مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل (25) (الجزء الثامن) سورة الأنعام (2) من
آية 111 و سورة الأعراف إلى آية 93
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 179/180): سورة الأنعام
«{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ
يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ
مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)}»
قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ: إِنَّ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينٌ
كَمَا أَنَّ مِنَ الْجِنِّ شَيَاطِينٌ ..... وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: إِنَّ شَيَاطِينَ
الْإِنْسِ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ، وَذَلِكَ أَنِّي إِذَا تَعَوَّذْتُ
بِاللَّهِ ذَهَبَ عَنِّي شَيْطَانُ الْجِنِّ، وَشَيْطَانُ الْإِنْسِ يَجِيئُنِي فَيَجُرُّنِي
إِلَى الْمَعَاصِي عِيَانًا.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص269):
«{يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} أي:
يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه
في أحسن صورة، ليغتر به السفهاء، وينقاد له الأغبياء، الذين لا يفهمون الحقائق، ولا
يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلا
والباطل حقا،»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص270):
«{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ}»
ودلت هذه الآية، على أنه لا يستدل على الحق، بكثرة أهله، ولا يدل قلة السالكين
لأمر من الأمور أن يكون غير حق، بل الواقع بخلاف ذلك، فإن أهل الحق هم الأقلون عددا،
الأعظمون -عند الله- قدرا وأجرا، بل الواجب أن يستدل على الحق والباطل، بالطرق الموصلة
إليه.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص271):
«{وَمَا لَكُمْ أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ
وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ
كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُعْتَدِينَ} .»
ودلت الآية الكريمة، على أن الأصل في الأشياء والأطعمة الإباحة، وأنه إذا لم
يرد الشرع بتحريم شيء منها، فإنه باق على الإباحة، فما سكت الله عنه فهو حلال، لأن
الحرام قد فصله الله، فما لم يفصله الله فليس بحرام.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص271):
«{وَذَرُوا ظَاهِرَ الإثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ
الإثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ}»
وكثير من الناس، تخفى عليه كثير من المعاصي، خصوصا معاصي القلب، كالكبر والعجب
والرياء، ونحو ذلك، حتى إنه يكون به كثير منها، وهو لا يحس به ولا يشعر، وهذا من الإعراض
عن العلم، وعدم البصيرة.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص271):
{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ
وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} .
«ودلت هذه الآية الكريمة على أن ما يقع في القلوب من الإلهامات والكشوف،
التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوهم، لا تدل -بمجردها على أنها حق، ولا تصدق حتى تعرض
على كتاب الله وسنة رسوله فإن شهدا لها بالقبول قبلت، وإن ناقضتهما ردت، وإن لم يعلم
شيء من ذلك، توقف فيها ولم تصدق ولم تكذب، لأن الوحي والإلهام، يكون الرحمن ويكون من
الشيطان، فلا بد من التمييز بينهما والفرقان، وبعدم التفريق بين الأمرين، حصل من الغلط
والضلال، ما لا يحصيه إلا الله..»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص272):
«{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ}»
يقول تعالى -مبينا لعباده علامة سعادة العبد وهدايته، وعلامة شقاوته وضلاله-:
إن من انشرح صدره للإسلام، أي: اتسع وانفسح، فاستنار بنور الإيمان، وحيي بضوء اليقين،
فاطمأنت بذلك نفسه، وأحب الخير، وطوعت له نفسه فعله، متلذذا به غير مستثقل، فإن هذا
علامة على أن الله قد هداه، ومَنَّ عليه بالتوفيق، وسلوك أقوم الطريق.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 82):
«وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً
كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ»
شَبَّهَ اللَّهُ الْكَافِرَ فِي نُفُورِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَثِقَلِهِ عَلَيْهِ
بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَكَلَّفَ مَا لَا يُطِيقُهُ، كَمَا أَنَّ صُعُودَ السَّمَاءِ لَا
يُطَاقُ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص273/274):
«وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ»
وعقدنا بينهم عقد الموالاة والموافقة، بسبب كسبهم وسعيهم بذلك.
كذلك من سنتنا أن نولي كل ظالم ظالما مثله، يؤزه إلى الشر ويحثه عليه، ويزهده
في الخير وينفره عنه، وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها، البليغ خطرها.
والذنب ذنب الظالم، فهو الذي أدخل الضرر على نفسه، وعلى نفسه جنى {وَمَا رَبُّكَ
بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} ومن ذلك، أن العباد إذا كثر ظلمهم وفسادهم، ومنْعهم الحقوق الواجبة،
ولَّى عليهم ظلمة، يسومونهم سوء العذاب، ويأخذون منهم بالظلم والجور أضعاف ما منعوا
من حقوق الله، وحقوق عباده، على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسبين.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 85):
«وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ
(129)»
وَهَذَا تَهْدِيدٌ لِلظَّالِمِ إِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ ظُلْمِهِ سَلَّطَ
اللَّهُ عَلَيْهِ ظَالِمًا آخَرَ. وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: إِذَا رَأَيْتَ ظَالِمًا
يَنْتَقِمُ مِنْ ظَالِمٍ فَقِفْ، وَانْظُرْ فِيهِ مُتَعَجِّبًا.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص274):
«إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ
كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ»
فإذا عرفتم بأنكم لا بد أن تنتقلوا من هذه الدار، كما انتقل غيركم، وترحلون
منها وتخلونها لمن بعدكم، كما رحل عنها من قبلكم وخلوها لكم، فلم اتخذتموها قرارا؟
وتوطنتم بها ونسيتم، أنها دار ممر لا دار مقر. وأن أمامكم دارًا، هي الدار التي جمعت
كل نعيم وسلمت من كل آفة ونقص؟
وهي الدار التي يسعى إليها الأولون والآخرون، " وما أبخس حظ من رضي بالدون،
وأدنى همة من اختار صفقة المغبون"
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 96):
«وَقالُوا مَا فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا
وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ
وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)»
وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ
قَوْلَ مَنْ خَالَفَهُ وَإِنْ لَمْ يأخذ به، حتى يعرف فساد قول، وَيَعْلَمَ كَيْفَ
يَرُدُّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
وَأَصْحَابَهُ قَوْلَ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنْ (أَهْلِ «2» زَمَانِهِمْ، لِيَعْرِفُوا
فساد قولهم.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص276):
«{إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} أي: أعطوا حق
الزرع ، أمرهم أن يعطوها يوم حصادها، ، لأنه الوقت الذي تتشوف إليه نفوس الفقراء، ويسهل
حينئذ إخراجه على أهل الزرع، ويكون الأمر فيها ظاهرا لمن أخرجها، حتى يتميز المخرج
ممن لا يخرج.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص277):
«{أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} وهو الدم الذي يخرج من الذبيحة عند ذكاتها،
فإنه الدم الذي يضر احتباسه في البدن، فإذا خرج من البدن زال الضرر بأكل اللحم، ومفهوم
هذا اللفظ، أن الدم الذي يبقى في اللحم والعروق بعد الذبح، أنه حلال طاهر.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 132/131):
{قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ الْآيَاتُ الْمُحْكَمَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا
اللَّهُ فِي سُورَةِ" آل عمران " أَجْمَعَتْ عَلَيْهَا شَرَائِعُ الْخَلْقِ،
وَلَمْ تُنْسَخْ قَطُّ فِي مِلَّةٍ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا الْعَشْرُ كَلِمَاتٍ الْمُنَزَّلَةُ
عَلَى مُوسَى هَذِهِ الْآيَةُ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عليه السلام
بِأَنْ يَدْعُوَ جَمِيعَ الْخَلْقِ إِلَى سَمَاعِ تِلَاوَةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.
وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُبَلِّغُوا النَّاسَ
وَيُبَيِّنُوا لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِمَّا حَلَّ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 211):
وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ
«وقال في سورة الإِسراء: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}
أي: [لا تقتلوهم خشية] حصول فقر في الآجل، ولهذا قال هناك: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}
فبدأ برزقهم للاهتمام بهم، أي: لا تخافوا من فقركم بسببهم فرزقهم على الله، وأما هنا
فلما كان الفقر حاصلًا قال: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} لأنه الأهم هاهنا والله
أعلم.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 134):
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
أَيْ بِمَا فيه صلاحه وتثميره «4»، وذلك بحفظ أصول وَتَثْمِيرِ فُرُوعِهِ. وَهَذَا
أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا، فَإِنَّهُ جَامِعٌ قَالَ مُجَاهِدٌ:" وَلا تَقْرَبُوا
مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " بِالتِّجَارَةِ فِيهِ، ولا
تشتري مِنْهُ وَلَا تَسْتَقْرِضْ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص280):
«{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} أي: بالعدل والوفاء
التام، فإذا اجتهدتم في ذلك، فـ {لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} أي: بقدر ما
تسعه، ولا تضيق عنه. فمَن حرَص على الإيفاء في الكيل والوزن، ثم حصل منه تقصير لم يفرط
فيه، ولم يعلمه، فإن الله عفو غفور»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 222):
«{فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} إنما وحد سبيله؛ لأن
الحق واحد، ولهذا جمع السبل؛ لتفرقها وتشعبها»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص281):
«{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا
لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} أي: إذا وجد
بعض آيات الله لم ينفع الكافر إيمانه أن آمن، ولا المؤمنَ المقصر أن يزداد خيرُه بعد
ذلك، بل ينفعه ما كان معه من الإيمان قبل ذلك، وما كان له من الخير المرجوِّ قبل أن
يأتي بعض الآيات.
والحكمة في هذا ظاهرة، فإنه إنما كان الإيمان ينفع إذا كان إيمانا بالغيب، وكان
اختيارا من العبد، فأما إذا وجدت الآيات صار الأمر شهادة، ولم يبق للإيمان فائدة، لأنه
يشبه الإيمان الضروري، كإيمان الغريق والحريق ونحوهما، ممن إذا رأى الموت، أقلع عما
هو فيه»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 254):
«{إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} ترهيب
وترغيب، أن حسابه وعقابه سريع فيمن عصاه، وخالف رسله {وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}
لمن والاه، واتبع رسله فيما جاءوا به من خبر وطلب.... فتارة يدعو عباده إليه بالرغبة،
وصفة الجنة، والترغيب فيما لديه، وتارة يدعوهم إليه بالرهبة، وذكر النار وأنكالها وعذابها
والقيامة وأهوالها، وتارة بهذا وبهذا لينجع في كل بحسبه، جعلنا الله ممن أطاعه فيما
أمر، وترك ما عنه نهى وزجر، وصدقه فيما أخبر، إنه قريب مجيب، سميع الدعاء، جواد كريم
وهاب.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 160): سورة الأعراف
«وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ، فَرَّقَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ.
صححه أبو محمد عبد الحق»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 161):
«اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا
مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (3)»
وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَرْكِ اتِّبَاعِ الْآرَاءِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 258):
«{فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} أى: فكان منهم
من جاءه أمر الله وبأسه ونقمته {بَيَاتًا} أي: ليلًا {أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} من القيلولة،
وهى الاستراحة وسط النهار، وكلا الوقتين وقت غفلة ولهو»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص284):
«{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} .
)وموجب هذا أن المخلوق
من نار أفضل من المخلوق من طين لعلو النار على الطين وصعودها، وهذا القياس من أفسد
الأقيسة، فإنه باطل من عدة أوجه:
منها: أنه في مقابلة أمر الله له بالسجود، والقياس إذا عارض النص، فإنه قياس
باطل لأن المقصود بالقياس،
أن يكون الحكم الذي لم يأت فيه نص، يقارب الأمور المنصوص عليها، ويكون تابعا لها(.»
ومنها: أنه كذب في تفضيل مادة النار على مادة الطين والتراب، فإن مادة الطين
فيها الخشوع والسكون والرزانة، ومنها تظهر بركات الأرض من الأشجار وأنواع النبات، على
اختلاف أجناسه وأنواعه، وأما النار ففيها الخفة والطيش والإحراق.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 173):
«قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ
إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) »
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ فَاهْبِطْ مِنْها) أَيْ مِنَ السَّمَاءِ. (فَمَا يَكُونُ
لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا لِأَنَّ أَهْلَهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُتَوَاضِعُونَ.)
فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) أَيْ مِنَ الْأَذَلِّينَ. وَدَلَّ هَذَا أَنَّ
مَنْ عَصَى مَوْلَاهُ فَهُوَ ذَلِيلٌ.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 178):
«)من سوءاتهما( من عوراتهما وَسُمِّيَ الْفَرْجُ عَوْرَةً لِأَنَّ إِظْهَارَهُ يَسُوءُ
صَاحِبَهُ. وَدَلَّ هَذَا عَلَى قُبْحِ كَشْفِهَا»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص285):
«{قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا
وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}»
فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع - إذا صدرت منه الذنوب
- اجتباه ربه وهداه.
ومن أشبه إبليس - إذا صدر منه الذنب لا يزال يزداد من المعاصي - فإنه لا يزداد
من الله إلا بُعْدًا.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص286):
«{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى
يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح.
وأما اللباس الظاهري، فغايته أن يستر العورة الظاهرة، في وقت من الأوقات، أو
يكون جمالا للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع.»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 223):
«إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ»
قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: إِنَّ عَدُوًّا يَرَاكَ وَلَا تَرَاهُ لَشَدِيدُ
الْخُصُومَةِ وَالْمُؤْنَةِ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 196):
«قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ
مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ
الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)»
فَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى لِبَاسِ الرَّفِيعِ مِنَ الثِّيَابِ، وَالتَّجَمُّلِ
بِهَا فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ، وَعِنْدَ لِقَاءِ النَّاسِ وَمُزَاوَرَةِ الْإِخْوَانِ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 205):
«قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ
عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38)»
(وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) أَيْ لَا يَعْلَمُ كُلُّ فَرِيقٍ مَا بِالْفَرِيقِ
الْآخَرِ، إِذْ لَوْ عَلِمَ بَعْضُ مَنْ فِي النَّارِ أَنَّ عَذَابَ أَحَدٍ فَوْقَ
عَذَابِهِ لَكَانَ نَوْعَ سَلْوَةٍ لَهُ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 215):
«(وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا
مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ)»
فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَقْيَ الْمَاءِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ.
وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الْمَاءُ، أَلَمْ
تَرَوْا إِلَى أَهْلِ النَّارِ حِينَ اسْتَغَاثُوا بِأَهْلِ الْجَنَّةِ" أَنْ
أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ".
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ: مَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ فَعَلَيْهِ بِسَقْيِ
الْمَاءِ. وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَ الَّذِي سَقَى الْكَلْبَ، فَكَيْفَ بِمَنْ
سَقَى رَجُلًا مُؤْمِنًا مُوَحِّدًا وَأَحْيَاهُ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص291):
«{وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى
وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون}َ»
{جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ} أي: بينا فيه جميع المطالب التي يحتاج
إليها الخلق {عَلَى عِلْمٍ} من الله بأحوال العباد في كل زمان ومكان، وما يصلح لهم
وما لا يصلح، ليس تفصيله تفصيل غير عالم بالأمور، فتجهله بعض الأحوال، فيحكم حكما غير
مناسب، بل تفصيل من أحاط علمه بكل شيء، ووسعت رحمته كل شيء.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 223/224):
«ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
(55)»
وَالشَّرِيعَةُ مُقَرِّرَةٌ أَنَّ السِّرَّ فِيمَا لَمْ يَعْتَرِضْ مِنْ أَعْمَالِ
الْبِرِّ أَعْظَمُ أَجْرًا من الجهر..... قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ: لَقَدْ
أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ عَمَلٌ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَكُونَ
سِرًّا فَيَكُونُ جَهْرًا أَبَدًا. وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي
الدُّعَاءِ فَلَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ، إِنْ هُوَ إِلَّا الْهَمْسُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
رَبِّهِمْ.
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 291):
وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
(56)
«واعلم أن الخوف على ثلاث درجات: الأولى أن يكون ضعيفا يخطر على القلب
ولا يؤثر في الباطن ولا في الظاهر، فوجود هذا كالعدم والثانية أن يكون قويا فيوقظ العبد
من الغفلة ويحمله على الاستقامة، والثالثة أن يشتد حتى يبلغ إلى القنوط واليأس وهذا
لا يجوز، وخير الأمور أوسطها، والناس في الخوف على ثلاث مقامات: فخوف العامة من الذنوب،
وخوف الخاصة من الخاتمة، وخوف خاصة الخاصة من السابقة، فإن الخاتمة مبنية عليها، والرجاء
على ثلاث درجات: الأولى رجاء رحمة الله مع التسبب فيها بفعل طاعة وترك معصية فهذا هو
الرجاء المحمود والثانية الرجاء مع التفريط والعصيان فهذا غرور، والثالثة أن يقوى الرجاء
حتى يبلغ الأمن، فهذا حرام، والناس في الرجاء على ثلاث مقامات: فمقام العامة رجاء ثواب
الله، ومقام الخاصة رضوان الله، ومقام خاصة الخاصة رجاء لقاء الله حبا فيه وشوقا إليه»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 328):
«{فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64)}»
فبين تعالى في هذه القصة أنه انتقم لأوليائه من أعدائه، وأنجى رسوله والمؤمنين،
وأهلك أعداءهم من الكافرين، وهذه سنة الله في عباده في الدنيا والآخرة، أن العاقبة
فيها للمتقين، والظفر والغلب لهم، كما أهلك قوم نوح بالغرق، ونجى نوحًا وأصحابه المؤمنين.
«تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل» (1/ 293):
{قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً
فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ
أَلِيمٌ (73)}
«بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أي آية ظاهرة وهي الناقة، وأضيفت إلى الله
تشريفا لها، أو لأنه خلقها من غير فحل، وكانوا قد اقترحوا على صالح عليه السلام أن
يخرجها لهم من صخرة، وعاهدوه أن يؤمنوا به إن فعل ذلك، فانشقت الصخرة وخرجت منها الناقة
وهم ينظرون، ثم نتجت ولدا فآمن به قوم منهم وكفر به آخرون»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص295):
«{وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ} أي: لا تخربوا الأرض بالفساد
والمعاصي، فإن المعاصي تدع الديار العامرة بلاقع، وقد أخلت ديارهم منهم، وأبقت مساكنهم
موحشة بعدهم.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص296):
«{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ
بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}»
{أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} أي: الخصلة التي بلغت - في العظم والشناعة - إلى
أن استغرقت أنواع الفحش، {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} فكونها
فاحشة من أشنع الأشياء، وكونهم ابتدعوها وابتكروها، وسنوها لمن بعدهم، من أشنع ما يكون
أيضا.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 247):
«فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ
وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ (85)»
(وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) الْبَخْسُ النَّقْصُ. وَهُوَ يَكُونُ
فِي السِّلْعَةِ بِالتَّعْيِيبِ وَالتَّزْهِيدِ فِيهَا، أَوِ الْمُخَادَعَةِ عَنِ الْقِيمَةِ،
وَالِاحْتِيَالِ فِي التَّزَيُّدِ فِي الْكَيْلِ وَالنُّقْصَانِ مِنْهُ. وَكُلُّ ذَلِكَ
مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ
وَالسَّالِفَةِ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 350):
«{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}
أخبر تعالى هاهنا أنهم أخذتهم الرجفة، [وذلك كما] أرجفوا شعيبًا وأصحابه وتوعدوهم بالجلاء،
كما أخبر عنهم في سورة هود»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 351):
«{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي: كأنهم لما أصابتهم النقمة، لم
يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 252):
«(فَكَيْفَ آسَى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) أَيْ أَحْزَنُ.»
No comments:
Post a Comment