مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل (26) (الجزء التاسع) سورة الأعراف (2) من آية 93 و سورة الأنفال (1) إلى آية 41
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 296): سورة الأعراف
ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ
مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
(95)
«بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ أي أبدلنا البأساء والضراء بالنعيم
اختبارا لهم في الحالتين حَتَّى عَفَوْا أي كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم قالُوا
قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ أي قد جرى ذلك لآبائنا ولم يضرهم فهو
بالاتفاق لا بقصد الاختبار.»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 260):
«{أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا
الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}
وَمَكْرُ اللَّهِ اسْتِدْرَاجُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ فِي
دُنْيَاهُمْ. وَقَالَ عَطِيَّةُ: يَعْنِي أَخْذَهُ وَعَذَابَهُ.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص298):
«{فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} فإن
من أمن من عذاب الله، فهو لم يصدق بالجزاء
على الأعمال، ولا آمن بالرسل حقيقة الإيمان.
وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ، على أن العبد لا ينبغي له أن يكون
آمنا على ما معه من الإيمان.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 355):
«{فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}،
ولهذا قال الحسن البصرى رحمه الله: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف، والفاجر
يعمل بالمعاصي وهو آمن.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 361/362):
«{قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ
الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ
وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)}»
فقال لهم موسى عليه السلام: {أَلْقُوا} أي: أنتم أولًا قبلي والحكمة في هذا
والله أعلم؛ ليرى الناس صنيعهم ويتأطوه، فإذا فُرِغَ من بهرجهم ومحالهم جاءهم الحق
الواضح الجلي بعد التطب له والانتظار منهم لمجيئه، فيكون أوقع في النفوس، وكذا كان.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 259):
«قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ
الْمُلْقِينَ (115)»
تَأَدَّبُوا مَعَ مُوسَى عليه السلام فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ إِيمَانِهِمْ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص300):
رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (126)
«{رَبَّنَا أَفْرِغْ} أي: أفض {عَلَيْنَا صَبْرًا} أي: عظيما، كما يدل
عليه التنكير، لأن هذه محنة عظيمة، تؤدي إلى ذهاب النفس، فيحتاج فيها من الصبر إلى
شيء كثير، ليثبت الفؤاد، ويطمئن المؤمن على إيمانه، ويزول عنه الانزعاج الكثير.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص301):
«{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ} أي: الخصب وإدرار الرزق {قَالُوا
لَنَا هَذِهِ} أي: نحن مستحقون لها، فلم يشكروا الله عليها»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 267):
«فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ
سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ
وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131)»
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) أَنَّ مَا لَحِقَهُمْ مِنَ الْقَحْطِ
وَالشَّدَائِدِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عز وجل بِذُنُوبِهِمْ لَا مِنْ عند
موسى وقومه.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 381):
«{وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ
وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)}»
الطور؛ كما قال تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ
وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} الآية، فحينئذ استخلف موسى على بني
إسرائيل أخاه هارون، وأوصاه بالإِصلاح وعدم الإِفساد، وهذا تنبيه وتذكير، وإلا فهارون
عليه السلام نبي شريف كريم على الله، وله وجَاهة وجلالة، صلوات الله وسلامه عليه وعلى
سائر الأنبياء.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 391):
«{قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي
وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)}»
يذكر تعالى أنه خاطب موسى بأنه اصطفاه على عالمي زمانه برسالاته وكلامه، ولا
شك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم من الأولين والآخرين، ولهذا اختصه الله
بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين، التي تستمر شريعته إلى قيام الساعة، وأتباعه أكثر
من أتباع سائر الأنبياء والمرسلين كلهم.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 393):
«{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ
بِغَيْرِ الْحَقِّ}»
وقال بعض السلف: لا ينال العلم حَيِيٌّ ولا مستكبر. وقال آخر: من لم يصبر على
ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدًا.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 288):
«(أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) 150
أَيْ سَبَقْتُمُوهُ. وَالْعَجَلَةُ:
التَّقَدُّمُ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَهِيَ مَذْمُومَةٌ. وَالسُّرْعَةُ: عَمَلُ
الشَّيْءِ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهِ، وَهِيَ مَحْمُودَةٌ.»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 287):
«{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} عَمَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، قَالَ
الحسن وقتادة: 138/ب وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَهِيَ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمُتَّقِينَ خَاصَّةً.»
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 304):
فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ
بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ (156)
«أي يؤمنون بجميع الكتب والأنبياء، وليس ذلك لغير هذه الأمّة»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 300):
«وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ»
الإصر: الثقل، قال مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُبَيْرٍ. وَالْإِصْرُ أَيْضًا:
الْعَهْدُ، قال ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَالْحَسَنُ. وَقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ
الْآيَةُ الْمَعْنَيَيْنِ، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ كَانَ أُخِذَ عَلَيْهِمْ
عَهْدٌ أَنْ يَقُومُوا بِأَعْمَالٍ ثِقَالٍ، فَوُضِعَ عَنْهُمْ بِمُحَمَّدٍ صلى الله
عليه وسلم ذَلِكَ الْعَهْدُ وَثِقَلُ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، كَغَسْلِ الْبَوْلِ، وَتَحْلِيلِ
الْغَنَائِمِ، وَمُجَالَسَةِ الْحَائِضِ وَمُؤَاكَلَتِهَا و(َمُضَاجَعَتِهَا، فَإِنَّهُمْ
كَانُوا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ بَوْلٌ قَرَضَهُ. وَرُوِيَ: جِلْدُ أَحَدِهِمْ.
وَإِذَا جَمَعُوا الْغَنَائِمَ نَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهَا، وَإِذَا
حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ يَقْرَبُوهَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ
الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ).
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص306):
وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ
(159)
«وكأن الإتيان بهذه الآية الكريمة فيه نوع احتراز مما تقدم، فإنه تعالى ذكر
فيما تقدم جملة من معايب بني إسرائيل، المنافية للكمال المناقضة للهداية، فربما توهم
متوهم أن هذا يعم جميعهم، فذكر تعالى أن منهم طائفة مستقيمة هادية مهدية.»
[ابن تيمية:٣/٢١٥]
﴿وَسْـَٔلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ
ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ
سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ
نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ يَفْسُقُونَ﴾
في هذه الآية
مزجرة عظيمة للمتعاطين الحيل على المناهي الشرعية ممن يتلبس بعلم الفقه وليس
بفقيه؛ إذ الفقيه من يخشى الله تعالى في الربويات، والتحليل باستعارة المحلل
للمطلقات، والخلع لحل ما لزم من المطلقات المعلقات، إلى غير ذلك من عظائم ومصائب؛
لو اعتمد بعضها مخلوق في حق مخلوق لكان في نهاية القبح، فكيف في حق من يعلم السر
وأخفى؟! [ابن تيمية:٣/٢١٥]
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 313):
«وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا
لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)»
(يُمَسِّكُونَ )لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى التَّكْرِيرِ وَالتَّكْثِيرِ لِلتَّمَسُّكِ
بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِدِينِهِ فَبِذَلِكَ يُمْدَحُونَ. فَالتَّمَسُّكُ بِكِتَابِ
اللَّهِ وَالدِّينِ يَحْتَاجُ إِلَى الْمُلَازَمَةِ وَالتَّكْرِيرُ لِفِعْلِ ذَلِكَ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 327):
{ وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ
الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها}
«قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَادْعُوهُ بِها) 180 أَيِ اطْلُبُوا مِنْهُ بِأَسْمَائِهِ،
فَيُطْلَبُ بِكُلِّ اسْمٍ مَا يَلِيقُ بِهِ، تَقُولُ يَا رَحِيمُ ارْحَمْنِي، يَا حَكِيمُ
احْكُمْ لِي، يَا رَازِقُ ارْزُقْنِي، يَا هادي اهْدِنِي، يَا فَتَّاحُ افْتَحْ لِي،
يَا تَوَّابُ تُبْ عَلَيَّ، هَكَذَا. فَإِنْ دَعَوْتَ بِاسْمٍ عَامٍّ قُلْتُ: يَا مَالِكُ
ارْحَمْنِي، يَا عَزِيزُ احْكُمْ لِي، يَا لَطِيفُ ارْزُقْنِي. وَإِنْ دَعَوْتَ بِالْأَعَمِّ
الْأَعْظَمِ فَقُلْتَ: يَا أَللَّهُ، فَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِكُلِّ اسْمٍ.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص312):
« فَلَمَّا أَثْقَلَتْ
دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ
فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ»
{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا} على وفق ما طلبا، وتمت عليهما النعمة فيه {جَعَلا
لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} أي: جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله
بإيجاده والنعمة به، وأقرَّ به أعين والديه، فَعَبَّدَاه لغير الله. إما أن يسمياه
بعبد غير الله كـ "عبد الحارث" و "عبد العزيز" و "عبد الكعبة"
ونحو ذلك، أو يشركا بالله في العبادة، بعدما منَّ الله عليهما بما منَّ من النعم التي
لا يحصيها أحد من العباد.
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 316):
«{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وَقِيلَ: إِذَا تَسَفَّهَ عَلَيْكَ
الْجَاهِلُ فَلَا تُقَابِلْهُ بِالسَّفَهِ»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص314):
«{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ
مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}»
وهذه من الآداب التي ينبغي للعبد أن يراعيها حق رعايتها، وهي الإكثار من ذكر
الله آناء الليل والنهار، خصوصا طَرَفَيِ النهار، مخلصا خاشعا متضرعا، متذللا ساكنا،
وتواطئا عليه قلبه ولسانه، بأدب ووقار، وإقبال على الدعاء والذكر، وإحضار له بقلبه
وعدم غفلة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 320): سورة الأنفال
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا
اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ }(1)
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ يريد في الحكم في الغنائم، «قال عبادة بن الصامت:
نزلت فينا أصحاب بدر حين اختلفنا وساءت أخلاقنا، فنزع الله الأنفال من أيدينا، وجعلها
لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمها على السواء، فكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله
وإصلاح ذات البين»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 14):
«{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ
قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ (2)}»
وهذه صفة المؤمن حق المؤمن، الذي إذا ذكر الله وجل قلبه، أي خاف منه، ففعل أوامره،
وترك زواجره ، ولهذا قال سفيان الثوري: سمعت السدي يقول في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} قال: هو الرجل يريد أن يظلم
- أو قال: يهم بمعصية - فيقال له: اتق الله فَيَجِلُ قلبه.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص315):
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}
وقدم تعالى أعمال القلوب، لأنها أصل لأعمال الجوارح وأفضل منها،.وفيها دليل
على أن الإيمان، يزيد وينقص، فيزيد بفعل الطاعة وينقص بضدها.
«{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} ووجه
ذلك أنهم يلقون له السمع ويحضرون قلوبهم لتدبره فعند ذلك يزيد إيمانهم،.لأن التدبر
من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا
نسوه، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، واشتياقا إلى كرامة ربهم، أو وجلا من العقوبات،
وازدجارا عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 371):
«وَمَا النَّصْرُ إِلَاّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ (10)»
نَبَّهَ عَلَى أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِهِ جَلَّ وَعَزَّ لَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ،
أَيْ لَوْلَا نَصْرُهُ لَمَا انْتُفِعَ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ بِالْمَلَائِكَةِ.
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 340):
«{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} وَذَلِكَ أَنَّ
أَبَا جَهْلٍ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ: اللَّهُمَّ أَقَطَعُنَا
لِلرَّحِمِ وَآتَانَا بِمَا لَمْ نَعْرِفْ فَأَحِنْهُ الْغَدَاةَ، فَكَانَ هُوَ الْمُسْتَفْتِحَ
عَلَى نَفْسِهِ.» (والمستفتح: الحاكم على نفسه بهذا الدعاء)
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص318):
«{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ
إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}»
فإن حياة القلب والروح بعبودية الله تعالى ولزوم طاعته وطاعة رسوله على الدوام.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 47):
«{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}
قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإِيمان.» وقال السدي:
يحول بين الإِنسان وقلبه، فلا يستطع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يكثر أن يقول:
(يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك". [قال] فقلنا: يا رسول الله، آمنا بك، وبما
جئت به، فهل تخاف علينا؟. قال: "نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله تعالى
يقلبها.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (7/ 57):
«{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} أي:
اختبار وامتحان منه لكم إذ أعطاكموها؛ ليعلم أتشكرونه عليها، وتطيعونه فيها أو تشتغلون
بها عنه، وتعتاضون بها منه.»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 349):
«{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ
لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ
ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) }»
قَالَ مُجَاهِدٌ: مَخْرَجًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقَالَ مُقَاتِلُ
بْنُ حَيَّانَ: مَخْرَجًا فِي الدِّينِ مِنَ الشُّبُهَاتِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: نَجَاةً
أَيْ يُفَرِّقُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَا تَخَافُونَ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَصْلًا
بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ يُظْهِرُ اللَّهُ به حقكم ويطفىء بَاطِلَ مَنْ خَالَفَكُمْ.
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 325):
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ
مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) }
«وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ إكراما للنبي صلى الله
عليه وسلم وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ أي لو آمنوا واستغفروا
فإن الاستغفار أمان من العذاب، قال بعض السلف: كان لنا أمانان من العذاب وهما وجود
النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم ذهب الأمان
الواحد، وبقي الآخر.»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 354):
«{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)»
قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاءُ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: "وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ"
أَيْ: أَوْلِيَاءَ الْبَيْتِ، {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ} أَيْ: لَيْسَ أَوْلِيَاءُ الْبَيْتِ،
{إِلَّا الْمُتَّقُونَ} يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص320):
«{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ
يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}»
أي: ليبطلوا الحق وينصروا الباطل، ويبطل توحيد الرحمن، ويقوم دين عبادة الأوثان.
{فَسَيُنْفِقُونَهَا} أي: فسيصدرون هذه النفقة، وتخف عليهم لتمسكهم
بالباطل، وشدة بغضهم للحق، ولكنها ستكون عليهم حسرة، أي: ندامة وخزيا وذلا ويغلبون
فتذهب أموالهم وما أملوا، ويعذبون في الآخرة أشد العذاب.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص321):
«{وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى
وَنِعْمَ النَّصِيرُ}»
ومن كان الله مولاه وناصره فلا خوف عليه، ومن كان الله عليه فلا عِزَّ له ولا قائمة له.
No comments:
Post a Comment