مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل (24) (الجزء السابع) سورة المائدة (2) من
آية 85 وسورة الأنعام (1) إلى أية 111
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 88): سورة المائدة
{فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}
«{فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ} أَعْطَاهُمُ
اللَّهُ، {بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا} وَإِنَّمَا أَنْجَحَ قَوْلَهُمْ وَعَلَّقَ الثَّوَابَ بِالْقَوْلِ لِاقْتِرَانِهِ
بِالْإِخْلَاصِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} يَعْنِي: الْمُوَحِّدِينَ
الْمُؤْمِنِينَ»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (5/ 320):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ
مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}
«كما لا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال،
بل خذوا منه بقدر كفايتكم وحاجتكم، ولا تجاوزوا الحد فيه، كما قال تعالى: {وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}. فشرع الله عدل
بين الغالي فيه والجافي عنه، لا إفراط ولا تفريط»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص242):
«{وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ
حَلالا طَيِّبًا} أي: كلوا من رزقه الذي ساقه إليكم، بما يسره من الأسباب، إذا كان
حلالا لا سرقة ولا غصبا ولا غير ذلك من أنواع الأموال التي تؤخذ بغير حق، وكان أيضا
طيبا، وهو الذي لا خبث فيه، فخرج بذلك الخبيث من السباع والخبائث.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (5/ 327):
{لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ
فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ
إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ
أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ
أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ
لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)}
«فهذه خصال ثلاث في كفارة اليمين، أيها فعل الحانث أجزأ
عنه بالإِجماع، وقد بدأ بالأسهل فالأسهل، فالإِطعام [أسهل و] أيسر من الكسوة، كما أن
الكسوة أيسر من العتق، فرقى فيها من الأدنى إلى الأعلى، فإن لم يقدر المكلف على واحدة
من هذه الخصال الثلاث، كفر بصيام ثلاثة أيام، كما [قال تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ
فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 291):
«إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ
يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ
عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)»
فَكُلُّ لَهْوٍ دَعَا قَلِيلُهُ إِلَى كَثِيرٍ، وَأَوْقَعَ
الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ بَيْنَ الْعَاكِفِينَ عَلَيْهِ، وَصَدَّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَشُرْبِ الْخَمْرِ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 297):
«لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ (93)»
ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَّقِيَ الْمُحْسِنَ أَفْضَلُ مِنَ الْمُتَّقِي الْمُؤْمِنِ
الَّذِي عَمِلَ الصَّالِحَاتِ، فَضَّلَهُ بِأَجْرِ الْإِحْسَانِ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص245):
{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
أي: ليكن هذان العلمان موجودين في قلوبكم على وجه الجزم
واليقين، تعلمون أنه شديد العقاب العاجل والآجل على من عصاه، وأنه غفور رحيم لمن تاب
إليه وأطاعه. فيثمر لكم هذا العلمُ الخوفَ من عقابه، والرجاءَ لمغفرته وثوابه، وتعملون
على ما يقتضيه الخوف والرجاء.»
«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» (1/ 459 ط الفكر):
«قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ،
قَدْ يَتَوَهَّمُ الْجَاهِلُ مِنْ ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَدَمَ وُجُوبِ
الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَكِنَّ نَفْسَ الْآيَةِ
فِيهَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا بَلَغَ جَهْدَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ
مِنْهُ الْمَأَمُورُ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [5 \ 105] ; لِأَنَّ
مَنْ تَرَكَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَمْ يَهْتَدِ»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 352): {فَأَصَابَتْكُمْ
مُصِيبَةُ الْمَوْتِ}
«وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمَوْتَ
فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُصِيبَةً، قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَالْمَوْتُ وَإِنْ كَانَ مُصِيبَةً
عُظْمَى، وَرَزِيَّةً كُبْرَى، فَأَعْظَمُ مِنْهُ الْغَفْلَةُ عَنْهُ، وَالْإِعْرَاضُ
عَنْ ذِكْرِهِ، وَتَرْكُ التَّفَكُّرِ فِيهِ، وَتَرْكُ الْعَمَلِ لَهُ، وَإِنَّ فِيهِ
وَحْدَهُ لَعِبْرَةً لِمَنِ اعْتَبَرَ، وَفِكْرَةً لِمَنْ تَفَكَّرَ.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص248):
«{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى
ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ} أي: اذكرها بقلبك ولسانك،
وقم بواجبها شكرا لربك، حيث أنعم عليك نعما ما أنعم بها على غيرك.»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 117):
{قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا
وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ (113)}
«{أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا} أَكْلَ
تَبَرُّكٍ لَا أَكْلَ حَاجَةٍ فَنَسْتَيْقِنَ قُدْرَتَهُ {وَتَطْمَئِنَّ} وَتَسْكُنَ،
{قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} بِأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، أَيْ: نَزْدَادُ
إِيمَانًا وَيَقِينًا،»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 375):
«وَإِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى
ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ
اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ»
وَبَدَأَ بِالتَّسْبِيحِ قَبْلَ الْجَوَابِ لِأَمْرَيْنِ
أَحَدُهُمَا- تَنْزِيهًا لَهُ عَمَّا أُضِيفَ إِلَيْهِ. الثَّانِي- خُضُوعًا لِعِزَّتِهِ
وَخَوْفًا مِنْ سَطْوَتِهِ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 383): سورة الأنعام
قَالَ الْعُلَمَاءُ: هَذِهِ السُّورَةُ أَصْلٌ فِي مُحَاجَّةِ
الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُبْتَدِعِينَ وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ
وَهَذَا يَقْتَضِي إِنْزَالَهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ
مِنَ الْحُجَّةِ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص250):{وَجَعَلَ
الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}
«وذكر الله الظلمات بالجمع، لكثرة
موادها وتنوع طرقها. ووحد النور لكون الصراط الموصلة إلى الله واحدة لا تعدد فيها،،
وهي: الصراط المتضمنة للعلم بالحق والعمل به»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 392):
{فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ
قَرْناً آخَرِينَ (6)}
«(فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ)
أَيْ بِكُفْرِهِمْ فَالذُّنُوبُ سَبَبُ الِانْتِقَامِ وَزَوَالِ النِّعَمِ. (وَأَنْشَأْنا
مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) أَيْ أَوْجَدْنَا، فليحذر هؤلاء من الإهلاك أيضا.»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 130):
«{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا
يُؤْمِنُونَ}»
هَذَا اسْتِعْطَافٌ منه تعالى للمتولين عَنْهُ إِلَى الْإِقْبَالِ
عَلَيْهِ وَإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ رَحِيمٌ بِالْعِبَادِ لَا يُعَجِّلُ بِالْعُقُوبَةِ،
وَيَقْبَلُ الْإِنَابَةَ وَالتَّوْبَةَ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص251):
{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلْ لِلَّهِ
كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا
رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} .
«وهو تعالى قد بسط عليهم رحمته وإحسانه،
وتغمدهم برحمته وامتنانه، وكتب على نفسه كتابا أن رحمته تغلب غضبه، وأن العطاء أحب
إليه من المنع، وأن الله قد فتح لجميع العباد أبواب الرحمة، إن لم يغلقوا عليهم أبوابها
بذنوبهم، ودعاهم إليها، إن لم تمنعهم من طلبها معاصيهم وعيوبهم»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 131):
«{وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) }»
وَقِيلَ: إِنَّمَا خَصَّ السُّكُونَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ
النِّعْمَةَ فِيهِ أَكْثَرُ.
«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» (1/ 475 ط الفكر):
«قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ
اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أَشَارَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ هُنَا: فَهُوَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ [ 17] ، بَعْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ، إِلَى أَنَّ
فَضْلَهُ وَعَطَاءَهُ الْجَزِيلَ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى رَدِّهِ، عَمَّنْ أَرَادَهُ
لَهُ تَعَالَى، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا
رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ الْآيَةَ [يونس 107] .»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص253/254):
«{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ
وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}»
أي: ومن هؤلاء المشركين، قوم يحملهم بعضَ الأوقات، بعضُ
الدواعي إلى الاستماع لما تقول، ولكنه استماع خال من قصد الحق واتباعه، ولهذا لا ينتفعون
بذلك الاستماع، لعدم إرادتهم للخير {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} أي:
أغطية وأغشية، لئلا يفقهوا كلام الله، فصان كلامه عن أمثال هؤلاء.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص254):
«{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا
لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}
.
هذه حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، أما حقيقة الدنيا فإنها
لعب ولهو، لعب في الأبدان ولهو في القلوب، فالقلوب لها والهة، والنفوس لها عاشقة، والهموم
فيها متعلقة، والاشتغال بها كلعب الصبيان. وأما الآخرة، فإنها {خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}
في ذاتها وصفاتها، وبقائها ودوامها، وفيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، من نعيم
القلوب والأرواح، وكثرة السرور والأفراح، ولكنها ليست لكل أحد، وإنما هي للمتقين الذين
يفعلون أوامر الله، ويتركون نواهيه وزواجره.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 413):
«وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَاّ
لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ
(32)»
لَيْسَ مِنَ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ مَا كَانَ مِنْ أُمُورِ
الْآخِرَةِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ اللَّعِبِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَاللَّهْوُ مَا
يُلْتَهَى بِهِ، وَمَا كَانَ مُرَادًا لِلْآخِرَةِ خَارِجٌ عَنْهُمَا، وَذَمَّ رَجُلٌ
الدُّنْيَا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَ عَلِيٌّ: الدُّنْيَا
دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا، وَدَارُ نَجَاةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَدَارُ غِنًى
لِمَنْ تَزَوَّدَ منها. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ حَيَاةُ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ
يُزْجِيهَا «4» فِي غُرُورٍ وَبَاطِلٍ، فَأَمَّا حَيَاةُ الْمُؤْمِنِ فَتَنْطَوِي عَلَى
أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، فَلَا تَكُونُ لَهْوًا.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 418):
«(إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ
يَسْمَعُونَ) أَيْ سَمَاعَ إِصْغَاءٍ وَتَفَهُّمٍ وَإِرَادَةِ الْحَقِّ، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ
الَّذِينَ يَقْبَلُونَ مَا يَسْمَعُونَ فَيَنْتَفِعُونَ بِهِ وَيَعْمَلُونَ»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص255):
«{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ} لدعوتك،
ويلبي رسالتك، وينقاد لأمرك ونهيك {الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} بقلوبهم ما ينفعهم، وهم
أولو الألباب والأسماع.
والمراد بالسماع هنا: سماع القلب والاستجابة، وإلا فمجرد
سماع الأذن، يشترك فيه البر والفاجر. فكل المكلفين قد قامت عليهم حجة الله تعالى، باستماع
آياته، فلم يبق لهم عذر، في عدم القبول»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص255):
«{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ
مِنْ شَيْءٍ} أي: ما أهملنا ولا أغفلنا، في اللوح المحفوظ شيئا من الأشياء، بل جميع
الأشياء، صغيرها وكبيرها، مثبتة في اللوح المحفوظ، على ما هي عليه، فتقع جميع الحوادث
طبق ما جرى به القلم.
وفي هذه الآية، دليل على أن الكتاب الأول، قد حوى جميع
الكائنات، وهذا أحد مراتب القضاء والقدر، فإنها أربع مراتب: علم الله الشامل لجميع
الأشياء، وكتابه المحيط بجميع الموجودات، ومشيئته وقدرته النافذة العامة لكل شيء، وخلقه
لجميع المخلوقات.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 426):
«فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا
أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)»
فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شي كَانَ مُغْلَقًا
عَنْهُمْ. (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا) مَعْنَاهُ بَطِرُوا وَأَشِرُوا وَأُعْجِبُوا
وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ الْعَطَاءَ لَا يَبِيدُ، وَأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى رِضَاءِ اللَّهِ
عز وجل عَنْهُمْ (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) أَيِ اسْتَأْصَلْنَاهُمْ وَسَطَوْنَا بِهِمْ.
وَ (بَغْتَةً) مَعْنَاهُ فَجْأَةً، وَهِيَ الْأَخْذُ عَلَى غِرَّةٍ وَمِنْ غَيْرِ تقدم
أمارة.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 37):
«{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}»
الحسن البصري: من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا
رأي له، ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له فلا رأي له، ثم قرأ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا
ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا
بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} قال الحسن: مكر بالقوم
وربِّ الكعبة، أعطوا حاجتهم ثم أخذوا. رواه ابن أبي حاتم.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 432):
«وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ»
وَخَصَّ الْغَدَاةَ وَالْعَشِيَّ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّ
الشُّغْلَ غَالِبٌ فِيهِمَا عَلَى النَّاسِ، وَمَنْ كَانَ فِي وَقْتِ الشُّغْلِ مُقْبِلًا
عَلَى الْعِبَادَةِ كَانَ فِي وَقْتِ الْفَرَاغِ مِنَ الشُّغْلِ أَعْمَلَ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (6/ 436):
«وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ
سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)»
وَإِذَا بَانَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ فَقَدْ بَانَ سَبِيلُ
الْمُؤْمِنِينَ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص258):
«{وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}
الموصلة إلى سخط الله وعذابه، فإن سبيل المجرمين إذا استبانت واتضحت، أمكن اجتنابها،
والبعد منها، بخلافما لو كانت مشتبهة ملتبسة، فإنه لا يحصل هذا المقصود الجليل.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص259):
«{قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ
بِهِ لَقُضِيَ الأمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ}
.»
فأوقعته بكم ولا خير لكم في ذلك، ولكن الأمر، عند الحليم
الصبور، الذي يعصيه العاصون، ويتجرأ عليه المتجرئون، وهو يعافيهم، ويرزقهم، ويسدي عليهم
نعمه، الظاهرة والباطنة. {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ} لا يخفى عليه من أحوالهم
شيء، فيمهلهم ولا يهملهم.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 4):
«وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ
لَا يَعْلَمُها إِلَاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ
مِنْ وَرَقَةٍ إِلَاّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ
وَلا يابِسٍ إِلَاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (59)»
«وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ" أَيْ مِنْ وَرَقَةِ
الشَّجَرِ إِلَّا يَعْلَمُ مَتَى تَسْقُطُ وَأَيْنَ تَسْقُطُ وَكَمْ تَدُورُ فِي الْهَوَاءِ،
وَلَا حَبَّةٍ إِلَّا يَعْلَمُ مَتَى تَنْبُتُ وَكَمْ تُنْبِتُ وَمَنْ يَأْكُلُهَا»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 152):
«{لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}
وَالشُّكْرُ: هُوَ مَعْرِفَةُ النِّعْمَةِ مَعَ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 8):
{قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ
تُشْرِكُونَ} .
«فَوَبَّخَهُمُ اللَّهُ فِي دُعَائِهِمْ
إِيَّاهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، وَهُمْ يَدْعُونَ مَعَهُ فِي حَالَةِ الرَّخَاءِ غَيْرَهُ
بِقَوْلِهِ:" ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ"»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 9):
{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ
بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ}
يَجْعَلُكُمْ فِرَقًا يُقَاتِلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَذَلِكَ
بِتَخْلِيطِ أَمْرِهِمْ وَافْتِرَاقِ أُمَرَائِهِمْ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا. وهو معنى
(قوله) (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) أَيْ بِالْحَرْبِ وَالْقَتْلِ فِي الْفِتْنَةِ،
عَنْ مُجَاهِدٍ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 13):
«وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ
فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ
الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)»
«وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْكَبَائِرِ
لَا تَحِلُّ. قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مِنْدَادَ: مَنْ خَاضَ فِي آيَاتِ اللَّهِ تُرِكَتْ
مُجَالَسَتُهُ وَهُجِرَ، مُؤْمِنًا كَانَ أَوْ كَافِرًا. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنَعَ
أَصْحَابُنَا الدُّخُولَ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَدُخُولِ كَنَائِسِهِمْ وَالْبِيَعِ،
وَمَجَالِسِ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ، وَأَلَّا تُعْتَقَدَ مَوَدَّتُهُمْ وَلَا
يُسْمَعَ كَلَامُهُمْ وَلَا مُنَاظَرَتُهُمْ.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص261):
«{وَذَكِّرْ بِهِ} أي: ذكر بالقرآن،
ما ينفع العباد، أمرا، وتفصيلا وتحسينا له، بذكر ما فيه من أوصاف الحسن، وما يضر العباد
نهيا عنه، وتفصيلا لأنواعه، وبيان ما فيه، من الأوصاف القبيحة الشنيعة، الداعية لتركه»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص262):
«{قَالَ هَذَا رَبِّي} أي: على وجه
التنزل مع الخصم أي: هذا ربي، فهلم ننظر، هل يستحق الربوبية؟ وهل يقوم لنا دليل على
ذلك؟ فإنه لا ينبغي لعاقل أن يتخذ إلهه هواه، بغير حجة ولا برهان»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص262):
«{فَلَمَّا أَفَلَ} أي: غاب ذلك
الكوكب {قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} أي: الذي يغيب ويختفي عمن عبده، فإن المعبود
لا بد أن يكون قائما بمصالح من عبده، ومدبرا له في جميع شئونه، فأما الذي يمضي وقت
كثير وهو غائب، فمن أين يستحق العبادة؟! وهل اتخاذه إلها إلا من أسفه السفه، وأبطل
الباطل؟!»
«تفسير البغوي - طيبة» (3/ 162):
«{قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ
قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي}»
وَالْأَنْبِيَاءُ لَمْ يَزَالُوا يَسْأَلُونَ اللَّهَ
تَعَالَى الثَّبَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ: {وَاجْنُبْنِي
وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} (إِبْرَاهِيمَ، 35)
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص263):
«{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}
كما رفعنا درجات إبراهيم عليه السلام في الدنيا والآخرة، فإن العلم يرفع الله به صاحبه
فوق العباد درجات. خصوصا العالم العامل المعلم، فإنه يجعله الله إماما للناس، بحسب
حاله ترمق أفعاله، وتقتفى آثاره، ويستضاء بنوره، ويمشى بعلمه في ظلمة ديجوره.
قال تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} .
{إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}
فلا يضع العلم والحكمة، إلا في المحل اللائق بها، وهو أعلم بذلك المحل، وبما ينبغي
له.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 39):
«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى
عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ»
وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْفِقْهِ
وَالسُّنَنِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنَ السُّنَنِ فَيَقُولُ: وَقَعَ فِي
خَاطِرِي كَذَا، أَوْ أَخْبَرَنِي قَلْبِي بِكَذَا، فَيَحْكُمُونَ بِمَا يَقَعُ فِي
قُلُوبِهِمْ وَيَغْلِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ خَوَاطِرِهِمْ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ
لِصَفَائِهَا مِنَ الْأَكْدَارِ وَخُلُوِّهَا مِنَ الْأَغْيَارِ، فَتَتَجَلَّى لَهُمُ
الْعُلُومُ الْإِلَهِيَّةُ وَالْحَقَائِقُ الرَّبَّانِيَّةُ، فَيَقِفُونَ عَلَى أَسْرَارِ
الْكُلِّيَّاتِ وَيَعْلَمُونَ أَحْكَامَ الْجُزْئِيَّاتِ فَيَسْتَغْنُونَ بِهَا عَنْ
أَحْكَامِ الشَّرَائِعِ الْكُلِّيَّاتِ، وَيَقُولُونَ: هَذِهِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ
الْعَامَّةُ، إِنَّمَا يُحْكَمُ بِهَا عَلَى الْأَغْبِيَاءِ وَالْعَامَّةِ، وَأَمَّا
الْأَوْلِيَاءُ وَأَهْلُ الْخُصُوصِ، فَلَا يَحْتَاجُونَ لِتِلْكَ النُّصُوصِ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 42):
«وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما
خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما
نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ
تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94)»
وَالْمَعْنَى: جِئْتُمُونَا وَاحِدًا وَاحِدًا، كُلُّ
وَاحِدٍ مِنْكُمْ مُنْفَرِدًا بِلَا أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا وَلَدٍ وَلَا نَاصِرٍ
مِمَّنْ كَانَ يُصَاحِبُكُمْ فِي الْغَيِّ، وَلَمْ يَنْفَعْكُمْ مَا عَبَدْتُمْ مِنْ
دُونِ اللَّهِ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 44):
«إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ
وَالنَّوى) عَدَّ مِنْ عَجَائِبِ صُنْعِهِ ما يعجز عن أدنى شي مِنْهُ آلِهَتُهُمْ.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (6/ 116):
{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ
مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ * فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَعَلَ
اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ}
«فبين تعالى قدرته على خلق الأشياء المتضادة المختلفة،
الدالة على كمال عظمته وعظيم سلطانه،»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص266):
«{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} حين تشتبه عليكم
المسالك، ويتحير في سيره السالك، فجعل الله النجوم هداية للخلق إلى السبل، التي يحتاجون
إلى سلوكها لمصالحهم، وتجاراتهم، وأسفارهم»
ودلت هذه الآية ونحوها، على مشروعية تعلم سير الكواكب
ومحالّها الذي يسمى علم التسيير، فإنه لا تتم الهداية ولا تمكن إلا بذلك.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (7/ 48/49):
«وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ
مَاءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ
مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ
مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا
إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
(99)»
وَخَصَّ الدَّانِيَةَ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّ مِنَ الْغَرَضِ
فِي الْآيَةِ ذِكْرَ الْقُدْرَةِ وَالِامْتِنَانِ بِالنِّعْمَةِ، وَالِامْتِنَانُ فِيمَا
يَقْرُبُ مُتَنَاوَلُهُ أكثر.
(انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) أَيْ نَظَرَ
الِاعْتِبَارِ لَا نَظَرَ الْإِبْصَارِ الْمُجَرَّدِ عَنِ التَّفَكُّرِ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص268):
«{وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}»
وفي هذه الآية الكريمة، دليل للقاعدة الشرعية وهو أن الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها، وأن وسائل المحرم، ولو كانت جائزة تكون محرمة، إذا كانت تفضي إلى الشر.
No comments:
Post a Comment