التهاون فِي الْيَسِير يُوقع فِي الْكَبِير
قلت فَمن أهل الارادة من لم يتخط عَيْبا وَلَا عَورَة الى نَافِلَة
فَمَا حفظ اللِّسَان
الصمت
فَمَا الِاحْتِيَاط فِي التحفظ عِنْد الْكَلَام
قَالَ ترك ذكر عيب من غَيْرك ترجو على ذكره إِذا ذكر بِهِ الثَّوَاب لكيلا يخْرجك ذَلِك الى ذكر عيب من غَيْرك تخَاف على ذكره الْعقَاب وَخذ نَفسك بِهَذَا الْبَاب اشد الاخذ واحمل عَلَيْهِ من النَّاس من استرشدك وَأَرَادَ مثل الَّذِي تُرِيدُ
فَإِن العَبْد إِنَّمَا يُؤْتى من قبل التهاون باليسير وَهُوَ الَّذِي يُوقع فِي الاثم الْكَبِير والتهاون باليسير هُوَ الاساس الَّذِي يبْنى عَلَيْهِ الْكثير فَيكون أَوله كَانَ تحفظا ثمَّ صَار انبساطا ثمَّ صَار من الانبساط الى ذكر الْيَسِير ثمَّ صَار من الْيَسِير الى مَا هُوَ اكثر مِنْهُ فَلَا تشعر حَتَّى ترى نَفسك حَيْثُ كنت تكره ان ترى فِيهِ غَيْرك فَفِي ترك الْيَسِير ترك الْيَسِير وَالْكثير
وَأقوى النَّاس على ذَلِك واصدقهم عزما هُوَ الَّذِي إِذا عزم امضى عزمه وَلم يلو وأضعف النَّاس فِي ذَلِك أضعفهم عزما وَهُوَ الَّذِي يعزم ثمَّ يحل عزمه وَلَا يكَاد يمْضِي عزما
فَهَذَا الَّذِي يتلاعب بِهِ الشَّيْطَان والهوى وَالنَّفس لَيْسَ لَهُ عِنْدهم قدر لِكَثْرَة معرفتهم يتناقص عزمه وَقلة اسْتِعْمَاله وأولو الْعَزْم من النَّاس افاضل الْخلق من كل طبقَة
الْقَرِيب من التَّوْبَة والبعيد مِنْهَا
صدق النَّدَم وعلامته
قلت فَمن أرجا النَّاس لقبُول التَّوْبَة مِنْهُم
قَالَ اشدهم خوفًا وأصدقهم ندامة على مَا كَانَ مِنْهُ وَمَا شَاهده الله واطلع عَلَيْهِ من زلـله وخطله وَطول غفلته ودوام إعراضه وَأَحْسَنهمْ تحفظا فِيمَا يسْتَقْبل وَإِن اسْتَووا فِي ذَلِك فاشدهم اجْتِهَادًا فِي الْعَمَل
لِأَن عَلامَة صدق النَّدَم على مَا مضى من الذُّنُوب شدَّة التحفظ فِيمَا بَقِي من الْعُمر ومواثبة الطَّاعَة بالجد وَالِاجْتِهَاد واستقلال كثير الطَّاعَة واستكثار قَلِيل النِّعْمَة مَعَ رقة الْقلب وصفائه وطهارته ودوام الْحزن فِيهِ وَكَثْرَة الْبكاء والتفويض الى الله تَعَالَى فِي جَمِيع الامور والتبري إِلَيْهِ من الْحول وَالْقُوَّة ثمَّ الصَّبْر بعد ذَلِك على أَحْكَام الله عز وَجل وَالرِّضَا عَنهُ فِي جَمِيعهَا وَالتَّسْلِيم لاموره كلهَا
لْخَطَأ فِي طَرِيق التَّوْبَة ونتائجه
وَقَالَ لي قد علمت من أَيْن غَلطت أَحْسَنت الظَّن بِنَفْسِك فتاقت الى دَرَجَات الْمُحْسِنِينَ بِخِلَاف سيرتهم من غير إِنْكَار مِنْك عَلَيْهَا لمساويء أعمالا وَلَا دفع لما ادَّعَتْهُ من اعمال الصَّادِقين
وأسأت الظَّن بغيرك فانزلتهم فِي دَرَجَة المسيئين إغفالا مِنْك لشأنك وتفرغت للنَّظَر فِي عُيُوب غَيْرك
فَلَمَّا كَانَ ذَلِك مِنْك كَذَلِك عوقبت بِأَن غارت عُيُون الرأفة وَالرَّحْمَة من قَلْبك وانفجرت إِلَيْهِ أَنهَار الغلظة وَالْقَسْوَة فَأَحْبَبْت أَن تنظر الى النَّاس بالإزراء عَلَيْهِم والاحتقار لَهُم وَقلة الرَّحْمَة وَأَرَدْت أَن ينْظرُوا اليك بالتعظيم والمهابة وَالرَّحْمَة فَمن وَافَقَك مِنْهُم على ذَلِك نَالَ مِنْك قربا ومحبة ونلت أَنْت من الله تَعَالَى بعدا وسخطا وَمن خالفك فِيهِ ازْدَادَ مِنْك بعدا وبغضا وازددت انت من الله بعدا وسخطا
وأطلت فِي ذَلِك كُله أملك فطاب لَك الْمسير فِي طَرِيق التسويف ومدارج الحيرات فاشتدت رَغْبَة نَفسك واستمكن الْحِرْص من قَلْبك فعظمت لذَلِك فِي الدُّنْيَا رغبتك وشحت فجمحت الى شهواتها واحتوشت قَلْبك لذاتها فحال ذَلِك بَيْنك وَبَين ان تَجِد حلاوة سلوك طَرِيق الاخرة فقلبك حيران على سَبِيل حيرة قد اشتبهت عَلَيْك سبل النجَاة وشقق حجاب الذُّنُوب فأنست لقربها وطاب لَك شم رِيحهَا فوصلت بذلك الى مَحْض الْمعْصِيَة فادعيت مَا لَيْسَ لَك وتناولت مَا يبعد مرامه من مثلك
ثمَّ أخرجك ذَلِك الى ان تَكَلَّمت لغير الله وَنظرت الى مَا لَيْسَ لَك وعملت لغير الله فَكنت مخدوعا مسبوعا عِنْد حسن ظَنك بِنَفْسِك وانت لَا تشعر ومستدرجا من حَيْثُ لَا تعلم فَكَانَ مِيرَاث عَمَلك الْخبث والجريرة والغش والخديعة والخيانة والمداهنة وَالْمَكْرُوه وَترك النَّصِيحَة وانت فِي ذَلِك كُله مظهر لمباينة ذَلِك
فَمن كَانَت هَذِه سيرته فَلَا يُنكر ان يَبْدُو لَهُ من الله مَا لم يكن يحْتَسب
فَلَو كَانَ لَك يَا مِسْكين أدنى تخوف لبكيت على نَفسك بكاء الثكلى الْمحبَّة لمن أثكلت ونحت عَلَيْهَا نياحة الْمَوْتَى حِين غشيك شُؤْم الذُّنُوب
وَلَو بَكَى عَلَيْك أهل السَّمَوَات وأهل الأرض لَكُنْت مستوجبا لذَلِك لعظم مصيبتك
وَلَو عزاك عَلَيْهَا جَمِيع الْخلق تَعْزِيَة المحروب المسلوب لَكُنْت مُسْتَحقّا لذَلِك لِأَنَّك قد حرمت دينك وسلبت معرفتك بشؤم الذُّنُوب فركبك ذل الْمعْصِيَة وَأثبت اسْمك فِي ديوَان العاصين واستوحش مِنْك أهل التَّقْوَى إِلَّا من كَانَ فِي مثالك
فاخذ الَّذين أَرَادوا الله وَحده فِي طَرِيق الْمحبَّة لَهُ وسلكوا سَبِيل النجَاة إِلَيْهِ وَأخذت فِي غير طريقهم فملت حِين خَالَفت طريقهم الى غَيره فَبَقيت متحيرا وَعَن وجع الاصابة متبلدا
ويمثل هَذِه الاسباب الَّتِي اشْتَمَلت عَلَيْهَا طريقتك يسْتَدلّ على خسران الْقِيَامَة وَبِاللَّهِ نَعُوذ واياه نسْأَل عفوا وتقريبا مَعَ الْمُحْسِنِينَ انه لطيف خَبِير
ثمَّ أخرجك ذَلِك الى ان تَكَلَّمت لغير الله وَنظرت الى مَا لَيْسَ لَك وعملت لغير الله فَكنت مخدوعا مسبوعا عِنْد حسن ظَنك بِنَفْسِك وانت لَا تشعر ومستدرجا من حَيْثُ لَا تعلم فَكَانَ مِيرَاث عَمَلك الْخبث والجريرة والغش والخديعة والخيانة والمداهنة وَالْمَكْرُوه وَترك النَّصِيحَة وانت فِي ذَلِك كُله مظهر لمباينة ذَلِك
فَمن كَانَت هَذِه سيرته فَلَا يُنكر ان يَبْدُو لَهُ من الله مَا لم يكن يحْتَسب
فَلَو كَانَ لَك يَا مِسْكين أدنى تخوف لبكيت على نَفسك بكاء الثكلى الْمحبَّة لمن أثكلت ونحت عَلَيْهَا نياحة الْمَوْتَى حِين غشيك شُؤْم الذُّنُوب
وَلَو بَكَى عَلَيْك أهل السَّمَوَات وأهل الأرض لَكُنْت مستوجبا لذَلِك لعظم مصيبتك
وَلَو عزاك عَلَيْهَا جَمِيع الْخلق تَعْزِيَة المحروب المسلوب لَكُنْت مُسْتَحقّا لذَلِك لِأَنَّك قد حرمت دينك وسلبت معرفتك بشؤم الذُّنُوب فركبك ذل الْمعْصِيَة وَأثبت اسْمك فِي ديوَان العاصين واستوحش مِنْك أهل التَّقْوَى إِلَّا من كَانَ فِي مثالك
فاخذ الَّذين أَرَادوا الله وَحده فِي طَرِيق الْمحبَّة لَهُ وسلكوا سَبِيل النجَاة إِلَيْهِ وَأخذت فِي غير طريقهم فملت حِين خَالَفت طريقهم الى غَيره فَبَقيت متحيرا وَعَن وجع الاصابة متبلدا
ويمثل هَذِه الاسباب الَّتِي اشْتَمَلت عَلَيْهَا طريقتك يسْتَدلّ على خسران الْقِيَامَة وَبِاللَّهِ نَعُوذ واياه نسْأَل عفوا وتقريبا مَعَ الْمُحْسِنِينَ انه لطيف خَبِير
No comments:
Post a Comment