مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل (28) (الجزء الحادي عشر) سورة التوبة(2)
من آية 96 و سورة يونس
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص349): سورة
التوبة
«{الأعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا
حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
وفي هذه الآية دليل على: فضيلة العلم، وأن فاقده أقرب إلى الشر ممن يعرفه، لأن
الله ذم الأعراب، وأخبر أنهم أشد كفرا ونفاقا، وذكر السبب الموجب لذلك، وأنهم أجدر
أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله.
{وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ
الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
ومنها: أنه ينبغي للمؤمن أن يؤدي ما عليه من الحقوق، منشرح الصدر، مطمئن النفس،
ويحرص أن تكون مغنما، ولا تكون مغرما.
{وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ
مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ
لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
وفي هذه الآية دليل على أن الأعراب كأهل الحاضرة، منهم الممدوح ومنهم المذموم،
فلم يذمهم الله على مجرد تعربهم وباديتهم، إنما ذمهم على ترك أوامر الله، وأنهم في
مظنة ذلك.
ومنها: أن الكفر والنفاق يزيد وينقص ويغلظ ويخف بحسب الأحوال.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص350):
«{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ
سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}»
فهذه الآية، دلت على أن المخلط المعترف النادم، الذي لم يتب توبة نصوحا، أنه
تحت الخوف والرجاء، وهو إلى السلامة أقرب.
وأما المخلط الذي لم يعترف ويندم على ما مضى منه، بل لا يزال مصرا على الذنوب،
فإنه يخاف عليه أشد الخوف.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص351):
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ
عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
«فيها: استحباب الدعاء من الإمام أو نائبه لمن أدى زكاته بالبركة، وأن
ذلك ينبغي، أن يكون جهرا، بحيث يسمعه المتصدق فيسكن إليه.
ويؤخذ من المعنى، أنه ينبغي إدخال السرور على المؤمن بالكلام اللين، والدعاء
له، ونحو ذلك مما يكون فيه طمأنينة، وسكون لقلبه. وأنه ينبغي تنشيط من أنفق نفقة وعمل
عملا صالحا بالدعاء له والثناء، ونحو ذلك.»
«تفسير البغوي - طيبة»
(4/ 93):
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا
إِلَاّ الْحُسْنى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (107)
«لِأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَبَنَوْا
مَسْجِدَ الضِّرَارِ، لِيُصَلِّيَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، فَيُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى الِاخْتِلَافِ
وَافْتِرَاقِ الْكَلِمَةِ»
(«تفسير القرطبي
= الجامع لأحكام القرآن» (8/ 257):
«قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ يُفَرِّقُونَ
بِهِ جَمَاعَتَهُمْ لِيَتَخَلَّفَ أَقْوَامٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَكْبَرَ وَالْغَرَضَ الْأَظْهَرَ مِنْ
وَضْعِ الْجَمَاعَةِ تَأْلِيفُ الْقُلُوبِ وَالْكَلِمَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَعَقْدُ
الذِّمَامِ وَالْحُرْمَةِ بِفِعْلِ الدِّيَانَةِ حَتَّى يَقَعَ الْأُنْسُ بِالْمُخَالَطَةِ،
وَتَصْفُوَ الْقُلُوبُ مِنْ وَضَرِ الْأَحْقَادِ»)
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص351):
«لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ
أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ»
أن المعصية تؤثر في البقاع، كما أثرت معصية المنافقين في مسجد الضرار، ونهي
عن القيام فيه، وكذلك الطاعة تؤثر في الأماكن كما أثرت في مسجد " قباء" حتى
قال الله فيه:
{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ
أَنْ تَقُومَ فِيهِ} .
ولهذا كان لمسجد قباء من الفضل ما ليس لغيره، حتى كان صلى الله عليه وسلم يزور
قباء كل سبت يصلي فيه، وحث على الصلاة فيه.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (8/ 261):
«فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ
(108)»
أَثْنَى اللَّهُ سبحانه وتعالى فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ أَحَبَّ الطَّهَارَةَ
وَآثَرَ النَّظَافَةَ، وَهِيَ مُرُوءَةٌ آدَمِيَّةٌ وَوَظِيفَةٌ شَرْعِيَّةٌ.
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 348):
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ
مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (109)
«وتأسيس البناء على التقوى والرضوان: هو بحسن النية فيه، وقصد وجه الله،
وإظهار شرعه، والتأسيس على شفا جرف هار: هو بفساد النية، وقصد الرياء، والتفريق بين
المؤمنين، فذلك على وجه الاستعارة والتشبيه البديع»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص352):
«{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ
بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ
وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى
بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}»
فانظر إلى المشتري من هو؟ وهو الله جل جلاله، وإلى العوض، وهو أكبر الأعواض
وأجلها، جنات النعيم، وإلى الثمن المبذول فيها، وهو النفس، والمال، الذي هو أحب الأشياء
للإنسان.
وإلى من جرى على يديه عقد هذا التبايع، وهو أشرف الرسل، وبأي كتاب رقم، وهي
كتب الله الكبار المنزلة على أفضل الخلق.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص353):
«{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} لم يذكر ما يبشرهم به، ليعم جميع ما رتب
على الإيمان من ثواب الدنيا والدين والآخرة، فالبشارة متناولة لكل مؤمن.
وأما مقدارها وصفتها فإنها بحسب حال المؤمنين، وإيمانهم، قوة، وضعفا، وعملا
بمقتضاه.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (9/ 35):
{وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (116)}
«ولما كان الإنسان قد ينصره غير قريبه قال. {ولا نصير} أي فلا توالوا
إلا من كان من حزبه وأهل حبه وقربه، وفيه تهديد لمن أقدم على ما ينبغي أن يتقي لا سيما
الملاينة لأعداء الله من المساترين والمصارحين، فإن غاية ذلك موالاتهم وهي لا تغني
من الله شيئاً.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (9/ 36):
{لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ}
«وسماها ساعة تهويناً لأوقات الكروب وتشجيعاً على مواقعة المكاره فإن أمدها
يسير وأجرها عظيم خطير»
«تفسير البغوي - طيبة» (4/ 105):
{لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ
مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ }(117)
«{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أَعَادَ ذِكْرَ التَّوْبَةِ
وَقَدْ قَالَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ} ؟ .
قِيلَ: ذَكَرَ التَّوْبَةَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ قَبْلَ ذِكْرِ الذَّنْبِ، وَهُوَ
مَحْضُ الْفَضْلِ مِنَ اللَّهِ عز وجل، فَلَمَّا ذَكَرَ الذَّنْبَ أَعَادَ ذِكْرَ التَّوْبَةِ،
وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَبُولُهَا.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (8/ 277):
«لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ
فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (117)»
قَالَ جَابِرٌ: اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ عُسْرَةُ الظَّهْرِ وَعُسْرَةُ الزَّادِ
وَعُسْرَةُ الْمَاءِ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص354):
«{وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ
الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ
مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}»
أن توبة الله على عبده بحسب ندمه وأسفه الشديد، وأن من لا يبالي بالذنب ولا
يحرج إذا فعله، فإن توبته مدخولة، وإن زعم أنها مقبولة.
وأن علامة الخير وزوال الشدة، إذا تعلق القلب بالله تعالى تعلقا تاما، وانقطع
عن المخلوقين.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (9/ 48):
{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ
فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ
إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}
«ثم بين غاية العلم مشيراً إلى أن من جعل له غاية غيرها من ترفع أو افتخار فقد
ضل ضلالاً كبيراً، فقال موجباً لقبول خبر من بلغهم: {لعلهم} أي كلهم {يحذرون*} أي ليكون
حالهم حال أهل الخوف من الله بما حصلوا من الفقه لأنه أصل كل خير، به تنجلي القلوب
فَتقبل على الخير وتعرض عن الشر، فإن الحذر تجنب الشيء لما فيه من الضرر، والمراد بالفقه
هنا حفظ الكتاب والسنة وفهم معانيهما»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص355):
«{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ
مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا
قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}»
ففي هذا فضيلة العلم، وخصوصا الفقه في الدين، وأنه أهم الأمور، وأن من تعلم
علما، فعليه نشره وبثه في العباد، ونصيحتهم فيه فإن انتشار العلم عن العالم، من بركته
وأجره، الذي ينمى له.
وأما اقتصار العالم على نفسه، وعدم دعوته إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة،
وترك تعليم الجهال ما لا يعلمون، فأي منفعة حصلت للمسلمين منه؟ وأي نتيجة نتجت من علمه؟
وغايته أن يموت، فيموت علمه وثمرته، وهذا غاية الحرمان، لمن آتاه الله علما ومنحه فهما.
وفي هذه الآية أيضا دليل وإرشاد وتنبيه لطيف، لفائدة مهمة، وهي: أن المسلمين
ينبغي لهم أن يعدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها، ويوفر وقته عليها، ويجتهد
فيها، ولا يلتفت إلى غيرها، لتقوم مصالحهم، وتتم منافعهم، ولتكون وجهة جميعهم، ونهاية
ما يقصدون قصدا واحدا، وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم، ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارب،
فالأعمال متباينة، والقصد واحد، وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 321):
«{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ
الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
(123)}»
فإن المؤمن الكامل هو الذي يكون رفيقًا لأخيه المؤمن، غليظًا على عدوه الكافر
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص357):
«{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا
عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}»
{حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} فيحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليكم، ويحرص على
هدايتكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشر، ويسعى جهده في تنفيركم عنه. {بِالْمُؤْمِنِينَ
رَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم.
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 351):
«{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}»
«(حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) أي حريص على إيمانكم وسعادتكم (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ
رَحِيمٌ) رَؤُفٌ رَحِيمٌ سماه الله هنا باسمين من أسمائه سبحانه و تعالى وعز وجل»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص357): سورة
يونس
«{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ}
مع أنه قادر على خلقها في لحظة واحدة، ولكن لما له في ذلك من الحكمة الإلهية،
ولأنه رفيق في أفعاله.»
«{مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} فلا يقدم أحد منهم على الشفاعة،
ولو كان أفضل الخلق، حتى يأذن الله ولا يأذن، إلا لمن ارتضى، ولا يرتضي إلا أهل الإخلاص
والتوحيد له.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص358):
«{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ
مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ
إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ}
.»
وفي هذه الآيات الحث والترغيب على التفكر في مخلوقات الله، والنظر فيها بعين
الاعتبار، فإن بذلك تنفتح البصيرة، ويزداد الإيمان والعقل، وتقوى القريحة، وفي إهمال
ذلك، تهاون بما أمر الله به، وإغلاق لزيادة الإيمان، وجمود للذهن والقريحة.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 336):
«{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ
مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)}
قال الحسن: والله ما زينوها ولا رفعوها حتَّى رضوا بها، وهم غافلون عن آيات
الله الكونية فلا يتفكرون فيها، والشرعية فل يأتمرون بها، فإن مأوأهم يوم معادهم النار
جزاء على ما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا والإِجرام.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص358):
«{إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ
النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}»
{وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} أي: ركنوا إليها، وجعلوها غاية مرامهم (1) ونهاية قصدهم،
فسعوا لها وأكبوا على لذاتها وشهواتها، بأي طريق حصلت حصلوها، ومن أي وجه لاحت ابتدروها،
قد صرفوا إرادتهم ونياتهم وأفكارهم وأعمالهم إليها. فكأنهم خلقوا للبقاء فيها، وكأنها
ليست دار ممر، يتزود منها المسافرون إلى الدار الباقية التي إليها يرحل الأولون والآخرون،
وإلى نعيمها ولذاتها شمر الموفقون.
{وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} فلا ينتفعون بالآيات
القرآنية، ولا بالآيات الأفقية والنفسية، والإعراض عن الدليل مستلزم للإعراض والغفلة،
عن المدلول المقصود.
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 353):
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ}
«يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ أي يسددهم بسبب إيمانهم إلى الاستقامة
أو يهديهم في الآخرة إلى طريق الجنة»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص359): {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} {دَعْوَاهُمْ فِيهَا
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ}
«{فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} أضافها الله إلى النعيم، لاشتمالها على
النعيم التام، نعيم القلب بالفرح والسرور، والبهجة والحبور، ورؤية الرحمن وسماع كلامه،
والاغتباط برضاه وقربه، ولقاء الأحبة والإخوان، والتمتع بالاجتماع بهم، وسماع الأصوات
المطربات، والنغمات المشجيات، والمناظر المفرحات. ونعيم البدن بأنواع المآكل والمشارب،
والمناكح ونحو ذلك، مما لا تعلمه النفوس، ولا خطر ببال أحد، أو قدر أن يصفه الواصفون.»
{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} أي عبادتهم فيها لله، أولها تسبيح
لله وتنزيه له عن النقائض، وآخرها تحميد لله، فالتكاليف سقطت عنهم في دار الجزاء، وإنما
بقي لهم أكمل اللذات، الذي هو ألذ عليهم من المآكل اللذيذة، ألا وهو ذكر الله الذي
تطمئن به القلوب، وتفرح به الأرواح، وهو لهم بمنزلة النَّفَس، من دون كلفة ومشقة.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص360):
«وقد لبثت فيكم عمرا طويلا تعرفون حقيقة حالي، بأني أمي لا أقرأ ولا
أكتب، ولا أدرس ولا أتعلم من أحد؟!! فأتيتكم بكتاب عظيم أعجز الفصحاء، وأعيا العلماء،
فهل يمكن -مع هذا- أن يكون من تلقاء نفسي، أم هذا دليل قاطع أنه تنزيل من حكيم حميد؟
فلو أعملتم أفكاركم وعقولكم، وتدبرتم حالي وحال هذا الكتاب، لجزمتم جزما لا
يقبل الريب بصدقه، وأنه الحق الذي ليس بعده إلا الضلال، ولكن إذ أبيتم إلا التكذيب والعناد، فأنتم لا شك أنكم ظالمون.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (8/ 325):
«هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا
كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها
رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ
بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ
لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)»
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ جُبِلُوا عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى
اللَّهِ فِي الشَّدَائِدِ، وَأَنَّ الْمُضْطَرَّ يُجَابُ دُعَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا،
لِانْقِطَاعِ الْأَسْبَابِ وَرُجُوعِهِ إِلَى الْوَاحِدِ رَبِّ الْأَرْبَابِ.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (9/ 103):
{إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ
بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ
الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها
أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ
كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }(24)
«فكان حال الدنيا في سرعة انقضائها وانقراض نعيمها بعد عظيم إقباله كحال نبات
الأرض في جفافه وذهابه حطاماً بعد ما التف وزين الأرض بخضرته وألوانه وبهجته.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 351):
«أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا
كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
(24)»
وقال قتادة: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ} كأن لم تنعم. وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها
لم تكن، ولهذا جاء في الحديث " يؤتى بأنعم أهل الدنيا فيغمس في النار غمسة، فيقال
له: هل رأيت خيرًا قط؟ [هل مر بك نعيم قط؟] فيقول: لا. [ويؤتى بأشد الناس عذابًا في
الدنيا فيغمس في النعيم غمسة، ثم يقال له: هل رأيت بؤسًا قط؟ فيقول: لا]
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص362):
«{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ
قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} .»
ولما دعا إلى دار السلام، كأن النفوس تشوقت إلى الأعمال الموجبة لها الموصلة
إليها، فأخبر عنها بقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} أي: للذين
أحسنوا في عبادة الخالق، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته، وقاموا بما
قدروا عليه منها، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي،
من بذل الإحسان المالي، والإحسان البدني، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم
الجاهلين، ونصيحة المعرضين، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان.
فهؤلاء الذين أحسنوا، لهم "الحسنى" وهي الجنة الكاملة في حسنها و
"زيادة" وهي النظر إلى وجه الله الكريم، وسماع كلامه، والفوز برضاه والبهجة
بقربه، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون، ويسأله السائلون.
ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم فقال: {وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ}
أي: لا ينالهم مكروه، بوجه من الوجوه، لأن المكروه، إذا وقع بالإنسان، تبين ذلك في
وجهه، وتغير وتكدر.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص365):
«بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ
تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الظَّالِمِينَ»
وفي هذا دليل على التثبت في الأمور، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يبادر بقبول شيء
أو رده، قبل أن يحيط به علمًا.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (8/ 347):
«إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ (44)»
وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" بِالْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ
وَمُخَالَفَةِ أَمْرِ خَالِقِهِمْ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 366):
«{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ
النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ}»
وهذا كله دليل على استقصار الحياة الدنيا في الدار الآخرة.
«تفسير البغوي - طيبة» (4/ 136):
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَاّ مَا شاءَ اللَّهُ}
«{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي} لَا أَقْدِرُ لَهَا عَلَى شَيْءٍ، {ضَرًّا وَلَا
نَفْعًا} أَيْ: دَفْعَ ضُرٍّ وَلَا جَلْبَ نَفْعٍ، {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} أَنْ
أَمْلِكَهُ»
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 358):
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ
لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)}
«مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ يعني القرآن وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ أي يشفي
ما فيها من الجهل والشك»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (8/ 353):
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)»
(قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ) أَيْ وَعْظٌ. (مِنْ رَبِّكُمْ) يَعْنِي الْقُرْآنَ،
فِيهِ مَوَاعِظٌ وَحِكَمٌ. (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) أَيْ مِنَ الشَّكِّ وَالنِّفَاقِ
وَالْخِلَافِ، وَالشِّقَاقِ. (وَهُدىً) أَيْ وَرُشْدًا لِمَنِ اتَّبَعَهُ. (وَرَحْمَةٌ)
أَيْ نِعْمَةٌ. (لِلْمُؤْمِنِينَ) خَصَّهُمْ لِأَنَّهُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِالْإِيمَانِ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص367):
«وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا
يَشْكُرُونَ} .»
وَلَكِنَّ أكثر الناس لا يشكرون، إما أن لا يقوموا بشكرها، وإما أن يستعينوا
بها على معاصيه، وإما أن يحرموا منها، ويردوا ما منَّ الله به على عباده، وقليل منهم
الشاكر الذي يعترف بالنعمة، ويثني بها على الله، ويستعين بها على طاعته.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص368):
«{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا
تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .»
أما البشارة في الدنيا، فهي: الثناء الحسن، والمودة في قلوب المؤمنين، والرؤيا
الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرفه عن
مساوئ الأخلاق.
وأما في الآخرة، فأولها البشارة عند قبض أرواحهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ
قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا
تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}
وفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم.
وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم، والنجاة من العذاب الأليم.
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 360):
{ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا
تُنْظِرُونِ}
«أي: لا تقصروا في إهلاكي إن قدرتم على ذلك ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ أي انفذوا
فيما تريدون، ومعنى الآية أن نوحا عليه السلام قال لقومه: إن صعب عليكم دعائي لكم إلى
الله فاصنعوا بي غاية ما تريدون، وإني لا أبالي بكم لتوكلي على الله وثقتي به سبحانه»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 388):
«{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ
وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75)}»
وكثيرًا ما يذكر الله تعالى قصة موسى عليه السلام مع فرعون في كتابه العزيز؛
لأنها من أعجب القصص، فإن فرعون حذر من موسى كل الحذر، فَسَخَّرَهُ القَدَرُ أَنْ رَبَّى
هذا الذي يحذر منه على فراشه ومائدته بمنزلة الولد، ثم ترعرع وعقد الله له سببًا أخرجه
من بين أظهرهم، ورزقه النبوة والرسالة والتكليم، وبعثه إليه ليدعوه إلى الله تعالى
ليعبده ويرجع إليه، هذا مع ما كان عليه فرعون من عظمة المملكة والسلطان.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص371):
«{إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}
فإنهم يريدون بذلك نصر الباطل على الحق، وأي فساد أعظم من هذا؟!!
وهكذا كل مفسد عمل عملا واحتال كيدًا، أو أتى بمكر، فإن عمله سيبطل ويضمحل،
وإن حصل لعمله روجان في وقت ما، فإن مآله الاضمحلال والمحق.
وأما المصلحون الذين قصدهم بأعمالهم وجه الله تعالى، وهي أعمال ووسائل نافعة،
مأمور بها، فإن الله يصلح أعمالهم ويرقيها، وينميها على الدوام»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 394):
«{فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}.
وهذه الدعوة كانت من موسى عليه السلام غضبًا لله ولدينه على فرعون وملئه الذين
تبين له أنهم لا خير فيهم ولا يجئ منهم شيء، كما دعا نوح عليه السلام فقال: {رَبِّ
لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ
يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}، ولهذا استجاب الله
تعالى لموسى عليه السلام فيهم هذه الدعوة، التي أمَّن عليها أخوه هارون، فقال تعالى:
{قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا}.»
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 362):
{قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما}
«قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما الخطاب لموسى وهارون على أنه لم
يذكر الدعاء إلا عن موسى وحده، لكن كان موسى يدعو وهارون يؤمن على دعائه»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (8/ 377):
«حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ
إِلَاّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
(90)»
وَالْإِيمَانُ لَا يَنْفَعُ حِينَئِذٍ، وَالتَّوْبَةُ مَقْبُولَةٌ قَبْلَ رُؤْيَةِ
الْبَأْسِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا وَبَعْدَ الْمُخَالَطَةِ فَلَا تُقْبَلُ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص374):
«{فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا
قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}»
ولعل الحكمة في ذلك أن غيرهم من المهلكين لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه
وأما قوم يونس فإن الله علم أن إيمانهم سيستمر بل قد استمر فعلا وثبتوا عليه
والله أعلم.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص375):
«{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ
يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} .»
فإذا عرف العبد بالدليل القاطع، أن الله، هو المنفرد بالنعم، وكشف النقم، وإعطاء
الحسنات، وكشف السيئات والكربات، وأن أحدًا من الخلق، ليس بيده من هذا شيء إلا ما أجراه
الله على يده، جزم بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل.
أنتهى تنزيل كامل الكتاب بفضل الله تعالى بدأت قراءة الكتاب وعند سورة هود وجدت من الأفضل كتابة بعض ما في الكتاب بالمدونة فبدأت مقتطفات 1 من سورة هود ويوسف إلى 18ثم بعد الأنتهاء رأيت أن أعود لتنزيل ما كان في البداية فبدأت بالفاتحة وسورة البقرة من مقتطفات رقم 19 إلى مقتطفات 28 والله المستعان أن ينفعني به وينفع غيري بهذا والحمد لله