RAMADAN

Monday, April 9, 2018

الرزق من عند الله


توكلت في رزقي على الله خالقي*** وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزق فليس يفوتني *** ولو كان في قعر البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضلــــه *** ولو لم يكن مني اللسان بناطق
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة ***وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
 
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد *** عسى نكبات الدهر عنك تزول


وما الرزق إلا قسمة بين أهله *** فلا يعدم الأرزاق مُثر ومعدم

إن امرأ رزق اليــسار ولـــم يصب ... حمداً ولا اجـــــراً لغـــير مــــــــوفق
فالجد يدنى كل شيء شاســع ... والجــــــــــد يفتح كــل بــاب مغلق
فإذا سمعت بـأن مجــدوداً حوى ... عوداً فأثــــمر في يــــديـــــه فحقق
وإذا سمعت بـــأن محــروماً رأى ... مــــاء ليشــــربه فغــــــــاض فصدق
وأشد خلق اللّه بالهمّ امـــــــرؤ ... ذو همـــة يبلى بعــــيش ضيـــــــق
ومن الدليل على القضاء وكونه ... بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق

لا تطلب الرزق في الدنيا بمنقصةٍ ** فالرزق بالذلِ خير منه حرمانُ
المال يمضي وتبقى بعده أبداً ** على الفتى منه أوساخ وأدرانُ

وما طلبُ المعيشةِ بالتمني ** ولكن ألق دلوك في الـدّلاءِ 
تجِئك بمِلئها يوماً ، ويوماً ** تجٍيء بحمأةٍ وقليـلٍ مـاءِ 
ولا تقعد على كُل التمنـي ** تحيل على المقادر والقضاءِ 
فإن مقادِر الرحمن تجري ** بإرزاق العباد من السمـاءِ

عليك بتقوى الله إن كنت غافلاً=فيأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري 
فكيف تخاف الفقرَ والله رازقٌ=و قد رزق الأطيارَ والحوتَ في البحرِ
ومن ظن أن الرزق يأتي بقوةٍ=فما أكل العصفورُ شيئا مع النسرِ 
تزوَّد من الدنيا فإنك لا تدري=إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر 
فكم من صحيح مات من غير علةٍ=وكم من سقيم عاش حينا من الدهر 
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً=وأكفانه في الغيب تنسجُ لا يدري
فمن عاش ألفا بل و ألفين حِجَّةٍ =فلا بد من يوم يسير إلى القبرِ


وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ


أحاديث عن الرزق


 روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنةٍ، قال: وعرشه على الماء))؛ (مسلم حديث 2653).

 روى الشيخان عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: ((إن أحدَكم يُجمَع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث الله ملَكًا فيؤمر بأربع كلماتٍ، ويقال له: اكتُبْ عمله ورزقه وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة))؛ (البخاري حديث 3208/ مسلم حديث 2643).

 روى أبو نعيم عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن رُوح القدس (أي جبريل) نفَث (ألقى) في رُوعي (قلبي) أن نفسًا لن تموتَ حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها؛ فأجملوا في الطلبِ، ولا يحملَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصيةٍ؛ فإن اللهَ لا ينال ما عنده إلا بطاعته))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث: 2085).

 روى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرِّزقَ ليطلُب العبدَ أكثرَ مما يطلبه أجله))؛ (حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني - حديث 1630).

     قال عبدالرؤوف المناوي - رحمه الله -: لأن الله تعالى وعَد به وضمِنه، ووعدُه لا يتخلَّف، وضمانه لا يتأخَّر؛ (فيض القدير - عبدالرؤوف المناوي - جـ 4 - صـ 71).

      روى الحاكم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تستبطئوا الرزقَ؛ فإنه لم يكن عبد ليموتَ حتى يبلغه آخرُ رزقٍ هو له؛ فاتقوا الله وأجمِلوا في الطلب: أخذ الحلال، وترك الحرام))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع -للألباني - حديث: 7323).

       روى الطبراني وأبو نعيم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: أضاف النبيُّ صلى الله عليه وسلم ضيفًا، فأرسل إلى أزواجه يبتغي عندهن طعامًا، فلم يجد عند واحدةٍ منهن، فقال: ((اللهم إني أسألك مِن فضلك ورحمتك؛ فإنه لا يملِكُها إلا أنت))، قال: فأُهديَ إليه شاة مَصْليَّة (أي مشوية)، فقال: ((هذه مِن فضل الله، ونحن ننتظر الرحمة))؛ (حديث صحيح) (السلسلة الصحيحة للألباني - جـ 4 -صـ 57- حديث 1543).



      Wednesday, March 7, 2018

      لبيد بن ربيعة لله نافلة الأجل الأفضل


      لِلَّهِ نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفضَلِ

      وَلَهُ العُلى وَأَثيثُ كُلِّ مُؤَثَّلِ

      لا يَستَطيعُ الناسُ مَحوَ كِتابِهِ

      أَنّى وَلَيسَ قَضائُهُ بِمُبَدَّلِ

      سَوّى فَأَغلَقَ دونَ غُرَّةِ عَرشِهِ

      سَبعاً طِباقاً فَوقَ فَرعِ المَنقَلِ

      وَالأَرضَ تَحتَهُمُ مِهاداً راسِياً

      ثَبَتَت خَوالِقُها بِصُمِّ الجَندَلِ

      وَالماءُ وَالنيرانُ مِن آياتِهِ

      فيهِنَّ مَوعِظَةٌ لِمَن لَم يَجهَلِ

      بَل كُلُّ سَعيِكَ باطِلٌ إِلّا التُقى

      فَإِذا اِنقَضى شَيءٌ كَأَن لَم يُفعَلِ

      لَوكانَ شَيءٌ خالِداً لَتَواءَلَت

      عَصماءُ مُؤلِفَةٌ ضَواحِيَ مَأسَلِ

      بِظُلوفِها وَرَقُ البَشامِ وَدونَها

      صَعبٌ تَزِلُّ سَراتُهُ بِالأَجدَلِ

      أَو ذو زَوائِدَ لا يُطافُ بِأَرضِهِ

      يَغشى المُهَجهَجَ كَالذَنوبِ المُرسَلِ

      في نابِهِ عِوَجٌ يُجاوِزُ شِدقَهُ

      وَيُخالِفُ الأَعلى وَراءَ الأَسفَلِ

      فَأَصابَهُ رَيبُ الزَمانِ فَأَصبَحَت

      أَنيابُهُ مِثلَ الزِجاجِ النُصَّلِ

      وَلَقَد رَأى صُبحٌ سَوادَ خَليلِهِ

      مِن بَينِ قائِمِ سَيفِهِ وَالمِحمَلِ

      صَبَّحنَ صُبحاً حينَ حُقَّ حِذارُهُ

      فَأَصابَ صُبحاً قائِفٌ لَم يَغفَلِ

      فَاِلتَفَّ صَفقُهُما وَصُبحٌ تَحتَهُ

      بَينَ التُرابِ وَبَينَ حِنوِ الكَلكَلِ

      وَلَقَد جَرى لُبَدٌ فَأَدرَكَ جَريَهُ

      رَيبُ الزَمانِ وَكانَ غَيرَ مُثَقَّلِ

      لَمّا رَأى لُبَدُ النُسورِ تَطايَرَت

      رَفَعَ القَوادِمَ كَالفَقيرِ الأَعزَلِ

      مِن تَحتِهِ لُقمانُ يَرجو نَهضَهُ

      وَلَقَد رَأى لُقمانُ أَن لا يَأتَلي

      غَلَبَ اللَيالي خَلفَ آلِ مُحَرِّقٍ

      وَكَما فَعَلنَ بِتُبَّعٍ وَبِهِرقَلِ

      وَغَلَبنَ أَبرَهَةَ الَّذي أَلفَينَهُ

      قَد كانَ خَلَّدَ فَوقَ غُرفَةِ مَوكِلِ

      وَالحارِثُ الحَرّابُ خَلّى عاقِلاً

      داراً أَقامَ بِها وَلَم يَتَنَقَّلِ

      تَجري خَزائِنُهُ عَلى مَن نابَهُ

      مَجرى الفُراتِ عَلى فِراضِ الجَدوَلِ

      حَتّى تَحَمَّلَ أَهلُهُ وَقَطينُهُ

      وَأَقامَ سَيِّدُهُم وَلَم يَتَحَمَّلِ

      وَالشاعِرونَ الناطِقونَ أَراهُمُ

      سَلَكوا سَبيلَ مُرَقِّشٍ وَمُهَلهِلِ


      الراعي النميري بان الأحبة بالعهد الذي عهدوا


      بانَ الأَحِبَّةُ بِالعَهدِ الَّذي عَهِدوا

      فَلا تَمالُكَ عَن أَرضٍ لَها عَمَدوا

      وَرادَ طَرفُكَ في صَحراءَ ضاحِيَةٍ

      فيها لِعَينَيكَ وَالأَظعانِ مُطَّرِدُ

      وَاِستَقبَلَت سَربَهُم هَيفٌ يَمانِيَةٌ

      هاجَت نِزاعاً وَحادٍ خَلفَهُم غَرِدُ

      حَتّى إِذا حالَتِ الأَرحاءُ دونَهُمُ

      أَرحاءَ أَرمُلَ حارَ الطَرفُ أَو بَعَدوا

      حَثّوا الجِمالَ وَقالوا إِنَّ مَشرَبَكُم

      وادي المِياهِ وَأَحساءٌ بِهِ بُرُدُ

      وَفي الخِيامِ إِذا أَلقَت مَراسِيَها

      حورُ العُيونِ لِإِخوانِ الصِبى صُيُدُ

      كَأَنَّ بَيضَ نَعامٍ في مَلاحِفِها

      إِذا اِجتَلاهُنَّ قَيظٌ لَيلُهُ وَمِدُ

      لَها خُصورٌ وَأَعجازٌ يَنوءُ بِها

      رَملُ الغِناءِ وَأَعلى مَتنِها رُؤُدُ

      مِن كُلِّ واضِحَةِ الذِفرى مُنَعَّمَةٍ

      غَرّاءَ لَم يَغذُها بُؤسٌ وَلا وَبَدُ

      يَثني مَساوِفُها غُرضوفَ أَرنَبَةً

      شَمّاءَ مِن رَخصَةٍ في جيدِها أَوَدُ

      لَها لِثاثٌ وَأَنيابٌ مُفَلَّجَةٌ

      كَالأُقحُوانِ عَلى أَطرافِهِ البَرَدُ

      يَجري بِها المِسكُ وَالكافورُ آوِنَةً

      وَالزَعفَرانُ عَلى لَبّاتِها جَسِدُ

      كَأَنَّ رَيطَةَ جَبّارٍ إِذا طُوِيَت

      بَهوُ الشَراسيفِ مِنها حينَ تَنخَضِدُ

      نِعمَ الضَجيعُ بُعَيدَ النَومِ يُلجِئُها

      إِلى حَشاكَ سَقيطُ اللَيلِ وَالثَأَدُ

      كَأَنَّ نَشوَتَها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ

      بَعدَ العِشاءِ وَقَد مالَت بِها الوُسُدُ

      صَهباءُ صافِيَةٌ أَغلى التِجارُ بِها

      مِن خَمرِ عانَةَ يَطفو فَوقَها الزَبَدُ

      لَولا المَخاوِفُ وَالأَوصابُ قَد قَطَعَت

      عُرضَ الفَلاةِ بِنا المَهرِيَّةُ الوُخُدُ

      في كُلِّ غَبراءَ مَخشِيٍّ مَتالِفُها

      جَدّاءَ لَيسَ بِها عِدٌّ وَلا ثَمَدُ

      تُمسي الرِياحُ بِها حَسرى وَيَتبَعُها

      سُرادِقٌ لَيسَ في أَطرافِهِ عَمَدُ

      بَصباصَةُ الخِمسِ في زَوراءَ مَهلَكَةٍ

      يَهدي الأَدِلّاءَ فيها كَوكَبٌ وَحَدُ

      كَلَّفتُ مَجهولَها نوقاً يَمانِيَةً

      إِذا الحُداةُ عَلى أَكسائِها حَفَدوا

      حُسبَ الجَماجِمِ أَشباهاً مُذَكَّرَةً

      كَأَنَّها دُمُكٌ شيزِيَّةٌ جُدُدُ

      قامَ السُقاةَ فَناطوها إِلى خُشُبٍ

      عَلى كُبابٍ وَحَومٍ خامِسٌ يَرِدُ

      ذَوُو جَآجِئَ مُبتَلٌّ مَآزِرُهُم

      بَينَ المَرافِقِ في أَيديهِمُ حَرَدُ

      أَو رَعلَةٌ مِن قَطا فَيحانَ حَلَّأَها

      عَن ماءِ يَثبَرَةَ الشُبّاكُ وَالرَصَدُ

      تَنجو بِهِنَّ مِنَ الكُدرِيِّ جانِيَةٌ

      بِالرَوضِ رَوضِ عَماياتٍ لَها وَلَدُ

      لَمّا تَخَلَّسَ أَنفاساً قَرائِنُها

      مِن غَمرِ سَلمى دَعاها تَوأَمٌ قَرِدُ

      تَهوي لَهُ بِشُعَيبٍ غَيرِ مُعصَمَةٍ

      مُنغَلَّةٍ دونَها الأَحشاءُ وَالكَبِدُ

      دونَ السَماءِ وَفَوقَ الأَرضِ مَسلَكُها

      تيهٌ نَفانِفُ لا بَحرٌ وَلا بَلَدُ

      تَطاوَلَ اللَيلُ مِن هَمٍّ تَضَيَّفَني

      دونَ الأَصارِمِ لَم يَعشُر بِهِ أَحَدُ

      إِلّا نَجِيَّةَ آرابٍ تُقَلِّبُني

      كَما تَقَلَّبَ في قُرموصِهِ الصَرِدُ

      مِن أَمرِ ذي بَدَواتٍ لا تَزالُ لَهُ

      بَزلاءُ يَعيا بِها الجَثّامَةُ اللُبَدُ

      وَعَينِ مُضطَمِرِ الكَشحَينِ أَرَّقَهُ

      هَمٌّ غَريبٌ وَناوي حاجَةٌ أَفِدُ

      وَناقَةٍ مِن عِتاقِ النوقِ ناجِيَةٍ

      حَرفٍ تَباعَدَ مِنها الزَورُ وَالعَضَدُ

      ثَبجاءَ دَفواءَ مَبنيٍّ مَرافِقُها

      عَلى حَصيرَينِ في دَفَّيهِما جُدَدُ

      مَقّاءَ مَفتوقَةِ الإِبطَينِ ماهِرَةٍ

      بِالسَومِ ناطَ يَدَيها حارِكٌ سَنَدُ

      يَنجو بِها عُنُقٌ صَعلٌ وَتُلحِقُها

      رِجلٍ أَصَكَّ خِدَبٍّ فَوقَهُ لَبِدُ

      تُضحي إِذا العيسُ أَدرَكنا نَكائِثَها

      خَرقاءَ يَعتادُها الطوفانُ وَالزُؤُدُ

      كَأَنَّها حُرَّةُ الخَدَّينِ طاوِيَةٌ

      بِعالِجٍ دونَها الخَلّاتُ وَالعُقَدُ

      تَرمي الفِجاجَ بِكَحلاوَينِ لَم تَجِدا

      ريحَ الدُخانِ وَلَم يَأخُذهُما رَمَدُ

      باتَت بِشَرقِيِّ يَمؤودٍ مُباشَرَةً

      دِعصاً أَرَذَّ عَلَيهِ فُرَّقٌ عُنُدُ

      في ظِلِّ مُرتَجِزٍ تَجلو بَوارِقُهُ

      لِلناظِرَينِ رِواقاً تَحتَهُ نَضَدُ

      طَورَينِ طَوراً يَشُقُّ الأَرضَ وابِلُهُ

      بَعدَ العَزازَ وَطَوراً ديمَةٌ رَغَدُ

      حَتّى غَدَت في بَياضِ الصُبحِ طَيِّبَةً

      ريحَ المَباءَةَ تَخدي وَالثَرى عَمِدُ

      لَمّا رَأَت ما أُلاقي مِن مُجَمجَمَةٍ

      هِيَ النَجِيُّ إِذا ما صُحبَتي هَجَدوا

      قامَت خُلَيدَةُ تَنهاني فَقُلتُ لَها

      إِنَّ المَنايا لِميقاتٍ لَهُ عَدَدُ

      وَقُلتُ ما لِاِمرِئٍ مِثلي بِأَرضِكُمُ

      دونَ الإِمامِ وَخَيرِ الناسِ مُتَّأَدِ

      إِنّي وَإِيّاكِ وَالشَكوى الَّتي قَصَرَت

      خَطوي وَنَأيُكِ وَالوَجدُ الَّذي أَجِدُ

      كَالماءِ وَالظالِعُ الصَديانُ يَطلُبُهُ

      هُوَ الشِفاءُ لَهُ وَالرِيُّ لَو يَرِدُ

      إِنَّ الخِلافَةَ مِن رَبّي حَباكَ بِها

      لَم يُصفِها لَكَ إِلّا الواحِدُ الصَمَدُ

      أَلقابِضُ الباسِطُ الهادي لِطاعَتِهِ

      في فِتنَةِ الناسِ إِذ أَهواؤُهُم قِدَدُ

      أَمراً رَضيتَ لَهُ ثُمَّ اِعتَمَدتَ لَهُ

      وَاِعلَم بِأَنَّ أَمينَ اللَهِ مُعتَمَدُ

      وَاللَهُ أَخرَجَ مِن عَمياءَ مُظلِمَةٍ

      بِحَزمِ أَمرِكَ وَالآفاقُ تَجتَلِدُ

      فَأَصبَحَ اليَومَ في دارٍ مُبارَكَةٍ

      عِندَ المَليكِ شِهاباً ضَوءُهُ يَقِدُ

      وَنَحنُ كَالنَجمِ يَهوي مِن مَطالِعِهِ

      وَغوطَةُ الشامِ مِن أَعناقِنا صَدَدُ

      نَرجو سِجالاً مِنَ المَعروفِ تَنفَحُها

      لِسائِليكَ فَلا مَنٌّ وَلا حَسَدُ

      ضافي العَطِيَّةِ راجيهِ وَسائِلُهُ

      سَيّانِ أَفلَحَ مَن يُعطي وَمَن يَعِدُ

      أَنتَ الحَيا وَغِياثٌ نَستَغيثُ بِهِ

      لَو نَستَطيعُ فَداكَ المالُ وَالوَلَدُ

      أَزرى بِأَموالِنا قَومٌ أَمَرتَهُمُ

      بِالعَدلِ فينا فَما أَبقوا وَما قَصَدوا

      نُعطي الزَكاةَ فَما يَرضى خَطيبُهُمُ

      حَتّى نُضاعِفَ أَضعافاً لَها غُدَدُ

      أَمّا الفَقيرُ الَّذي كانَت حُلوبَتُهُ

      وَفقَ العِيالِ فَلَم يُترَك لَهُ سَبَدُ

      وَاِختَلَّ ذو المالِ وَالمُثرونَ قَد بَقِيَت

      عَلى التَلاتِلِ مِن أَموالِهِم عُقَدُ

      فَإِن رَفَعتَ بِهِم رَأساً نَعَشتَهُمُ

      وَإِن لَقوا مِثلَها في قابِلٍ فَسَدوا


      Sunday, December 31, 2017

      رثاء كعب بن سعد الغنوي لأخيه أبي المغوار

      رثاء كعب بن سعد الغنوي لأخيه أبي المغوار

      تَقولُ اِبنَةَ العَبسِيِّ قَد شِبتَ بَعدَنا وَكُلُّ اِمرِئٍ بَعدَ الشَبابِ يَشيبُ
      وَما الشَيبُ إِلّا غائِبٌ كانَ جائِياً وَما القَولُ إِلّا مُخطِئٌ وَمُصيبُ
      تَقولُ سُلَيمى ما لَجِسمِكَ شاحِباً كَأَنَّكَ يَحميكَ الشَرابَ طَبيبُ
      فَقُلتُ وَلَم أَعيَ الجَوابَ وَلَم أَبُح وَلِلدَهرِ في الصُمِّ الصِلابِ نَصيبُ
      تَتابُعُ أَحداثٍ يُجَرِّعنَ إِخوَتي فَشَيَّبنَ رَأسي وَالخُطوبُ تُشيبُ
      لَعَمري لَئِن كانَت أَصابَت مَنِيَّةٌ أَخي وَالمَنايا لِلرِجالِ شَعوبُ
      لَقَد كانَ أَمّا حِلمُهُ فَمُرَوِّحٌ عَلَيَّ وَأَمّا جَهلُهُ فَعَزيبُ
      أَخي ما أَخي لا فاحِشٌ عِندَ ريبَةٍ وَلا وَرِعٌ عِندَ اللِقاءِ هَيوبُ
      أَخٌ كانَ يَكفيني وكانَ يُعينُني عَلى النائِباتِ السُودِ حينَ تَنوبُ
      حَليمٌ إِذا ما سَورَةُ الجَهلِ أَطلَقَت حُبى الشَيبِ لِلنَفسِ اللَجوجِ غَلوبُ
      هُوَ العَسَلُ الماذِيُّ حِلماً وَشيمَةً وَلَيثٌ إِذا لاقى العُداةَ قَطوبُ
      هَوَت أُمُّهُ ما يَبعَثُ الصُبحُ غادِياً وَماذا يَوَدُّ اللَيلُ حينَ يَؤوبُ
      هَوَت أُمُّهُ ماذا تَضَمَّنَ قَبرُهُ مِنَ المَجدِ وَالمَعروفِ حينَ يَنوبُ
      فَتىً أَريحِيٌّ كانَ يَهتَزُّ لِلنَدى كَما اِهتَزَّ مِن ماءِ الحَديدِ قَضيبُ
      كَعالِيَةِ الرُمحِ الرُدَينِيِّ لَم يَكُن إِذا اِبتَدَرَ القَومُ العُلاءَ يَخيبُ
      أَخو سَنواتٍ يَعلَمُ الضَيفُ أَنَّهُ سَيُكثِرُ ماءً في إِناهُ يَطيبُ
      حَبيبٌ إِلى الزُوّارِ غِشيَانُ بَيتِهِ جَميلُ المُحَيّا شَبَّ وَهوَ أَديبُ
      إِذا قَصَّرَت أَيدي الرِجال عَنِ العُلا تَناوَلَ أَقصى المَكرُماتِ كَسوبُ
      جموعُ خِلالِ الخَيرِ مِن كُلِّ جانِبٍ إِذا حَلَّ مَكروهٌ بِهِنَّ ذَهوبُ
      مُفيدٌ لِمَلقى الفائِداتِ مُعاوِدٌ لِفِعلِ النَدى وَالمَكرُماتِ نَدوبُ
      وَداعٍ دعا هَل مَن يُجيبُ إِلى النَدى فَلَم يَستَجِبهُ عِندَ ذاكَ مُجيبُ
      فَقُلتُ اِدعُ أُخرى وَاِرفَعِ الصَوتَ جَهرةً لَعَلَّ أَبا المِغوارِ مِنكَ قَريبُ
      يُجِبكَ كَما قَد كانَ يَفعَلُ إِنَّهُ بِأَمثالِها رَحبُ الذِراعِ أَريبُ
      أَتاكَ سَريعاً وَاِستَجابَ إِلى النَدى كَذالِكَ قَبلَ اليَومِ كانَ يُجيبُ
      كَأَنَّهُ لَم يَدعُ السَوابِحُ مَرَّةً إِذا اِبتَدَرَ الخَيلَ الرِجالُ نَجيبُ
      فَتىً لا يُبالي أَن تَكونَ بِجِسمِهِ إِذا حالَ حالاتُ الرِجالِ شُحوبُ
      إِذا ما تَراءى لِلرِجالِ رَأَيتَهُ فَلَم يَنطِقوا اللَغواءَ وَهوَ قَريبُ
      عَلى خَيرِ ما كانَ الرِجالُ رَأَيتُهُ وَما الخَيرُ إِلّا طُعمَةٌ وَنَصيبُ
      حَليِفُ النَدى يَدعو النَدى فَيُجيبُهُ سَريعاً وَيَدعوهُ النَدى فَيُجيبُ
      غِياثٌ لِعانٍ لَم يَجِد مَن يُغيثُهُ وَمُختَبِطٍ يَغشى الدُخانَ غَريبُ
      عَظيمُ رَمادِ النارِ رَحبٌ فِناؤُهُ غِلى سَنَدٍ لَم تَحتَجِبهُ عُيوبُ
      يَبيتُ النَدى يا أُمَّ عَمرٍ ضَجيعَةُ إِذا لَم يَكُن في المُنقِياتِ حَلوبُ
      حَليمٌ إِذا ما الحِلمُ زَيَّنَ أَهلَهُ مَعَ الحِلمِ في عَينِ العَدُوِّ مهيبُ
      مُعَنّىً إِذا عادى الرِجالَ عَداوَةً بَعيداً إِذا عادى الرِجالَ رَهيبُ
      غَنينا بِخَيرٍ حِقبَةً ثُمَّ جَلَّحَت عَلَينا الَّتي كُلَّ الأَنامِ تُصيبُ
      فَأَبقَت قَليلاً ذاهِباً وَتَجَهَّزَت لِآخَرَ وَالراجي الحَياةَ كذوبُ
      وَأَعلَمُ أَنّ الباقِيَ الحَيَّ مِنهُمُ إِلى أَجَلٍ أَقصى مَداهُ قَريبُ
      لَقَد أَفسَدَ الموت الحَياةَ وَقَد أَتى عَلى يَومِهِ عِلقٌ عَلَيَّ جَنيبُ
      أَتى دونَ حُلوِ العَيشِ حَتّى أَمَرَّهُ نَكوبٌ عَلى آثارِهِنَّ نُكوبُ
      فَإِن تَكُنِ الأَيّامُ أَحسَنَّ مَرَّةً إِلَيَّ فَقَد عادَت لَهُنَّ ذُنوبُ
      كَأَنَّ أَبا المِغوارِ لَم يوفِ مَرقباً إِذا ما رَبا القَومَ الغُزاةَ رَقيبُ
      وَلَم يَدعُ فِتياناً كِراماً لِمَيسِرٍ إِذا اِشتَدَّ مِن ريحِ الشِتاءِ هُبوبُ
      فَإِن غابَ عَنّا غائِبٌ أَو تَخاذَلو كَفى ذاكَ مِنهُم وَالجَنابُ خَصيبُ
      كَأَنَّ أَبا المِغوارِ ذا المَجدِ لم تجب بِهِ البيدَ عيسٌ بِالفَلاةِ جَيوبُ
      عَلاةٌ تَرى فيها إِذا حُطَّ رَملُها نُدوباً عَلى آثارِهِنَّ نُدوبُ
      وَإِنّي لَباكيهِ وَإِنّي لَصادِقٌ عَلَيهِ وَبَعضُ القائِلينَ كَذوبُ
      فَتى الحَربِ إِن جارَت كَأَنَّ سَماءَها وَفي السَفرِ مِفضالُ اليَدَينِ وَهوبُ
      وَحَدَّثتُماني إِنَّما المَوتُ في القِرى فَكَيفَ وَهَذيِ هَضبَةٌ وَكَثيبُ
      وَماءُ سَماءٍ كان غَيرَ مَجَمَّةٍ بِبادِيَةٍ تَجري عَلَيهِ جَنوبُ
      وَمَنزِلُهُ في دارِ صِدقٍ وَغِبطَةٍ وَما قالَ من حُكمٍ عَلَيهِ طَبيبُ
      فَلَو كانَتِ الدُنيا تُباعُ اِشتَرَيتُهُ بِها إِذ بِهِ كانَ النُفوسُ تَطيبُ
      بِعَينَيَّ أَو يُمنى يَدَيَّ وَقيلَ لي هُوَ الغانِمُ الجَذلانُ يَومَ يَؤوبُ
      لَعَمري كَما أَنّ البَعيدَ لَما مَضى فَإِنَّ الَّذي يَأتي غَداً لَقَريبُ
      وَإِنّي وَتَأميلي لِقاءَ مُؤَمَّلٍ وَقَد شَعَبَتهُ عَن لِقاي شَعوبُ
      كَداعي هُذَيلٍ لا يَزالُ مُكَلَّفاً وَلَيسَ لَهُ حَتّى المَماتِ مُجيبُ
      فَوَاللَهِ لا أَنساهُ ما ذَرَّ شارِقٌ وَما اِهتَزَّ مِن فَرقِ الأَراكِ قَضيبُ

      Sunday, October 1, 2017

      نعد المشرفية والعوالي من روائع المتنبي

      وتَقْتُلُنا المَنُونُ بِلا قِتالِ
      نُعِدّ المَشرَفيّةَ والعَوالي
      وما يُنْجينَ مِنْ خبَبِ اللّيالي
      ونَرْتَبِطُ السّوابِقَ مُقرَباتٍ
      ولكِنْ لا سَبيلَ إلى الوِصالِ
      ومَنْ لم يَعشَقِ الدّنيا قَديماً
      نَصيبُكَ في مَنامِكَ من خيَالِ
      نَصيبُكَ في حَياتِكَ من حَبيبٍ
      فُؤادي في غِشاءٍ مِنْ نِبالِ
      رَماني الدّهرُ بالأرزاءِ حتى
      تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ
      فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ
      لأنّي ما انْتَفَعتُ بأنْ أُبالي
      وهانَ فَما أُبالي بالرّزايا
      لأوّلِ مَيْتَةٍ في ذا الجَلالِ
      وهَذا أوّلُ النّاعينَ طُرّاً
      ولم يَخْطُرْ لمَخلُوقٍ بِبالِ
      كأنّ المَوْتَ لم يَفْجَعْ بنَفْسٍ
      على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ
      صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ
      وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
      على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً
      جَديداً ذِكْرُناهُ وهْوَ بَالِ
      فإنّ لهُ ببَطْنِ الأرْضِ شَخْصاً
      تَمَنّتْهُ البَوَاقي والخَوَالي
      أطابَ النّفسَ أنّكِ مُتِّ مَوْتاً
      تُسَرّ النّفسُ فيهِ بالزّوالِ
      وزُلْتِ ولم تَرَيْ يَوْماً كَريهاً
      ومُلْكُ عَليٍّ ابنِكِ في كمَالِ
      رِواقُ العِزّ فَوْقَكِ مُسْبَطِرٌّ
      نَظيرُ نَوَالِ كَفّكِ في النّوالِ
      سَقَى مَثْواكِ غادٍ في الغَوادي
      كأيدي الخَيلِ أبصَرتِ المَخالي
      لِساحبهِ على الأجداثِ حَفْشٌ
      وما عَهدي بمَجدٍ عَنكِ خالِ
      أُسائِلُ عَنكِ بعدَكِ كلّ مَجدٍ
      ويَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السّؤالِ
      يَمُرّ بقَبرِكِ العافي فيَبكي
      لَوَ انّكِ تَقدِرينَ على فَعَالِ
      وما أهداكِ لِلْجَدْوَى عَلَيْهِ
      وإنْ جانَبْتُ أرْضَكِ غيرُ سالِ
      بعَيشِكِ هلْ سَلَوْتِ فإنّ قَلبي
      بَعُدْتِ عنِ النُّعامى والشَّمالِ
      نَزَلْتِ على الكَراهَةِ في مَكانٍ
      وتُمْنَعُ منكِ أنْداءُ الطِّلالِ
      تُحَجّبُ عنكِ رائحَةُ الخُزامَى
      بَعيدُ الدّارِ مُنْبَتُّ الحِبالِ
      بدارٍ كلّ ساكِنِها غَريبٌ
      كَتُومُ السّرّ صادِقَةُ المَقالِ
      حَصانٌ مثلُ ماءِ المُزْنِ فيهِ
      وواحِدُها نِطاسِيُّ المَعَالي
      يُعَلّلُها نِطاسِيُّ الشّكايَا
      سَقاهُ أسِنّةَ الأسَلِ الطِّوالِ
      إذا وَصَفُوا لهُ داءً بثَغْرٍ
      تُعَدّ لها القُبورُ منَ الحِجالِ
      ولَيسَتْ كالإناثِ ولا اللّواتي
      يكونُ وَداعُها نَفضَ النّعالِ
      ولا مَنْ في جَنازَتِها تِجارٌ
      كأنّ المَرْوَ من زِفِّ الرّئَالِ
      مَشَى الأمَراءُ حَوْلَيها حُفاةً
      يَضَعْنَ النِّقْسَ أمكِنَةَ الغَوالي
      وأبْرَزَتِ الخُدورُ مُخَبّآتٍ
      فدَمْعُ الحُزْنِ في دَمعِ الدّلالِ
      أتَتْهُنّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ
      لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ
      ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا
      ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
      وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ
      قُبَيلَ الفَقْدِ مَفْقُودَ المِثالِ
      وأفجَعُ مَنْ فَقَدْنا مَن وَجَدْنا
      أواخِرُنا على هامِ الأوالي
      يُدَفِّنُ بَعْضُنا بَعضاً وتَمْشِي
      كَحيلٌ بالجَنادِلِ والرّمالِ
      وكَمْ عَيْنٍ مُقَبّلَةِ النّواحي
      وبالٍ كانَ يَفكُرُ في الهُزالِ
      ومُغْضٍ كانَ لا يُغْضِي لخَطبٍ
      وكيفَ بمِثْلِ صَبرِكَ للجِبالِ
      أسَيْفَ الدّوْلَةِ اسْتَنجِدْ بصَبرٍ
      وخوْضَ الموْتِ في الحرْبِ السِّجالِ
      وأنتَ تُعَلّمُ النّاسَ التّعَزّي
      وحالُكَ واحدٌ في كلّ حالِ
      وحالاتُ الزّمانِ عَلَيكَ شتى
      على عَلَلِ الغَرائبِ والدِّخالِ
      فلا غِيضَتْ بحارُكَ يا جَمُوماً
      كأنّكَ مُسْتَقيمٌ في مُحالِ
      رأيتُكَ في الّذينَ أرَى مُلُوكاً
      فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ
      فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ