RAMADAN

Sunday, March 7, 2021

نظراً لقرب رمضان بعض فتاوى الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي من دروس شرح الزاد


تتابع صيام الست من شوال

 

السؤال

  هل الأفضل صيام الست من شوال متفرقة أم متتابعة؟

 

الجواب

  الأمر واسع؛ ولكن تتابعها من باب المبادرة إلى الخير أفضل وأكمل ما لم يُعْتَقد في الأيام المتتابعة، ولذلك شدد الإمام مالك رحمة الله عليه في صيام الست؛ لأن الناس صاروا يصومونها من اليوم الثاني من الفطر، فخشي أن يُزاد في العبادة ما ليس منها؛ لأن من قواعد مذهبه رحمة الله عليه -وكان يشدد في هذا حيطةً للدين وصيانةً له من البدع والأهواء- أنه كان يمنع من صيام الست، ومراده من ذلك أن لا يعتقد أنها من رمضان؛ لأن الناس بالغوا فيها، فكان الرجل بمجرد فطره يصوم في اليوم الثاني، وقد يفوت زيارته للناس، وحصول الأنس بإصابة شرابهم وطعامهم في أيام العيد، فشدَّد من هذا الوجه، وكانت النصارى تزيد في أعداد الأيام المفروضة عليهم، ولذلك ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الشك) لئلا يُعتَقد أنه من رمضان فيُزاد في عدده، ولذلك شدد الإمام مالك فيما بعد رمضان إعمالاً لهذا الأصل، وهو خوف اعتقاد الوجوب، وأنها من رمضان، وقد كانوا يقولون: أتممتَ رمضان أو لم تتمَّه؟ ومقصودُهم: أتممت العدد ستاً وثلاثين حتى يُكتب الصيام بعدد أيام العام أو لم تتمه؟ فصارت الست كأنها من رمضان، وكأنها من تمام العدة، فاحتاط رحمه الله لذلك سداً للذريعة. والله تعالى أعلم.

تقديم صيام الست من شوال على القضاء

 

السؤال

  ماذا يفعل من كان عليه قضاء من رمضان وأراد أن يصوم الست من شوال؟

 

الجواب

  أما من كان عليه قضاء من رمضان فلا حرج عليه أن يصوم ستاً من شوال ثم يؤخر قضاء رمضان، وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة الثابت في الصحيح أنها قالت: (إن كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فلا أقضيه إلا في شعبان، لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مني) فقد كانت تصوم الست، وكانت تصوم عرفة، كما ثبت في الموطأ، وكانت تصوم يوم عاشوراء، ولذلك قالوا: إنه يجوز تأخير القضاء.

ومَنَعَ بعض العلماء، واحتجوا بأنه كيف يَتَنَفَّل وعليه الفرض؟ وهذا مردود؛ لأن التَّنَفُّل مع وجود الخطاب بالفرض فيه تفصيل: فإن كان الوقت واسعاً لفعل الفرض والنافلة ساغ إيقاع النفل قبل الفرض بدليل: أنك تصلي راتبة الظهر قبل صلاة الظهر وأنت مخاطب بصلاة الظهر، فإن الإنسان إذا دخل عليه وقت الظهر وزالت الشمس وجب عليه أن يصلي الظهر، ومع ذلك يؤخرها فيصلي الراتبة، ثم يصلي بعدها الظهر، فتنفل قبل فعل الفرض بإذن الشرع، فدل على أن النافلة قد تقع قبل الفرض بإذن الشرع، فلما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة أن تؤخر القضاء دل على أن الوقت موسع.

وأما قوله: (من صام رمضان ثم أتبعه) فهذا خارج مخرج الغالب، والقاعدة: (أن النص إذا خرج مخرج الغالب لم يعتبر مفهومُه).

فليس لقائل أن يقول: إن مَن عليه قضاء فلا يصم رمضان.

ثم نقول: لو كان الأمر كما ذُكِر لم يشمل الحديث مَن أفطر يوماً من رمضان؛ فإنه لو قضى في شوال لم يصدُق عليه أنه صام رمضان حقيقةً؛ وإنما صام قضاءً ولم يصم أداءً.

ولذلك: الذي تميل إليه النفس ويقوى: أنه يصوم الست، ولا حرج أن يقدِّمها على قضائه من رمضان.

وهذا هو الصحيح، فإن المرأة النفساء قد يمر بها رمضان كلُّه وهي مفطرة، وتريد الفضل، فتصوم الست، ثم تؤخر قضاء رمضان إلى أن يتيسر لها.

والله تعالى أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

حكم ائتمام النساء بالرجال مع عدم رؤيتهم

 

السؤال

  هل يشترط أن يرى النساء المأمومين والإمام أثناء الصلاة المفروضة وفي النوافل كالتراويح مثلاً؟

 

الجواب

  الأصل: أن يرين؛ لأن الأحاديث الصحيحة تدل على هذا، ولذلك نهي النساء أن يرفعن رءوسهن قبل الرجال؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا ربما سجد الرجل منهم فبانت عورته؛ لأنهم ما كانوا يجدون الأُزر إلا ما يستر حد الضرورة بسبب ضيق العيش الذي كانوا فيه، فهذا مصعب بن عمير خرج من الدنيا وعليه شملة واحدة هي زاده من الدنيا كلها، إن غطوا بها رأسه بدت قدماه، وإن غطوا قدميه بدا رأسه، فقال صلى الله عليه وسلم: (غطوا بها وجهه، واجعلوا على رجليه إذخراً أو شيئاً من الإذخر) فهذا يدل على أنهن كنَّ يرين الإمام والمصلين.

وفي زماننا لو حصل سهو للإمام أو خطأ فربما لم ينتبه النساء لذلك الخطأ والسهو إذا لم يكن يرين، لذلك يشرع رؤيتهن للإمام؛ لأنه الأصل في المتابعة، فيحتاط بموضع ولو لامرأة واحدة حتى ترى من خلاله الإمام، وإلا اختلت صلاتهن، مثال ذلك: لو أن الإمام سها وقام ولم يجلس للتشهد الأول، فإن النساء سيجلسن، وقد وقع هذا كثيراً، وأذكر أنني ذات مرة صليت بقوم التراويح فلما سلمت سجدت سجدتي السهو البعدية، فقال لي أحد الإخوان بعدما خرجنا: قالت إحدى نسائه: من هو الميت الذي صليتم عليه صلاة الغائب؟ نعم والله؛ لأنها سمعت أربع تكبيرات بتسليمة، لكن فاتتها التسليمة الثانية، فربما ظنت أنها السنة.

فالمقصود: أن عدم الرؤية مدعاة للخطأ، فيحتاط بوضع مكان تكون فيه امرأة كبيرة في السن أو أمينة، ولاشك أن فساد الناس في هذا الزمن يقتضي الستر لهن، لكن لابد من تحقيق أصول الشرع، فيحتاط ولو بنافذة أو بمكان مخصص ترى امرأة واحدة منه ولو بعض الأمور، ولو مأموماً واحداً لأنه يدل على أفعال الإمام، وبهذا يحصل الاحتياط.

وهناك قول ثانٍ: أنه لا تشترط الرؤية، واحتجوا له بحديث أم المؤمنين في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف.

لكن الأصل المعتبر هو الرؤية، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الهدي من بعده في مسجده صلوات الله وسلامه عليه. 

No comments: