهلي … وَهَرَّتني لِغيبِتكَ الكَليبُ
وَكُنتُ تُقَطَّعُ الأَبصارُ دوني … وإِن وَغِرَت مِنَ الغَيظِ القُلوبُ
وَقَد أَبقى الحَوادِثُ مِنكَ رُكناً … صَليباً ما تؤَيِّسُهُ الخُطوبُ
عَلى أَنَّ المَنيَّةَ قَد توافي … لِوَقتٍ والنوائِبُ قَد تَنوبُ

و لما سيق هدبه الى القتل نظر في وجه زوجته و قد كانت من أجمل نساء العرب وجها و قال:

فلا تنكحى إن فرّق الدّهر بيننا ... أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا
ضروبا بلحييه على عظم زوره ... إذا القوم هشّوا للفعال تقنّعا

فأخدت سكينا و جدعت أنفها و قالت: ‏أتظن بعدك زواجا، فقال الأن طاب لي الموت و أخد يمشي في قيده فنظر فرأى أبيه و أمه فقال:

أَبلياني اليَومَ صَبراً مِنكُما … إِنَّ حُزناً مِنكُما عاجِلُ ضُر
لا أَرى ذا المَوتَ إِلّا هَيِّناً … إِنَّ بَعدَ المَوتِ دارَ المُستَقَر
اصبِرا اليَومَ فإِني صابِرٌ … كُلُّ حَيٍّ لِقَضاءِ وَ قَدَر

ثم نظر إلى القوم و قال

إِن تَقتلوني في الحَديدِ فإِنَّني … قَتَلتُ أَخاكُم مُطلَقاً لَم يُقَيَّدِ

فأمرو بنزع الأغلال عنه ثم ان معاوية كلم المسور في العفو و الدية و كاد ان يقبل لولا قول أمه له والله لو قبلت غير القصاص لتزوجت قاتل أبيك فتقول العرب قتل اباه و نكح أمه فخشي المسور ان يصبح سبة بين العرب.
عندها ‏طلب هدبة السماح له بأن يصلي ركعتين ‏فسمح له بذلك فصلي ركعتين و خففهما ولم يطل بهما ‏ثم قام وقال و الله لولا أن تقولوا خفت من الموت لأطلت وإني بحاجة لأن اطيل ثم انثنى على ركبتيه فسلم عبد الرحمن اخو زيادة السيف للمسور ابن زيادة ‏فنظر إليه هدبة وقال اضرب ها هنا وشد عليه يدك ‏فإني قد يتمتك صغيرا و رملت أمك شابة فضربه فقتله بضربتين.

 

Friday, June 13, 2025

أَشْعَبُ الطَّمَعُ في سير أعلام النبلاء شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي و كتاب جمع الجواهر في الملح والنوادر للحصري القيرواني



سير أعلام النبلاء


الذهبي - شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي
[ ص: 66 ] أَشْعَبُ الطَّمَعُ
ابْنُ جُبَيْرٍ الْمَدَنِيُّ ، يُعْرَفُ بِابْنِ أُمِّ حُمَيْدَةَ وَمَنْ يُضْرَبُ بِطَمَعِهِ الْمَثَلُ .

رَوَى قَلِيلًا عَنْ : عِكْرِمَةَ ، وَسَالِمٍ ، وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ .

وَعَنْهُ : مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ . وَكَانَ صَاحِبَ مُزَاحٍ وَتَطْفِيلٍ ، وَمَعَ ذَلِكَ كُذِبَ عَلَيْهِ .

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ : عَبِثَ بِهِ صِبْيَانٌ ، فَقَالَ : وَيَحَكُمُ ، اذْهَبُوا ، سَالِمٌ يُفَرِّقُ تَمْرًا ، فَعَدَوْا ، فَعَدَا مَعَهُمْ ، وَقَالَ : لَعَلَّهُ حَقٌّ .

وَيُقَالُ : وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ .

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ فَايِدٍ : حَدَّثَنَا أَشْعَبُ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ عُثْمَانُ : ضُعِّفَ .

وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ : حَدَّثَنَا أَشْعَبُ ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لِلَّهِ عَلَى عَبْدِهِ نِعْمَتَانِ ، وَسَكَتَ أَشْعَبُ ، فَقَالَ : اذْكُرْهُمَا . قَالَ : وَاحِدَةٌ نَسِيَهَا عِكْرِمَةُ ، وَالْأُخْرَى أَنَا . [ ص: 67 ]

قِيلَ : إِنَّ أَشْعَبَ خَالُ الْأَصْمَعِيِّ .

وَعَنْ سَالِمٍ أَنَّهُ قَالَ لِأَشْعَبَ : إِنِّي أَرَى الشَّيْطَانَ لَيَتَمَثَّلُ عَلَى صُورَتِكَ ، وَكَانَ رَآهُ بُكْرَةً ، وَأَطْعَمَهُ هَرِيسَةً ، ثُمَّ بَعْدَ سَاعَتَيْنِ رَآهُ مُصْفَرًّا عَاصِبًا رَأْسَهُ ، بِيَدِهِ قَصَبَةٌ ، قَدْ تَحَامَلَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ .

قَالَ الزُّبَيْرُ : قِيلَ لِأَشْعَبَ : نُزَوِّجُكَ ؟ قَالَ : ابْغُونِي امْرَأَةً أَتَجَشَّى فِي وَجْهِهَا تَشْبَعْ ، وَتَأْكُلُ فَخِذَ جَرَادَةٍ تَنْتَخِمُ .

وَقِيلَ : أَسْلَمَتْهُ أُمُّهُ عِنْدَ بَزَّازٍ ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ : مَا تَعَلَّمْتَ ؟ قَالَ : نِصْفَ الشُّغْلِ ، تَعَلَّمْتُ النَّشْرَ ، وَبَقِيَ الطَّيُّ . وَقِيلَ : شَوَى رِجْلَ دَجَاجَةٍ ، ثُمَّ رَدَّهَا ، فَسَخِنَتْ ، ثُمَّ رَدَّهَا . فَقَالَ أَشْعَبُ : هَذِهِ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ، النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَقِيلَ : لَقِيَ دِينَارًا فَاشْتَرَى بِهِ قَطِيفَةً ، ثُمَّ نَادَى : يَا مَنْ ضَاعَ مِنْهُ قَطِيفَةٌ .

وَيُقَالُ : دَعَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : أَنَا خَبِيرٌ بِكَثْرَةِ جُمُوعِكَ . قَالَ : لَا أَدْعُو أَحَدًا ، فَجَاءَ ، إِذْ طَلَعَ صَبِيٌّ ، فَقَالَ أَشْعَبُ : أَيْنَ الشَّرْطُ ؟ قَالَ : يَا أَبَا الْعَلَاءِ ! هُوَ ابْنِي ، وَفِيهِ عَشْرُ خِصَالٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مَعَ ضَيْفٍ قَالَ : كَفَى ، التِّسْعُ لَكَ ، أَدْخِلْهُ .

وَعَنْهُ : قَالَ : أَتَتْنِي جَارِيَتِي بِدِينَارٍ ، فَجَعَلْتُهُ تَحْتَ الْمُصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ تَطْلُبُهُ ، فَقُلْتُ : خُذِي مَا وَلَدَ ، فَوَجَدَتْ مَعَهُ دِرْهَمًا ، فَأَخَذَتِ الْوَلَدَ ، [ ص: 68 ] ثُمَّ عَادَتْ بَعْدَ جُمْعَةٍ ، وَقَدْ أَخَذْتُهُ ، فَبَكَتْ ، فَقُلْتُ : مَاتَ النَّوْبَةَ فِي النِّفَاسِ . فَوَلْوَلَتْ ، فَقُلْتُ : صَدَّقْتِ بِالْوِلَادَةِ ، وَلَا تُصَدِّقِينَ بِالْمَوْتِ .

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ : أَوْقَفَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَلَى أَشْعَبَ ، فَقَالَ : مَا بَلَغَ مِنْ طَمَعِكَ ؟ قَالَ : مَا زُفَّتِ امْرَأَةٌ إِلَّا كَنَسْتُ بَيْتِي رَجَاءَ أَنْ تُهْدَى إِلَيَّ . وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ : أَنَّ أَشْعَبَ مَرَّ بِمَنْ يَعْمَلُ طَبَقًا ، فَقَالَ : وَسِّعْهُ ، لَعَلَّهُمْ يُهْدُونَ لَنَا فِيهِ . وَمَرَرْتُ يَوْمًا ، فَإِذَا هُوَ وَرَائِي ، قُلْتُ : مَا بِكَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ قَلَنْسُوَتَكَ مَائِلَةً ، فَقُلْتُ : لَعَلَّهَا تَقَعُ فَآخُذُهَا . قَالَ : فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا .



قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ : قَالَ أَشْعَبُ : مَا خَرَجْتُ فِي جِنَازَةٍ ، فَرَأَيْتُ اثْنَيْنِ يَتَسَارَّانِ ، إِلَّا ظَنَنْتُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِي بِشَيْءٍ . وَقِيلَ : إِنَّهُ كَانَ يُجِيدُ الْغِنَاءَ . يُقَالُ : مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ

[من ملح أشعب]

قيل لأشعب الطماع: لقد لقيت التابعين وكثيراً من الصحابة، فهل رويت مع علو سنك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم حدثني عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلتان لا تجتمعان في مؤمن. قيل: وما هما؟ قال: نسيت واحدةً، ونسي عكرمة الأخرى.

وقيل له: كم كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر رطلاً.

وهذا كما قيل لطفيلي: كم اثنين في اثنين؟ قال: أربعة أرغفة.

وسألته صديقة له خاتماً وقالت له: أذكرك به. قال: اذكري أنك سألتني فمنعتك.

وساوم بقوس بندق، فقال صاحبها: بدينار، فقال: والله لو كنت إذا رميت بها طائراً وقع مشوياً بين رغيفين ما اشتريتها بدينار.

وأهدى رجل من ولد عامر بن لؤي إلى إسماعيل الأعرج فالوذجة وأشعب حاضر فقال: كل يا أشعب، فأكل منها، فقال له: كيف تراها؟ قال: الطلاق يلزمه إن لم تكن عملت قبل أن يوحي ربك إلى النحل، أي ليس فيها حلاوة.

وبأشعب هذا يضرب المثل في الطمع. قال الشاعر

إني لأعجب من مطالك أعجب ... من طول تردادي إليك وتكذب
وتقول لي تأتي وتحلف كاذباً ... فأجيء من طمعٍ إليك وأذهب
فإذا اجتمعت أنا وأنت بمجلسٍ ... قالوا مسيلمة وهذا أشعب

وقيل له: أرأيت أطمع منك؟ قال: نعم كلبة آل أبي فلان، رأت شخصاً يمضغ علكاً، فتبعته فرسخاً تظن أنه يرمي لها بشيء من الخبز.

ومر أشعب برجل يعمل طبقاً من الخيزران؛ فقال له: أريد أن تزيد فيه طوقاً أو طوقين. قال: فما فائدتك؟ قال: لعل أحداً من أشراف المدينة يهدي لنا فيه شيئاً.

وكان أشعب يعشق امرأة بالمدينة ويتحدث فيها حتى عرف بها، فقال لها جاراتها: لو سألته شيئاً؟ فأتاها يوماً فقالت: إن جاراتي يقلن ما يصلك بشيء. فخرج عنها ولم يقربها شهرين. ثم أتاها فأخرجت له قدحاً فيه ماء، فقالت له: اشرب هذا للفزع! فقال: بل أنت اشربيه للطمع، ومضى فلم يعد إليها.

وأشعب هذا: هو أشعب بن جبير مولى عبد الله بن الزبير، وكان أحلى الناس مفاكهةً.

قال الزبير بن بكار: أهل المدينة يقولون: تغير كل شيء من الدنيا إلا ملح أشعب، وخبز أبي الغيث، ومشية برة. وكان أبو الغيث يعالج الخبز بالمدينة؛ وبرة بنت سعد بن الأسود؛ وكانت من أجمل النساء وأحسنهن مشية.

وكان أشعب قد نشأ في حجر عائشة بنت عثمان بن عفان رضي الله عنه مع أبي الزناد. قال أشعب: فلم يزل يعلو وأسفل حتى بلغنا الغاية.


قال: وأسلمته عائشة إلى من يعلمه البز؛ فسألته بعد سنة أين بلغت؟ قال: نصف العمل وبقي نصفه، قالت له: كيف؟ قال: تعلمت النشر وبقي الطي.

وكان أشعب أطيب الناس غناء، وأكثرهم ملحاً، ونسك في آخر عمره ومات على ذلك رحمه الله تعالى. وكان يوم قتل عثمان غلاماً يسقي الماء وبقي إلى خلافة المهدي.


وخرج سالم بن عبد الله متنزهاً إلى ناحية من نواحي المدينة ومعه أهله وحرمه، فبلغ أشعب الخبر، فوافاهم يريد التطفيل؛ فصادف الباب مغلقاً، فتسور الحائط عليهم. فقال له سالم: ويلك يا أشعب! معي بناتي وحرمي! فقال له أشعب: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق، وإنك لتعلم ما نريد. فضحك منه وأمر له بطعام أكله وحمل منه إلى منزله.

وكان يقول: ما أحسست قط بجار لي يطبخ قدراً إلا غسلت الغضار، وكسرت الخبز، وانتظرته يحمل إلي قدره

Wednesday, June 11, 2025

النمر بن تولب تصابى وأمسى علاه الكبر


 

تَصابى وَأَمسى عَلاهُ الكِبَر                                             وَأَمسى لِجمرَةَ حَبلٍ غَرَر

وَشابَ وَلا مَرحَباً بِالبَياضِ                                           وَالشَيبِ مِن غائِبٍ يَنتَظِر

فَلَو أَنَّ جَمرَةَ تَدنو لَهُ                                             وَلَكِنَّ جَمرَةَ مِنهُ سَفَر

سَلامُ الإِلَهِ وَرَيحانُهُ                                              وَرَحمَتُهُ وَسَماءٌ دَرَر

غَمامُ يُنَزِّلُ رِزقَ العِبادِ                                            فَأَحيا البِلادَ وَطابَ الشَجَر

أَرى الناسَ قَد أَحدَثوا شيمَةً                                            وَفي كُلِّ حادِثَةٍ يُؤتَمَر

يُهينونَ مَن حَقَّروا سَيبَهُ                                                  وَإِن كانَ فيهِم يَفي أَو يَبَر

وَيُعجِبُهُم مَن رَأَوا عِندَهُ                                                   سَواماً وَإِن كانَ فيهِ الغَمَر

أَلا يا لِذا الناسِ لَو يَعلَمونَ                                                لِلخَيرِ خَيرٍ وَلِلشَرِّ شَر

فَيَومٌ عَلَينا وَيَومٌ لَنا                                                              وَيَومٌ نُساءُ وَيَومٌ نُسَر

  

Monday, June 9, 2025

قطري بن الفجاءة أقول لها وقد طارت شعاعا



قطري بن الفجاءة  أقول لها وقد طارت شعاعا

 

   أَقولُ لَها وَقَد طارَت شَعاعاً                           مِنَ الأَبطالِ وَيحَكَ لَن تُراعي

     فَإِنَّكِ لَو سَأَلتِ بَقاءَ يَومٍ                               عَلى الأَجَلِ الَّذي لَكِ لَم تُطاعي

فَصَبراً في مَجالِ المَوتِ صَبراً                       فَما نَيلُ الخُلودِ بِمُستَطاعِ

     وَلا ثَوبُ البَقاءِ بِثَوبِ عِزٍّ                             فَيُطوى عَن أَخي الخَنعِ اليُراعُ

سَبيلُ المَوتِ غايَةُ كُلِّ حَيٍّ                           فَداعِيَهُ لِأَهلِ الأَرضِ داعي

وَمَن لا يُعتَبَط يَسأَم وَيَهرَم                           وَتُسلِمهُ المَنونُ إِلى اِنقِطاعِ

وَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ                               إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ 

===========================

قطري (أبو نعامة) ابن الفجاءة (وأسمه جعونة) ابن مازن بن يزيد الكناني المازني التميمي. من رؤساء الأزارقة (الخوارج) وأبطالهم. من أهل (قطر) بقرب (البحرين) كان خطيباً فارساً شاعراً. استفحل أمره في زمن مصعب بن الزبير، لما ولي العراق نيابة عن أخيه عبد الله. وبقي قطريّ ثلاث عشرة سنة يقاتل ويسلَّم عليه بالخلافة وإمارة المؤمنين. والحجاج بن يوسف يسيّر إليه جيشاً بعد جيش، وهو يردهم ويظهر عليهم. وكانت كنيته في الحرب أبا نعامة (ونعامة فرسه) وفي السلم أبا محمد. قال صاحب سنا المهتدي في وصفه: (كان طامة كبرى وصاعقة من صواعق الدنيا في الشجاعة والقوة وله مع المهالبة وقائع مدهشة، وكان عربياً فصيحاً مفوهاً وسيداً وعزيزاً، وشعره في الحماسة كثير). وهو صاحب الأبيات المشهورة التي أولها:|#أقول لها وقد طارت شعاعاً=من الأبطال ويحك لا تراعي|اختلف المؤرخون في مقتله، فقيل: عثر به فرسه، فاندقت فخذه، فمات، وجئ برأسه إلى الحجاج. وقيل: توجه إليه سفيان ابن الأبرد الكلبي، فقاتله وقتل في المعركة، بالري أو بطبرستان.