مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل سورة الفاتحة و سورة
البقرة(1)
«التفسير القيم = تفسير
القرآن الكريم لابن القيم» (ص27): سورة الفاتحة
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ
يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
وَلا الضَّالِّينَ} .
«ولما
كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجلّ المطالب ونيله أشرف المواهب: علّم
الله عباده كيفية سؤاله، وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه، وتمجيده ثم
ذكر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم. توسل إليه بأسمائه وصفاته. وتوسل
إليه بعبوديته. وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء.»
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص39):
«وذكر
{الاستعانة} بعد {العبادة} مع دخولها فيها، لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة
بالله تعالى. فإنه إن لم يعنه الله، لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر، واجتناب النواهي.»
«نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور» (1/ 37): إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
«وفي
قوله: {نعبد} بنون الاستتباع إشعار بأن الصلاة بنيت على الاجتماع.»
«التفسير القيم = تفسير
القرآن الكريم لابن القيم» (ص13/14):
{ اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}
«وعلى
قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوت
قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم. وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على
ذاك الصراط. فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالطّرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم
من يمر كشدّ الركاب، ومنهم من يسعى سعيا، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يحبو حبوا،
ومنهم المخدوش المسلّم، ومنهم المكردس في الناس. فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط
من سيره على هذا، حذو القذّة بالقذة جزاء وفاقا هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ. »
«تفسير ابن كثير -
ط أولاد الشيخ» (1/ 256/257): سورة البقرة
الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ
لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2)
«إنما ذكرت هذه الحروف
في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته
بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها. ولهذا كل سورة افتتحت
بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء.»
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص40):
«ذَلِكَ
الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ»
فلم يقل هدى للمصلحة
الفلانية، ولا للشيء الفلاني، لإرادة العموم، وأنه هدى لجميع مصالح الدارين، فهو مرشد
للعباد في المسائل الأصولية والفروعية، ومبين للحق من الباطل، والصحيح من الضعيف، ومبين
لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم، في دنياهم وأخراهم.
«تفسير القرطبي = الجامع
لأحكام القرآن» (1/ 179):
«الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ
(3)»
وَقِيلَ: الْإِيمَانُ
بِالْغَيْبِ حَظُّ الْقَلْبِ. وَإِقَامُ الصَّلَاةِ حَظُّ الْبَدَنِ. وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ حَظُّ الْمَالِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ.
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص41):
«{وَيُقِيمُونَ
الصَّلاةَ} لم يقل: يفعلون الصلاة، أو يأتون بالصلاة، لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان
بصورتها الظاهرة. فإقامة الصلاة، إقامتها ظاهرا، بإتمام أركانها، وواجباتها، وشروطها.
وإقامتها باطنا (1) بإقامة روحها، وهو حضور القلب فيها، وتدبر ما يقوله ويفعله منها»
«نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور» (1/ 86):
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ
بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3)
«ووجه ترتب الإنفاق
على الإيمان بالغيب أن المدد غيب، لأن الإنسان لما كان لا يطلع على جميع رزقه كان رزقه
غيباً، فاذا أيقن بالخلف جاد بالعطية، فمتى أمد بالأرزاق تمت خلافته وعظم فيها سلطانه
وانفتح له باب إمداد برزق أعلى وأكمل من الأول.»
«تفسير ابن كثير -
ط أولاد الشيخ» (1/ 280):
«{ختم
الله على قلوبهم وعلى سمعهم}»
أنّ الذنوب إذا تتابعت
على القلوب أغلقتها، وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم من قِبل الله تعالى والطبع، فلا
يكون للإيمان إليها مسلك، ولا للكفر عنها مخلص، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكر في قوله
تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم}
«تفسير ابن كثير -
ط أولاد الشيخ» (1/ 281):
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)}
«لما
تقدّم وصف المؤمنين في صدر السورة بأربع آيات، ثم عرف حال الكافرين بهاتين الآيتين،
شرع تعالى في بيان حال المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، ولما كان أمرهم
يشتبه على كثير من الناس أطنب في ذكرهم بصفات متعدّدة»
«تفسير ابن كثير -
ط أولاد الشيخ» (1/ 282): نفس الآية
«نبَّه
الله سبحانه على صفات المنافقين؛ لئلا يغتر بظواهر أمرهم المؤمنون، فيقع بذلك فساد
عريض من عدم الاحتراز منهم، ومن اعتقاد إيمانهم، وهم كفار في نفس الأمر، وهذا من المحذورات
الكبار أن يظن بأهل الفجور خير»
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص43):
«{أُولَئِكَ
الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا
مُهْتَدِينَ} .
أولئك، أي: المنافقون
الموصوفون بتلك الصفات {الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} أي: رغبوا في
الضلالة، رغبة المشتري بالسلعة، التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمان النفيسة. وهذا من أحسن الأمثلة، فإنه جعل الضلالة،
التي هي غاية الشر، كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن، فبذلوا
الهدى رغبة عنه بالضلالة رغبة فيها، فهذه تجارتهم، فبئس التجارة، وبئس الصفقة صفقتهم .»
«نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور» (1/ 154): {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
«وهذه
الآية من المحكم الذي اتفقت عليه الشرائع واجتمعت عليه الكتب، وهو عمود الخشوع، وعليه
مدار الذل والخضوع.»
«تفسير ابن كثير -
ط أولاد الشيخ» (1/ 314):
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي
رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا
شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا
وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}
«{فإن
لم تفعلوا ولن تفعلوا} ولن لنفي التأييد [في المستقبل]، أي ولن تفعلوا ذلك أبدًا.
[وهذه أيضًا معجزة أخرى، وهو أنه أخبر خبرًا جازمًا قاطعًا مقدمًا غير خائف ولا مشفق
أن هذا القرآن لا يعارض بمثله أبد] [الآبدين ودهر الداهرين، وكذلك وقع الأمر، لم يعارض
من لدنه إلى زمننا هذا، ولا يمكن، وأنى يتأتى ذلك لأحد، والقرآن كلام الله خالق كل
شيء، وكيف يشبه كلام الخالق كلام الخلوقين»
«تفسير البغوي - طيبة»
(1/ 73):
وَبَشِّرِ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ
«قَالَ
مُعَاذٌ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ الَّذِي فِيهِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ. الْعِلْمُ، وَالنِّيَّةُ،
وَالصَّبْرُ، وَالْإِخْلَاصُ.»
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص47):
«وَلَهُمْ
فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ»
فلم يقل "مطهرة
من العيب الفلاني "ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق، مطهرات الخلق،
مطهرات اللسان، مطهرات الأبصار.
«تفسير القرطبي = الجامع
لأحكام القرآن» (1/ 264):
«وَإِذْ
قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)»
هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ
فِي نَصْبِ إِمَامٍ وَخَلِيفَةٍ يُسْمَعُ لَهُ وَيُطَاعُ، لِتَجْتَمِعَ بِهِ الْكَلِمَةُ،
وَتَنْفُذُ بِهِ أَحْكَامُ الْخَلِيفَةِ. وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ بَيْنَ
الْأُمَّةِ وَلَا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ
«تفسير ابن كثير -
ط أولاد الشيخ» (1/ 337):
«وقول
الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله، ولا على وجه الحسد لبني آدم، كما قد يتوهمه
بعض المفسرين، ليس في متن الكتاب[وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول، أي لا
يسألونه شيئًا لم يأذن لهم فيه، وهاهنا لما أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقًا، قال
قتادة: وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون فيها فقالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ
فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} الآية]، وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة
في ذلك، يقولون: يا ربنا! ما الحكمة في خلق هؤلاء»
«تفسير القرطبي = الجامع
لأحكام القرآن» (1/ 334/335):
«وَلا
تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)»
وَهَذِهِ الْآيَةُ
وَإِنْ كَانَتْ خَاصَّةً بِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَهِيَ تَتَنَاوَلُ مَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمْ.
فَمَنْ أخذ رشوة على تغير حَقٍّ أَوْ إِبْطَالِهِ أَوِ امْتَنَعَ مِنْ تَعْلِيمِ مَا
وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ أَدَاءِ مَا عَلِمَهُ وَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذَ
عَلَيْهِ أَجْرًا فَقَدْ دَخَلَ فِي مُقْتَضَى الْآيَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
«نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور» (1/ 362):
وَإِذْ واعَدْنا مُوسى
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ
(51)
«وخص الليل بالذكر
إشارة إلى أن ألذ المناجاة فيه»
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص52):
«وَظَلَّلْنَا
عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ
طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}
.»
فكان ينزل عليهم من
المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} أي: رزقا
لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين، فلم يشكروا هذه النعمة، واستمروا على قساوة القلوب
وكثرة الذنوب.
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص53):
«{ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}»
«{ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا}
بأن ارتكبوا معاصي الله {وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} على عباد الله، فإن المعاصي يجر بعضها
بعضا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواع
البدع والكفر وغير ذلك، فنسأل الله العافية من كل بلاء.»
«تفسير القرطبي = الجامع
لأحكام القرآن» (1/ 445):
«وَإِذْ
قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً»
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا أُمِرُوا- وَاللَّهُ
أَعْلَمُ- بِذَبْحِ بَقَرَةٍ دُونَ غَيْرِهَا، لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا عَبَدُوهُ
مِنَ الْعِجْلِ لِيُهَوِّنَ عِنْدَهُمْ مَا كَانَ يَرَوْنَهُ مِنْ تَعْظِيمِهِ، وَلِيَعْلَمَ
بِإِجَابَتِهِمْ مَا كَانَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ عِبَادَتِهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى عِلَّةٌ
فِي ذَبْحِ الْبَقَرَةِ.
«تفسير ابن كثير -
ط أولاد الشيخ» (1/ 443):
قالُوا ادْعُ لَنا
رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لَا فارِضٌ
وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قالُوا ادْعُ لَنا
رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ
فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)
«قال: لولم يعترضوا
لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شدّدوا فشدد عليهم، حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا
بذبحها، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها، فقال: والله لا أنقصها من مِلء جلدها ذهبًا،
فأخذوها بملء جلدها ذهبًا فذبحوها»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (1/ 465):
«ثُمَّ
قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً
وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما
يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ
اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)»
قَالَ مُجَاهِدٌ: مَا
تَرَدَّى حَجَرٌ مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ، وَلَا تَفَجَّرَ نَهْرٌ مِنْ حَجَرٍ، وَلَا خَرَجَ
مِنْهُ مَاءٌ إِلَّا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، نَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ.
«تفسير القرطبي = الجامع
لأحكام القرآن» (2/ 12):
«وَإِذْ
أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَاّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ
إِحْساناً»
وَقَرَنَ اللَّهُ عز
وجل فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَقَّ الْوَالِدَيْنِ بِالتَّوْحِيدِ، لِأَنَّ النَّشْأَةَ
الْأُولَى مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَالنَّشْءَ الثَّانِيَ- وَهُوَ التَّرْبِيَةُ- مِنْ
جِهَةِ الْوَالِدَيْنِ، وَلِهَذَا قَرَنَ تَعَالَى الشُّكْرَ لَهُمَا بِشُكْرِهِ فَقَالَ:" أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ ". وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْوَالِدَيْنِ: مُعَاشَرَتُهُمَا
بِالْمَعْرُوفِ، وَالتَّوَاضُعُ لَهُمَا، وَامْتِثَالُ أَمْرِهِمَا، وَالدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ
بَعْدَ مَمَاتِهِمَا، وَصِلَةُ أَهْلِ وُدِّهِمَا.
«تفسير البغوي - طيبة»
(1/ 117):
«{وَقُولُوا
لِلنَّاسِ حُسْنًا}» هُوَ اللِّينُ فِي الْقَوْلِ وَالْمُعَاشَرَةُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ.
«تفسير القرطبي = الجامع
لأحكام القرآن» (2/ 25):
«أَفَكُلَّما
جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لَا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ
وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87)»
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ شَاذٌّ وَسُمِّيَ الْهَوَى هَوًى لِأَنَّهُ يَهْوِي
بِصَاحِبِهِ إِلَى النَّارِ، وَلِذَلِكَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا فِيمَا
لَيْسَ بِحَقٍّ وَفِيمَا لَا خَيْرَ فِيهِ.
«نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور» (2/ 34):
{وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ
بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلا مَا يُؤْمِنُونَ}
«ولذلك
أضرب الله سبحانه عنه بقوله: {بل} أي ليس الأمر كما قالوا من أن هناك غلفاً حقيقة بل
{لعنهم الله} أي طردهم الملك الأعظم عن قبول ذلك لأنهم ليسوا بأهل للسعادة بعد أن خلقهم
على الفطرة الأولى القويمة لا غلف على قلوبهم، لأن اللعن إبعاد في المعنى والمكانة»
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص59):
«{خُذُوا
مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا} أي: سماع قبول وطاعة واستجابة»
«تفسير القرطبي = الجامع
لأحكام القرآن» (2/ 33):
«قُلْ
إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ
فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (94)»
فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ" فِي أَقْوَالِكُمْ، لِأَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ
مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْحَيَاةِ فِي الدُّنْيَا،
لِمَا يَصِيرُ إِلَيْهِ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، وَيَزُولُ عَنْهُ مِنْ أَذَى الدُّنْيَا.
«نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور» (2/ 58):
«قُلْ
إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ
فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (94)»
«قال الحرالي: فعلى
قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف منال النفس مع المعرفة التي بها تأنس بربها فتتمنى
لقاءه وتحبه، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه،
يقع ذلك لعامة المؤمنين عند»
«تفسير البغوي - طيبة»
(1/ 126):
«وَلَمَّا
جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا
يَعْلَمُونَ (101) }»
وَقَالَ سُفْيَانُ
بْنُ عُيَيْنَةَ: أَدْرَجُوهَا فِي الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَحَلَّوْهَا بِالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهَا فَذَلِكَ نَبْذُهُمْ لَهَا.
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص61):
«وَمَا
هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ»
وفي هذه الآية وما
أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير، فإنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة
في التأثير، ولم يخالف في هذا
الأصل من فرق الأمة غير القدرية في أفعال العباد، زعموا أنها مستقلة غير تابعة للمشيئة،
فأخرجوها عن قدرة الله، فخالفوا كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة والتابعين.
«تفسير القرطبي = الجامع
لأحكام القرآن» (2/ 62):
«مَا
نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ
أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)»
مَعْرِفَةُ هَذَا الْبَابِ
أَكِيدَةٌ وَفَائِدَتُهُ عَظِيمَةٌ، لَا يَسْتَغْنِي عَنْ مَعْرِفَتِهِ الْعُلَمَاءُ،
وَلَا يُنْكِرُهُ إِلَّا الْجَهَلَةُ الْأَغْبِيَاءُ، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ
النَّوَازِلِ فِي الْأَحْكَامِ، وَمَعْرِفَةِ الْحَلَالِ مِنَ الْحَرَامِ.
«تفسير ابن كثير -
ط أولاد الشيخ» (2/ 21):
بَلى مَنْ أَسْلَمَ
وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)
«وقال سعيد بن جبير:
{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ}: أخلص {وجهه}، قال: دينه {وهو محسن} أي:
متبع، فيه الرسولَ، صلى الله عليه وسلم، فإن للعمل المتقبل شرطين: أحدَهما أن يكون
خالصًا لله وحده، والآخر: أن يكون صوابًا موافقًا للشريعة، فمتي كان خالصًا، ولم يكن
صوابًا لم يتقبل»
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص62):
«{بَلَى
مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} .»
{مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ
لِلَّهِ} أي: أخلص لله أعماله، متوجها إليه بقلبه، {وَهُوَ} مع إخلاصه {مُحْسِنٌ} في
عبادة ربه، بأن عبده بشرعه، فأولئك هم أهل الجنة وحدهم. ويفهم منها، أن من ليس كذلك،
فهو من أهل النار الهالكين، فلا نجاة إلا لأهل الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول.
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص63):
«{وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي
خَرَابِهَا}»
لا أحد أظلم وأشد جرما،
ممن منع مساجد الله، عن ذكر الله فيها، وإقامة الصلاة وغيرها من الطاعات.
{وَسَعَى}
أي: اجتهد وبذل وسعه {فِي خَرَابِهَا} الحسي والمعنوي، فالخراب الحسي: هدمها وتخريبها،وتقذيرها،
والخراب المعنوي: منع الذاكرين لاسم الله فيها، وهذا عام، لكل من اتصف بهذه الصفة
وإذا كان لا أظلم ممن
منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، فلا أعظم إيمانا ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة
الحسية والمعنوية، كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} .
«نظم الدرر في تناسب
الآيات والسور» (2/ 152):
{وَإِذْ
جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}
«{مثابة للناس} أي
مرجعاً يرجعون إليه بكلياتهم. كلما تفرقوا عنه اشتاقوا إليه هم أو غيرهم آية على رجوعهم
من الدنيا إلى ربهم»
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص66):
«فَلا
تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»
فقوموا به، واتصفوا
بشرائعه، وانصبغوا بأخلاقه، حتى تستمروا على ذلك فلا يأتيكم الموت إلا وأنتم عليه،
لأن من عاش على شيء، مات عليه، ومن مات على شيء، بعث عليه.
«تفسير السعدي = تيسير
الكريم الرحمن» (ص67):
«{قُولُوا
آمَنَّا بِاللَّهِ}» الإقرار والتصديق، والإسلام، اسما للأعمال الظاهرة وكذلك إذا جمع
بين الإيمان والأعمال الصالحة، فقوله تعالى: {قُولُوا} أي: بألسنتكم، متواطئة عليها
قلوبكم، وهذا هو القول التام، المترتب عليه الثواب والجزاء، فكما أن النطق باللسان،
بدون اعتقاد القلب، نفاق وكفر، فالقول الخالي من العمل عمل القلب، عديم التأثير، قليل
الفائدة، وإن كان العبد يؤجر عليه، إذا كان خيرا ومعه أصل الإيمان، لكن فرق بين القول
المجرد، والمقترن به عمل القلب.
«تفسير البغوي - طيبة»
(1/ 157):
«وَنَحْنُ
لَهُ مُخْلِصُونَ (139)» قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْإِخْلَاصُ أَنْ يُخْلِصَ
الْعَبْدُ دِينَهُ وَعَمَلَهُ فَلَا يُشْرِكَ بِهِ فِي دِينِهِ وَلَا يُرَائِيَ بِعَمَلِهِ
قَالَ الْفُضَيْلُ: تَرْكُ الْعَمَلِ لِأَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالْعَمَلُ مِنْ
أَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ، وَالْإِخْلَاصُ أَنْ يُعَافِيَكَ اللَّهُ مِنْهُمَا.
No comments:
Post a Comment