مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل {17} سورة الملك و ما بعدها الجزء 29
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (20/ 217):
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
«فإليه كل تدبير له وتدبير فيه وبقدرته إظهار ما يريد، لا مانع له من شيء ولا
كفوء له بوجه»
«تفسير البغوي - طيبة» (8/ 176):
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ
عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
«وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ "أَحْسَنُ عَمَلًا" أَخْلَصُهُ
وَأَصْوَبُهُ. وَقَالَ: الْعَمَلُ لَا يُقْبَلُ حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا الْخَالِصُ:
إِذَا كَانَ لِلَّهِ وَالصَّوَابُ: إِذَا كَانَ عَلَى السُّنَّةِ.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (18/ 209):
«ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ
خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (4)»
وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالنَّظَرِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَظَرَ
فِي الشَّيْءِ مَرَّةً لَا يَرَى عَيْبَهُ مَا لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص876):
«{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ}»
{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} أي: كلها سواء لديه، لا يخفى
عليه منها خافية، فـ {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي: بما فيها من النيات،
والإرادات، فكيف بالأقوال والأفعال، التي تسمع وترى؟!
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 75):
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا
مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}
«أي: فسافروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب
والتجارات، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئًا، إلا أن ييسره اللَّه لكم؛ ولهذا
قال: {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}، فالسعي في السبب لا ينافي التوكل»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (18/ 219):
أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى
صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) مُكِبًّا أَيْ
مُنَكِّسًا رَأْسَهُ لَا يَنْظُرُ أَمَامَهُ وَلَا يَمِينَهُ وَلَا شِمَالَهُ، فَهُوَ
لَا يَأْمَنُ مِنَ الْعُثُورِ وَالِانْكِبَابِ عَلَى وَجْهِهِ. كَمَنْ يَمْشِي سَوِيًّا
مُعْتَدِلًا نَاظِرًا مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 78):
«قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23)»
{قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} أي: ما أقلَّ ما تستعملون هذه القوى اقى أنعم اللَّه
بها عليكم، في طاعته وامتثال أوامره، وترك زواجره.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص878):
«قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ
مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ»
{آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} والإيمان يشمل التصديق الباطن، والأعمال
الباطنة والظاهرة، ولما كانت الأعمال، وجودها وكمالها، متوقفة على التوكل، خص الله
التوكل من بين سائر الأعمال، وإلا فهو داخل في الإيمان، ومن جملة لوازمه.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (20/ 270):
«قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ
مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ»
«{وعليه} أي وحده {توكلنا} لأنه لا شيء في يد غيره وإلا لرحم من يريد عذابه
أو عذاب من يريد رحمته، فكل ما جرى على أيدي خلقه من رحمة أو نقمة فهو الذي أجراه لأنه
الفاعل بالذات، المستجمع لما يليق به من الصفات، فنحن نرجو خيره ولا نخاف غيره.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص879): سُورَةُ
الْقَلَمِ
«{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ}»
وهذا فيه تهديد للضالين، ووعد للمهتدين، وبيان لحكمة الله، حيث كان يهدي من
يصلح للهداية، دون غيره.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 88):
«{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ}، وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته
إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجتريء بها على أسماء اللَّه تعالى، واستعمالها في
كل وقت في غير محلها.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص880):
«{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ
أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ}»
إنا بلونا هؤلاء المكذبين بالخير وأمهلناهم، وأمددناهم بما شئنا من مال وولد،
وطول عمر، ونحو ذلك، مما يوافق أهواءهم، لا لكرامتهم علينا، بل ربما يكون استدراجًا
لهم من حيث لا يشعرون.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 100):
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}
«فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه، ولما دعوا إلى السُّجود في الدُّنيا فامتنعوا
منه مع صحتهم وسلامتهم، كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة، إذا تجلى الرب عز
وجل فسجد له المؤمنون، لا يستطع أحد من الكافرين ولا المنافقين أن يسجدَ، بل يعود ظهر
أحدهم طبقًا واحدًا»
«تفسير البغوي - طيبة» (8/ 200):
«{وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} قَالَ إِبْرَاهِيمُ
التَّيْمِيُّ: يَعْنِي إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانُوا يَسْمَعُونَ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ فَلَا
يُجِيبُونَ»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (18/ 251/252):
«فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ
مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44)»
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: نُسْبِغُ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ وَنُنْسِيهِمُ
الشُّكْرَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَمْ مُسْتَدْرَجٌ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَكَمْ
مَفْتُونٌ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَكَمْ مَغْرُورٌ بِالسِّتْرِ عَلَيْهِ. وَقَالَ
أَبُو رَوْقٍ: أَيْ كُلَّمَا أَحْدَثُوا خَطِيئَةً جَدَّدْنَا لَهُمْ نِعْمَةً وَأَنْسَيْنَاهُمُ
الِاسْتِغْفَارَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَنَمْكُرُ بِهِمْ. وَقِيلَ: هُوَ أَنْ نَأْخُذَهُمْ
قَلِيلًا وَلَا نُبَاغِتَهُمْ. وَفِي حَدِيثٍ (أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
قَالَ يَا رب كم أعصيك وَأَنْتَ لَا تُعَاقِبُنِي- قَالَ- فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى
نَبِيِّ زَمَانِهِمْ أَنْ قُلْ لَهُ كَمْ مِنْ عُقُوبَةٍ لِي عَلَيْكَ وَأَنْتَ لَا
تَشْعُرُ. إِنَّ جُمُودَ عَيْنَيْكَ وَقَسَاوَةَ قَلْبِكَ اسْتِدْرَاجٌ مِنِّي وَعُقُوبَةٌ
لَوْ عَقَلْتَ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 102):
{وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا
الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)}
«{لَيُزْلِقُونَكَ} لَيَنْفُذونك بأبصارهم. [أي: ليَعينُوك]، بأبصارهم، بمعنى
يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك، وحمايته إياك منهم. وفي هذه الآية دليل على
أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (20/ 336): {وَمَا هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}
«{هو إلا ذكر} أي موعظة وشرف {للعالمين } أي كلهم عاليهم ودانيهم ليس
منهم أحد إلا وهو يعلم أنه لا شيء يشبهه في جلالة معانيه وحلاوة ألفاظه وعظمة سبكه
ودقة فهمه ورقة حواشيه وجزالة نظومه، ويفهم منه على حسب ما هيأه الله له»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص884): سورة
الحاقة
«{وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أي: ليس في قلبه رحمة يرحم بها
الفقراء والمساكين فلا يطعمهم [من ماله] ولا يحض غيره على إطعامهم، لعدم الوازع في
قلبه، وذلك لأن مدار السعادة ومادتها أمران: الإخلاص لله، الذي أصله الإيمان بالله،
والإحسان إلى الخلق بوجوه الإحسان، الذي من أعظمها، دفع ضرورة المحتاجين بإطعامهم ما
يتقوتون به، وهؤلاء لا إخلاص ولا إحسان، فلذلك استحقوا ما استحقوا.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص886): سورة المعارج
«{يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ
* وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (18/ 303): سورة نوح
«مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً
(14)»
أي مالكم لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً وَقُدْرَةً عَلَى أَحَدِكُمْ بِالْعُقُوبَةِ.
أَيْ أَيُّ عُذْرٍ لَكُمْ فِي تَرْكِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (20/ 447):
قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ
وَوَلَدُهُ إِلَاّ خَساراً (21)
«فإن البسط لهم في الدنيا بذلك كان سبباً لطغيانهم وبطرهم واتباعهم
لأهوائهم حتى كفروا واستغووا غيرهم فغلبوا عليهم فكانوا سبباً في شقائهم وخسارتهم بخسارتهم»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص889):
«{إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا
فَاجِرًا كَفَّارًا} أي: بقاؤهم مفسدة محضة، لهم ولغيرهم، وإنما قال نوح عليه السلام
ذلك، لأنه مع كثرة مخالطته إياهم، ومزاولته لأخلاقهم، علم بذلك نتيجة أعمالهم، لا جرم
أن الله استجاب دعوته ، فأغرقهم أجمعين ونجى نوحا ومن معه من المؤمنين.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص890):
«{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا}
خص المذكورين لتأكد حقهم وتقديم برهم، ثم عمم الدعاء، فقال: {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا} أي: خسارا ودمارا وهلاكا.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (20/ 471): سُورَةُ الْجِنِّ
{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ
كَذِبًا}
وهذا مرشد إلى أنه لا ينبغي التقليد في شيء لأن الثقة بكل أحد عجز، وإنما ينكشف
ذلك بالتجربة، والتقليد قد يجر إلى الكفر المهلك هلاكاً أبدياً، وإليه أرشد النبي صلى
الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان عن النعمان ابن بشير رضي الله عنه بأن «من اتقى
الشبهات استبرأ لديه وعرضه» وفي ذلك غاية الحث على أن الإنسان لا يقدم ولا يحجم في
أصول الدين إلا بقاطع.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (19/ 16/17):
«وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ
فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً»
قال ابن عباس: لا يخاف أَنْ يُنْقَصَ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَلَا أَنْ يُزَادَ
فِي سَيِّئَاتِهِ، لِأَنَّ الْبَخْسَ النُّقْصَانُ، وَالرَّهَقَ: الْعُدْوَانُ
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (19/ 17):
«وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ مَاءً
غَدَقاً (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ»
وَقَالَ عُمَرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَيْنَمَا كَانَ الْمَاءُ كَانَ الْمَالُ،
وَأَيْنَمَا كَانَ الْمَالُ كَانَتِ الْفِتْنَةُ. فَمَعْنَى لَأَسْقَيْناهُمْ لَوَسَّعْنَا
عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَضَرَبَ الْمَاءَ الْغَدَقَ الْكَثِيرَ لِذَلِكَ مَثَلًا،
لِأَنَّ الْخَيْرَ وَالرِّزْقَ كُلَّهُ بِالْمَطَرِ يَكُونُ، فَأُقِيمَ مَقَامَهُ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (19/ 22):
«وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً
(18)»
وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَفْرِدُوا الْمَسَاجِدَ لِذِكْرِ اللَّهِ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا
هُزُوًا وَمَتْجَرًا وَمَجْلِسًا، وَلَا طُرُقًا، وَلَا تَجْعَلُوا لِغَيْرِ اللَّهِ
فِيهَا نَصِيبًا.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص891):
«{قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} . {وَلَنْ أَجِدَ
مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا}
أي: لا أحد أستجير به ينقذني من عذاب الله، وإذا كان الرسول الذي هو أكمل الخلق،
لا يملك ضرا ولا رشدا، ولا يمنع نفسه من الله [شيئا] إن أراده بسوء، فغيره من الخلق
من باب أولى وأحرى.
{وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} أي: ملجأ ومنتصرا.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (19/ 33): سورة المزمل
{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}
«وَفِي خِطَابِهِ بِهَذَا الِاسْمِ فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْمُلَاطَفَةُ،
فَإِنَّ الْعَرَبَ إِذَا قَصَدَتْ مُلَاطَفَةَ الْمُخَاطَبِ وَتَرْكَ الْمُعَاتَبَةِ
سَمَّوْهُ بِاسْمٍ مُشْتَقٍّ مِنْ حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، وَالْفَائِدَةُ
الثَّانِيَةُ- التَّنْبِيهُ لِكُلِّ مُتَزَمِّلٍ رَاقِدٍ لَيْلَهُ لِيَتَنَبَّهَ إِلَى
قِيَامِ اللَّيْلِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 163):
«إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا
(6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَويلًا (7)»
أي: أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار؛ لأنّه وقتُ انتشار
الناس، ولَغَط الأصرات، وأوقات المعاش.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 180): سورة
المدثر
{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ
شُهُودًا}
«يقول تعالى متوعدًا لهذا الخبيث الذي أنعم اللَّه عليه بنعم الدنيا،
فكفر بأنعم اللَّه، وبدلها كفرًا، وقابلها بالجحود بآيات اللَّه والافتراء عليها، وجعلها
من قول البشر، وجعل له {وَبَنِينَ
شُهُودًا}، قال مجاهد: لا يغيبون. أي: حضورًا عنده لا يسافرون في التجارات، بل مَواليهم
وأجرَاؤهم يتولون ذلك عنهم وهم قعود عند أبيهم، يتمتع بهم ويَتَملَّى بهم.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (21/ 71):
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ
«{إلا أصحاب اليمين } أي الذين تقدم وصفهم وهم الذين تحيزوا إلى الله فائتمروا
بأوامره وانتهوا بنواهيه، فإنهم لا يرتهنون بأعمالهم، بل يرحمهم الله فيقبل حسناتهم
ويتجاوز عن سيئاتهم.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (21/ 75):
مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43)
«فكان هذا تنبيهاً على أن رسوخ القدم في الصلاة مانع من مثل حالهم،
وعلى أنهم يعاقبون على فروع الشريعة وإن كانت لا تصح منهم، فلو فعلوها قبل الإيمان
لم يعتد بها، وعلى أن الصلاة أعظم الأعمال، وأن الحساب بها يقدم على غيرها.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 190):
«{هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ}، أي: هو أهل أن يُخاف
منه، وهو أهل أن يَغفر ذنب من تاب إليه وأناب. قاله قتادة.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص899): سورة
القيامة
«{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ
وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}
.»
وفي هذه الآية أدب لأخذ العلم، أن لا يبادر المتعلم المعلم قبل أن يفرغ من
(2) المسألة التي شرع فيها، فإذا فرغ منها سأله عما أشكل عليه، وكذلك إذا كان في أول
الكلام ما يوجب الرد أو الاستحسان، أن لا يبادر برده أو قبوله، حتى يفرغ من ذلك الكلام،
ليتبين ما فيه من حق أو باطل، وليفهمه فهما يتمكن به من الكلام عليه.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص899):
«{كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ}»
لأن الدنيا نعيمها ولذاتها عاجلة، والإنسان مولع بحب العاجل، والآخرة متأخر
ما فيها من النعيم المقيم، فلذلك غفلتم عنها وتركتموها، كأنكم لم تخلقوا لها، وكأن
هذه الدار هي دار القرار، التي تبذل فيها نفائس الأعمار، ويسعى لها آناء الليل والنهار،
وبهذا انقلبت عليكم الحقيقة، وحصل من الخسار ما حصل.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص900):
«{كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ}»
أي: من يرقيه من الرقية لأنهم انقطعت آمالهم من الأسباب العادية، فلم يبق إلا
الأسباب الإلهية. ولكن القضاء والقدر، إذا حتم وجاء فلا مرد له.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (21/ 123): سورة الإنسان
{هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً}
«تعريف الإنسان بحاله وابتداء أمره ليعلم أن لا طريق له للكبر واعتقاد
السيادة لنفسه، وأن لا يغلطه ما اكتنفه من الألطاف الربانية والاعتناء الإلهي والتكرمة
فيعتقد أنه يستوجب ذلك ويستحقه {وما بكم من نعمة فمن الله} [النحل: 53]»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص900):
«إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ
فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا»
{مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} أي: ماء مهين مستقذر {نَبْتَلِيهِ} بذلك لنعلم هل
يرى حاله الأولى ويتفطن لها أم ينساها وتغره نفسه؟
فأنشأه الله، وخلق له القوى الباطنة والظاهرة، كالسمع والبصر، وسائر الأعضاء،
فأتمها له وجعلها سالمة يتمكن بها من تحصيل مقاصده.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (19/ 122):
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} .
وَجَمَعَ بَيْنَ الشَّاكِرِ وَالْكَفُورِ، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الشَّكُورِ
وَالْكَفُورِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ، نَفْيًا لِلْمُبَالَغَةِ
فِي الشُّكْرِ وَإِثْبَاتًا لَهَا فِي الْكُفْرِ، لِأَنَّ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى
لَا يُؤَدَّى، فَانْتَفَتْ عَنْهُ الْمُبَالَغَةُ، وَلَمْ تَنْتَفِ عَنِ الْكُفْرِ
الْمُبَالَغَةُ، فَقَلَّ شُكْرُهُ، لِكَثْرَةِ النِّعَمِ عَلَيْهِ «2» وَكَثْرَةِ كُفْرِهِ
وَإِنْ قَلَّ مَعَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ. حكاه الماوردي.
تفسير ابن تيمية
{وَيُطْعِمُونَ
الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا
نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً}، حيث يقول إنّ من طلب من الفقير
الذي تصدق عليه الدعاء أو الثناء فقد خرج من معنى هذه الآية التي تتطلب الإخلاص
التام في الصدقة لله تعالى فقط.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (21/ 157):
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (26)
«وذكرهما بالسجود تنبيهاً على أنه أفضل الصلاة، فهو إشارة إلى أن الليل
موضع الخضوع»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص903):
«{وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار،
والقوى الظاهرة والباطنة، حتى تم الجسم واستكمل، وتمكن من كل ما يريده، فالذي أوجدهم
على هذه الحالة، قادر على أن يعيدهم بعد موتهم لجزائهم»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (21/ 170): سورة المرسلات
لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14)
«{ {وما أدراك ما
يوم الفصل } أي إنه أمر يستحق أن يسأل عنه ويعظم، وكل ما عظم بشيء فهو أعظم منه، ولا
يقدر أحد من الخلق على الوصول إلى علمه لأنه لا مثل له يقال عليه.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (19/ 154):
«وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)»
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أَيْ عَذَابٌ وَخِزْيٌ لِمَنْ كَذَّبَ
بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَبِيَوْمِ الْفَصْلِ فَهُوَ وَعِيدٌ. وَكَرَّرَهُ
فِي هَذِهِ السُّورَةِ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ لِمَنْ كَذَّبَ، لِأَنَّهُ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ
عَلَى قَدْرِ تَكْذِيبِهِمْ، فَإِنَّ لِكُلِّ مُكَذِّبٍ بِشَيْءٍ عَذَابًا سِوَى تكذيبه
بشيء آخر.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (19/ 161):
«أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (25) أَحْياءً وَأَمْواتاً
(26)»
أَيْ ضَامَّةً تَضُمُّ الْأَحْيَاءَ عَلَى ظُهُورِهَا وَالْأَمْوَاتَ فِي بَطْنِهَا.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ مُوَارَاةِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ، وَدَفْنِ شَعْرِهِ
وَسَائِرِ مَا يُزِيلُهُ عَنْهُ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص905):
«{إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ}
وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة، وهذا يدل على أن النار مظلمة، لهبها وجمرها
وشررها، وأنها سوداء، كريهة المرأى (1) ، شديدة الحرارة، نسأل الله العافية منها»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص905):
«{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ * فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} .»
ومن إجرامهم أنهم إذا أمروا بالصلاة التي هي أشرف العبادات، وقيل لهم: {ارْكَعُوا}
امتنعوا من ذلك.
فأي إجرام فوق هذا؟ وأي تكذيب يزيد على هذا؟ "
No comments:
Post a Comment