أبَنِي إني قـــد كَـــبــــرتُ ورابــني
| |
بــصـــري ، وفيَّ لِمصلحٍ مستمتعُ
| |
فلئن هَلَكتُ لقد بنيتُ مســــــاعياً
| |
تبقى لكـــــم مــــنها مــــــآثر أربعُ
| |
ذِكـــرٌ إذا ذُكِـــــرَ الكــــــرام يزينكم
| |
ووِِراثَةُ الحـــســــــب المُقَدَّمٍ تنفعُ
| |
ومـــقـــــام أيــــام لهن فــضـــــيلةٌ
| |
عــــــند الحـفِيظة والمجامع تجمعُ
| |
ولُهــىً من الكسـب الذي يغنيكم
| |
يوماً إذا احـتصـــر النفوس المطمع
| |
ونصــــيحة في الصــدر صادرةٌ لكم
| |
مـــادمت أبصرُ في الرجال وأسمعُ
| |
أوصيـــكم بــتـــقـــى الإله فـــــإنه
| |
يعــــطي الرغائب من يشاء ويمنعُ
| |
وبـــبـــر والدكـــــم وطــــاعة أمـره
| |
إن الأبـــــر من البنين الأطــــــــوعُ
| |
إن الكـــــــبير إذا عـصــــــاه أهــلُهُ
| |
ضــــــــاقـــــت يداه بأمره ما يصنعُ
| |
ودعوا الضغـينة لا تكن من شأنكم
| |
إن الضــــغــــــائن للقــــرابة تُوضَع
| |
واعصوا الذي يزجي النمائم بينكم
| |
متنصــــحـــاً ، ذاك السِّمام المُنقَع
| |
يزجـــي عــقــاربه ليبــعــث بينكم
| |
حـــرباً كـــمـا بعث العُرُوقَ الأخدع
| |
حـــــران لا يشــــفـي غليل فؤادهِ
| |
عَــسَـــلٌ بماءٍ في الإناء مشعشعُ
| |
لا تأمــنــوا قــومــاً يشب صــبـيهم
| |
بين القـــوافـــل بالعـــداوة ينشــع
| |
فَضِلَتْ عــــــداوتهم على أحلامهم
| |
وأبت ضباب صـــــــــدورهم لا تنزع
| |
قومٌ إذا دمس الظـــــــــلام عليهم
| |
حــدجـــوا قــنــافـذ بالنميمة تمزعُ
| |
أمـــثال زيدٍ حــــين أفسـد رهطه
| |
حــــتى تشــــتت أمرهم فتصدعوا
| |
إن الذين ترونـــهــــم إخـــوانــكــم
| |
يشفي غليل صُدورهم أن تُصرعوا
| |
ولقد عـــلمت بأن قصـــــري حفرة
| |
غـــبــراء يـحــمـلني إليها شــرجع
| |
فبكــى بناتي شجــوهن وزوجتي
| |
والأقــــربون إلي ، ثم تصــــدعـــوا
| |
وتُرِكت في غـــبـــراء يُكـــرَهُ وٍردها
| |
تســـفـــي علي الريح حـين أودعُ
| |
فإذا مضـــيت إلى سبيلي فابعثوا
| |
رجـــلاً له قـــلـــبٌ حــــديدٌ أصـمعُ
| |
إن الحــــوادث يخــــترمـــن ، وإنما
| |
عــــمـر الفتى في إهله مستودعُ
| |
يســعى ويجــمع جاهداً مستهتراً
| |
جــــداً ، وليس بآكــــل ما يجــمـع
| |
حــــتى إذا وافـــى الحِــمام لوقته
| |
ولكل جـــنب لا محــــالة مصــــرع
| |
نبذوا إليه بالســـــــــلام فلم يجب
| |
إحـــداً وصَمَّ عن الدعــــاء الأسمع
|
=============================================
قوله: (( رابني بصري )): أي: كَلَّ ونَقَصَ وارْتَبْتُ به .
وقوله: (( وفيَّ لمصلح مستمتع )): أي: لمن استصلحني فاستمتع بعقلي ورأيي.
(( واحدة اللُّهَى:
لُهْوَةٌ. واللُّهى: العطايا. وأصل اللُّهْوَةِ: الحَفْنَةُ منَ الطعام تُطْرَحُ
في الرَّحَى )).
توضع: من قولهم: أوضعت البعير: إذا حملته على العدو. أراد أن الضغائن
في القرابة سريعة التفشي.
قاله محشيا "المفضليات" الفاضلان.
يُزْجِي: يَسُوق. متنصحًا: متشبهًا بالنصحاء. السمام: جمع سم.
الأخدع: عِرق في العُنُق إذا ضَرَبَ أجابَتْهُ العروقُ.
يريد: أن الشيء يُجيب بعضُه بعضًا بنميمةٍ كما تُجيب العروقُ الأخدعَ
بالدم.
الحرَّان: الشديدُ التَّلَهُّبِ، يَغْلي جوفُه من حرارة الغيظ.
وغليلٌ: حرارةٌ من شدة الغيظ، وأصل الغُلَّة: حرارة العطش. ومشعشع: ممزوج.
يقول: يجد في صدره تَلَهُّبًا من شدة الحسد.
ويُروى: وَليدُهم. ويروى أيضًا: صغيرُهم، وكذا: غويُّهم.
قال الأنباري: فَضِلَ، بكسر الضاد، يَفْضُلُ، بضم الضاد. وليس في الكلام على (فَعِلَ
يَفْعُلُ) غيرُه.
يقول: باحوا بعداوتهم، لم تَضْبُِطْها قلوبُهم لإفراطها وتقصير الحِلم
عنها.
والضباب: الأحقاد، الواحد: ضَِبٌّ.
حدجوا: رحلوا، مأخوذ
من الحِدْج، وهو مَرْكَب من مراكب النساء. وتَمْزَعُ: تُسْرِع، والمَزْع: المَر
السريع. وإنما شبههم بالقنافذ؛ لأنها لا تنام بالليل تَسْري.
يريد: أنهم لا ينامون الليل، إنما يسهرون بالنميمة والاحتيال في الشر،
كما يسهر القُنْفُذ؛ لأنه ليله أَجْمَعَ يسير ولا ينام.
وكان من شأنه أن المنذر خطب على رجل من اليمن من أصحابه امرأةً من بني
زيد بن مالك بن حنظلة، فأَبَوْا أن يُزَوِّجُوه؛ فنفاهم وفرَّقَهم.
قال الأصمعيُّ: (( هذا مَثَلٌ. يقول: جِئْتُ إلى أمرٍ مستغلَقٍ ليس
فيه مسلكٌ فأصلحْتُه؛ فصار فيه مَخْرَجٌ لأهله )).
وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح بن بَلَنْجُرَ الدَّيْلَمِيُّ ثم
البغداديُّ، الملقبُ بأبي عَصِيدَةَ: (( عَزَّة: نَعْتٌ للثنية، والمعنى للخُطَّة
الصعبة. يقول: صَعُبَتْ على غيري فَفَرَجْتُها برأيي وحِذْقي في الأمور )).
الخصم هاهنا: الجماعة،
وقوله: (( قائِمٍ ظَلِفَاتُهُ ))، نقل الأنباري عن الأصمعي قوله: يقال
للرجل إذا قام بالأمر وعُنيَ به واشتد فيه: قام في ظلفاته. وأصل الظَّلِفات:
الخشبات التي تلي جنب البعير من الرحل.
وقال ابن حمدون: (( ظلفات الرجل: ما وقع على الأرض من عيدانه،
فاستعاره للخصم )).
قال الأنباري: (( يقول: حضرتُ خصومة ومنازعة وافتخارًا مَن لم يقم فيه
بحُجَّةٍ ويُبِرَّ في خصومةٍ تُحُمِّل عنه أمرٌ أشنعُ، وهو القبيح الشَّنِع )).
يقول: حبستهم عن
الطعام والشراب لما هم فيه من الجدال والخِصام حتى صَدَروا عن رأيي. والدَّرْء:
العَوَج. والثِّقَاف: ما تُقَوَّمُ به القَنَا وتُسَدَّدُ. يريد: قَوَّمْتُهم
فيه وسدّدتهم للصواب ورددتهم له كما يُقَوَّم عُوجُ الرماح بالثقاف حتى تستوي.
عميدهم: سيدهم الذي
يعتمدون عليه. ويَمْرُث: يَمَصُّ، بفتح الميم.
يقول: تركتهم كأن سيدهم صبيٌّ في المهد. يريد: أنه أَبَرَّ عليهم
وغَلَبَهم.
وقال بعضهم: المعنى: تركتهم شتى متفرقين قد تحيروا في أمرهم؛ لأن
عميدهم وهو الذي يعتمدون عليه إذا تحيَّر فغيرُه أحرى أن يتحير ويذهبَ عقلُه.
قَصْري: آخِر أمري.
يقال: قَصْرُك أن تفعل كذا، وقَصَارُك، وقُصارُك، وقُصَاراك. والشَّرْجَع: خشب
يُشَدُّ بعضُه إلى بعض كالسرير يُحْمَل عليه الموتى.
يقول: أنا أعلم أن آخر أمري الموت.
الشجو: الحُزن. تَصَدَّعوا: تفرَّقوا.
يقول: بَكَوْا عليَّ ساعةَ مِتُّ ثم تفرقوا لشأنهم ونَسُوني.
يُكرَه وِرْدُها: أي يكره الناسُ أن
يصيروا إلى مثلها لوحشتها.
الأصمع: الحديد
المجتمِع ليس بمُنْتَشِر. أي: اطلبوا لكم رجلاً على هذه الصفة يقوم لكم مقامي.
يخترمن: يقتطعن
ويستأصلن.
ويُروى: (( يَجْتَرِفْن ((، أي: يجترفن الخَلْقَ، مأخوذٌ من السيل الجارف.
مستهترًا: مُوَلَّعًا مُوَكَّلاً بالجمع ذاهب العقل فيه من حرصه عليه.
ويُروى: (( والمرءُ يَجمع مالَه مستهترًا = كَدْحًا، وليس بآكل ما يجمع )). والكدح: الكَدّ.
الحِمام: المنية. لا
محالة: لا حيلة لأحد في دفعها عنه. ويقال: ما له مَحَالةٌ، ولا حَويلٌ، ولا
حِيلةٌ، ولا مُحْتالٌ.
No comments:
Post a Comment