شرح
الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن
أحمد بن شهاب الدين بن محمد الزرقاني المالكي (ت
١١٢٢هـ)
فإذا نزل سيدنا عيسى- عليه
الصلاة والسلام- فإنما يحكم بشريعة نبينا- صلى الله عليه وسلم-
وليس فى الرسل من يتبعه رسول
له كتاب إلا نبينا- صلى الله عليه وسلم-، وكفى بهذا شرفا لهذه الأمة المحمدية
زادها الله شرفا.
فالحمد لله الذى خصنا بهذه
الرحمة، وأسبغ علينا هذه النعمة، ومنّ علينا بما عمنا به من الفضائل الجمة، ونوّه
بنا فى كتابه العزيز بقوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ فتأمل قوله كُنْتُمْ أى فى اللوح المحفوظ، وقيل: كنتم فى علم الله. فينبغى
لمن هو من هذه الأمة المحمدية أن يتخلق بالأخلاق الزكية، ليثبت له ما لهذه الأمة
الشريفة من الأوصاف المرضية، ويتأهل لما لها من الخيرية
ومنها: أنهم أوتوا الإسناد،
وهو خصيصة فاضلة من خصائص هذه
الأمة، وسنة بالغة من السنن المؤكدة. وقد روينا من طريق أبى العباس الدغولى قال:
سمعت محمد بن حاتم بن المظفر يقول: إن الله قد أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها
بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هو صحف فى
أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة
والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التى اتخذوها عن غير الثقات.
وهذه الأمة الشريفة- زادها
الله شرفا بنبيها- إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف فى زمانه بالصدق والأمانة عن
مثله حتى تتناهى أخبارهم، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط
فالأضبط، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين
وجها وأكثر، حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطوا حروفه ويعدوه عدّا، فهذا من فضل
الله على هذه الأمة، فنستودع الله تعالى شكر هذه النعمة وغيرها من نعمه
وقال أبو حاتم الرازى: لم يكن
فى أمة من الأمم منذ خلق الله تعالى آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا فى هذه
الأمة، انتهى.
قال ابن العربي في شرح
الترمذي: لم يكن قط في أمة من الأمم من انتهى إلى حد هذه الأمة من التصرف في
التصنيف والتحقيق، ولا جاراها في مداها من التفريع والتدقيق، وتصنيف الكتب، وتدوين
العلوم، وحفظ سنة نبيهم، أي: أقواله وأفعاله، فتدوين العلوم، وتصنيفها، وتقرير
القواعد، وكثرة التفريع وفرض ما لم يقع، وبيان حكمه، وتفسير القرآن والسنة،
واستخراج علوم الأدب، وتتبع كلام العرب أمر مندوب إليه، وأهله خير الخليقة.
وقال العراقي في شرح المحصول:
من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الواحد من أمته يحصل له في العمر القصير من
العلوم والفهوم ما لم يحصل لأحد من الأمم السابقة في العمر الطويل، ولهذا تهيأ
للمجتهدين من هذه الأمة من العلوم، والاستنباطات، والمعارف ما تقصر عنه أعمارهم
انتهى.
وقال قتادة: أعطى الله هذه
الأمة من الحفظ ما لم يعطه أحدًا من الأمم، خاصة خصهم بها، وكرامة أكرمهم بها،
انتهى
أحد عشر أمرًا تلحق بعد الموت
نظمها السيوطي، فقال:
إذا مات ابن آدم ليس يجري …
عليه من فعال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل … وغرس
نخل والصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط ثغر … وحفر
البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي … إليه
أو بناء محل ذكر
وتعليم لقرآن كريم … فخذها من
أحاديث بحصر
ولا يرد أن هذه أحد عشر،
فينافي قوله غير عشر؛ لأنه نوع التاسع لشيئين، أو ترجم لشيء وزاد عليه، أو قال
البيت الأخير بعد ذلك، ويدل له أنه بخطه في شرح ابن ماجه لم يذكر الأخير، وهو
وتعليم لقرآن
وقال تعالى: إِنَّا
أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ السورة. قال الإمام فخر الدين ابن الخطيب: فى هذه السورة
كثير من الفوائد، منها: أنها كالتتمة لما قبلها من السور، وذلك لأن الله تعالى جعل
سورة (والضحى) فى مدح نبينا- صلى الله عليه وسلم-، وتفصيل أحواله، فذكر فى أولها
ثلاثة أشياء تتعلق بنبوته وهى قوله: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى وَلَلْآخِرَةُ
خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ثم ختمها كذلك بأحوال ثلاثة فيما يتعلق
بالدنيا، وهى قوله تعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضَالًّا أى عن علم الحكم والأحكام فَهَدى وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى . ثم ذكر فى سورة أَلَمْ نَشْرَحْ أنه تعالى شرفه- صلى الله عليه وسلم- بثلاثة
أشياء وهى أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ أى: ألم نفسحه حتى وسع مناجاة الحق ودعوة
الخلق، وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ . أى
عناءك الثقيل الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ
وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ وهكذا سورة سورة، حتى قال: إِنَّا أَعْطَيْناكَ
الْكَوْثَرَ أى أعطيناك هذه المناقب
المتكاثرة التى كل واحدة منها أعظم من ملك الدنيا بحذافيرها. وإذ أنعمنا عليك بهذه
النعم فاشتغل بطاعتنا ولا تبال بقولهم. ثم إن الاشتغال بالعبادة إما أن يكون
بالنفس وهو قوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ، وإما بالمال وهو قوله: وَانْحَرْ
ولله در القائل:
إنا لنفرح بالأيام نقطعها …
وكل يوم مضى نقص من الأجل
صفات ذات الله سبحانه وتعالى
وعز وجل " الثمانية، منظومة في قوله:
حياة وعلم قدرة وإرادة … وسمع
وأبصار كلام مع البقا
والعمه في البصيرة، والعمى في
البصر
قيل ثلاثة تضني: رسول يضيء
وسراج لا يضيء ومائدة ينتظر إليها من يجيء
وروى العسكري عن الحسن: لا
تغتر يا ابن آدم، بقوله: أنت مع من أحببت، فمن أحب قومًا اتبع آثارهم، واعلم أنك
لن تلحق بالأخيار حتى تتبع آثارهم، وحتى تأخذ بهديهم، وتقتدي بسنتهم، وتصبح وتمسي
على مناهجهم، حرصًا على أن تكون منهم
اعلم أن المحبة- كما قال صاحب
«المدارج» - هى المنزلة التى يتنافس فيها المتنافسون، وإليها يشخص العاملون، وإلى
علمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها تروح العابدون، فهى قوت
القلوب، وغذاء الأرواح وقرة العيون، وهى الحياة التى من حرمها فهو من جملة
الأموات، والنور الذى من فقده فهو فى بحار الظلمات، والشفاء الذى من عدمه حلت
بقلبه جميع الأسقام. واللذة التى من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، وهى روح
الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال التى متى خلت منها فهى كالجسد الذى لا روح
فيه، تحمل أثقال السائرين إلى بلد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيه، وتوصلهم إلى
منازل لم يكونوا أبدا بدونها واصليها، وتبوئهم من مقاعد الصدق إلى مقامات لم
يكونوا لولا هى داخليها، وهى مطايا القوم التى سراهم فى ظهورها دائما إلى الحبيب،
وطريقهم الأقوم الذى يبلغهم إلى منازلهم الأولى من قريب، تالله لقد ذهب أهلها بشرف
الدنيا والآخرة، إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب، وقد قدر الله يوم قدر مقادير
الخلائق بمشيئته وحكمته البالغة أن المرء مع من أحب، فيا لها من نعمة على المحبين سابغة، لقد سبق القوم السعاة وهم على ظهور
الفرش نائمون، ولقد تقدموا الركب بمراحل وهم فى سيرهم واقفون.
من لى بمثل سيرك المذلل …
تمشى رويدا وتجيى فى الأول
أجابوا مؤذن الشوق إذ نادى
بهم حى على الفلاح، فى الأول أنفسهم فى طلب الوصول إلى محبوبهم، وكان بذلهم بالرضا
والسماح، وواصلوا إليه المسير بالإدلاج والغدو والرواح، ولقد حمدوا عند وصولهم
مسراهم، وإنما يحمد القوم السرى عند الصباح.
قال الحكيم- وهو محمود
الوراق- كما أفاده المحاسبى فى كتابه «القصد والرجوع» :
تعصى الإله وأنت تظهر حبه …
هذا لعمرى فى القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته … إن
المحب لمن يحب مطيع
وقال جرير:
سرت الهموم فبتن غير نيام … وأخو
الهموم يروم كل مرام
ومتى تفعل الكثير من الخير
إذا كنت تاركًا لأقله
وينبغى اجتناب التطبب بأعداء
الدين، من يهودى أو نحوه، فإنه مقطوع بغشه سيما إن كان المريض كبيرا فى دينه أو
علمه، خصوصا إن كان هذا العدو يهوديّا، لأن قاعدة دينهم: أن من نصح منهم مسلما فقد
خرج عن دينه، وأن من استحل السبت فهو مهدر الدم عندهم، حلال لهم سفك دمه، ولا ريب
أن من خاطر بنفسه يخشى عليه أن يدخل فى عموم النهى فيمن قتل نفسه بشئ. وقد كثر
الضرر فى هذا الزمن بأهل الذمة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، والله
تعالى يرحم القائل
لعن النصارى واليهود فإنهم …
بلغوا بمكرهم بنا الآمالا
خرجوا أطباء وحسابا لكى …
يتقسموا الأرواح والأموالا
قلت (من قام بتصحيح النسخة):
رحم الله المسلمين الآن، فأين هم من هذه النصائح، وللأسف نجد من بيننا الآن من
يدافع عنهم وعن عقائدهم الباطلة ويقربهم إلينا، ويقولون: إن العلم ليس له دين ولا
وطن، وقد كذبوا فى قولهم، ولو فاقوا إلى أنفسهم لعرفوا الحق الذى لا مرية فيه
اعلم أن ضرر الذنوب فى القلوب
كضرر السموم فى الأبدان، على اختلاف درجاتها فى الضرر. وهل فى الدنيا والآخرة شر
وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصى، فللمعاصى من الآثار القبيحة المذمومة والمضرة
بالقلب والبدن والدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله.
فمنها: حرمان العلم، فإن
العلم نور يقذفه الله فى القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور، وللإمام الشافعى- رضى
الله عنه-:
شكوت إلى وكيع سوء حفظى …
فأرشدنى إلى ترك المعاصى
وقال اعلم بأن العلم نور …
ونور الله لا يؤتاه عاصى
ومنها: حرمان الرزق، ففى
المسند: وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه «حسن: أخرجه أحمد فى «المسند» (5/ 277
و 280 و 282) ، وابن حبان فى «صحيحه» (872) من حديث ثوبان- رضى الله عنه-، وقال
شعيب الأرناؤوط: حديث حسن. اهـ. وانظر «ضعيف الجامع» (1452)
» .
ومنها: وحشة يجدها العاصى فى
قلبه، بينه وبين الله، لا يوازيها ولا يقاربها لذة.
ومنها: تعسير أموره عليه، فلا
يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه، أو متعسرا عليه.
ومنها: ظلمة يجدها فى قلبه
حقيقة يحس بها، كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا أدلهم، وكلما قويت الظلمة ازدادت
حيرته حتى يقع فى البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر، ثم تقوى هذه
الظلمة حتى تعلو الوجه وتصير سوادا فيه، يراها كل أحد.
ومنها: أنها توهن القلب
والبدن.
ومنها: حرمان الطاعة، وتقصير
العمر، ومحق البركة، ولا يمتنع زيادة العمر بأسباب، كما ينقص بأسباب، وقيل: بتأثير
المعاصى فى محق العمر إنما
هو بأن حقيقة الحياة هى
حياة القلب، فليس عمر المرء إلا أوقات حياته بالله، فتلك ساعات عمره، فالبر
والتقوى والطاعات تزيد فى هذه الأوقات التى هى حقيقة عمره، ولا عمر له سواها.
وبالجملة: فالعبد إذا أعرض عن الله، واشتغل بالمعاصى ضاعت عليه أيام حياته
الحقيقة.
ومنها: أن المعصية تورث الذل.
ومنها: أنها تفسد العقل، فإن
للعقل نورا، والمعصية تطفئ نور العقل.
ومنها: أنها تزيل النعم وتحل
النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب وَما
أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ
كَثِيرٍ وقد أحسن القائل:
إذا كنت فى نعمة فارعها … فإن
الذنوب تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد … فرب
العباد سريع النقم
ومن عقوباتها أنها تستجلب
مواد هلاك العبد فى دنياه وآخرته، فإن الذنوب هى أمراض متى استحكمت قتلت ولابد،
وكما أن البدن لا يكون صحيحا إلا بغذاء يحفظ قوته، واستفراغ يستفرغ المواد الفاسدة
الأخلاط الرديئة التى متى غلبت عليه أفسدته، وحمية يمتنع بها من تناول من يؤذيه
ويخشى ضرره فكذلك القلب، لا تتم حياته إلا بغذاء من الإيمان والأعمال الصالحة يحفظ
قوته، واستفراغ بالتوبة النصوح يستفرغ المواد الفاسدة والأخلاط الرديئة التى متى
غلبت عليه أفسدته، وحمية توجب له حفظ الصحة، وتجنب ما يضادها، وهى عبارة عن ترك
استعمال ما يضاد الصحة، والتقوى اسم متناول لهذه الأمور الثلاثة، فما فات منها فات
من التقوى بقدره.
وإذا تبين هذا فالذنوب مضادة
لهذه الأمور الثلاثة، فإنها تستجلب المواد المؤذية، وتوجب التخليط المضاد للحمية،
وتمنع الاستفراغ بالتوبة النصوح
فانظر إلى بدن عليل قد تراكمت
عليه الأخلاط ومواد المرض، وهو لا يستفرغها ولا يحتمى لها، كيف تكون صحته وبقاؤه،
وقد أحسن القائل:
جسمك بالحمية حصنته … مخافة
من ألم طارى
وكان أولى بك أن تحتمى … من
المعاصى خشية النار
فمن حفظ القوة بامتثال
الأوامر، واستعمل الحمية باجتناب النواهى، واستفرغ التخليط بالتوبة النصوح، لم يدع
للخير مطلبا، ولا للشر مهربا، وفى حديث أنس: «ألا أدلكم على دائكم ودوائكم، ألا إن
داءكم الذنوب، ودواءكم الاستغفار» « ضعيف: أخرجه الديلمى فى مسند الفردوس عن أنس،
كما فى «كنز العمال» (2092)» . فقد ظهر لك أن طب القلوب ومعالجتها لا سبيل إلى
معرفته إلا من جهة الرسول- صلى الله عليه وسلم- بواسطة الوحى
وقد أحسن القائل" هو أبو
الحسن الكندي القاضي فيما أسنده عنه البيهقي:
"إذا
كنت في نعمة فارعها … فإن الذنوب تزيل النعم"
وفي رواية فإن المعاصي بدل
الذنوب.
"وحطها
بطاعة رب العباد … فرب العباد سريع النقم"
(أي أحفظها)
وإياك والظلم مهما استطعت …
فظلم العباد شديد الوخم
وسافر بقلبك بين الورى …
لتبصر آثار من قد ظلم
فتلك مساكنهم بعدهم … شهود
عليهم ولا تتهم
وما كان شيء عليهم أضر … من
الظلم وهو الذي قد قصم
فكم تركوا من جنان ومن … قصور
وأخرى عليهم أطم
صلوا بالجحيم وفات النعيم …
وكان الذي نابهم كالحلم
وقد يشهد لصدر الأبيات قوله
صلى الله عليه وسلم: "ما عظمت نعمة الله على عبد إلا عظمت مؤنة الناس عليه،
فمن لم يحتمل تلك المؤنة فقد عرض تلك النعمة للزوال"، رواه البيهقي وأبو يعلى
والعسكري عن معاذ، وللطبراني والبيهقي عن ابن عمر، رفعه: "إن لله أقوامًا
اختصهم بالنعم لمنافع يقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، فحولها إلى
غيرهم"، وللبيهقي عن أبي هريرة، رفعه: "ما من عبد لله عليها نعمة أسبغها
عليه إلا جعل إليه شيئًا من حوائج الناس، فإن تبرم بهم فقد عرض تلك النعمة
للزوال"، قال السخاوي: وبعضها يؤكد بعضًا.
وعن الفضيل بن عياض:
"أما علمتم أن حاجة الناس إليكم نعمة من الله عليكم، فاحذروا أن تملوا النعم
فتصير نقمًا" أخرجه البهيقي
ولقد أحسن القائل":
"جسمك
بالحمية حصنته … مخافة من ألم طاري
وكان أولى بك أن تحتمي … عن
المعاصي خشية النار"
أين أنت من آيات الشفاء؟ هى
فى ستة مواضع من كتاب الله، وهى قوله تعالى:
وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ
مُؤْمِنِينَ «سورة التوبة: 14»
وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ
«سورة يونس: 57» .
يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها
شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ «سورة النحل: 69» .
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ
ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ «سورة الإسراء: 82» .
وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ
يَشْفِينِ«سورة الشعراء: 80» .
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
هُدىً وَشِفاءٌ «سورة فصلت: 44»
وذكر عن أبى عبد الله الساجى
أنه كان فى بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارهة، فكان فى الرقة رجل عائن قل
ما نظر إلى شئ إلا أتلفه، فقيل لأبى عبد الله: احفظ ناقتك من العائن، فقال ليس له
إلى ناقتى سبيل، فأخبر العائن بقوله، فتحين غيبة أبى عبد الله، فجاء إلى رحله فنظر
إلى الناقة فاضطربت وسقطت، فجاء أبو عبد الله فأخبر أن العائن قد عانها وهى كما
ترى. فقال: دلونى عليه، فوقف عليه فقال: بسم الله حبس حابس، وحجر يابس، وشهاب
قابس، رددت عين العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه، فارجع البصر هل ترى من فطور، ثم
ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير. فخرجت حدقتا العائن وقامت
الناقة لا بأس بها» .
انتهى.
إن الطبيب بطبه ودوائه … لا
يستطيع دفع نحب قد أتى
ما للطبيب يموت بالداء الذي …
قد كان يبرئ غيره فيما مضى
وقال آخر:
إن الطبيب لذو عقل ومعرفة …
ما دام في أجل الإنسان تأخير
حتى إذا ما انقضت أيام مدته …
حار الطبيب وخانته العقاقير
لو فتش العالم لم ير فيه إلا
مبتلى إما بفوات محبوب أو حصول مكروه، وإن سرور
الدنيا أحلام نوم، أو ظل زائل، إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا، وإن سرت يوما
أساءت دهرا، وإن متعت قليلا منعت طويلا، وما ملأت دارا حبرة إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور، إلا خبأت
له يوم شرور.
قال ابن مسعود: لكل فرحة
ترحة، وما ملئ بيت فرحا إلا ملئ ترحا.
قول ابن رواحة:
وفينا رسول الله يتلو كتابه …
إذا انشق معروف من الصبح ساطع
أرانا الهدى بعد العمى
فقلوبنا … به موقنات أن ما قال واقع
وقال حسان بن ثابت:
نبى يرى ما لا يرى الناس حوله
… ويتلو كتاب الله فى كل مشهد
فإن قال فى يوم مقالة غائب …
فتصديقها فى ضحوة اليوم أو غد
No comments:
Post a Comment