مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل {5} سورة الأنبياء و سورة الحج
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (11/ 266): سورة الأنبياء
«اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ»
وَمَنْ عَلِمَ اقْتِرَابَ السَّاعَةِ قَصُرَ أَمَلُهُ، وَطَابَتْ نَفْسُهُ بِالتَّوْبَةِ،
وَلَمْ يَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا، فَكَأَنَّ مَا كَانَ لَمْ يَكُنْ إِذَا ذَهَبَ،
وَكُلُّ آتٍ قَرِيبٌ، وَالْمَوْتُ لَا مَحَالَةَ آتٍ، وَمَوْتُ كُلِّ إِنْسَانٍ قِيَامُ
سَاعَتِهِ، وَالْقِيَامَةُ أَيْضًا قَرِيبَةٌ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا مَضَى مِنَ
الزَّمَانِ، فَمَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا أَقَلُّ مِمَّا مَضَى.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص520):
«{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا
هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ * َ} .
يخبر تعالى، أنه تكفل بإحقاق الحق وإبطال الباطل، وإن كل باطل قيل وجودل به،
فإن الله ينزل من الحق والعلم والبيان، ما يدمغه، فيضمحل، ويتبين لكل أحد بطلانه {فَإِذَا
هُوَ زَاهِقٌ} أي: مضمحل، فانٍ، وهذا عام في جميع المسائل الدينية، لا يورد مبطل، شبهة،
عقلية ولا نقلية، في إحقاق باطل، أو رد حق، إلا وفي أدلة الله، من القواطع العقلية
والنقلية، ما يذهب ذلك القول الباطل ويقمعه فإذا هو متبين بطلانه لكل أحد.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص524):
«{وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ} أي: الأصم لا يسمع صوتا، لأن
سمعه قد فسد وتعطل، وشرط السماع مع الصوت، أن يوجد محل قابل لذلك، كذلك الوحي سبب لحياة
القلوب والأرواح، وللفقه عن الله، ولكن إذا كان القلب غير قابل لسماع الهدى، كان بالنسبة
للهدى والإيمان، بمنزلة الأصم، بالنسبة إلى الأصوات فهؤلاء المشركون، صم عن الهدى»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص526):
«{إِلا كَبِيرًا لَهُمْ} أي إلا صنمهم الكبير، فإنه تركه لمقصد سيبينه،
وتأمل هذا الاحتراز العجيب، فإن كل ممقوت عند الله، لا يطلق عليه ألفاظ التعظيم، إلا
على وجه إضافته لأصحابه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كتب إلى ملوك الأرض
المشركين يقول: " إلى عظيم الفرس " " إلى عظيم الروم " ونحو ذلك،
ولم يقل " إلى العظيم " وهنا قال تعالى: {إِلا كَبِيرًا لَهُمْ} ولم يقل
" كبيرا من أصنامهم " فهذا ينبغي التنبيه له، والاحتراز من تعظيم ما حقره
الله، إلا إذا أضيف إلى من عظمه.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص542): سورة الحج
«{لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً} لطائفتين من الناس، لا يبالي
الله بهم، وهم الذين {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي: ضعف وعدم إيمان تام وتصديق جازم،
فيؤثر في قلوبهم أدنى شبهة تطرأ عليها، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان، داخلهم الريب
والشك، فصار فتنة لهم.
{وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} أي: الغليظة، التي لا يؤثر فيها زجر ولا
تذكير، ولا تفهم عن الله وعن رسوله لقسوتها، فإذا سمعوا ما ألقاه الشيطان، جعلوه حجة
لهم على باطلهم، وجادلوا به وشاقوا الله ورسوله، ولهذا قال: {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} أي: مشاقة لله، ومعاندة للحق، ومخالفة له، بعيد من الصواب،
فما يلقيه الشيطان، يكون فتنة لهؤلاء الطائفتين، فيظهر به ما في قلوبهم، من الخبث الكامن
فيها، وأما الطائفة الثالثة، فإنه يكون رحمة في حقها، وهم المذكورون بقوله: {وَلِيَعْلَمَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} لأن الله منحهم من العلم،
ما به يعرفون الحق من الباطل، والرشد من الغي، فيميزون بين الأمرين، الحق المستقر،
الذي يحكمه الله، والباطل العارض الذي ينسخه الله، بما على كل منهما من الشواهد، وليعلموا
أن الله حكيم، يقيض بعض أنواع الابتلاء، ليظهر بذلك كمائن النفوس الخيرة والشريرة،
{فَيُؤْمِنُوا بِهِ} بسبب ذلك، ويزداد إيمانهم عند دفع المعارض والشبه.
{فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} أي: تخشع وتخضع، وتسلم لحكمته، وهذا
من هدايته إياهم»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص545):
«{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} أرحم بهم من والديهم،
ومن أنفسهم، ولهذا يريد لهم الخير، ويريدون لها الشر والضر، ومن رحمته، أن سخر لهم
ما سخر من هذه الأشياء.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (12/ 93):
«وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ
الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (66)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ) أَيْ بَعْدَ أَنْ كُنْتُمْ
نُطَفًا. (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِكُمْ. (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) أَيْ
لِلْحِسَابِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) أَيْ لَجَحُودٌ
لِمَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ. قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْأَسْوَدَ ابن عَبْدِ الْأَسَدِ وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ
وَالْعَاصَ بْنِ هِشَامٍ وَجَمَاعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ. وَقِيلَ: إِنَّمَا قَالَ
ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْإِنْسَانِ كُفْرُ النِّعَمِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:"
وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ»
No comments:
Post a Comment