مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل {4} سورة مريم و سورة طه
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص489): سورة مريم
«{رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} أي: وهى وضعف، وإذا ضعف العظم،
الذي هو عماد البدن، ضعف غيره، {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} لأن الشيب دليل الضعف
والكبر، ورسول الموت ورائده، ونذيره، فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا من أحب
الوسائل إلى الله، لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته.
{وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} أي: لم تكن يا رب تردني
خائبا ولا محروما من الإجابة، بل لم تزل بي حفيا «تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص492):
«{فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} أي: لا تخاطبيهم بكلام، لتستريحي
من قولهم وكلامهم. وكان معروفا عندهم أن السكوت من العبادات المشروعة، وإنما لم تؤمر
بخطابهم في نفي ذلك عن نفسها لأن الناس لا يصدقونها، ولا فيه فائدة، وليكون تبرئتها
بكلام عيسى في المهد، أعظم شاهد على براءتها،.فإن إتيان المرأة بولد من دون زوج، ودعواها
أنه من غير أحد، من أكبر الدعاوى، التي لو أقيم عدة من الشهود، لم تصدق بذلك، فجعلت
بينة هذا الخارق للعادة، أمرا من جنسه، وهو كلام عيسى في حال صغره جدا،»ولدعائي مجيبا،
ولم تزل ألطافك تتوالى علي، وإحسانك واصلا إلي، وهذا توسل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة
دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقا، أن يتمم إحسانه لاحقا.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (11/ 76):
«قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)»
قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَذْكُرَ فِي دُعَائِهِ نِعَمَ اللَّهِ
تَعَالَى عَلَيْهِ وَمَا يَلِيقُ بِالْخُضُوعِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:" وَهَنَ
الْعَظْمُ مِنِّي" إِظْهَارٌ لِلْخُضُوعِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ
رَبِّ شَقِيًّا) إِظْهَارٌ لِعَادَاتِ تَفَضُّلِهِ فِي إِجَابَتِهِ أَدْعِيَتَهُ، أَيْ
لَمْ أَكُنْ بِدُعَائِي إِيَّاكَ شَقِيًّا، أَيْ لَمْ تَكُنْ تُخَيِّبُ دُعَائِي إِذَا
دَعَوْتُكَ، أَيْ إِنَّكَ عَوَّدْتِنِي الْإِجَابَةَ فِيمَا مَضَى.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (9/ 223):
«{وَسَلَامٌ عَلَيهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ
حَيًّا} أي: له الأمان في هذه الثلاثة الأحوال.
وقال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد، فيري نفسه
خارجًا مما كان فيه، ويوم يموت فيري قومًا لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيري نفسه في محشر
عظيم. قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا، فخصه بالسلام عليه، فقال: {وَسَلَامٌ عَلَيهِ
يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}. رواه ابن جرير عن أحمد
بن منصور المروزي عن صدقة بن الفضل عنه»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص492):
«{فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} أي: لا تخاطبيهم بكلام، لتستريحي
من قولهم وكلامهم. وكان معروفا عندهم أن السكوت من العبادات المشروعة، وإنما لم تؤمر
بخطابهم في نفي ذلك عن نفسها لأن الناس لا يصدقونها، ولا فيه فائدة، وليكون تبرئتها
بكلام عيسى في المهد، أعظم شاهد على براءتها،.فإن إتيان المرأة بولد من دون زوج، ودعواها
أنه من غير أحد، من أكبر الدعاوى، التي لو أقيم عدة من الشهود، لم تصدق بذلك، فجعلت
بينة هذا الخارق للعادة، أمرا من جنسه، وهو كلام عيسى في حال صغره جدا،»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص494):
«{يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ}
أي: يا أبت لا تحقرني وتقول: إني ابنك، وإن عندك ما ليس عندي، بل قد أعطاني الله من
العلم ما لم يعطك، والمقصود من هذا قوله: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا}
أي: مستقيما معتدلا وهو: عبادة الله وحده لا شريك له، وطاعته في جميع الأحوال،. وفي
هذا من لطف الخطاب ولينه، ما لا يخفى، فإنه لم يقل: " يا أبت أنا عالم، وأنت جاهل
" أو " ليس عندك من العلم شيء " وإنما أتى بصيغة تقتضي أن عندي وعندك
علما، وأن الذي وصل إلي لم يصل إليك ولم يأتك، فينبغي لك أن تتبع الحجة وتنقاد لها.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (9/ 279):
«{وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا
(71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا
(72)}»
وقال عبد الرزاق: عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم
قال: كان عبد الله بن رواحة واضعًا رأسه في حجر امرأته، فبكي، فبكت امرأته، فقال: ما
يبكيك؟ فقالت: رأيتك تبكي فبكيت. قال: إني ذكرت قول الله عز وجل: {وَإِنْ مِنْكُمْ
إلا وَارِدُهَا} فلا أدري أنجو منها أم لا؟ وفي رواية: وكان مريضًا.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن يمان، عن مالك بن مِغُوَل، عن أبي
إسحاق: كان أبو ميسرة إذا أوي إلي فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني. ثم يبكي، فقيل:
ما يبكيك يا أبا ميسرة؟ فقال: أخبرنا أنَّا واردوها، ولم نخبر أنَّا صادرون عنها.
وقال عبد الله بن المبارك عن الحسن البصري قال: قال رجل لأخيه: هل أتاك بأنك
وارد النار؟ قال: نعم. [قال: هل] أتاك أنك صادر عنها؟ قال: لا. قال: ففيم الضحك؟ [قال:
فما رُؤي ضاحكًا حتى لحق بالله]
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (11/ 199): سورة طه
«اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (44)»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (11/ 201):
«وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هَذَا رِفْقُكَ
بِمَنْ يَقُولُ أَنَا الْإِلَهُ فَكَيْفَ رِفْقُكَ بِمَنْ يَقُولُ أَنْتَ الْإِلَهُ؟!.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص511):
«{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ} أي: كثير المغفرة والرحمة، لمن تاب من الكفر
والبدعة والفسوق، وآمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وعمل صالحا من أعمال
القلب والبدن، وأقوال اللسان.
{ثُمَّ اهْتَدَى} أي: سلك الصراط المستقيم، وتابع الرسول الكريم، واقتدى
بالدين القويم، فهذا يغفر الله أوزاره، ويعفو عما تقدم من ذنبه وإصراره، لأنه أتى بالسبب
الأكبر، للمغفرة والرحمة، بل الأسباب كلها منحصرة في هذه الأشياء فإن التوبة تجب ما
قبلها، والإيمان والإسلام يهدم ما قبله، والعمل الصالح الذي هو الحسنات، يذهب السيئات،
وسلوك طرق الهداية بجميع أنواعها، من تعلم علم، وتدبر آية أو حديث، حتى يتبين له معنى
من المعاني يهتدي به، ودعوة إلى دين الحق، ورد بدعة أو كفر أو ضلالة، وجهاد، وهجرة،
وغير ذلك من جزئيات الهداية، كلها مكفرات للذنوب محصلات لغاية المطلوب.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (11/ 263):
«وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ): أَمَرَهُ تَعَالَى بِأَنْ يَأْمُرَ
أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَيَمْتَثِلَهَا معهم، ويصطبر عليها ويلازمها: وهذا الخطاب لِلنَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ جَمِيعُ أُمَّتِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ
عَلَى التَّخْصِيصِ. وَكَانَ عليه السلام بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ يَذْهَبُ
كُلَّ صَبَاحٍ إِلَى بَيْتِ فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَيَقُولُ"
الصَّلَاةَ". وَيُرْوَى أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه كَانَ إِذَا
رَأَى شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِ السَّلَاطِينِ وَأَحْوَالِهِمْ بَادَرَ إِلَى مَنْزِلِهِ
فَدَخَلَهُ، وَهُوَ يَقْرَأُ" وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ " الْآيَةَ إِلَى
قَوْلِهِ:" وَأَبْقى " ثُمَّ يُنَادِي بِالصَّلَاةِ: الصَّلَاةَ يَرْحَمُكُمُ
اللَّهُ، وَيُصَلِّي: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يُوقِظُ أَهْلَ
دَارِهِ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَيُصَلِّي وَهُوَ يَتَمَثَّلُ بالآية. قوله تعالى: (لا
نَسْئَلُكَ رِزْقاً) أي لا نسئلك أَنْ تَرْزُقَ نَفْسَكَ وَإِيَّاهُمْ، وَتَشْتَغِلَ
عَنِ الصَّلَاةِ بِسَبَبِ الرِّزْقِ، بَلْ نَحْنُ نَتَكَفَّلُ بِرِزْقِكَ وَإِيَّاهُمْ،
فَكَانَ عليه السلام إِذَا نَزَلَ بِأَهْلِهِ ضِيقٌ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ»
No comments:
Post a Comment