جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري الخزرجي، المتوفى سنة ثمانٍ وسبعين، وهو
آخر الصحابة موتاً بالمدينة، وله في الصحيح تسعون حديثاً.
-
لكن الذي استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين أن المتابع ما اتحد به الصحابي،
والشاهد ما اختلف الصحابي، والاعتبار طريق التوصل والبحث عن وجود المتابعات
والشواهد؛ لأنه يذكر العنوان في كتب علوم الحديث: (الاعتبار والمتابعات والشواهد)
فيظن القاري أنه قسيم للمتابعات والشواهد، وهو في الحقيقة ليس بقسيم، وإنما هو
هيئة التوصل إلى المتابعات والشواهد.
-
ويذكر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وهذا بعدما كفّ بصره قال: "لا
تطلبن من أعمىً حاجة، فإن الحياء في العينين"
-
عبد الله بن عمر بن الخطاب
العدوي أبو عبد الرحمن، ولد بعد المبعث بيسير، واستصغر يوم أحد، وهو ابن أربعة
عشرة سنة، وهو أحد المكثرين من الصحابة والعبادلة، وكان من أشد الناس أتباعاً
للأثر صحابي مؤتسي -رضي الله عنه وأرضاه-، وإن كان لا يوافق في بعض ما فعله اقتداء
بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، مات سنة ثلاث وسبعين في آخرها، أو أول التي تليها .
هو من العبادلة؟
نعم، هو من العبادلة.
من العبادلة.
نعم، إيه.
نعم.
بلا شك، ابن مسعود الذي ليس منهم؛ لأنه تقدمت وفاته، والعبادلة الأربعة ابن
عمر وابن عباس وابن عمرو بن العاص وابن الزبير، هؤلاء تأخروا واحتاج الناس إلى
علمهم، فانتشر علمهم في الربع الثالث من القرن الأول يعني متقاربين هم.
قال ابن عباس -رضي الله
عنهما-: "إني لأمر بالآية من القرآن فأفهمها فأود أن الناس كلهم فهموا منها
ما أفهم" لو طبقنا هذا، ونظرنا في واقع عموم المسلمين، بل مع الأسف الشديد
بعض من ينتسب إلى العلم، هل يحب لغيره من أهل العلم أن يظفر بهذه الفائدة كما ظفر
بها؟ لا شك أن هذا عزيز جداً، يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إني لأمر
بالآية من القرآن فأفهمها فأود أن الناس كلهم فهموا منها ما أفهم" بعض الناس
يحزن إذا رأى آخاه المسلم حفظ ما لم يحفظ من القرآن، أو تقدم عليه في التلاوة
مثلاً، أين هذا من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه))
الله المستعان.
يقول الشافعي: "وددت أن الناس كلهم تعلموا هذا العلم ولم ينسب إليّ
منه شيء".
يقول العلامة ابن القيم في
نونيته، يقول:
هذا وللمتمسكين بسنة الـ ... مختار عند فساد ذي الأزمانِ
أجرٌ عظيمٌ ليس يقدر قدره ... إلا الذي أعطاه للإنسانِ
فروى أبو داود في سنن له ... ورواه أيضاً أحمد الشيباني
أثراً تضمن أجر خمسين امرئٍ ... من صحب أحمد خيرة الرحمن
إسناده حسنٌ ومصداقٌ له ... في مسلم فافهمه فهم بيانِ
إن العبادة وقت هرج هجرة ... حقاً إليّ وذاك ذو برهانِ
قال سعيد بن أبي الحسن للحسن -الحسن البصري- وسعيد أخوه: إن نساء العجم
يكشفن صدورهن ورءوسهن قال: اصرف بصرك عنهن، يقول الله -عز وجل-: {قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [(30)
سورة النور]
والحافظ يشير إلى ما أخرجه
أبو داود مختصراً، وأخرجه ابن ماجه عن العباس بن مرداس الأسلمي أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب ((إني قد غفرت لهم ما خلا
المظالم، فإني آخذ للمظلوم منه)) يعني: ما خلا الظالم فإني آخذ للمظلوم منه.
قال: أي ربي إن شئت أعطيت
المظلوم من الجنة وغفرت للظالم، فلم يجب عشيته، فلم أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء
فأجيب إلى ما سأل، قال: فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو قال: تبسم -عليه
الصلاة والسلام-، فقال له أبو بكر وعمر: بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك
فيها، يعني ساعة دعاء، وساعة ذكر، يعني ما هي بساعة ...
أنس وضحك.
نعم، ولا يتشبث بمثل هذا من
كان الغالب عليه الهزل، حتى في أشرف البقاع، بعض الناس يضحك، وبعض الناس ينكت،
ويمزح، وقد يتراءى له إن كان اطلع على مثل هذه الأحاديث أن النبي -عليه الصلاة
والسلام- تبسم، نعم لكن لا يعني هذا أن الإنسان يغلب عليه الحزن، وتتكدر حياته
بمثل هذا، نعم يرجو ربه ويخاف، فيكون بين الرجاء والخوف، فلا إفراط لا تفريط
فقال له أبو بكر وعمر: بأبي
أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك أضحك الله سنك؟ قال: ((إن
عدو الله إبليس لما علم أن الله -عز وجل- قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب
فجعل يحثوه على رأسه، ويدعو بالويل والثبور، فأضحكني ما رأيت من جزعه)) هذا الحديث
سكت عنه الحافظ في فتح، والعادة أنه في مثل هذه السورة لا يسكت إلا عن حديث صحيح،
أو عن حسن، ما يسكت ابن حجر إلا عن حديث صحيح أو حسن كما بين ذلك في مقدمة شرحه،
لكن في إسناده عبد الله بن كنانة، قال عنه ابن حجر في التقريب: مجهول، ثم قال ابن
حجر: وله شاهد من حديث ابن عمر في تفسير الطبري، هذه المسألة وهي تكفير الذنوب
بأنواعها صغائر وكبائر مسألة خلافية بين أهل العلم، لكن الجمهور على أن هذه
الأعمال إنما تكفر ...
الصغائر.
الصغائر دون الكبائر، وأما
الكبائر ...
تحتاج إلى توبة.
فلا بد لها من توبة، ولذا
تكرر في أحاديث ...
((ما لم تغش كبيرة))
مثلاً ((الصلوات الخمس،
رمضان إلى رمضان، الجمعة إلى الجمعة، العمرة إلى العمرة مفكرات لما بينهن ما
اجتنبت الكبائر)) في بعض الروايات: ((ما لم تغش كبيرة)) لكن هل من هذه الحج؟ لأنه
قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)).
بعدها قال: ((والحج
المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)).
((ليس له جزاء إلا الجنة)) فهذا يقوي تكفير الحج للجميع، لكن لا يعتمد
الإنسان على مثل هذا الفضل ويغرق في الذنوب والمعاصي ويسترسل فيها، ويقول: أحج
ويكفر عني! لكن هل من بيت هذه النية يوفق بترك الرفث والفسوق؟ هل يوفق؟ لا يوفق،
فلا يوفق لما رتب عليه هذه المغفرة؛ لأن بعض الناس يقول يسترسل والله غفور رحيم،
ويحج ويمحو أثر الذنوب والمعاصي، كبائرها وصغائرها، نقول: لا يا أخي، ولذا جاء في
الحديث في صحيح البخاري: ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، دخل من أي أبواب الجنة
الثمانية))
الحكم على الحديث إذن
يا شيخ؟
أي حديث؟
الأخير، حديث
المرداس.
إذن ما دام فيه راو مجهول،
ولا يعرف فيه جرح ولا تعديل كما يقول كثير في كتب الرجال.
إذن هذا خروج الحافظ
عن قاعدته.
ضُبط عليه بعض الأحاديث، لا سيما في ما يستروح إلى القول به، هو بشر، يكفيه
أنه جمع هذا الديوان العظيم، وكفى به مفخرة، لكن هو بشر على كل حال، والاعتماد
أيضاً على فضل الله -جل وعلا- له أصل، يجعله يندرج تحت أصل عام، وهو عموم فضل الله
-جل وعلا-، ورحمته التي وسعت كل شيء، لكن مع ذلك الحديث فيه ضعف.
No comments:
Post a Comment