RAMADAN

Saturday, May 11, 2019

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل لفاضل صالح السامرائي (جزاه الله خيراً)



لو فُتح القلبُ المقفل، وأُوقد السراجُ المُعطَّل، وأشرقت بالنور حنايا لم تكن تعرف النور، ولامست فؤادك نفحةٌ من روح الملك القدوس، وهبَّت على أوديةِ نفسك، نسمةٌ من عالم الروح، وسمعتَ صوتاً يملأ نفسك، قادماً من بعيد، من الملأ الأعلى يقول: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمنوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله وَمَا نَزَلَ مِنَ الحق} [الحديد: 16] . {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [القمر: 17] . فقفَّ شعرُ بدنك، واقشعرّ جلدك، ومار فؤادك، وتحركت السواكن، واضطرب بين جنبيك ما اضطرب، والتهب فيه ما التهب، وانهمرت الدموع تسيلُ في شعاب القلوب التي قتلها الظمأ، وأقفرها الجفاف، تغسل الأوضار وتروي حبات القلب وتُندِّي اليَبَسَ وتُحيي المواتَ فعند ذاك تذوقُ ما لم تَعهدْ له مَذَاقاً ولا طعماً، وتحسُّ ما لم يكن لك فيه سابقُ معرفةٍ، ولا إحساس، وتصيحُ بكل جوارحك قائلاً: والله لقد آن! والله لقد آن! وعند ذاك تعرفُ ما أقول وتفهمُ ما أُشير إليه، ولكن أنّى لي أنْ أُوصِلَكَ إلى هذا؟!
وكيف أُوصلُكَ وأنا المنقطعُ، وأُعطيك وأنا المحروم؟ ولا حولَ ولا قوة إلا بالله.
إنما هي دلائلُ أضعها في الطريق وإشارات وصُوى، وشيء من خافت النورِ في مصباحٍ ناضبِ الزيت، غير ناقعِ الفتيل، عسى اللهُ أن ينفع بها سالكاً، ويجنِّب العثار سارياً في الليل البَهيم؛ فتنالنا منه دعوةٌ صالحة تنفعنا في عَرَصات القيامة.
وفي الختام لا أجدُ خيراً من أن أُوصيك ما أوصى به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صاحبه أبا ذر، وليكن ذلك منك على ذِكْرٍ وإياك أن تنساه:
يا أبا ذر أَحْكمِ السفينةَ فإنَّ البحرَ عميق
وخَفِّفِ الحملَ فإنَّ العَقبةَ كَؤُود
وأكثرِ الزادَ فإنَّ السفرَ طويل
وأخلصِ العملَ فإنَّ الناقدَ بصير.

No comments: