RAMADAN
Tuesday, April 9, 2019
Saturday, March 30, 2019
إبن الرومي ............( وما عند الله خير وأبقى)
إذا أذِنَ اللهُ في حاجة ٍ أتاك النجاحُ بها يركضُ
=========================
إذا نلتَ مأمولاً على رأس برهة ٍ حسبْتُك قد أحرزت غُنماً من الغُنم
ولم تذكر الغُرْم الذي قد غرمْته من العُمُر الماضي ويا لك من غُرْم
رأيتُ حياة َ المرء رهناً بموته وصحتَه رهناً كذلك بالسُّقم
إذا طاب لي عيشي تنغصتُ طيبه بصدق يقيني أن سيذهبُ كالحُلم
ومن كان في عيش يراعي زواله فذلك في بؤسٍ وإن كان في نُعم
بقائي شاء ليس هم ارتحالا للمتنبي
وحُسْنَ الصّبرِ
زَمّوا لا الجِمالا
|
بَقائي شاءَ لَيسَ
هُمُ ارْتِحالا
|
تَهَيّبَني
فَفاجأني اغْتِيالا
|
تَوَلّوْا
بَغْتَةً فَكَأنّ بَيْناً
|
وسَيْرُ الدّمْعِ
إثْرَهُمُ انهِمالا
|
فكانَ مَسيرُ
عيسِهِمِ ذَميلاً
|
مُناخاتٍ فَلَمّا
ثُرْنَ سَالا
|
كأنّ العِيسَ
كانَتْ فَوْقَ جفني
|
فَساعَدَتِ
البراقِعَ والحِجالا
|
وحَجّبَتِ النّوَى
الظّبَيَاتِ عني
|
ولكِنْ كَيْ يصنّ
بهِ الجَمَالا
|
لَبِسْنَ الوَشْيَ
لا مُتَجَمّلاتٍ
|
ولكنْ خِفنَ في
الشّعَرِ الضّلالا
|
وضَفّرْنَ
الغَدائِرَ لا لحُسْنٍ
|
وِشاحي ثَقْبَ
لُؤلُؤةٍ لجَالا
|
بِجِسْمي مَنْ
بَرَتْه فلَوْ أصارَتْ
|
لَكُنْتُ أظُنّني
مني خَيَالا
|
ولَوْلا أنّني في
غَيرِ نَوْمٍ
|
وفاحَتْ عَنْبَراً
ورَنَت غَزالا
|
بَدَتْ قَمَراً
ومالَتْ خُوطَ بانٍ
|
لَنا من حُسنِ
قامَتِها اعتِدالا
|
وجارَتْ في
الحُكومَةِ ثمّ أبْدَتْ
|
فَساعَةَ هَجرِها
يَجِدُ الوِصالا
|
كأنّ الحُزْنَ
مَشْغُوفٌ بقَلبي
|
صُروفٌ لم
يُدِمْنَ عَلَيْهِ حَالا
|
كَذا الدّنْيا على
مَن كانَ قَبْلي
|
تَيَقّنَ عَنهُ
صاحِبُهُ انْتِقالا
|
أشَدُّ الغَمّ
عِنْدي في سُرورٍ
|
قُتُودي
والغُرَيْرِيَّ الجُلالا
|
ألِفْتُ تَرَحّلي
وجَعَلْتُ أرضي
|
ولا أزْمَعْتُ عَن
أرْضٍ زَوالا
|
فَما حاوَلْتُ في
أرْضٍ مُقاماً
|
أُوَجّهُها
جَنُوباً أوْ شَمَالاً
|
على قَلَقٍ كأنّ
الرّيحَ تَحْتِي
|
يكُنْ في غُرّةِ
الشّهْرِ الهِلالا
|
إلى البَدْرِ بنِ
عَمّارَ الذي لَمْ
|
ولم يَزَلِ
الأميرَ ولَنْ يَزالا
|
ولم يَعْظُمْ
لنَقْصٍ كانَ فيهِ
|
لكُلّ مُغَيَّبٍ
حَسَنٍ مِثَالا
|
بلا مِثْلٍ وإنْ
أبْصَرْتَ فيهِ
|
حُسامِ المُتّقي
أيّامَ صالا
|
حُسَامٌ لابنِ
رائِقٍ المُرَجّى
|
بَني أسَدٍ إذا
دَعَوا النّزالا
|
سِنانٌ في قَناةِ
بَني مَعَدٍّ
|
ومَقْدِرَةً
ومَحْمِيَّةً وآلا
|
أعَزُّ مُغالِبٍ
كَفّاً وسَيْفاً
|
وأكْرَمُ مُنْتَمٍ
عَمّاً وخالا
|
وأشرَفُ فاخِرٍ
نَفْساً وقَوْماً
|
على الدّنْيا
وأهْليها مُحَالا
|
يكونُ أخَفُّ
إثْنَاءٍ عَلَيْهِ
|
إذا لم يَتَّرِكْ
أحَدٌ مَقَالا
|
ويَبْقَى ضِعْفُ
ما قَد قيلَ فيهِ
|
مَواضعَ يَشتَكي
البَطَلُ السُّعالا
|
فيا ابنَ
الطّاعِنينَ بكُلّ لَدْنٍ
|
منَ العَرَبِ
الأسافِلِ والقِلالا
|
ويا ابنَ
الضّارِبينَ بكُلّ عَضْبٍ
|
ومَن ذا يَحمَدُ
الدّاءَ العُضالا
|
أرَى
المُتَشاعِرينَ غَرُوا بذَمّي
|
يَجدْ مُرّاً بهِ
المَاءَ الزُّلالا
|
ومَنْ يَكُ ذا
فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ
|
فقُلت نَعَمْ إذا
شئتُ استِفالا
|
وقالوا هَلْ يُبَلّغُكَ
الثّرَيّا؟
|
وبِيضَ الهِنْدِ
والسُّمْرَ الطّوالا
|
هوَ المُفني
المَذاكي والأعادي
|
على حَيٍّ
تُصَبّحُهُ ثِقَالا
|
وقائِدُها
مُسَوَّمَةً خِفافاً
|
كأنّ على
عَوامِلِها ذُبَالا
|
جَوائِلَ بالقُنيّ
مُثَقَّفاتٍ
|
يَفِئْنَ لوَطْءِ
أرْجُلِها رِمَالا
|
إذا وَطِئَتْ
بأيْديها صُخُوراً
|
ولا لكَ في
سُؤالكَ لا ألاَ لا
|
جَوابُ مُسائِلي
ألَهُ نَظِيرٌ؟
|
تَعُدّ رَجاءَها
إيّاكَ مَالا
|
لَقَد أمِنَتْ بكَ
الإعدامَ نَفْسٌ
|
غَدَتْ أوجالُها
فيها وِجَالا
|
وقد وَجِلَتْ
قُلُوبٌ منكَ حتى
|
تُعَلّمُهُمْ
عَلَيْكَ بهِ الدّلالا
|
سُرورُكَ أنْ
تَسُرَّ النّاسَ طُرّاً
|
وإنْ سكَتُوا
سألْتَهُمُ السّؤالا
|
إذا سألُوا
شكَرْتَهُمُ عَلَيْهِ
|
يُنيلُ
المُسْتَمَاحَ بأنْ يُنَالا
|
وأسعَدُ مَنْ
رأيْنا مُسْتَميحٌ
|
فِراقَ القَوْسِ
ما لاقَى الرّجالا
|
يُفارِقُ سَهمُكَ
الرّجلَ المُلاقَى
|
كأنّ الرّيشَ
يَطّلِبُ النِّصالا
|
فَما تَقِفُ
السّهامُ على قَرارٍ
|
وجاوَزْتَ
العُلُوّ فَما تُعَالَى
|
سَبَقْتَ
السّابقينَ فَما تُجارَى
|
لمَا صَلَحَ
العِبَادُ لَه شِمَالا
|
وأُقْسِمُ لوْ
صَلَحْتَ يَمينَ شيءٍ
|
وإنْ طَلَعَتْ
كَواكِبُها خِصالا
|
أُقَلّبُ مِنكَ
طَرْفي في سَمَاءٍ
|
وقد أُعطِيتَ في
المَهدِ الكَمالا
|
وأعجبُ منكَ كيفَ
قدَرْتَ تنشا
|
Friday, January 11, 2019
روى القلب ذكر الله
رَوَى الْقَلْبُ ذِكْرَ اللَّهِ فَاسْتَسْقِ مُقْبِلا وَلا تَعْدُ رَوْضَ الذَّاكِرِينَ فَتَمْحُلا وَآثِرْ عَنِ الآثَارِ مَثَراةُ عُذْبِهِ وَمَا مِثْلُهُ لِلْعَبْدِ حِصْنًا وَمَوْئِلا وَمَنْ شَغَلَ الْقُرْآنُ عَنْهُ لِسَانَهُ يَنَلْ خَيْرَ أَجْرِ الذَّاكِرِينَ مُكَمَّلا وَمَا أَفْضَلُ الأَعْمَالِ إِلا انْسِيَاحَةُ مَعَ الْخَتْمِ حِلا وَارْتِحَالا مُوَصِّلا .
Saturday, December 8, 2018
تَصَرَّمتِ الدنيا فليسَ خلودُ .. يحيى بن المبارك اليزيدي
تَصَرَّمتِ الدنيا
فليسَ خلودُ
|
وما قد ترى من
بهجةٍ سَيبَيِدُ
|
لكلِّ امرئ منا من
الموت منهلٌ
|
وليس له إلا عليه
ورود
|
ألم تر شيباً
شاملاً يُنذرُ البِلى
|
وإن الشبابَ
الغضَّ ليس يعودُ
|
سيأتيك ما أفنى
القرونَ التي خَلَتْ
|
فكن مستعداً
فالفناءُ عتيدُ
|
أسيتُ على قاضي
القضاةِ محمدٍ
|
فأذرَيتُ دمعي
والفؤادُ عميدُ
|
وقلتُ إذا ما
الخطبُ أشكلَ مَنْ لنا
|
بإيضاحه يوماً
وأنت فقيدُ
|
وأقلقني موتُ
الكسائيّ بعدهُ
|
وكادتْ بي الأرضُ
الفضاءُ تَميدُ
|
فأذهلني عن كلِّ
عيشٍ ولذةٍ
|
وأرَّقَ عيني
والعيونُ هُجود
|
هما عالمانا أود
يا وتخرّما
|
وما لهما في
العالمين نَديِدُ
|
فخرنيَ إنْ
تَخْطُر على القلبِ خَطرةٌ
|
بذكرهما حتى
المماتِ جديدُ
|
Sunday, October 21, 2018
من مقدمة القاموس المحيط لمجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى
وهو يتحدث عن اللغة العربية:
وَهَذِهِ اللُّغَةُ الشَّرِيفَةُ، الَّتِي لَمْ تَزَلْ تَرْفَعُ الْعَقِيرَةَ غِرِّيدَةُ بَانِهَا، وَتَصُوغُ ذَاتُ طَوْقِهَا بِقَدْرِ
الْقُدْرَةِ فُنُونَ أَلْحَانِهَا، وَإِنْ دَارَتِ الدَّوَائِرُ عَلَى ذَوِيهَا، وَأَحَنَّتْ عَلَى نَضَارَةِ رِيَاضِ عَيْشِهِمْ تُذْوِيهَا، حَتَّى لَا لَهَا الْيَوْمَ دَارِسٌ سِوَى الطَّلَلِ فِي الْمَدَارِسِ، وَلَا مُجَاوِبَ إِلَّا الصَّدَى مَا بَيْنَ أَعْلَامِهَا الدَّوَارِسِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَصَوَّحْ [يتشقَّقْ] فِي عَصْفِ تِلْكَ الْبَوَارِحِ نَبْتُ تِلْكَ الْأَبَاطِحِ أَصْلًا وَرَاسًا [رأسا] ، وَلَمْ تُسْتَلَبِ الْأَعْوَادُ الْمُورِقَةُ عَنْ آخِرِهَا، وَإِنْ أَذْوَتِ اللَّيَالِي غِرَاسًا. وَلَا تَتَسَاقَطُ عَنْ عَذَبَاتِ أَفْنَانِ الْأَلْسِنَةِ ثِمَارُ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، مَا اتَّقَتْ مُصَادَمَةَ هُوجِ الزَّعَازِعِ بِمُنَاسَبَةِ الْكِتَابِ وَدَوْلَةِ النَّبِيِّ.
وَلَا يَشْنَأُ [يكره] هَذِهِ اللُّغَةَ الشَّرِيفَةَ إِلَّا مَنِ اهْتَافَ [رمى] بِهِ رِيحُ الشَّقَاءِ، وَلَا يَخْتَارُ عَلَيْهَا إِلَّا مَنِ اعْتَاضَ السَّافِيَةَ [الريح المتربة] مِنَ الشَّحْوَاءِ [البئر الواسعة غزيرة الماء] ، أَفَادَتْهَا مُيَامِنُ أَنْفَاسِ الْمُسْتَجِنِّ بِطَيْبَةَ [المدينة المنوَّرة] طِيبًا، فَشَدَتْ بِهِ أَيْكِيَّةُ النُّطْقِ عَلَى فَنَنِ اللِّسَانِ رَطِيبًا، يَتَدَاوَلُهَا الْقَوْمُ مَا ثَنَتِ الشِّمَالُ مَعَاطِفَ غُصْنٍ، وَمَرَتِ الْجَنُوبُ لِقْحَةَ مُزْنٍ، اسْتِظْلَالًا بِدَوْلَةِ مَنْ رَفَعَ مَنَارَهَا فَأَعْلَى، وَدَلَّ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى. وَكَيْفَ لَا، وَالْفَصَاحَةُ أَرَجٌ [ريحُ الطِّيب] بِغَيْرِ ثِيَابِهِ لَا يَعْبَقُ، وَالسَّعَادَةُ صَبٌّ [عاشق متيَّم] سِوَى تُرَابِ بَابِهِ لَا يَعْشَقُ. شِعْرٌ:
إِذَا تَنَفَّسَ مِنْ وَادِيكَ رَيْحَانُ ... تَأَرَّجَتْ مِنْ قَمِيصِ الصُّبْحِ أَرْدَانُ
وَمَا أَجْدَرَ هَذَا اللِّسَانَ - وَهُوَ حَبِيبُ النَّفْسِ، وَعَشِيقُ الطَّبْعِ، وَسَمِيرُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ، وَقَدْ وَقَفَ عَلَى ثَنْيَةِ الْوَدَاعِ، وَهَمَّ قِبْلِيُّ مَزْنِهِ بِالْإِقْلَاعِ - بِأَنْ يُعْتَنَقَ ضَمًّا وَالْتِزَامًا، كَالْأَحِبَّةِ لَدَى التَّوْدِيعِ، وَيُكْرَمَ بِنَقْلِ الْخُطُوَاتِ عَلَى آثَارِهِ حَالَةَ التَّشْيِيعِ. وَإِلَى الْيَوْمِ نَالَ بِهِ الْقَوْمُ الْمَرَاتِبَ وَالْحُظُوظَ، وَجَعَلُوا حَمَاطَةَ [صميم] جُلْجُلَانِهِمْ [قلوبهم] لَوْحَهُ الْمَحْفُوظَ. وَفَاحَ مِنْ زَهْرِ تِلْكَ الْخَمَائِلِ، وَإِنْ أَخْطَأَهُ صَوْبُ الْغُيُوثِ الْهَوَاطِلِ [الأمطار الغزيرة] ، مَا تَتَوَلَّعُ بِهِ الْأَرْوَاحُ لَا الرِّيَاحُ، وَتُزْهَى بِهِ الْأَلْسُنُ لَا الْأَغْصُنُ، وَيُطْلِعُ طَلْعَةَ الْبَشَرِ لَا الشَّجَرِ، وَيَجْلُوهُ الْمَنْطِقُ السَّحَّارُ لَا الْأَسْحَارُ، تُصَانُ عَنِ الْخَبْطِ أَوْرَاقٌ عَلَيْهَا اشْتَمَلَتْ، وَيَتَرَفَّعُ عَنِ السُّقُوطِ نَضِيجُ ثَمَرٍ، أَشْجَارُهُ احْتَمَلَتْ، مِنْ لُطْفِ بَلَاغَةِ لِسَانِهِمْ مَا يَفْضَحُ فُرُوعَ الْآسِ رَجَّلَ جَعْدَهَا مَاشِطَةُ الصَّبَا [ريح الشَّمال اللطيفة] ، وَمِنْ حُسْنِ بَيَانِهِمْ مَا اسْتَلَبَ الْغُصْنَ رَشَاقَتَهُ فَقَلِقَ اضْطِرَابًا شَاءَ أَوْ أَبَى. وَلِلَّهِ صُبَابَةٌ [صفوةٌ باقية] مِنَ الْخُلَفَاءِ الْحُنَفَاءِ، وَالْمُلُوكِ الْعُظَمَاءِ، الَّذِينَ تَقَلَّبُوا فِي أَعْطَافِ الْفَضْلِ، وَأُعْجِبُوا بِالْمَنْطِقِ الْفَصْلِ، وَتَفَكَّهُوا بِثِمَارِ الْأَدَبِ الْغَضِّ، وَأُولِعُوا بِأَبْكَارِ الْمَعَانِي وَلَعَ الْمُفْتَرِعِ الْمُفْتَضِّ. شَمِلَ الْقَوْمَ اصْطِنَاعُهُمْ، وَطَرِبَتْ لَكَلِمِهِمُ الْغُرِّ أَسْمَاعُهُمْ، بَلْ أَنْعَشَ الْجُدُودَ الْعَوَاثِرَ [الحظوظ السيِّئة] أَلْطَافُهُمْ، وَاهْتَزَّتْ لِاكْتِسَاءِ حُلَلِ [أثواب] الْحَمْدِ أَعَطَافُهُمْ، رَامُوا تَخْلِيدَ الذِّكْرِ بِالْإِنْعَامِ عَلَى الْأَعْلَامِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَعِيشُوا بِعُمُرٍ ثَانٍ بَعْدَ مُشَارَفَةِ الْحَمَامِ [الموت] . طَوَاهُمُ الدَّهْرُ فَلَمْ يَبْقَ
لِأَعْلَامِ الْعُلُومِ رَافِعٌ، وَلَا عَنْ حَرِيمِهَا الَّذِي هَتَكَتْهُ اللَّيَالِي مُدَافِعُ، بَلْ زَعَمَ الشَّامِتُونَ بِالْعِلْمِ وَطُلَّابِهِ، وَالْقَائِلُونَ بِدَوْلَةِ الْجَهْلِ وَأَحْزَابِهِ، أَنَّ الزَّمَانَ بِمِثْلِهِمْ لَا يَجُودُ، وَأَنَّ وَقْتًا قَدْ مَضَى بِهِمْ لَا يَعُودُ. فَرَدَّ عَلَيْهِمُ الدَّهْرُ مُرَاغِمًا أُنُوفَهُمْ، وَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ بِالضِّدِّ جَالِيًا حُتُوفَهُمْ [هلاكهم] ، فَطَلَعَ صُبْحُ النُّجْحِ مِنْ آفَاقِ حُسْنِ الِاتِّفَاقِ، وَتَبَاشَرَتْ أَرْبَابُ تِلْكَ السِّلَعِ بِنِفَاقِ الْأَسْوَاقِ، وَنَاهَضَ مُلُوكَ الْعَهْدِ لِتَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ، مَالِكُ رِقِّ الْعُلُومِ وَرِبْقَةِ الْكَلَامِ، بُرْهَانُ الْأَسَاطِينِ الْأَعْلَامِ، سُلْطَانُ سَلَاطِينِ الْإِسْلَامِ، غُرَّةُ وَجْهِ اللَّيَالِي، قَمَرُ بِرَاقِعِ التَّرَافُعِ وَالتَّعَالِي، عَاقِدُ أَلْوِيَةِ فُنُونِ الْعُلُومِ كُلِّهَا، شَاهِرُ سُيُوفِ الْعَدْلِ رَدَّ الْغِرَارَ [النوم] إِلَى الْأَجْفَانِ بِسَلِّهَا، مُقَلِّدُ أَعْنَاقِ الْبَارِيَا بِالتَّحْقِيقِ طَوْقَ امْتِنَانِهِ، مُقَرِّطُ آذَانِ اللَّيَالِي عَلَى مَا بَلَغَ الْمَسَامِعَ شُنُوفَ بَيَانِهِ، مُمَهِّدُ الدِّينِ وَمُؤَيِّدُهُ، مُسَدِّدُ الْمُلِكِ وَمُشَيِّدُهُ:
مَوْلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ مَنْ فِي وَجْهِهِ ... مِقْبَاسُ نُورٍ أَيُّمَا مِقْبَاسِ.
بَدْرُ مُحَيَّا وَجْهِهِ الْأَسْنَى لَنَا ... مُغْنٍ عَنِ الْقَمَرَيْنِ وَالنِّبْرَاسِ.
مِنْ أُسْرَةٍ شَرُفَتْ وَجَلَّتْ فَاعْتَلَتْ ... عَنْ أَنْ يُقَاسَ عَلَاؤُهَا بِقِيَاسِ.
رَوَوُا الْخِلَافَةَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ ... بِصَحِيحِ إِسْنَادٍ بِلَا إِلْبَاسِ.
فَرَوَى عَلِيٌّ عَنْ رَسُولٍ مِثْلَ مَا ... يَرْوِيهِ يُوسُفُ عَنْ عُمَرْ ذِي الْبَاسِ.
وَرَوَاهُ دَاوُدُ صَحِيحًا عَنْ عُمَرْ ... وَرَوَى عَلَيٌّ عَنْهُ لِلْجُلَّاسِ.
وَرَوَاهُ عَبَّاسٌ كَذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ... وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَبَّاسٍ.
تَهُبُّ بِهِ عَلَى رِيَاضِ الْمُنَى رِيحَا جَنُوبٍ وَشِمَالٍ، وَتَقِيلُ بِمَكَانِهِ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينِ وَشِمَالٍ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى مَنَاكِبِ الْآفَاقِ أَرْدِيَةُ عَوَاطِفِهِ، وَتَسِيلُ طِلَاعَ الْأَرْضِ لِلْأَرْفَاقِ أَوْدِيَةُ عَوَارِفِهِ، وَتَشْمَلُ رَأْفَتُهُ الْبِلَادَ، وَالْعِبَادَ، وَتَضْرِبُ دُونَ الْمِحَنِ وَالْأَضْدَادِ الْجُنَنَ وَالْأَسْدَادَ. وَلَمْ يَسَعَ الْبَلِيغَ سِوَى سُكُوتِ الْحُوتِ بِمُلْتَطِمِ تَيَّارِ بُخَارِ فَوَائِدِهِ، وَلَمْ تَرْتَمِ جَوَارِي الزُّهْرِ فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ إِلَّا لِتُضَاهِيَ فَرَائِدَ قَلَائِدِهِ، بَحْرٌ عَلَى عُذُوبَةِ مَائِهِ تَمْلَأُ السَّفَائِنَ جَوَاهِرُهُ، وَتُزْهَى بِالْجَوَارِي الْمُنْشَآتِ مِنْ بَنَاتِ الْخَاطِرِ زَوَاخِرُهُ. بَرٌّ سَالَ طِلَاعَ الْأَرْضِ أَوْدِيَةُ جُودِهِ، وَلَمْ يَرْضَ لِلْمُجْتَدِي نَهْرًا، وَطَامِي عُبَابِ
الْكَرَمِ يُجَارِي نَدَاهُ الرَّافِدَيْنِ وَبَهْرَا، خِضَمٌّ لَا يَبْلُغُ كُنْهَهُ الْمُتَعَمِّقَ عَوْضٌ، وَلَا يُعْطَى الْمَاهِرُ أَمَانَهُ مِنَ الْغَرَقِ إِنِ اتَّفَقَ لَهُ فِي لُجَّتِهِ خَوْضٌ. مُحِيطٌ تَنْصَبُّ إِلَيْهِ الْجَدَاوِلُ فَلَا يَرُدُّ ثِمَادَهَا [قليلها] ، وَتَغْتَرِفُ مِنْ جُمَّتِهِ [معظمه] السُّحْبُ فَتَمْلَأُ مَزَادَهَا.
فَأَتْحَفْتُ مَجْلِسَهُ الْعَالِيَ بِهَذَا الْكِتَابِ الَّذِي سَمَا إِلَى السَّمَاءِ لَمَّا تَسَامَى، وَأَنَا فِي حَمْلِهِ إِلَى حَضْرَتِهِ، وَإِنْ دُعِيَ بِالْقَامُوسِ، كَحَامِلِ الْقُطْرِ إِلَى الدَّأْمَاءِ، وَالْمُهْدِي إِلَى خُضَارَةٍ [بحر] أَقَلَّ مَا يَكُونُ مِنْ أَنْدَاءِ الْمَاءِ. وَهَا أَنَا أَقُولُ إِنِ احْتَمَلَهُ مِنِّي اعْتِنَاءً، فَالزَّبَدُ وَإِنْ ذَهَبَ جُفَاءً يَرْكَبُ غَارِبَ [ظهر] الْبَحْرِ اعْتِلَاءٌ. وَمَا أَخَافُ عَلَى الْفُلْكِ [السفينة] انْكِفَاءً، وَقَدْ هَبَّتْ رِيَاحُ عِنَايَتِهِ كَمَا اشْتَهَتِ السُّفُنُ رُخَاءً. وَبِمَ أَعْتَذِرُ مِنْ حَمْلِ الدُّرِّ مِنْ أَرْضِ الْجِبَالِ إِلَى عُمَانَ، وَأَرَى الْبَحْرَ يَذْهَبُ مَاءُ وَجْهِهِ لَوْ حَمَلَ بِرَسْمِ الْخِدْمَةِ إِلَيْهِ الْجُمَانَ [اللؤلؤ] ، وَفُؤَادُ الْبَحْرِ يَضْطَرِبُ كَاسْمِهِ رَجَّافًا لَوْ أَتْحَفَهُ بِالْمَرْجَانِ، أَوْ أَنْفَذَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، أَعْنِي يَدَيْهِ، الْجَوَاهِرَ الثِّمَانَ، لَا زَالَتْ حَضْرَتُهُ الَّتِي هِيَ جَزِيرَةُ بَحْرِ الْجُودِ مِنْ خَالِدَاتِ الْجَزَائِرِ، وَمَقَرَّ أُنَاسٍ يُقَابِلُونَ الْخَرَزَ الْمَحْمُولَ بِأَنْفَسِ الْجَوَاهِرِ
وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ آمِينَا.
وَكِتَابِي هَذَا - بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى - صَرِيحُ أَلْفَيْ مُصَنَّفٍ مِنَ الْكُتُبِ الْفَاخِرَةِ، وَسَنِيحُ أَلْفَيْ قَلَمَّسٍ [بحر] مِنَ الْعَيَالِمِ [البِحار] الزَّاخِرَةِ، وَاللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يُثِيبَنِي بِهِ جَمِيلَ الذِّكْرِ فِي الدُّنْيَا، وَجَزِيلَ الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ، ضَارِعًا إِلَى مَنْ يَنْظُرُ مِنْ عَالِمٍ فِي عَمَلِي، أَنْ يَسْتُرَ عِثَارِي وَزَلَلِي، وَيَسُدَّ بِسَدَادِ فَضْلِهِ خَلَلِي، وَيُصْلِحَ مَا طَغَى بِهِ الْقَلَمُ، وَزَاغَ عَنْهُ الْبَصَرُ، وَقَصَرَ عَنْهُ الْفَهْمُ، وَغَفَلَ عَنْهُ الْخَاطِرُ، فَالْإِنْسَانُ مَحَلُّ النِّسْيَانِ، وَإِنَّ أَوَّلَ نَاسٍ أَوَّلُ النَّاسِ، وَعَلَى اللَّهِ تَعَالَى التُّكْلَانُ.
Subscribe to:
Posts (Atom)