ولقد أحسن العباس بْن عُبَيْد بْن يعيش حيث يقول
كم من أخ لك لم يلده أبوكا ... وأخ أبوه أبوك قد يجفوكاصاف الكرام إذا أردت إخاءهم ... وأعلم بأن أخا الحفاظ أخوكا
كم إخوة لك لم يلدك أبوهم ... وكأنما آباءهم ولدوكا
لو كنت تحملهم على مكروهة ... تخشى الحتوف بها لما خذلوكا
وأقارب لو أبصروك معلقا ... بنياط قلبك ثم مَا نصروكا
الناس ما استغنيت كنت أخالهم ... وإذا افتقرت إليهم فضحوكا
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه الواجب على العاقل أن يعلم أن الغرض من المؤاخاة ليس الاجتماع والمؤاكلة والمشاربة والسراق يداخلون الرجال على التقارف ولا يزدادون بذلك مودة ولكن من أسباب المؤاخاة التي يجب على المرء لزومها مشي القصد وخفض الصوت وقلة الإعجاب ولزوم التواضع وترك الخلاف ولا يجب للمرء أن يكثر على إخوانه المؤونات فيبرمهم لأن المرضع إذا كثر مصه ربما ضجرت أمه فتلقيه ولا ينبغي لمن قدر أن يمنع أخاه شيئا يحتاج إليه ليجبر به مصيبته أو يفرج به كربته والعاقل لا يؤاخي لئيما لأن اللئيم كالحية الصماء لا يوجد عندها إلا اللدغ والسم ولا يصل اللئيم ولا يؤاخي إلا عَن رغبة أو رهبة والكريم يود الكريم على لقية واحدة ولو لم يلتقيا بعدها أبدا
وأنشدني مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم البصري بصور لنفسه
... لا يغرنك صديق أبدا ... لك في المنظر حتى تخبره
كم صديق كنت منه في عمى ... غرني منه زمانا منظره
كان يلقاني بوجه طلق ... وكلام كاللآلي ينثره
فإذا فتشته عَن غيبه ... لم أجد ذاك لود يضمره
فدع الإخوان إلا كل من ... يضمر الود كما قد يظهره
فإذا فزت بمن يجمع ذا ... فاجعلنه لك ذخرا تذخره
No comments:
Post a Comment