مقتطفات من كتاب القرآن تدبر وعمل {18} سورة النَّبَأِ و الجزء 30
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص906): سُورَةُ
النَّبَأِ
«{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي: راحة لكم، وقطعا لأشغالكم، التي متى
تمادت بكم أضرت بأبدانكم، فجعل الله الليل والنوم يغشى الناس لتنقطع (3) حركاتهم الضارة،
وتحصل راحتهم النافعة.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ» (14/ 231):
«{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا}، أي: مرصدة مُعَدّة {لِلطَّاغِينَ}،
وهم: المَرَدة العصاة المخالفون للرسل، {مَآبًا}، أي: مرجعًا ومنقلبًا ومصيرًا ونُزُلًا.
وقال الحسن، وقتادة في قوله: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا}: يعني: أنه لا يدخل
أحد الجنة حتى يجتاز بالنار، فإن كان معه جواز نجا وإلا احتبس»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص907):
«{وَكُلَّ شَيْءٍ} من قليل وكثير، وخير وشر {أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا}
أي: كتبناه (4) في اللوح المحفوظ، فلا يخشى المجرمون أنا عذبناهم بذنوب لم يعملوها،
ولا يحسبوا أنه يضيع من أعمالهم شيء، أو ينسى منها مثقال ذرة»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور» (21/ 216):
{إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ
يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} .
«وعن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أن الله تعالى يقتص يوم البعث للبهائم
بعضها من بعض ثم يقول لها: كوني تراباً، فتكون فيتمنى الكافر مثل ذلك. فقد علم أن ذلك
اليوم في غاية العظمة وأنه لا بد من كونه»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن» (19/ 200): سورة النازعات
«هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (15)»
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى. إِذْ ناداهُ
رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) أَيْ قَدْ جَاءَكَ وَبَلَغَكَ حَدِيثُ مُوسى
وَهَذَا تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أَيْ إن فرعون كَانَ أَقْوَى مِنْ
كُفَّارِ عَصْرِكَ، ثُمَّ أَخَذْنَاهُ، وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص909):
«{إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} فإن من يخشى الله هو الذي ينتفع بالآيات والعبر، فإذا رأى
عقوبة فرعون، عرف أن كل من تكبر وعصى، وبارز الملك الأعلى، عاقبه في الدنيا والآخرة،
وأما من ترحلت خشية الله من قلبه، فلو جاءته كل آية لم يؤمن [بها] .»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص909):
«{أَأَنْتُمْ
أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ
لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا
مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلأنْعَامِكُمْ}».
يقول تعالى مبينا دليلا واضحا لمنكري
البعث ومستبعدي إعادة الله للأجساد: {أَأَنْتُمْ} أيها البشر {أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ
السَّمَاءُ} ذات الجرم العظيم، والخلق القوي، والارتفاع الباهر {بَنَاهَا} الله. فالذي
خلق السماوات العظام وما فيها من الأنوار والأجرام، والأرض الكثيفة الغبراء، وما فيها
من ضروريات الخلق ومنافعهم، لا بد أن يبعث الخلق المكلفين، فيجازيهم على أعمالهم، فمن
أحسن فله الحسنى ومن أساء فلا يلومن إلا نفسه، ولهذا ذكر بعد هذا قيام الساعة ثم الجزاء.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص911: سورة عبس
«عَبَسَ وَتَوَلَّى
* أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ
فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا
عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ
عَنْهُ تَلَهَّى}»
وهذه فائدة كبيرة، هي المقصودة من بعثة
الرسل، ووعظ الوعاظ، وتذكير المذكرين، فإقبالك على من جاء بنفسه مفتقرا لذلك منك
(2) ، هو الأليق الواجب، وأما تصديك وتعرضك للغني المستغني الذي لا يسأل ولا يستفتي
لعدم رغبته في الخير، مع تركك من هو أهم منه، فإنه لا ينبغي لك، فإنه ليس عليك أن لا
يزكى، فلو لم يتزك، فلست بمحاسب على ما عمله من الشر.
فدل هذا على القاعدة المشهورة، أنه:
" لا يترك أمر معلوم لأمر موهوم، ولا مصلحة متحققة لمصلحة متوهمة " وأنه
ينبغي الإقبال على طالب العلم، المفتقر إليه، الحريص عليه أزيد من غيره.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 248/249):
{كَلَاّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ
شاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي
سَفَرَةٍ (15) كِرامٍ بَرَرَةٍ (16)}
«وقال قتادة والسدي: {كَلَّا إِنَّهَا
تَذْكِرَةٌ}؛ يعني القرآن. {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ}، أي: فمن شاء ذكر الله في جميع
أموره. وقوله: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ}، [أي: هذه السورة
أو العظة، وكلاهما متلازم، بل جميع القرآن {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ}]، أي: معظمة موقرة.
{مَرْفُوعَةٍ}، أي: عالية القدر، {مُطَهَّرَةٍ} أي: من الدنس والزيادة والنقص. وقوله:
{بِأَيدِي سَفَرَةٍ} قال ابن عباس ومجاهد، والضحاك وابن زيد: هي الملائكة.
وقوله: {كِرَامٍ بَرَرَةٍ}، أي: خُلقهم
كريم حَسَن شريف، وأخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة كاملة. ومن ها هنا ينبغي لحامل القرآن
أن يكون في أفعاله وأقواله على السداد والرشاد.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(19/ 217):
«قُتِلَ الْإِنْسانُ
مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ
(19)»
(مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) أَيْ
مِنْ أَيِّ شي خَلَقَ اللَّهُ هَذَا الْكَافِرَ فَيَتَكَبَّرَ؟ أَيِ اعْجَبُوا لِخَلْقِهِ.
مِنْ نُطْفَةٍ أَيْ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ مَهِينٍ جَمَادٍ خَلَقَهُ فَلَمْ يَغْلَطْ فِي
نَفْسِهِ؟! قَالَ الْحَسَنُ: كَيْفَ يَتَكَبَّرُ مَنْ خَرَجَ مِنْ سَبِيلِ الْبَوْلِ
مَرَّتَيْنِ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص911):
«{ثُمَّ أَمَاتَهُ
فَأَقْبَرَهُ} أي: أكرمه بالدفن، ولم يجعله كسائر الحيوانات التي تكون جيفها على وجه
الأرض}»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 260/262):
{قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ
* مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ
يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ}
«توالت في هذه السور إقامة
الأدلة عليها مما لا مزيد عليه، شرع في إقامة الدليل عليها بآية الأنفس من ابتداء الخلق
في أسلوب مبين لخسته وحقارته وأن من ألبسه أثواب الشرف بعد تلك الخسة والحقارة جدير
منه بالشكر لا بالكفر، فقال منبهاً له بالسؤال: {من أي شيء} والاستفهام للتقرير مع
التحقير {خلقه } ثم أجاب إشارة إلى أن الجواب واضح لا يحتاج فيه إلى وقفة أصلاً فقال
مبيناً حقارته: {من نطفة} أي ماء يسير جداً لا من غيره {خلقه} أي أوجده مقدراً على
ما هو عليه من التخطيط {فقدره} أي هيأه لما يصلح من الأعضاء الظاهرة والباطنة والأشكال
والأطوار إلى أن صلح لذلك.»
فقد عرف بهذا أن أول الإنسان نطفة مذرة،
وآخره جيفة قذرة، وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة، فما شرفه بالعلم إلا الذي أبدعه وصوره،
وذلك موجب لأن يشكره لا أن يكفره.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 273):
{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ
* تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ}
«أي الذين خرجوا
عن دائرة الشرع خروجاً فاحشاً حتى كانوا عريقين في ذلك الكفر والفجور، وهم في الأغلب
المترفون الذين يحملهم غناهم على التكبر والأشر والبطر، فلجمعهم بين الكفر والفجور
جمع لهم بين الغبرة والقترة»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص912): سورة التكوير
«{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا
النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ
* وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ
زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا
الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ
* وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} .»
هذه الأوصاف التي وصف الله بها يوم
القيامة، من الأوصاف التي تنزعج لها القلوب، وتشتد من أجلها الكروب، وترتعد الفرائص
وتعم المخاوف، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم، وتزجرهم عن كل ما يوجب اللوم،
ولهذا قال بعض السلف: من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين، فليتدبر سورة {إِذَا
الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص912):
«إِنَّهُ لَقَوْلُ
رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ»
وهذا [كله] يدل على شرف القرآن عند
الله تعالى، فإنه بعث به هذا الملك الكريم، الموصوف بتلك الصفات الكاملة. والعادة أن
الملوك لا ترسل الكريم عليها إلا في أهم المهمات، وأشرف الرسائل.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 294):
«وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ
* فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ»
«فمن علم هذه الأوصاف للقرآن والرسولين
الآتيين به الملكي والبشري أحبه وأحبهما، وبالغ في التعظيم والإجلال، وأقبل على تلاوته
في كل أوقاته، وبالغ في السعي في كل ما يأمر به والهرب مما ينهى عنه، ليحصل له الاستقامة
رغبة في مرافقة من أتى به ورؤية من أتى من عنده»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 272):
«{إِنْ هُوَ إلا
ذِكْرٌ لِلْعَالمِينَ}، أي: هذا القرآن ذكر لجميع الناس، يتذكرون به ويتعظون، {لِمَنْ
شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}، أي: من أراد الهداية فعليه بهذا القرآن، فإنه منجاةٌ
له وهداية، ولا هداية فيما سواه»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 302): سورة الانفطار
{يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ
بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}
«{يا أيها الإنسان}
أي البشر الآنس بنفسه الناسي لما يعنيه {ما غرك} أي أدخلك في الغرة، وهي أن ترى فعلك
القبيح حسناً أو ترى أنه يعفى عنك لا محالة ، ولما كان التعبير بالرب مع دلالته على
الإحسان يدل على الانتقام عند الإمعان في الإجرام لأن ذلك شأن المربي، فكان ذلك مانعاً
من الاغترار لمن تأمل»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص914):
«{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ
لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}»
وقد أقام الله عليكم ملائكة كراما يكتبون
أقوالكم وأفعالكم ويعلمون أفعالكم ....... فاللائق بكم
أن تكرموهم وتجلوهم وتحترموهم.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 311): سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ
{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ
إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ
يُخْسِرُونَ (3)}
«وفي ذلك تنبيه
على أن أصل الآفات الخلق السيىء وهو حب الدنيا الموقع في جمع الأموال من غير وجهها
ولو بأخس الوجوه: التطفيف الذي لا يرضاه ذو مروءة وهم من يقاربون ملء الكيل وعدل الوزن
ولا يملؤون ولا يعدلون»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(19/ 255):
«أَلا يَظُنُّ
أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ
لِرَبِّ الْعالَمِينَ (6)»
وَفِي هَذَا الْإِنْكَارِ وَالتَّعْجِيبِ
وَكَلِمَةِ الظَّنِّ، وَوَصْفِ الْيَوْمِ بِالْعَظِيمِ، وَقِيَامِ النَّاسِ فِيهِ لِلَّهِ
خَاضِعِينَ، وَوَصْفِ ذَاتِهِ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، بَيَانٌ بَلِيغٌ لِعِظَمِ الذَّنْبِ،
وَتَفَاقُمِ الْإِثْمِ فِي التَّطْفِيفِ، وَفِيمَا كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ مِنَ الْحَيْفِ،
وَتَرْكِ الْقِيَامِ بِالْقِسْطِ، وَالْعَمَلِ عَلَى التَّسْوِيَةِ وَالْعَدْلِ، فِي
كُلِّ أَخْذٍ وَإِعْطَاءٍ، بَلْ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(19/ 260):
«كَلَاّ بَلْ
رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ (14)»
هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى
يَسْوَدَّ الْقَلْبُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ، فَيُحِيطُ
الذَّنْبُ بِقَلْبِهِ، ثُمَّ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُحِيطُ الذَّنْبُ بِقَلْبِهِ، حَتَّى
تُغْشِيَ الذُّنُوبُ قَلْبَهُ.
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:
إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ صَارَ فِي قَلْبِهِ كَوَخْزَةِ الْإِبْرَةِ، ثُمَّ
صَارَ إِذَا أَذْنَبَ ثَانِيًا صَارَ كَذَلِكَ، ثُمَّ إِذَا كَثُرَتِ الذُّنُوبُ صَارَ
الْقَلْبُ كَالْمُنْخُلِ، أَوْ كَالْغِرْبَالِ، لَا يَعِي خَيْرًا، وَلَا يَثْبُتُ
فِيهِ صَلَاحٌ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص916):
«وَإِذَا انْقَلَبُوا
إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ»
أي: مسرورين مغتبطين (2) ، وهذا من
أعظم (3) ما يكون من الاغترار، أنهم جمعوا بين غاية الإساءة والأمن (4) في الدنيا،
حتى كأنهم قد جاءهم كتاب من الله وعهد، أنهم من أهل السعادة، وقد حكموا لأنفسهم أنهم
أهل الهدى، وأن المؤمنين ضالون، افتراء على الله، وتجرأوا على القول عليه بلا علم.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 327):
{عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ
(23)}
«أي إلى ما يشتهون
من الجنان والأنهار والحور والولدان، ليس لهم شغل غير ذلك وما شابهه من المستلذات.
وقال الإمام القشيري: أثبت النظر ولم يبين المنظور إليه لاختلافهم: منهم من ينظر
إلى قصوره، ومنهم من ينظر إلى حوره، ومنهم ومنهم، والخواص على
دوام الأوقات إلى الله تعالى ينظرون كما أن الفجار دائماً عن ربهم محجوبون»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 339): سورة الانشقاق
{يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ
إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ}
«حث على الاجتهاد في الإحسان في العمل
لأن من أيقن بأنه لا بد له من العرض على الملك أفرغ جهده في العمل بما يحمده عليه عند
لقائه.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 341):
{وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا}
«فإنه كان في
الدنيا في أهله مشفقاً من العرض على الله مغموماً مضروراً يحاسب نفسه بكرة وعشياً حساباً
عسيراً مع ما هو فيه من نكد الأهل وضيق العيش وشرور المخالفين»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 295):
«{إِنَّهُ كَانَ
فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا}، أي: فرحًا لا يفكر في العواقب، ولا يخاف مما أمامه، فأعقبه
ذلك الفرح اليسير الحزن الطويل»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(21/ 345):
{بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا}
«{بصيراً *} أي
ناظراً له وعالماً به أبلغ نظر وأكمل علم، فتركه مهملاً مع العلم بأعماله مناف للحكمة
والعدل والملك، فهو شيء لا يمكن في العقل بوجه.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(19/ 293): سورة البروج
«قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4)
النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (5)»
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: أَعْلَمَ اللَّهُ
عز وجل الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، مَا كَانَ يَلْقَاهُ
مَنْ وَحَّدَ قَبْلَهُمْ مِنَ الشَّدَائِدِ، يُؤْنِسُهُمْ بِذَلِكَ. وَذَكَرَ لَهُمُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قِصَّةَ الْغُلَامِ لِيَصْبِرُوا عَلَى مَا يُلَاقُونَ
مِنَ الْأَذَى وَالْآلَامِ، وَالْمَشَقَّاتِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، لِيَتَأَسَّوْا
بِمِثْلِ هَذَا الْغُلَامِ، فِي صَبْرِهِ وَتَصَلُّبِهِ فِي الْحَقِّ وَتَمَسُّكِهِ
بِهِ، وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ فِي حَقِّ إِظْهَارِ دَعْوَتِهِ، وَدُخُولِ النَّاسِ فِي
الدِّينِ مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ وَعِظَمِ صَبْرِهِ. وَكَذَلِكَ الرَّاهِبُ صَبَرَ عَلَى
التَّمَسُّكِ بِالْحَقِّ حَتَّى نُشِرَ بِالْمِنْشَارِ. وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ
لَمَّا آمَنُوا بِاللَّهِ تَعَالَى وَرَسَخَ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، صَبَرُوا
عَلَى الطَّرْحِ فِي النَّارِ وَلَمْ يَرْجِعُوا فِي دِينِهِمْ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص918):
«الَّذِي لَهُ
مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»
خلقًا وعبيدًا، يتصرف فيهم تصرف المالك
بملكه ، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} علمًا وسمعًا وبصرًا، أفلا خاف هؤلاء
المتمردون على الله، أن يبطش بهم العزيز المقتدر، أو ما علموا أنهم جميعهم مماليك لله
، ليس لأحد على أحد سلطة، من دون إذن المالك؟ أو خفي عليهم أن الله محيط بأعمالهم،
مجاز لهم على فعالهم ؟ كلا إن الكافر في غرور، والظالم في جهل وعمى عن سواء السبيل.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 312):
«{إِنَّ الَّذِينَ
فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ
وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)}»
قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم
والجود، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص918):
«وَهُوَ الْغَفُورُ
الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ»
والمودة هي المحبة الصافية، وفي هذا
سر لطيف، حيث قرن {الودود} بالغفور، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله
وأنابوا، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص919):
«{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ
مَجِيدٌ} أي: وسيع المعاني عظيمها، كثير الخير والعلم.
{فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}
من التغيير والزيادة والنقص، ومحفوظ من الشياطين، وهو: اللوح المحفوظ الذي قد أثبت
الله فيه كل شيء. وهذا يدل على جلالة القرآن وجزالته، ورفعة قدره عند الله تعالى، والله
أعلم.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 8): سورة الطارق
«يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (9)»
أَيْ تُخْرَجُ مُخَبَّآتُهَا وَتُظْهَرُ،
وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ اسْتَسَرَّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَأَضْمَرَهُ
مِنْ إِيمَانٍ أَوْ كُفْرٍ، ...
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يُبْدِي اللَّهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُلَّ سِرٍّ خَفِيَ، فَيَكُونُ زَيْنًا فِي الْوُجُوهِ، وَشَيْنًا
في الوجوه.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص919):
«{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ
كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}
.»
ويعلم بهذا من الغالب، فإن الآدمي أضعف
وأحقر من أن يغالب القوي العليم في كيده.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 323): سورة الأعلى
«{وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} أي: نسهِّل
عليك أفعال الخير وأقواله، ونشرع لك شرعًا سهلًا سمحًا مستقيمًا عدلًا، لا اعوجاج فيه
ولا حرج، ولا عسر.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 323):
«{فَذَكِّرْ إِنْ
نَفَعَتِ الذِّكْرَى}، أي: ذكر حيث تنفع التذكرة. ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم
فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: ما أنت بمحدث قومًا
حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال: حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن
يكذب الله ورسوله.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(22/ 9): سورة الغاشية
{ لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً}
«بل المسموع فيها
الذكر من التحميد والتمجيد والتنزيه لحمل ما يرى فيها من البدائع على ذلك مع نزع الحظوظ
الحاملة على غيره من القلوب بما كانوا يكرهون من لغو أهل الدنيا المنافي للحكمة.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 342): سورة الفجر
«{هَلْ فِي ذَلِكَ
قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}، أي: لذي عقل ولب وحجًّا، وإنما سمى العقل حجْرًا لأنه يمنع الإنسان
من تعاطى ما لا يليق به من الأفعال والأقوال»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(22/ 30):
وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (10)
«{ذي الأوتاد
} أي الذي ثبّت ملكه تثبيت من يظن أنه لا يزول بالعساكر والجنود وغيرهم من كل ما يظن
أنه يشد أمره من الجنات والعيون والزروع والمقامات الكريمة، فصارت له اليد المبسوطة
في الملك.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 346):
«{إِنَّ رَبَّكَ
لَبِالْمِرْصَادِ} قال ابن عباس: يسمع ويرى.
يعني: يرصد خلقه فيما يعملون، ويجازي
كلًّا بسعيه في الدنيا والأخرى، وسيعرض الخلائق كلهم عليه، فيحكم فيهم بعدله، ويقابل
كلًّا بما يستحقه. وهو المنزه عن الظلم والجور.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 51):
«فَأَمَّا الْإِنْسانُ
إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ
(15)»
وَهَذِهِ صِفَةُ الْكَافِرِ الَّذِي
لَا يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ: وَإِنَّمَا الْكَرَامَةُ عِنْدَهُ وَالْهَوَانُ بِكَثْرَةِ
الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا وَقِلَّتِهِ. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَالْكَرَامَةُ عِنْدَهُ
أَنْ يُكْرِمَهُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ، الْمُؤَدِّي إِلَى حَظِّ الْآخِرَةِ،
وَإِنْ وَسَّعَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا حَمِدَهُ وَشَكَرَهُ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 347):
{فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ
رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذا
مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (16)}
«يقول تعالى منكرًا
على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله عليه في الرزق ليختبره في ذلك، فيعتقد أن ذلك
من الله إكرام له وليس كذلك، بل هو ابتلاء وامتحان.»
وكذلك في الجانب الآخر إذا ابتلاه وامتحنه
وضَيّق عليه في الرزق، يعتقد أن ذلك من الله إهانة له. قال الله: {كَلَّا}، أي: ليس
الأمر كما زعم، لا في هذا ولا في هذا، فإن الله يعطي المال [من يحب ومن لا يحب، وضيق
على من يحب ومن لا يحب]، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين، إذا
كان غنيًّا بأن يشكر الله على ذلك، وإذا كان فقيرًا بأن يصبر.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص924):
«{وَلا تَحَاضُّونَ
عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين} أي: لا يحض بعضكم بعضًا على إطعام المحاويج من المساكين
والفقراء، وذلك لأجل الشح على الدنيا ومحبتها الشديدة المتمكنة من القلوب، ولهذا قال:
{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} أي: المال المخلف {أَكْلا لَمًّا} أي: ذريعًا، لا تبقون
على شيء منه.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 349):
«{يَاليتَنِي
قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، يعني: يندم على ما كان سلف منه من المعاصي -إن كان عاصيًا-
ويود لو كان ازداد من الطاعات-[إن كان طائعًا]»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص925): سورة البلد
«{لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي
كَبَدٍ} يحتمل أن المراد بذلك ما يكابده ويقاسيه من الشدائد في الدنيا، وفي البرزخ،
ويوم يقوم الأشهاد، وأنه ينبغي له أن يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد، ويوجب له الفرح
والسرور الدائم. وإن لم يفعل، فإنه لا يزال يكابد العذاب الشديد أبد الآباد»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص925):
«{يَقُولُ أَهْلَكْتُ
مَالا لُبَدًا} أي: كثيًرا، بعضه فوق بعض.
وسمى الله تعالى الإنفاق في الشهوات
والمعاصي إهلاكًا، لأنه لا ينتفع المنفق بما أنفق، ولا يعود عليه من إنفاقه إلا الندم
والخسار والتعب والقلة، لا كمن أنفق في مرضاة الله في سبيل الخير، فإن هذا قد تاجر
مع الله، وربح أضعاف أضعاف ما أنفق.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص926): سورة الشمس
«وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا» فالنفس
آية كبيرة من آياته التي حقيقة بالإقسام بها (3) فإنها في غاية اللطف والخفة، سريعة
التنقل [والحركة] والتغير والتأثر والانفعالات النفسية، من الهم، والإرادة، والقصد،
والحب، والبغض، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثال لا فائدة فيه، وتسويتها على
هذا الوجه (4) آية من آيات الله العظيمة.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 75):
«فَأَلْهَمَها
فُجُورَها وَتَقْواها (8)» وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ
عز وجل بِعَبْدِهِ خَيْرًا، أَلْهَمَهُ الْخَيْرَ فَعَمِلَ بِهِ، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ
السُّوءَ، أَلْهَمَهُ الشَّرَّ فَعَمِلَ بِهِ.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص926): سورة والليل
«{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى}
قسمًا بخلقه للذكر والأنثى، وكمال حكمته في ذلك أن خلق من كل صنف من الحيوانات التي
يريد بقاءها ذكرًا وأنثى، ليبقى النوع ولا يضمحل، وقاد كلا منهما إلى الآخر بسلسلة
الشهوة، وجعل كلا منهما مناسبًا للآخر، فتبارك الله أحسن الخالقين.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 372):
«{فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْيُسْرَى} - قال ابن عباس: دعني للخير. وقال زيد بن أسلم: يعني: للجنة.
وقال بعض السلف: من ثواب الحسنة الحسنة
بعدها. ومن جزاء السيئة السيئة بعدها.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص928): سورة الضحى
«{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}»
وهذا يدخل فيه السائل للمال، والسائل للعلم، ولهذا كان المعلم مأمورًا بحسن الخلق مع
المتعلم، ومباشرته بالإكرام والتحنن عليه، فإن في ذلك معونة له على مقصده، وإكرامًا
لمن كان يسعى في نفع العباد والبلاد.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص929):
«{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ} [وهذا يشمل] النعم الدينية والدنيوية {فَحَدِّثْ} أي: أثن على الله بها، وخصصها
بالذكر إن كان هناك مصلحة.
وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق، فإن
التحدث بنعمة الله، داع لشكرها، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها، فإن القلوب مجبولة
على محبة المحسن.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم
الرحمن» (ص929): سورة الشرح
«{وَرَفَعْنَا
لَكَ ذِكْرَكَ} أي: أعلينا قدرك، وجعلنا لك الثناء الحسن العالي، الذي لم يصل إليه
أحد من الخلق، فلا يذكر الله إلا ذكر معه رسوله صلى الله عليه وسلم، كما في الدخول
في الإسلام، وفي الأذان، والإقامة، والخطب، وغير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها
ذكر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال
والتعظيم ما ليس لأحد غيره، بعد الله تعالى، فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيًا
عن أمته.»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 113/114): سورة التين
«لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي
أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَهُوَ اعْتِدَالُهُ وَاسْتِوَاءُ شَبَابِهِ،
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ طَاهِرٍ: مُزَيَّنًا بِالْعَقْلِ، مُؤَدِّيًا لِلْأَمْرِ،
مَهْدِيًّا بِالتَّمْيِيزِ، مَدِيدَ الْقَامَةِ، يَتَنَاوَلُ مَأْكُولَهُ بِيَدِهِ.
الْإِنْسَانَ أَحْسَنُ خَلْقِ اللَّهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، جَمَالَ هَيْئَةٍ، وَبَدِيعَ
تَرْكِيبٍ الرَّأْسُ بِمَا فِيهِ، وَالصَّدْرُ بِمَا جَمَعَهُ، وَالْبَطْنُ بِمَا حَوَاهُ،
وَالْفَرْجُ وَمَا طَوَاهُ، وَالْيَدَانِ وَمَا بَطَشَتَاهُ، وَالرِّجْلَانِ وَمَا
احْتَمَلَتَاهُ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 396):
«{أَلَيسَ اللَّهُ
بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}» أي: أما هو أحكم الحاكمين، الذي لا يجور ولا يظلم أحدًا،
من عدله أن يقيم القيامة فينصف المظلوم في الدنيا ممن ظلمه.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 398): سورة اقرأ
«{اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ
(3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ
(5)}» وأن من كرمه تعالى أن علم الإِنسان ما لم يعلم، فشرفه وكرمه بالعلم، وَهو القدر
الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 399):
«{كَلَّا إِنَّ
الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى
(8)}» يخبر تعالى عن الإِنسان أنه ذو فرح وأشر وبطر وطغيان، إذا رأى نفسه قد استغنى
وكثر ماله. ثم تهدده وتوعده ووعظه فقال، {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}، أي، إلى
الله المصير والمرجع، وسيحاسبك على مالك: من أين جمعته؟ وفيم صرفته؟.
«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»
(9/ 38 ط الفكر): سورة القدر
كَوْنُ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ هُنَا
فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، مُشْعِرٌ بِفَضْلِ اخْتِصَاصِ اللَّيْلِ.
وَقَدْ أَشَارَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ
إِلَى نَظَائِرِهِ، فَمِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى
بِعَبْدِهِ لَيْلًا [17 \ 1] ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ
نَافِلَةً لَكَ [17 \ 79] ، وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ [50
\ 40] ، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا [73 \
6] . وَقَوْلُهُ: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [51 \ 17] .
وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله
عليه وسلم: «إِذَا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخَرِ يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى سَمَاءِ
الدُّنْيَا» الْحَدِيثَ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّيْلَ
أَخَصُّ بِالنَّفَحَاتِ الْإِلَهِيَّةِ، وَبِتَجَلِّيَاتِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ،
وَذَلِكَ لِخُلُوِّ الْقَلْبِ وَانْقِطَاعِ الشَّوَاغِلِ وَسُكُونِ اللَّيْلِ، وَرَهْبَتُهُ
أَقْوَى عَلَى اسْتِحْضَارِ الْقَلْبِ وَصَفَائِهِ.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(22/ 191): سُورَةُ الْبَيِّنَة
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}
«فدل ذلك على
غاية العوج لأهل الكتاب لأنهم كانوا لما عندهم من العلم أولى من المشركين بالاجتماع
على الهدى، ودل ذلك على أن وقوع اللدد والعناد من العالم أكثر، وحصوله الآفة لهم من
قوة ما لطباعهم من كدر النقص بتربيته وتنميته»
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 144):
«وَما أُمِرُوا
إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ» وَفِي هَذَا دَلِيلٌ
عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ
وَهُوَ الَّذِي يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى لَا غَيْرِهِ.
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 423):
«{وَمَا أُمِرُوا
إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)}»
{حنفاء} أي: متحنفين عن الشرك إلى التوحيد.
{وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ}، وهي أشرف عبادات البدن، {وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}، وهي الإِحسان
إلي الفقراء والمحاويج. {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}، أي: الملة القائمة العادلة،
أو: الأمة المستقيمة المعتدلة. وقد استدل كثير من الأئمة، كالزهري والشافعي، بهذه الآية
الكريمة علي أن الأعمال داخلة في الإِيمان.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(22/ 198):
{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)}
«{ورضوا عنه} لأنهم لم يبق لهم أمنية
إلا أعطاهموها مع علمهم أنه متفضل في جميع ذلك، لا يجب عليه لأحد شيء ولا يقدره أحد
حق قدره، فلو أخذ الخلق بما يستحقونه أهلكهم، وأعظم نعمه عليهم ما منّ عليهم به من
متابعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كان سبباً لكل خير.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(22/ 199):
{جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ
عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} .
«فمن خاف ربه
هذا الخوف انفك من جميع ما عنده مما لا يليق بجنابه سبحانه، ولم يقدح في البينة ولا
توقف فيها، وما فارق الخوف قلباً إلا خرب، فكان جديراً بأن يقدح في كل ما أدى إلى العمارة،»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص932): سُورَةُ الزَّلْزَلَة
«يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا» أي: تشهد على العاملين بما عملوا على ظهرها من خير وشر، فإن
الأرض من جملة الشهود الذين يشهدون على العباد بأعمالهم، ذلك {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى
لَهَا} [أي] وأمرها أن تخبر بما عمل عليها، فلا تعصى لأمره .
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 148):
«يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ
النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (6)»
(مَا مِنْ أَحَدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِلَّا وَيَلُومُ نَفْسَهُ، فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَيَقُولُ: لِمَ لَا ازْدَدْتُ
إِحْسَانًا؟ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ يَقُولُ: لِمَ لَا نَزَعْتُ عَنِ الْمَعَاصِي
؟ ) وَهَذَا عِنْدَ مُعَايَنَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
أَشْتاتاً مُتَفَرِّقِينَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ أَهْلُ الْإِيمَانِ عَلَى حِدَةٍ،
وَأَهْلُ كُلِّ دِينٍ عَلَى حِدَةٍ
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص933): سورة والعاديات
«وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ»
{وَإِنَّهُ} أي: الإنسان {لِحُبِّ الْخَيْرِ} أي: المال {لَشَدِيدُ} أي: كثير الحب
للمال.
وحبه لذلك، هو الذي أوجب له ترك الحقوق
الواجبة عليه، قدم شهوة نفسه على حق (4) ربه، وكل هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار،
وغفل عن الآخرة.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم
الرحمن» (ص933): سورة القارعة
الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ
(2) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (3)
{الْقَارِعَةُ}
من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك، لأنها تقرع الناس وتزعجهم بأهوالها، ولهذا عظم أمرها
وفخمه بقوله: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ
يَكُونُ النَّاسُ} من شدة الفزع والهول»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص933): سُورَةُ التَّكَاثُر
«أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى
زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ» {التَّكَاثُرُ} ولم يذكر المتكاثر به، ليشمل ذلك كل ما يتكاثر
به المتكاثرون، ويفتخر به المفتخرون، من التكاثر في الأموال، والأولاد، والأنصار، والجنود،
والخدم، والجاه، وغير ذلك مما يقصد منه مكاثرة كل واحد للآخر، وليس المقصود به الإخلاص
لله تعالى.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 169):
{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى
زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}
«حَتَّى زُرْتُمُ
الْمَقابِرَ مُفْتَخِرِينَ بِالْأَمْوَاتِ. وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
كَانُوا يَقُولُونَ نَحْنُ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، وَنَحْنُ أَعَدُّ مِنْ بَنِي
فُلَانٍ، وَهُمْ كُلُّ يَوْمٍ يَتَسَاقَطُونَ إِلَى آخِرِهِمْ، والله ما زالوا كَذَلِكَ
حَتَّى صَارُوا مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ كُلُّهمْ.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص934): سورة العصر
«إِلا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
.»
عمم الله الخسار لكل إنسان، إلا من
اتصف بأربع صفات:
الإيمان بما أمر الله بالإيمان به،
ولا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به.
والعمل الصالح، وهذا شامل لأفعال الخير
كلها، الظاهرة والباطنة، المتعلقة بحق الله وحق عباده ، الواجبة والمستحبة.
والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل
الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه.
والتواصي بالصبر على طاعة الله، وعن
معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.
فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور
الأربعة، يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح [العظيم] .
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 452):
«{وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}» {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} على المصائب والأقدار،
وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 183): سورة الهمزة
{الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ
(2)} «وَالْمَقْصُودُ الذَّمُّ عَلَى إِمْسَاكِ الْمَالِ عَنْ سَبِيلِ الطَّاعَةِ.»
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(22/ 245):
{يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ
(3)}
«{أن ماله} أي ذلك الذي عدده {أخلده
} أي أوصله إلى رتبة الخلد في الدنيا، فأحب ذلك المال كما يحب الخلود، ويجوز أن يكون
ذلك كناية عن أنه عمل - بانهماكه في المعاصي والإعراض عن الله عز وجل والإقبال على
التوسع في الشهوات والأعراض الزائلات - عمل من يظن أنه لا يموت، وفيه تعريض بأنه لا
يفيد الخلد إلا الأعمال الصالحة المسعدة في الدار الأخرة.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص934): سورة الفيل
«{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ
رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ
عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ
كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} .
أي: أما رأيت من قدرة الله وعظيم شأنه،
ورحمته بعباده، وأدلة توحيده، وصدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ما فعله الله بأصحاب
الفيل، الذين كادوا بيته الحرام وأرادوا إخرابه، فتجهزوا لأجل ذلك، واستصحبوا معهم
الفيلة لهدمه، وجاءوا بجمع لا قبل للعرب به، من الحبشة واليمن، فلما انتهوا إلى قرب
مكة، ولم يكن بالعرب مدافعة، وخرج أهل مكة من مكة خوفًا على أنفسهم منهم، أرسل الله
عليهم طيرًا أبابيل أي: متفرقة، تحمل حجارة محماة من سجيل، فرمتهم بها، وتتبعت قاصيهم
ودانيهم، فخمدوا وهمدوا، وصاروا كعصف مأكول، وكفى الله شرهم، ورد كيدهم في نحورهم،
[وقصتهم معروفة مشهورة] وكانت تلك السنة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فصارت من جملة إرهاصات دعوته، ومقدمات رسالته، فلله الحمد والشكر.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص935): سورة قريش
«فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ»
فأهلك الله من أرادهم بسوء، وعظم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، ولم
يعترضوا لهم في أي: سفر أرادوا، ولهذا أمرهم الله بالشكر.
«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»
(9/ 112 ط الفكر):
«فِي الْجَمْعِ
بَيْنَ إِطْعَامِهِمْ مِنْ جُوعٍ وَأَمْنِهِمْ مِنْ خَوْفٍ، نِعْمَةٌ عُظْمَى لِأَنَّ
الْإِنْسَانَ لَا يَنْعَمُ وَلَا يَسْعَدُ إِلَّا بِتَحْصِيلِ النِّعْمَتَيْنِ هَاتَيْنِ
مَعًا، إِذْ لَا عَيْشَ مَعَ الْجُوعِ، وَلَا أَمْنَ مَعَ الْخَوْفِ، وَتَكْمُلُ النِّعْمَةُ
بِاجْتِمَاعِهِمَا.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 468): سُورَةُ الْمَاعُون
{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ
هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5)}
«الذين هم من أهل الصلاة وقد التزموا
بها، ثم هم عنها ساهون، إما عن فعلها بالكلية، كما قاله ابن عباس، وإما عن فعلها في
الوقت المقدر لها شرعًا، فيخرجها عن وقتها بالكلية، كما قاله مسروق، وأبوالضحي.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد
الشيخ» (14/ 482): سورة الكوثر
{إِنَّا أَعْطَينَاكَ الْكَوْثَرَ
(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}
«أن المراد بالنحر ذبح المناسك؛ ولهذا
كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي يوم العيد ثم ينحر نسكه ويقول: "من صلى
صلاتنا ونسك»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص936): سورة الكافرون
«{وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}
لعدم إخلاصكم في عبادته ، فعبادتكم له المقترنة
بالشرك لا تسمى عبادة»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 487):
«وقد استدل الإِمام
أبو عبد اللَّه الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}،
على أن الكفر كله ملة واحدة» لأن الأديان ما عدا الإِسلام كلها كالشيء الواحد في البطلان.
«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»
(9/ 136 ط الفكر):
«فِي هَذِهِ السُّورَةِ
مَنْهَجٌ إِصْلَاحِيٌّ، وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ وَلَا صَلَاحِيَةِ أَنْصَافِ الْحُلُولِ
; لِأَنَّ مَا عَرَضُوهُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي الْعِبَادَةِ،
يُعْتَبَرُ فِي مِقْيَاسِ الْمَنْطِقِ حَلًّا وَسَطًا لِاحْتِمَالِ إِصَابَةِ الْحَقِّ
فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، فَجَاءَ الرَّدُّ حَاسِمًا وَزَاجِرًا وَبِشِدَّةٍ ; لِأَنَّ
فِيهِ أَيْ فِيمَا عَرَضُوهُ مُسَاوَاةً لِلْبَاطِلِ بِالْحَقِّ، وَفِيهِ تَعْلِيقَ
الْمُشْكِلَةِ، وَفِيهِ تَقْرِيرَ الْبَاطِلِ، إِنْ هُوَ وَافَقَهُمْ وَلَوْ لَحْظَةً.
وَقَدْ تُعْتَبَرُ هَذِهِ السُّورَةُ مُمَيِّزَةً وَفَاصِلَةً بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ،
وَنِهَايَةَ الْمُهَادَنَةِ، وَبِدَايَةَ الْمُجَابَهَةِ.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص936): سُورَةِ النَّصْرِ
«إِذَا جَاءَ
نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا
* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} .»
إشارة لأن يستمر النصر لهذا الدين ،
ويزداد عند حصول التسبيح بحمد الله واستغفاره من رسوله، فإن هذا من الشكر، والله يقول:
{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ} وقد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين وبعدهم في
هذه الأمة لم يزل نصر الله مستمرًا، حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان،
ودخل فيه ما لم يدخل في غيره، حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر الله ما حدث، فابتلاهم
الله بتفرق الكلمة، وتشتت الأمر، فحصل ما حصل.
أن الأمور الفاضلة تختم بالاستغفار،
كالصلاة والحج، وغير ذلك.
فأمر الله لرسوله بالحمد والاستغفار
في هذه الحال، إشارة إلى أن أجله قد انتهى، فليستعد ويتهيأ للقاء ربه، ويختم عمره بأفضل
ما يجده صلوات الله وسلامه عليه.
«نظم الدرر في تناسب الآيات والسور»
(22/ 331): سورة المسد
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}
«وعرف بهذا أن الانتماء إلى الصالحين لا يغني إلا إن وقع الاقتداء بهم في أفعالهم
لأنه عم النبي صلى الله عليه وسلم.»
«تفسير ابن كثير - ط أولاد الشيخ»
(14/ 497):
«{وَامْرَأَتُهُ
حَمَّالةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)}»
كانت زوجته وكانت عونًا لزوجها على كفره وجحوده وعناده،
فلهذا تكون يوم القيامة عونًا عليه في عذابه في نار جهنم؛ ولهذا قال: {حَمَّالةَ الْحَطَبِ
(4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}، يعني: تحمل الحطب فتلقي على زوجها، ليزداد على
ما هو فيه، وهي مهيأة لذلك مستعدة له.
«تفسير السعدي = تيسير الكريم
الرحمن» (ص937): سورة الإخلاص
«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ
الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} .
أي {قُلْ} قولا جازمًا به، معتقدًا
له، عارفًا بمعناه، {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد
بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي
لا نظير له ولا مثيل. {اللَّهُ الصَّمَدُ} أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم
العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم،
لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم
الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه {لَمْ
يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لكمال غناه {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} لا في أسمائه
ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى. فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء
والصفات.»
«تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن»
(ص937): سورة الفلق
«{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}
والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب،
فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا
تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع
أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا. ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله
منه [ومن أهله] .»
«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»
(9/ 183 ط الفكر): سورة الناس
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
* مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ}
فِي سُورَةِ الْفَلَقِ جَاءَ فِي
الِاسْتِعَاذَةِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ «بِرَبِّ الْفَلَقِ» .
وَفِي سُورَةِ النَّاسِ جَاءَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ
بِثَلَاثِ صِفَاتٍ، مَعَ أَنَّ الْمُسْتَعَاذَ مِنْهُ فِي الْأُولَى ثَلَاثَةُ أُمُورٍ،
وَالْمُسْتَعَاذَ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ أَمْرٌ وَاحِدٌ، فَلِخَطَرِ الْأَمْرِ الْوَاحِدِ
جَاءَتِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ.
«تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن»
(20/ 263):
«مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) أَخْبَرَ أَنَّ الْمُوَسْوِسَ قَدْ يَكُونُ مِنَ النَّاسِ. قَالَ الْحَسَنُ: هُمَا شَيْطَانَانِ، أَمَّا شَيْطَانُ الْجِنِّ فَيُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، وَأَمَّا شَيْطَانُ الْإِنْسِ فَيَأْتِي عَلَانِيَةً. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ مِنَ الْجِنِّ شَيَاطِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينَ، فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.»