RAMADAN

Saturday, May 10, 2025

قصيدة قل للطبيب للشاعر إبراهيم علي بديوي يرحمه الله


قل للطبيب تخطفته يد ردى يا شافيا الامراض من ارداك ***قل للمريض نجى وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاك 

قل للصحيح يموت لا من علة من بالمنايا يا صحيح دهاك*** قل للبصير وكان يحذر حفرة فهوى بها من ذا الذي أهواك 

بل سائل الأعمى خطى بين الزحام بلا اصطدام من يقود خطاك*** قل للجنين يعيش معزولا بلا راع ومرعا مالذي يرعاك 

قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء لدى الولادة مالذي أبكاك ***وإذا ترى الثعبان ينفث سمه فاسأله من ذا بالسموم حشاك 

واسأله كيف تعيش ياثعبان أو تحيا وهذا السم يملأ فاك ***واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداوقل للشهد من حلاك 

بل سائل اللبن المصفى كان بين دم وفرث ماالذي صفاك ***وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا ميت فسأله من أحياك

 قل للمرير من الثمار من اللذي بالمر من دون الثمار غذاك*** وإذا رأيت النخل مشقوق النوى فاسأله من يانخل شق نواك 

وإذا رأيت النار شب لهيبها فاسأل لهيب النار من أوراك*** وإذا ترى الجبل الأشم مناطحا قمم السحاب فسله من أرساك

 وإذا ترى صخرا تفجر بالمياه فأسأله من بالماء شق صفاك*** وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال جرا فسله من الذي أجراك

 وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج طغى فسلة من الذي أطغاك*** وإذا رأيت الليل يغشى داجيا فاسأله من ياليل حاك دجاك 

وإذا رأيت الصبح يسفر ضاحيا فاسأله من ياصبح فاض ضحاك*** ستجيب مافي الكون من أياته عجب عجاب لو ترى عيناك

 ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمدا وليس لواحد إلاك ***ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمدا وليس لواحد إلاك

يامدرك الأبصار والأبصار لا تدري له ولكنهه إدراكا ***إن لم تكن عيني تراك فإنني في كل شيء أستبين علاك

 يامنبت الأزهار عاطرة الشذى ما خاب يوما من دعا ورجاك ***يا مجري الأنهار عاذبة الندى ما خاب يوما من دعا ورجاك 

يا أيها الإنسان مهلا ما الذي بالله جل جلاله أغراك 

يا أيها الإنسان مهلا ما الذي بالله جل جلاله أغراك 

يا أيها الإنسان مهلا ما الذي بالله جل جلاله أغراك 

Sunday, April 20, 2025

من كتاب بهجة المجالس وأنس المجالس لأبي عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر



قال سعيد بن المسيب: لا خير فيمن لا يكسب المال ليكفَّ به وجهه، ويؤدِّي به أمانته، ويصل به رحمه.

قال محمود الوراق:

هاك الدّليل لمن أرا ... د غنىً يدوم بغير مال

وأراد عزَّاً لم توطِّ ... ده العشائر بالقتال

ومهابةً من غير سل ... لطانٍ وجاهاً في الرِّجال

فليعتصم دخوله ... في عزِّ طاعة ذي الجلال

وخروجه من ذلَّة ال ... معاصي له في كلِّ حال

قال محمود الوراق:

لبست صروف الدَّهر كهلاً وناشئاً ... وجرَّبت حالي على العسر واليسر

فلم أر بعد الدِّين خيراً من الغنى ... ولم أر بعد الكفر شراً من الفقر

وقال الخليل بن أحمد:

ما أسمج النُّسك بسأل ... وأقبح البخل بذي المال

من كان محتاجاً إلى أهله ... هان على ابن العمِّ والخال

ما وقع الإنسان في ورطةٍ ... أزرى به من رقَّة الحال

 

وقال آخر:

تغرَّبت عن أهلي أؤمِّل ثروةً ... فلم أعط آمالي وطال التَّغرُّب

فما للفتى المحتال في الرِّزق حيلةٌ ... ولا لجدودٍ جدَّها الله مذهب

سل الله الإياب من المغيب ... فكم قد ردَّ مثلك من غريب

سلِّ الهمَّ عنك بحسن ظنٍ ... ولا تيأس من الفرج القريب

أراد أعرابي السفر فقال لامرأته - وقيل إنه الحطيئة -:

عدِّي الِّسنين لغيبتي وتصبَّري ... وذري الشُّهور فإنَّهنَّ قصار

فأجابته:

اذكر صبابتنا إليك وشوقنا ... وارحم بناتك إنَّهنَّ صغار

فأقام وترك سفره.

وقال آخر:

وقالت وعيناها تفيضان عبرةً ... أيا أملي خبِّر متى أنت راجع

فقلت لها تالله يدري مسافرٌ ... إذا أضمرته الأرض ما الله صانع

وقال آخر:

حتَّى متى أنا في حلٍّ وترحال ... وطول سعىٍ وإدبارٍ وإقبال

ونازح الدَّار لا أنفكُّ مغترباً ... عن الأحبَّة لا يدرون ما حالي

بمشرق الأرض طوراً ثمَّ مغربها ... لا يخطر الموت من حرصي على بالي

ولو قنعت أتاني الرِّزق في دعةٍ ... إنَّ القنوع الغنى لا كثرة المال

أنشد الأصمعي لحاجب الفيل اليشكري:

لمَّا رأت بنتي بأنِّي مزمعٌ ... بترحُّلٍ من أرضها فمودِّع

ورأت ركابي قرِّبت لرحالها ... قالت وغرب العين منها يدمع

أبتا أتتركنا وتذهب تائهاً ... في الأرض تخفضك البلاد وترفع

فيضيع صبيتك الّذين تركتهم ... بمضيمةٍ في المصر لم يترعرعوا

فيهم صغيرٌ ليس ينفع نفسه ... وصغيرةٌ تبكي وطفلٌ يرضع

إنَّا سنرضى ما أقمت بعيشنا ... ما كان من شيءٍ نجوع ونشبع

والله يرزقنا فنرضى رزقه ... وكفى بحسن معيشة من يقنع

إنَّا إذا ما غبت عنَّا لم نجد ... ممَّا تخلَّف عندنا ما ينفع

تجفو موالينا ويعرض جارنا ... وقريبنا الأدنى يعزُّ ويقطع

ونخاف أن تلقاك وشك منيّةٍ ... فيصيبنا الأمر الجليل المفظع

فنصير بعدك ليس يرفع بيتنا ... ويذلُّنا أعداؤنا ونضيَّع

هذا الرَّحيل وأمرنا ما قد ترى ... فمتى تؤوب إلى الصِّغار وترجع

فخنقت من قول الصِّغار بعبرةٍ ... كاد الفؤاد لقولهم يتصدَّع

وأجبتها صبراً بنيَّة واعلمي ... أن ليس يعدو يومه من يجزع

 

  

المواهب اللدنية بالمنح المحمدية 5 المؤلف: أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري، أبو العباس، شهاب الدين (ت ٩٢٣هـ)



قال عياض: البر مشترك بين الصلة والصدق واللطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة، وهذه يجمعها حسن الخلق، أي يستلزمها، ولذا قال صلى الله عليه وسلم في حديث النواس: "البر حسن الخلق". "والشك ما لم يستقر" يثبت ويرسخ "في الصدر" بل تحرك وخطر، ولم يمازج نور القلب ولم يطمئن إليه، "فدع" أترك "ما يريبك إلى ما لا يريبك". "بفتح الياء وضمها فيهما، والفتح أكثر" رواية: وأفصح، أي أترك ما اعترض لك الشك فيه منقلبا إلى ما شك فيه، فإذا شككت في كون الشيء حسنا أو قبيحا أو حلالا أو حراما فاركه، واعدل إلى ما تيقنت حسنه وحله والأمر للندب، لأن اتقاء الشبهات مستحب لا واجب على الأصح، لحديث: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". "وإن أفتاك المفتون"، أي جعلوا لك رخصة، وذلك لأن على قلب المؤمن نورا يتقد، فإذا ورد عليه الحق التقى هو ونور القلب فامتزجا وائتلفا، فاطمأن القلب وهش، وإذا ورد عليه الباطل نفر نور القلب، ولم يمازجه، فاضطرب القلب.

قال القرطبي: وإنما أحاله في الجواب على هذا الإدراك القلبي، لعلمه بجودة فهمه وتنوير قلبه، كما في الحديث الآخر: "العلم حزار القلوب"، أي القلوب المنشرحة للإيمان، المستضيئة بنور العلم، التي قال فيها مالك: العلم نور يضعه الله حيث شاء، وهذا الجواب لا يحسن لغليظ الطبع يعيد الفهم، وإنما يحسن أن يجاب، بأن يفسر له الأوامر والنواهي وأحكام الشرع.

وقال غيره: الكلام في نفوس ماتت منها الشهوات وزالت عنها حجب الظلمات، لا في النفوس المرتكبة في الكدورات المحفوظة بحجب اللذات، فإنها تطمئن إلى الشك والجهل، أو تسكن إليه وتستقر فيها، فليس لأهل التخليط من هذه العلامات شيء لأن الحق لا يثبت إلا في قلوب طاهرة، وكذا الحكمة واليقين.

 

والله الموفق للصواب" سبحانك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ما شاء الله لا قوة إلا بالله، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين

 

 

وقالت عائشة: قام- صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، وفى رواية: حتى تفطرت قدماه، فقلت: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا» قالت: فلما بدن وكثر شحمه- صلى الله عليه وسلم صلى جالسا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع «1» . رواه البخارى ومسلم.

والفاء فى قوله: «أفلا أكون» للسببية، وهى عن محذوف تقديره: أأترك تهجدى؟ فلا أكون عبدا شكورا، والمعنى: إن المغفرة سبب لكون التهجد شكرا، فكيف أتركه؟

قال ابن بطال: فى هذا الحديث أخذ الإنسان على نفسه بالشدة فى العبادة، وإن أضر ذلك ببدنه، لأنه إذا فعل ذلك مع علمه بما سبق له، فكيف بمن لا يعلم، فضلا عمن لم يأمن أنه استحق النار. انتهى.

ومحل ذلك- كما قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى- ما لم يفض ذلك إلى الملال، لأن حال النبى- صلى الله عليه وسلم كانت أكمل الأحوال، فكان لا يمل من عبادة ربه، وإن أضر ذلك ببدنه، بل صح أنه- صلى الله عليه وسلم قال: «وجعلت قرة عينى فى الصلاة»  كما أخرجه النسائى من حديث أنس، فأما غيره- صلى الله عليه وسلم فإذا خشى الملل ينبغى له أن لا يكد نفسه، وعليه يحمل قوله- صلى الله عليه وسلم:

«خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا»  انتهى.

لكن ربما دست النفس أو الشيطان على المجتهد فى العبادة بمثل ما ذكر، خصوصا إذا كبر، فيقول: قد ضعفت وكبرت فأبق على نفسك لئلا ينقطع عملك بالكلية، وهذا وإن كان ظاهره جميلا لكن فيه دسائس، فإنه إن أطاعه فقد يكون استدراجا يئول به إلى ترك العمل شيئا فشيئا، إلى أن ينقطع بالكلية، وما ترك سيد المرسلين، المغفور له، شيئا من عمله بعد كبره.

نعم كان يصلى بعض ورده جالسا بعد أن كان يقوم حتى تفطرت قدماه، فكيف بمن أثقلت ظهره الذنوب والأوزار، ولا يأمن عذاب النار، أن يغافل حال شيبته، ويتوانى عند ظهور شيبه فينبغى للإنسان أن يستعد قبل حلول مشيبه. «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك»  فإن من شاب فقد لاح صبح سواد ليل شعره، وقد قال تعالى منذرا لمن يدخل فى الصباح: إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ «2» فكيف بقرب من دخل فى الصباح، وظهر كوكب نهاره فى أفق رأسه ولاح؟!

قال القرطبى: ظن من سأله- صلى الله عليه وسلم عن سبب تحمله المشقة فى العبادة أنه إنما يعبد الله خوفا من الذنوب، وطلبا للمغفرة والرحمة، فمن تحقق أنه غفر له لا يحتاج إلى ذلك، فأفادهم أن هناك طريقا آخر للعبادة، وهو الشكر على المغفرة، وإيصال النعمة لمن لا يستحق عليه فيها شيئا، فيتعين كثرة الشكر على ذلك، والشكر: الاعتراف بالنعمة والقيام بالخدمة، فمن كثر ذلك سمى شكورا، ومن ثم قال الله تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ

 

 أعياد المسلمين فى الدنيا، كلها عند إكمال طاعات مولاهم الملك الوهاب، وحيازتهم لما وعدهم من جزيل الأجر والثواب، فليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعاته تزيد، وليس العيد لمن تجمل باللباس والمركوب، وإنما العيد لمن غفرت له الذنوب، فى ليلة العيد تفرق خلع العتق والمغفرة على العبيد، فمن ناله منها شئ فهو له عيد، وإلا فهو مطرود بعيد.

وأما أعياد المؤمنين فى الجنة، فهى أيام زيارتهم ربهم عز وجل، فيزورونه ويكرمهم غاية الإكرام، ويتجلى لهم فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئا هو أحب إليهم من ذلك وهو الزيارة، فليس للمحب عيد سوى قرب محبوبه.

إن يوما جامعا شملى بهم … ذاك عيدى ليس لى عيد سواه

 

 

وقوله: «من باب كان نحو دار القضاء» هى دار عمر بن الخطاب وسميت بذلك لأنها بيعت فى قضاء دينه وكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم طال ذلك، فقيل: دار القضاء.

 

ورحم الله الشقراطيسى فلقد أحسن حيث قال:

دعوت للخلق عام المحل مبتهلا … أفديك بالخلق من داع ومبتهل

صعّدت كفيك إذ كفّ الغمام فما … صوبت إلا بصوب الواكف الهطل

أراق بالأرض ثجا صوب ريقه … فحل بالروض نسجا رائق الحلل

زهر من النور حلت روض أرضهم … زهرا من النّور صافى النبت مكتمل

من كل غصن نضير مورق خضر … وكل نور نضيد مونق خضل

تحية أحيت الأحياء من مضر … بعد المضرة تروى السبل بالسبل

دامت على الأرض سبعا غير مقلعة … لولا دعاؤك بالإقلاع لم تزل

 

 

وعن أنس بن مالك قال: جاء أعرابى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أتيناك وما لنا صبى يغط، ولا بعير يئط- أى ما لنا بعير أصلا لأن البعير لا بد أن يئط- وأنشد:

أتيناك والعذراء يدمى لبانها … وقد شغلت أم الصبى عن الطفل

وألقى بكفيه الفتى لاستكانة … من الجوع ضعفا ما يمر ولا يحلى

ولا شئ مما يأكل الناس عندنا … سوى الحنظل العامى والعلهز الغسل

وليس لنا إلا إليك فرارنا … وأين فرار الناس إلا إلى الرسل

فقام- صلى الله عليه وسلم يجر رداءه، حتى صعد المنبر، فرفع يديه إلى السماء ثم قال: «اللهم اسقنا غيثا مغيثا مربعا غدقا طبقا نافعا غير ضار، عاجلا غير رائث، تملأ به الضرع وتنبت به الزرع، وتحيى به الأرض بعد موتها» قال: فما رد- صلى الله عليه وسلم يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأبراقها، وجاء أهل البطانة يضجون: الغرق الغرق، فقال- صلى الله عليه وسلم: «حوالينا ولا علينا» فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل. وضحك- صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: «لله در أبى طالب، لو كان حيّا لقرت عيناه. من ينشدنا قوله؟» فقال على: يا رسول الله كأنك تريد قوله:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل

تطيف به الهلاك من آل هاشم … فهم عنده فى نعمة وفواضل

كذبتم وبيت الله نبزى محمدا … ولما نطاعن حوله ونناضل

ونسلمه حتى نصرع حوله … ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فقال: «أجل» رواه البيهقى

وقوله: «يدمى لبانها» أى يدمى صدرها لامتهانها نفسها فى الخدمة حيث لا تجد ما تعطيه من يخدمها من الجدب وشدة الزمان، وأصل اللبان من الفرس موضع اللبب ثم استعير للناس. وقوله: «ما يمر وما يحلى» أى ما ينطق بخير ولا بشر من الجوع والضعف. وقوله: «سوى الحنظل العامى» نسبة إلى العام، لأنه يتخذ فى عام الجدب، كما قالوا للجدب: السنة. «والعلهز» بالكسر، طعام كانوا يتخذونه من الدم ووبر البعير فى سنى المجاعة. قاله الجوهرى. و «الغسل» الرذل، قال السهيلى: فإن قلت: كيف قال أبو طالب «وأبيض يستسقى الغمام بوجهه» ولم يره قط يستسقى، وإنما كان ذلك منه بعد الهجرة؟

وأجاب بما حاصله: أن أبو طالب أشار إلى ما وقع فى زمن عبد المطلب، حيث استسقى لقريش والنبى- صلى الله عليه وسلم معه وهو غلام. انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون أبو طالب مدحه بذلك لما رأى من مخايل ذلك فيه، وإن لم يشاهد ذلك فيه. انتهى.

قلت: وقد أخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة، وهم فى قحط، فقالت قريش: يا أبا طالب، أقحط الوادى وأجدب العيال وأنت فيهم أما تستسقى؟ فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنه سحابة قتماء، وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ الغلام بأصبعه وما فى السماء قزعة، فأقبل السحاب من ها هنا وها هنا، وأغدق واغدودق وانفجر له الوادى وأخصب النادى والبادى، وفى ذلك يقول أبو طالب «وأبيض يستسقى الغمام بوجهه» انتهى.

  

Saturday, March 15, 2025

المواهب اللدنية بالمنح المحمدية 2 المؤلف: أحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري، أبو العباس، شهاب الدين (ت ٩٢٣هـ)

شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن شهاب الدين بن محمد الزرقاني المالكي (ت ١١٢٢هـ)


فإذا نزل سيدنا عيسى- عليه الصلاة والسلام- فإنما يحكم بشريعة نبينا- صلى الله عليه وسلم-

وليس فى الرسل من يتبعه رسول له كتاب إلا نبينا- صلى الله عليه وسلم-، وكفى بهذا شرفا لهذه الأمة المحمدية زادها الله شرفا.

فالحمد لله الذى خصنا بهذه الرحمة، وأسبغ علينا هذه النعمة، ومنّ علينا بما عمنا به من الفضائل الجمة، ونوّه بنا فى كتابه العزيز بقوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ فتأمل قوله كُنْتُمْ أى فى اللوح المحفوظ، وقيل: كنتم فى علم الله. فينبغى لمن هو من هذه الأمة المحمدية أن يتخلق بالأخلاق الزكية، ليثبت له ما لهذه الأمة الشريفة من الأوصاف المرضية، ويتأهل لما لها من الخيرية

 

ومنها: أنهم أوتوا الإسناد،

وهو خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة، وسنة بالغة من السنن المؤكدة. وقد روينا من طريق أبى العباس الدغولى قال: سمعت محمد بن حاتم بن المظفر يقول: إن الله قد أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هو صحف فى أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التى اتخذوها عن غير الثقات.

وهذه الأمة الشريفة- زادها الله شرفا بنبيها- إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف فى زمانه بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها وأكثر، حتى يهذبوه من الغلط والزلل، ويضبطوا حروفه ويعدوه عدّا، فهذا من فضل الله على هذه الأمة، فنستودع الله تعالى شكر هذه النعمة وغيرها من نعمه

وقال أبو حاتم الرازى: لم يكن فى أمة من الأمم منذ خلق الله تعالى آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا فى هذه الأمة، انتهى.

قال ابن العربي في شرح الترمذي: لم يكن قط في أمة من الأمم من انتهى إلى حد هذه الأمة من التصرف في التصنيف والتحقيق، ولا جاراها في مداها من التفريع والتدقيق، وتصنيف الكتب، وتدوين العلوم، وحفظ سنة نبيهم، أي: أقواله وأفعاله، فتدوين العلوم، وتصنيفها، وتقرير القواعد، وكثرة التفريع وفرض ما لم يقع، وبيان حكمه، وتفسير القرآن والسنة، واستخراج علوم الأدب، وتتبع كلام العرب أمر مندوب إليه، وأهله خير الخليقة.

وقال العراقي في شرح المحصول: من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الواحد من أمته يحصل له في العمر القصير من العلوم والفهوم ما لم يحصل لأحد من الأمم السابقة في العمر الطويل، ولهذا تهيأ للمجتهدين من هذه الأمة من العلوم، والاستنباطات، والمعارف ما تقصر عنه أعمارهم انتهى.

وقال قتادة: أعطى الله هذه الأمة من الحفظ ما لم يعطه أحدًا من الأمم، خاصة خصهم بها، وكرامة أكرمهم بها، انتهى

 

أحد عشر أمرًا تلحق بعد الموت نظمها السيوطي، فقال:

إذا مات ابن آدم ليس يجري … عليه من فعال غير عشر

علوم بثها ودعاء نجل … وغرس نخل والصدقات تجري

وراثة مصحف ورباط ثغر … وحفر البئر أو إجراء نهر

وبيت للغريب بناه يأوي … إليه أو بناء محل ذكر

وتعليم لقرآن كريم … فخذها من أحاديث بحصر

ولا يرد أن هذه أحد عشر، فينافي قوله غير عشر؛ لأنه نوع التاسع لشيئين، أو ترجم لشيء وزاد عليه، أو قال البيت الأخير بعد ذلك، ويدل له أنه بخطه في شرح ابن ماجه لم يذكر الأخير، وهو وتعليم لقرآن

 

 

وقال تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ السورة. قال الإمام فخر الدين ابن الخطيب: فى هذه السورة كثير من الفوائد، منها: أنها كالتتمة لما قبلها من السور، وذلك لأن الله تعالى جعل سورة (والضحى) فى مدح نبينا- صلى الله عليه وسلم-، وتفصيل أحواله، فذكر فى أولها ثلاثة أشياء تتعلق بنبوته وهى قوله: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى  ثم ختمها كذلك بأحوال ثلاثة فيما يتعلق بالدنيا، وهى قوله تعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى  وَوَجَدَكَ ضَالًّا  أى عن علم الحكم والأحكام فَهَدى  وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى  . ثم ذكر فى سورة أَلَمْ نَشْرَحْ  أنه تعالى شرفه- صلى الله عليه وسلم- بثلاثة أشياء وهى أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ أى: ألم نفسحه حتى وسع مناجاة الحق ودعوة الخلق، وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ  . أى عناءك الثقيل الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ  وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ وهكذا سورة سورة، حتى قال: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ  أى أعطيناك هذه المناقب المتكاثرة التى كل واحدة منها أعظم من ملك الدنيا بحذافيرها. وإذ أنعمنا عليك بهذه النعم فاشتغل بطاعتنا ولا تبال بقولهم. ثم إن الاشتغال بالعبادة إما أن يكون بالنفس وهو قوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ، وإما بالمال وهو قوله: وَانْحَرْ

 

ولله در القائل:

إنا لنفرح بالأيام نقطعها … وكل يوم مضى نقص من الأجل

 

صفات ذات الله سبحانه وتعالى وعز وجل " الثمانية، منظومة في قوله:

حياة وعلم قدرة وإرادة … وسمع وأبصار كلام مع البقا

 

والعمه في البصيرة، والعمى في البصر

 

قيل ثلاثة تضني: رسول يضيء وسراج لا يضيء ومائدة ينتظر إليها من يجيء

 

وروى العسكري عن الحسن: لا تغتر يا ابن آدم، بقوله: أنت مع من أحببت، فمن أحب قومًا اتبع آثارهم، واعلم أنك لن تلحق بالأخيار حتى تتبع آثارهم، وحتى تأخذ بهديهم، وتقتدي بسنتهم، وتصبح وتمسي على مناهجهم، حرصًا على أن تكون منهم

اعلم أن المحبة- كما قال صاحب «المدارج» - هى المنزلة التى يتنافس فيها المتنافسون، وإليها يشخص العاملون، وإلى علمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها تروح العابدون، فهى قوت القلوب، وغذاء الأرواح وقرة العيون، وهى الحياة التى من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذى من فقده فهو فى بحار الظلمات، والشفاء الذى من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام. واللذة التى من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، وهى روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال التى متى خلت منها فهى كالجسد الذى لا روح فيه، تحمل أثقال السائرين إلى بلد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيه، وتوصلهم إلى منازل لم يكونوا أبدا بدونها واصليها، وتبوئهم من مقاعد الصدق إلى مقامات لم يكونوا لولا هى داخليها، وهى مطايا القوم التى سراهم فى ظهورها دائما إلى الحبيب، وطريقهم الأقوم الذى يبلغهم إلى منازلهم الأولى من قريب، تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة، إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب، وقد قدر الله يوم قدر مقادير الخلائق بمشيئته وحكمته البالغة أن المرء مع من أحب، فيا لها من نعمة  على المحبين سابغة، لقد سبق القوم السعاة وهم على ظهور الفرش نائمون، ولقد تقدموا الركب بمراحل وهم فى سيرهم واقفون.

من لى بمثل سيرك المذلل … تمشى رويدا وتجيى فى الأول

أجابوا مؤذن الشوق إذ نادى بهم حى على الفلاح، فى الأول أنفسهم فى طلب الوصول إلى محبوبهم، وكان بذلهم بالرضا والسماح، وواصلوا إليه المسير بالإدلاج والغدو والرواح، ولقد حمدوا عند وصولهم مسراهم، وإنما يحمد القوم السرى عند الصباح.

 

قال الحكيم- وهو محمود الوراق- كما أفاده المحاسبى فى كتابه «القصد والرجوع» :

تعصى الإله وأنت تظهر حبه … هذا لعمرى فى القياس بديع

لو كان حبك صادقا لأطعته … إن المحب لمن يحب مطيع

‌‌وقال جرير:

سرت الهموم فبتن غير نيام … وأخو الهموم يروم كل مرام

 

ومتى تفعل الكثير من الخير إذا كنت تاركًا لأقله

وينبغى اجتناب التطبب بأعداء الدين، من يهودى أو نحوه، فإنه مقطوع بغشه سيما إن كان المريض كبيرا فى دينه أو علمه، خصوصا إن كان هذا العدو يهوديّا، لأن قاعدة دينهم: أن من نصح منهم مسلما فقد خرج عن دينه، وأن من استحل السبت فهو مهدر الدم عندهم، حلال لهم سفك دمه، ولا ريب أن من خاطر بنفسه يخشى عليه أن يدخل فى عموم النهى فيمن قتل نفسه بشئ. وقد كثر الضرر فى هذا الزمن بأهل الذمة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، والله تعالى يرحم القائل

لعن النصارى واليهود فإنهم … بلغوا بمكرهم بنا الآمالا

خرجوا أطباء وحسابا لكى … يتقسموا الأرواح والأموالا

قلت (من قام بتصحيح النسخة): رحم الله المسلمين الآن، فأين هم من هذه النصائح، وللأسف نجد من بيننا الآن من يدافع عنهم وعن عقائدهم الباطلة ويقربهم إلينا، ويقولون: إن العلم ليس له دين ولا وطن، وقد كذبوا فى قولهم، ولو فاقوا إلى أنفسهم لعرفوا الحق الذى لا مرية فيه

 

اعلم أن ضرر الذنوب فى القلوب كضرر السموم فى الأبدان، على اختلاف درجاتها فى الضرر. وهل فى الدنيا والآخرة شر وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصى، فللمعاصى من الآثار القبيحة المذمومة والمضرة بالقلب والبدن والدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله.

فمنها: حرمان العلم، فإن العلم نور يقذفه الله فى القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور، وللإمام الشافعى- رضى الله عنه-:

شكوت إلى وكيع سوء حفظى … فأرشدنى إلى ترك المعاصى

وقال اعلم بأن العلم نور … ونور الله لا يؤتاه عاصى

ومنها: حرمان الرزق، ففى المسند: وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه «حسن: أخرجه أحمد فى «المسند» (5/ 277 و 280 و 282) ، وابن حبان فى «صحيحه» (872) من حديث ثوبان- رضى الله عنه-، وقال شعيب الأرناؤوط: حديث حسن. اهـ. وانظر «ضعيف الجامع» (1452)

» .

ومنها: وحشة يجدها العاصى فى قلبه، بينه وبين الله، لا يوازيها ولا يقاربها لذة.

ومنها: تعسير أموره عليه، فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه، أو متعسرا عليه.

ومنها: ظلمة يجدها فى قلبه حقيقة يحس بها، كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا أدلهم، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع فى البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر، ثم تقوى هذه الظلمة حتى تعلو الوجه وتصير سوادا فيه، يراها كل أحد.

ومنها: أنها توهن القلب والبدن.

ومنها: حرمان الطاعة، وتقصير العمر، ومحق البركة، ولا يمتنع زيادة العمر بأسباب، كما ينقص بأسباب، وقيل: بتأثير المعاصى فى محق العمر إنما

‌‌هو بأن حقيقة الحياة هى حياة القلب، فليس عمر المرء إلا أوقات حياته بالله، فتلك ساعات عمره، فالبر والتقوى والطاعات تزيد فى هذه الأوقات التى هى حقيقة عمره، ولا عمر له سواها. وبالجملة: فالعبد إذا أعرض عن الله، واشتغل بالمعاصى ضاعت عليه أيام حياته الحقيقة.

ومنها: أن المعصية تورث الذل.

ومنها: أنها تفسد العقل، فإن للعقل نورا، والمعصية تطفئ نور العقل.

ومنها: أنها تزيل النعم وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ  وقد أحسن القائل:

إذا كنت فى نعمة فارعها … فإن الذنوب تزيل النعم

وحطها بطاعة رب العباد … فرب العباد سريع النقم

ومن عقوباتها أنها تستجلب مواد هلاك العبد فى دنياه وآخرته، فإن الذنوب هى أمراض متى استحكمت قتلت ولابد، وكما أن البدن لا يكون صحيحا إلا بغذاء يحفظ قوته، واستفراغ يستفرغ المواد الفاسدة الأخلاط الرديئة التى متى غلبت عليه أفسدته، وحمية يمتنع بها من تناول من يؤذيه ويخشى ضرره فكذلك القلب، لا تتم حياته إلا بغذاء من الإيمان والأعمال الصالحة يحفظ قوته، واستفراغ بالتوبة النصوح يستفرغ المواد الفاسدة والأخلاط الرديئة التى متى غلبت عليه أفسدته، وحمية توجب له حفظ الصحة، وتجنب ما يضادها، وهى عبارة عن ترك استعمال ما يضاد الصحة، والتقوى اسم متناول لهذه الأمور الثلاثة، فما فات منها فات من التقوى بقدره.

وإذا تبين هذا فالذنوب مضادة لهذه الأمور الثلاثة، فإنها تستجلب المواد المؤذية، وتوجب التخليط المضاد للحمية، وتمنع الاستفراغ بالتوبة النصوح

فانظر إلى بدن عليل قد تراكمت عليه الأخلاط ومواد المرض، وهو لا يستفرغها ولا يحتمى لها، كيف تكون صحته وبقاؤه، وقد أحسن القائل:

جسمك بالحمية حصنته … مخافة من ألم طارى

وكان أولى بك أن تحتمى … من المعاصى خشية النار

فمن حفظ القوة بامتثال الأوامر، واستعمل الحمية باجتناب النواهى، واستفرغ التخليط بالتوبة النصوح، لم يدع للخير مطلبا، ولا للشر مهربا، وفى حديث أنس: «ألا أدلكم على دائكم ودوائكم، ألا إن داءكم الذنوب، ودواءكم الاستغفار» « ضعيف: أخرجه الديلمى فى مسند الفردوس عن أنس، كما فى «كنز العمال» (2092)» . فقد ظهر لك أن طب القلوب ومعالجتها لا سبيل إلى معرفته إلا من جهة الرسول- صلى الله عليه وسلم- بواسطة الوحى

 

وقد أحسن القائل" هو أبو الحسن الكندي القاضي فيما أسنده عنه البيهقي:

"إذا كنت في نعمة فارعها … فإن الذنوب تزيل النعم"

وفي رواية فإن المعاصي بدل الذنوب.

"وحطها بطاعة رب العباد … فرب العباد سريع النقم"

(أي أحفظها)

وإياك والظلم مهما استطعت … فظلم العباد شديد الوخم

وسافر بقلبك بين الورى … لتبصر آثار من قد ظلم

فتلك مساكنهم بعدهم … شهود عليهم ولا تتهم

وما كان شيء عليهم أضر … من الظلم وهو الذي قد قصم

فكم تركوا من جنان ومن … قصور وأخرى عليهم أطم

صلوا بالجحيم وفات النعيم … وكان الذي نابهم كالحلم

 

وقد يشهد لصدر الأبيات قوله صلى الله عليه وسلم: "ما عظمت نعمة الله على عبد إلا عظمت مؤنة الناس عليه، فمن لم يحتمل تلك المؤنة فقد عرض تلك النعمة للزوال"، رواه البيهقي وأبو يعلى والعسكري عن معاذ، وللطبراني والبيهقي عن ابن عمر، رفعه: "إن لله أقوامًا اختصهم بالنعم لمنافع يقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم"، وللبيهقي عن أبي هريرة، رفعه: "ما من عبد لله عليها نعمة أسبغها عليه إلا جعل إليه شيئًا من حوائج الناس، فإن تبرم بهم فقد عرض تلك النعمة للزوال"، قال السخاوي: وبعضها يؤكد بعضًا.

وعن الفضيل بن عياض: "أما علمتم أن حاجة الناس إليكم نعمة من الله عليكم، فاحذروا أن تملوا النعم فتصير نقمًا" أخرجه البهيقي

 

ولقد أحسن القائل":

"جسمك بالحمية حصنته … مخافة من ألم طاري

وكان أولى بك أن تحتمي … عن المعاصي خشية النار"

 

أين أنت من آيات الشفاء؟ هى فى ستة مواضع من كتاب الله، وهى قوله تعالى:

وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ «سورة التوبة: 14»

وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ «سورة يونس: 57» .

يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ «سورة النحل: 69» .

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ «سورة الإسراء: 82» .

وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ«سورة الشعراء: 80» .

قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ «سورة فصلت: 44»

 

وذكر عن أبى عبد الله الساجى أنه كان فى بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارهة، فكان فى الرقة رجل عائن قل ما نظر إلى شئ إلا أتلفه، فقيل لأبى عبد الله: احفظ ناقتك من العائن، فقال ليس له إلى ناقتى سبيل، فأخبر العائن بقوله، فتحين غيبة أبى عبد الله، فجاء إلى رحله فنظر إلى الناقة فاضطربت وسقطت، فجاء أبو عبد الله فأخبر أن العائن قد عانها وهى كما ترى. فقال: دلونى عليه، فوقف عليه فقال: بسم الله حبس حابس، وحجر يابس، وشهاب قابس، رددت عين العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه، فارجع البصر هل ترى من فطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير. فخرجت حدقتا العائن وقامت الناقة لا بأس بها» .

انتهى.

 

إن الطبيب بطبه ودوائه … لا يستطيع دفع نحب قد أتى

ما للطبيب يموت بالداء الذي … قد كان يبرئ غيره فيما مضى

وقال آخر:

إن الطبيب لذو عقل ومعرفة … ما دام في أجل الإنسان تأخير

حتى إذا ما انقضت أيام مدته … حار الطبيب وخانته العقاقير

لو فتش العالم لم ير فيه إلا مبتلى إما بفوات محبوب أو حصول مكروه، وإن سرور  الدنيا أحلام نوم، أو ظل زائل، إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا، وإن سرت يوما أساءت دهرا، وإن متعت قليلا منعت طويلا، وما ملأت دارا حبرة  إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور، إلا خبأت له يوم شرور.

قال ابن مسعود: لكل فرحة ترحة، وما ملئ بيت فرحا إلا ملئ ترحا.

قول ابن رواحة:

وفينا رسول الله يتلو كتابه … إذا انشق معروف من الصبح ساطع

أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا … به موقنات أن ما قال واقع

وقال حسان بن ثابت:

نبى يرى ما لا يرى الناس حوله … ويتلو كتاب الله فى كل مشهد

فإن قال فى يوم مقالة غائب … فتصديقها فى ضحوة اليوم أو غد